الولايات المتحدة – أكد خبراء إن إدارة ترامب تبنت تحركات اقتربت من الخط الأحمر بتهجمها علنا على أوامر المحاكم، التي حالت دون تنفيذ محاولاته تجميد تدفقات التمويل الفيدرالية ووقف المساعدات الخارجية.

وتؤكد الإدارة أنها لا تزال تمتلك السلطة القانونية لتحقيق جزء من أهدافها، مما دفع القضاة والمدعين إلى اتهامها بعدم الامتثال.

وأشار خبراء قانونيون إلى أن هذه التحركات تمثل اقتراباً خطيراً من تحدٍ علني لأوامر المحكمة، مع استمرار ترامب ومساعديه في تعزيز صلاحيات الرئاسة الواسعة.

المثال الأكثر دراماتيكية ظهر امس الخميس عندما أمر القاضي أمير هـ. علي إدارة ترامب بالامتثال لأمر تقييدي مؤقت يقضي برفع تعليق المساعدات الخارجية لمدة 90 يوماً، دون اعتبار المسؤولين في حالة ازدراء لحكمه كما طلب المدعون. وأوضح القاضي أن الأمر لا يسمح بإيجاد تبريرات قانونية جديدة لتنفيذ الإجراءات المحظورة.

من جانبهم، قال محامو الحكومة يوم الثلاثاء إن الوكالات يمكنها الاستمرار في حجب معظم التمويل بناءً على قوانين ولوائح قائمة، مستبعدين تأثير التوجيه التنفيذي لترامب. وأكدوا أن أمر القاضي “صامت” بشأن السلطات الأخرى، مشيرين إلى استمرار تعليق المساعدات حتى توضيح الحكم.

بدوره، وصف أستاذ القانون بجامعة جورج تاون، ديفيد سوبر، موقف الإدارة بأنه “على بعد خطوة واحدة من التحدي الصريح” لقرار قضائي، لافتاً إلى أن الإدارة الجديدة تعتمد على إيجاد مصادر قانونية بديلة لتجاوز الأوامر القضائية

المصدر: واشنطن بوست

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

د. ثروت إمبابي يكتب: الإدارة المستدامة للموارد المائية في مصر

في ظل ما يشهده العالم من أزمات مائية متفاقمة، تبرز قضية الإدارة المستدامة للموارد المائية في مصر كأحد التحديات المصيرية التي لا تحتمل التأجيل. فقد أصبحت المياه سلعة إستراتيجية تمس الأمن القومي والغذائي في آنٍ واحد، لاسيما في بلد يعتمد بشكل شبه كامل على نهر النيل، الذي ظلت حصته ثابتة رغم تزايد عدد السكان وتوسع الأنشطة الاقتصادية والعمرانية.

ومن هذا المنطلق، فإن تحقيق إدارة رشيدة ومستدامة للمياه لم يعد ترفًا، بل ضرورة ملحّة تفرضها طبيعة المرحلة، ويجب أن تُبنى على أسس علمية وتشاركية تضمن الحق في المياه للأجيال الحالية والمقبلة.

ورغم أن مصر حققت تقدمًا في بعض مسارات إدارة الموارد المائية، إلا أن حجم التحديات ما زال كبيرًا، ويتطلب نظرة شاملة تدمج بين الحلول التقنية والإصلاحات المؤسسية والوعي المجتمعي. فالواقع المائي يواجه ضغطًا مزدوجًا؛ من جهةٍ تتعرض البلاد لتغيرات مناخية أفضت إلى ارتفاع معدلات التبخر وتراجع كميات المياه المتجددة، ومن جهة أخرى، ما زالت بعض القطاعات، وعلى رأسها الزراعة، تعتمد على أساليب ري تقليدية تهدر كميات ضخمة من المياه دون تحقيق مردود إنتاجي يتناسب مع هذا الهدر. وهنا يبرز التساؤل: كيف يمكن لمصر أن تعبر هذه المرحلة الحرجة بنجاح وتبني نموذجًا فعالًا للإدارة المستدامة للمياه؟

الإجابة تتطلب أولًا تغييرًا في نمط التفكير، والانتقال من فكرة “التعامل مع المياه باعتبارها متوفرة” إلى “إدارتها كسلعة نادرة يجب تعظيم الاستفادة منها”. من هذا المنطلق، تمثل مشروعات تحديث نظم الري الزراعي نقطة انطلاق ضرورية، إذ إن التحول من الري بالغمر إلى نظم أكثر كفاءة، كالري بالتنقيط أو الرش، يساهم في ترشيد الاستهلاك بنسبة كبيرة. وبالتوازي مع ذلك، فإن التوسع في زراعة الأصناف قصيرة الدورة وعالية التحمل للجفاف يعزز من كفاءة استخدام المياه دون التأثير سلبًا على الأمن الغذائي.

ولأن الإدارة الفعالة لا تقتصر على تقليل الاستهلاك فقط، فقد بات من المهم أيضًا تعظيم الموارد المائية غير التقليدية. ومن أبرز هذه الموارد: مياه الصرف الزراعي والصحي المعالجة، والتي يمكن استخدامها في ري الغابات الشجرية أو زراعة المحاصيل غير الغذائية بعد المعالجة الثلاثية. وقد قطعت مصر شوطًا ملحوظًا في هذا المجال، لا سيما من خلال إنشاء محطات عملاقة، مثل محطة معالجة مياه “بحر البقر”، والتي تعد نموذجًا يحتذى به في الاستفادة من المياه المعالجة في أغراض تنموية.

وإذا كانت المياه المعالجة تمثل موردًا بديلًا، فإن تحلية مياه البحر تمثل خيارًا استراتيجيًا لا بد من التوسع فيه، خاصة في المناطق الساحلية. وقد اتجهت الدولة إلى إنشاء عدة محطات لتحلية المياه على سواحل البحرين الأحمر والمتوسط، وهو توجه صائب يقلل من الضغط على المياه النيلية ويوفر مصدرًا مستدامًا للمياه الصالحة للشرب.

وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل ما يمكن تحقيقه من تعاون مشترك مع دول المنبع لتقليل الفاقد المائي في المناطق العليا من حوض النيل، خصوصًا في مناطق المستنقعات. فهناك كميات ضخمة من المياه تضيع سنويًا بسبب التبخر والتسرب في مناطق مثل مستنقعات السدود بجنوب السودان. ويمكن من خلال مشروعات هندسية مشتركة، كتوسيع وتعميق المجاري المائية، وشق قنوات ملاحية صناعية مثل مشروع “قناة جونقلي” (الذي توقف منذ عقود)، تقليل هذا الفاقد واستعادة كميات معتبرة من المياه كانت تذهب هدرًا. كما أن إقامة محطات تجميع وخزانات مطرية على روافد النيل الأبيض في أوغندا والكونغو يمكن أن يحقق فائدتين معًا: تحسين تصريف المياه، وتقليل التبخر، بما يعود بالنفع على دول الحوض كافة. غير أن هذه المشاريع لا يمكن تنفيذها إلا في إطار من الثقة والتعاون الإقليمي طويل المدى، الذي يراعي مصالح جميع الأطراف ويقوم على مبدأ “المنفعة المشتركة وعدم الضرر”.

لكن، ومع أهمية الجهود الحكومية، فإن الإدارة المستدامة للموارد المائية لن تؤتي ثمارها دون مشاركة مجتمعية حقيقية. إذ إن ترسيخ ثقافة الترشيد يبدأ من الفرد، ويتجذر في الأسرة، ويتعزز عبر التعليم والإعلام. فحين يدرك المواطن أن كل قطرة ماء لها ثمن، وأن الإسراف في استخدامها ليس فقط إهدارًا للثروة، بل إضرارٌ بالمستقبل، يصبح جزءًا من الحل بدلًا من أن يكون سببًا في تفاقم الأزمة. ولهذا، فإن حملات التوعية، وربط استهلاك المياه بالفاتورة العادلة، وتمكين المجتمعات المحلية من المشاركة في مبادرات الحفاظ على المياه، كلها أدوات فعالة لإحداث التغيير المطلوب.

ومن أجل إحكام المنظومة، لا بد من وجود إطار تشريعي صارم ومنضبط ينظم استخدام المياه، ويحد من التعديات، ويحاسب على المخالفات. ويأتي صدور قانون الموارد المائية والري الجديد كمؤشر على وجود إرادة سياسية تسعى لتقنين إدارة المياه وتعزيز الكفاءة في توزيعها واستخدامها، ما يخلق بيئة قانونية تدعم جهود الاستدامة وتحفّز الالتزام المجتمعي.

وبينما نمضي نحو المستقبل، لا يمكن إغفال الدور المحوري الذي تلعبه التكنولوجيا الحديثة في دعم إدارة الموارد المائية. فقد أصبح الاعتماد على نظم المعلومات الجغرافية، وأجهزة الاستشعار، والتطبيقات الرقمية، جزءًا لا يتجزأ من آليات التخطيط والرصد والتقييم. بل إن توظيف الذكاء الاصطناعي بات يتيح فرصًا جديدة للتنبؤ بأوقات الشح المائي، وتحسين توزيع الموارد، ومتابعة الاستخدام الفعلي بدقة متناهية.

في نهاية المطاف، فإن نجاح مصر في تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية مرهون بمدى قدرتها على الدمج بين المعرفة العلمية، والإرادة السياسية، ووعي المواطن. فالمياه، كما يقول المثل الشعبي، “زي الذهب إن ما حافظتش عليه هيروح منك”، ومن ثم فإن كل قطرة يجب أن تُدار بعقل، وتُستهلك بحكمة، وتُحاط بمنظومة حماية تضمن استمرارها كمصدر للحياة والنماء.

طباعة شارك الإدارة المستدامة للموارد المائية إدارة الموارد المائية الوعي المجتمعي

مقالات مشابهة

  • القاضي حازم بدوي: 11 مليونا أصوات صحيحة بالنظام الفردي في انتخابات مجلس الشيوخ
  • خبراء يحذرون من تداعيات تسارع ذوبان الغطاء الجليدي بجبال الألب النمساوية
  • إدارة ترامب ترفض خيار إسقاط المساعدات جوا للمجوعين في غزة
  • مصادر: إدارة ترامب لا تعتبر الإسقاط الجوي للمساعدات بغزة خيارا جادا
  • مصادر: إدارة ترامب لا تعتبر الإسقاط الجوي للمساعدات على قطاع غزة خيارا جادا
  • ما سبب التناقض الإيراني حيال ممر ترامب؟ خبراء يجيبون
  • خبراء وباحثون لـ«الاتحاد»: الإمارات.. جهود إغاثية عاجلة لدعم سكان القطاع
  • عاجل: بالتفاصيل.. جامعة طيبة تفتح التسجيل في دبلوم إدارة التمويل والاستثمار
  • د. ثروت إمبابي يكتب: الإدارة المستدامة للموارد المائية في مصر
  • طائرة الرئاسة من قطر.. خبراء يشككون بتصريح لترامب