يمانيون:
2025-12-14@11:20:21 GMT

اليمن.. سِــرُّ الصمود والوفاء

تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT

اليمن.. سِــرُّ الصمود والوفاء

إسماعيل سرحان

عندما نتحدث عن الشعب اليمني، يتبادر إلى الذهن شعور عميق من الفخر والعزيمة، لكن ما هو سر هذا الصمود المذهل، وهذه الإرادَة الفولاذية التي لم تنكسر أمام مثالب الزمان؟ إن هذا السؤال هو ما يجعل القلوب تحنّ للإجَابَة، وتتلهف العقول للبحث عن الخيوط التي تربط بين الماضي والحاضر.

في تجوالٍ بين الآراء، نجد بعض الإخوة يتعجبون، ويحاولون جاهدين فهم سر تلك الوقفة القوية، إنهم يرون في ذلك شيئًا يفوق الوصف، شيئاً قد يبدو لهم بعيدًا عن الواقع أَو مُجَـرّد أساطير.

بينما البعض يعتقد بأن جذور القوة والثبات تعود إلى عصورٍ غابرة مثل (عهد شمر يهرعش ومعد يكرب، وغيرهم من الحضارات القديمة)، لكن علينا أن نكسر هذه الأسس المُتخيلة؛ لأَنَّها ليست صحيحة، فالجذر الحقيقي والسر للصمود والتفاني لا يرتبط بتاريخٍ قديم، ولا جغرافيا معينة، ولا اختلاف طينة عن أُخرى، فنحن كما جميع الشعوب، نعيش في القرن الواحد والعشرين، نأكل كما يأكلون، ونشرب مثلما يشربون، نحلم بتكوين أسر جديدة، وامتلاك منازل وسيارات حديثة، نسعى لتعليم أبنائنا، وتأمين مستقبلهم، نحلم بالمستقبل، نطمح إلى العيش الكريم، نبحث عن التعليم والرعاية الصحية، ونعتمد على التكنولوجيا في حياتنا..

لسنا كائنات من زمن الفتوحات، ولا نحمل جينات تختلف عن جينات الآخرين، نحن، مثل بقية الشعوب العربية، نعيش في عالم اليوم، ببساطة كأي إنسان آخر.

لكن هنا يكمن الفارق: القيادة، نحن نحظى بقيادة ربانية، تتبنى منهجًا قرآنيًّا خالصًا يجسد قيمنا ومبادئنا ويسير بنا نحو الحق، يشدنا إلى الله، ويربطنا به.

قائد يجسد الشجاعة بكل جوانبها، هو من يواجه المجرمين والطغاة والظالمين.

شخص يعرف أمريكا بحجمها الحقيقي من منظور إيماني، لا يعرف الخوف إلا من الله سبحانه وتعالى، فهو بحق سند للمظلومين، وشوكة في حلوق الطغاة والمستكبرين.

ومع كُـلّ ذلك، ليس الغرض من الصمود والوفاء مع المظلومين هو تحقيق مكاسب دنيوية، أَو شهرة، أَو شعبيّة وغيرها، بل إن هذا كله لا يتعدى كونه ابتغاءً لمرضاة الله عز وجل.

فهذا هو السر الجوهري وهذا الأمر ليس حكرًا على اليمنيين فحسب، بل يجب على كُـلّ الأُمَّــة أن تسعى لأن تتمسك به؛ لأَنَّها وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، للأُمَّـة كُـلّ الأُمَّــة، كي لا تضل، وهي الثقلان: القرآن والعترة الطاهرة؛ فكم من أُمَّـة خسرَت وذَلَّت، وضلت، وتاهت؛ لأَنَّها ابتعدت عن تلك الوصية، وفارقت النبي وأوامره من اللحظات الأولى، فأصبحت في سقوط وانتكاسات.

في النهاية، إن النصر والغَلَبة والقوة تَتَجذر في ارتباط وثيق مع مَن يتولون الله ورسوله وأعلام الهدى من آل البيت عليهم السلام، كما قال الله في محكم التنزيل: “وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ”.

فلنتمسك جميعًا بهذه المبادئ العظيمة ولنعود إليها، ولنستمد منها القوة في مواجهة التحديات، فالمصير مشترك، والصمود واجب، والإيمان والتولي العملي والصادق هو السلاح الفعال، وسبب رئيسي للغلبة والنصر.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

محاولة لفهم ما يحدث في اليمن

 

ما يحدث اليوم في جنوب الوطن مقلق وغامض، ربما كان هناك غباء مفرط من قبل بعض القوى وذكاء مفرط من بعض القوى الأخرى، في التعاطي مع التطورات في الجنوب، فالانتقالي الذي بات يسيطر على الجغرافيا في الجنوب ينصب خيام الاعتصام للمطالبة بفك الارتباط مع الشمال في حين أصبح هو الحاكم الوحيد في الجنوب، وهو المسيطر، وهو من يملك القرار بعد مغادرة الحكومة ورئيس مجلس القيادة إلى الرياض، حتى بات الجو خاليا له كي يبيض ويفرخ كما يشاء لكنه ينصب الخيام ويطالب من نفسه الانفصال وإعلان دولة الجنوب العربي، وهذا أمر يجعل المرء في حيرة من أمره، كما أن الأمر يوحي أن الانتقالي لا يملك قراره وإنما هو أداة تتحرك بقرار وتخمد بقرار، وتتمدد بقرار وتنكمش بقرار، ومثل هذا الارتهان والخضوع المذل لن يجعل الانتقالي حاكما ولا قادرا على إعلان دولة الجنوب العربي، كما ينشدها في خطابه الإعلامي .

اشتغلت بعض القوى السياسية والثقافية في الجنوب على فكرة المزايدة بالوحدة قبل عام 2011م وظلت هذه الفكرة ثابتة في تصوراتهم الذهنية ولم تبرح خيالهم إلى اللحظة التي أصبحوا فيها يملكون قرار تحديد المصير بعد أن عملوا على تصفية الجنوب من كل ما هو شمالي وكانت آخر بطولاتهم إخراج طفلة يتيمة تنتمي إلى الشمال من كوخ متهالك ونهب محتويات ذلك الكوخ وتركها تبكي وتندب حظها في العراء دون رأفة أو شفقة من تلك القلوب التي ملأها الحقد، وهو مشهد مبك ومحزن تداولته شبكات التواصل الاجتماعي، وبرغم كل ذلك السقوط القيمي والأخلاقي وجدوا أنفسهم عاجزين عن إعلان دولتهم بل خرجوا في الساحات للمطالبة من الفاعلين الدوليين إعلان دولة الجنوب، فالعجز عن إعلان دولة الجنوب يضع سؤالا جوهريا: ثم ماذا بعد ؟ ولماذا الهروب إلى التصريحات النارية في تحرير الشمال؟ طالما، أنت لم تحرر نفسك ولا تملك قرارا، عد لنقسك وأبدأ بتحريرها قبل أن تحرر من يبسطون نفوذهم على أرضهم ووقفوا أمام التحالف الدولي وقوى الشر العالمي، وأثبتوا للعالم حريتهم وقدرتهم على مناهضة رغبات الشر ورغبة الخضوع .

لو أراد الشمال الخضوع لقوى الشر العالمي كان اليوم حاكما مطلقا على اليمن من شماله إلى جنوبه، فهو يملك الرؤية ومواهب القيادة، ويحسن صناعة الحيوات، وفرض سلطان الدولة على ربوع اليمن، لكن حركة الدور والتسليم التي حدثت في حضرموت والمهرة ربما أغرت قادة الانتقالي وهما بالقدرة التي هم لا يملكونها في الواقع، فكانت تصريحاتهم هروبا من استحقاق تاريخي يشعرون بعجزهم هن مواجهته في قابل الأيام .

أشد أنواع الهوان حين يفصح الواقع عن حقيقة مرة تقول لك بوضوح : لست سوى أجير وعميل تقتات من بيع شعبك ووطنك مقابل دراهم معدودات، وأنك عبد في سوق نخاسة السياسة الإقليمية والدولية، ولو كنت تحمل مشروعا ناهضا لوطنك وشعبك لكان ولاؤك لليمن، أما أن تنجر إلى مشروع بريطانيا القديم والذي يتجدد فيك اليوم وأقصد فكرة الجنوب العربي، فلن يكون مصير المشروع إلا ذات المصير الذي وجده في النصف الثاني من القرن العشرين وهو التلاشي والزوال، فالتاريخ حين يبدأ حركته بمأساة لن تكون نهايته سوى مهزلة وهي المهزلة التي نشهد تفاصيلها في حركة الواقع في المحافظات الجنوبية .

كرأي شخصي لا يمثل أحدا سواي، لست ضد الانفصال إذا كان خيارا جامعا لكل أبناء المحافظات الجنوبية وربما يشاركني هذا الموقف الكثير من النخب لكن الثابت من خلال حركة الواقع أن المطالبة بالانفصال لا تمثل سوى أقلية منتفعة في مثلث جغرافي هو على غير توافق تاريخي مع بقية الجغرافيا الوطنية في الجنوب، هذا المثلث نفسه سيكون وحدويا حتى النخاع إذا تجففت روافده المالية ومنافعه التي تتدفق من الخارج، لأنه سيجد نفسه وحيدا خارج سرب الوطن وهو عاجز أن يكون بنفسه لكونه وعبر التاريخ لا يتحقق وجوده إلا بغيره .

ما حدث في سوالف الأيام لن يعدو عن كونه حركة تفكيك للنسيج الاجتماعي والوطني وإن كان البعض يرى أنه حركة تموضع جديدة في الخارطة السياسية، وإعادة ترتيب خارطة الصراع بما يتسق مع مصالح التحالف ودول الشر العالمي لا بما يتسق ومصالح اليمن، فالتموضع الجديد يترك ظلالاً قاتما على المستقبل، وترك وسوف يترك ندوبا في النسيج الاجتماعي والوطني، فتعدد الولاءات والتشرذم والتفرق وتنمية الصراع البيني، والتباعد بين الثقافات، والتوحش والغابية, والتفسخ القيمي، والسلوكيات ذات البعد الجهوي والمناطقي لن يكون في مصلحة الوطن الواحد المستقر في المستقبل .

ما يزرعه اليوم فرقاء العمل السياسي في اليمن سوف تجنيه الأجيال القادمة لأنهم سوف يرثون وطنا مقسما ومشرذما وبائسا، فالهوية الكلية حين يتم تجزئتها تصبح وبالا في المستقبل على الاستقرار والنهضة والبناء، فالمأساة التاريخية بين اليمن الأسفل، واليمن الأعلى، وبين الجبلي والتهامي، وبين القعيطي والكثيري، وبين الطغمة والزمرة، ما زالت تستيقظ مع كل حالة مماثلة كي تنتهي بمهزلة، ومعالجة تلك الفروق من المستحيلات طالما وهي تتجدد في الوجدان العام مع كل حركة للتاريخ .

لا أخشى على اليمن من العدو الخارجي لأنه عصي عليه والتاريخ تحدث عن ذلك والواقع اليوم على ذات النسق، لكننا نخشى عليه من أبنائه الذين جرهم شنآنهم إلى تمزيقه .

 

 

 

مقالات مشابهة

  • برئاسة سلطنة عُمان.. "الأمم المتحدة للبيئة" تعتمد إعلان "الحلول المستدامة لكوكب قادر على الصمود"
  • الإعيسر: رسالة شعبنا اليوم من كل أرجاء المعمورة واضحة، الصمود خيار، والانتصار إرادة
  • بر الزوجة بعد الوفاة.. سنن نبيلة لاستمرار المودة والوفاء
  • سنابل الصمود .. كيف حول الشعب اليمني ’’الزراعة’’ إلى سلاح لمواجهة العدوان والحصار
  • رئيس منظمة السياسات الأمريكية في إفريقيا: لدينا شكوك جدية في قدرة اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا على الصمود
  • الإمام العياني.. نجم بزغ في سماء اليمن وقائد جمع بين السيف والقلم
  • محاولة لفهم ما يحدث في اليمن
  • اليمن نموذج ناصع في مواجهة أطماع التوسع الاستعماري
  • عبدالفتاح باشا يحيى إبراهيم.. بين السياسة والوفاء لمصر
  • مسؤول حكومي: إعلان دولة جديدة في جنوب اليمن غير قابل للتنفيذ