د. فؤاد عبد الوهَّـاب الشامي
تناولت الصحف والمواقع الإخبارية الأسبوع الماضي أخبارًا عن حصول الرئيس مهدي محمد المشاط على درجة الماجستير، ولكن ما لفت النظر هو موضوع الرسالة الذي يعتبر في غاية الأهميّة، وحسب علمي أن هذه الرسالة هي أول رسالة علمية عن ثورة 21 سبتمبر، ومما زاد في أهميتها أن مقدم الرسالة هو أحد المشاركين بشكل مباشر في هذه الثورة التي غيرت وجه اليمن بعد أن نقلته من بلد مغمور إلى بلد معلوم ومعروف على مستوى العالم، وأصبحت له كلمة في ما يجري في المنطقة العربية وفي البحار المحيطة.
ونظرًا؛ لأَنَّ المعلومات عن ثورة 21 سبتمبر ما زالت محدودة ولم تتم الإحاطة بجميع جوانبها وظروفها؛ فقد أتت رسالة الرئيس المشاط لتسلط الضوء على الجوانب التي كانت لا تزال غامضة، حَيثُ ناقشت الرسالة الظروف الموضوعية التي كانت تمر بها اليمن قبل الثورة والوضع المزري التي كانت تعيشه من الناحية الأمنية والاقتصادية والسياسية والتدخلات الأجنبية في القرار اليمني، وكانت تلك الأوضاع تعتبر من الدوافع الرئيسية التي ساهمت بشكل مباشر في دفع الشعب اليمني للخروج إلى الشارع للثورة على السلطة الفاسدة بطريقة سلمية لم تتلطخ أياديها بالدماء، وأثبتت الرسالة أن الثورة لم تكن من باب الترف ولكنها كانت ضرورة ملحة لإنقاذ البلاد من الانهيار، كما ركز الباحث على التأثيرات التي نتجت عنها داخليًّا وخارجيًّا، ومواقف الدول الإقليمية والأجنبية من الثورة، وكيف تعاملت معها من خلال الوثائق وشهادات الثوار وأصحاب القرار في تلك الفترة.
وقد وضحت الرسالة عدم رغبة الثوار بالانفراد بالسلطة والتحكم في حياة الناس من خلال الجهود التي تم بذلها لإقناع الآخرين بالمشاركة في إدارة البلاد بعد الثورة، واتّفاق السلم والشراكة كان شاهدًا على ذلك، كما حاول الثوار التعامل مع الرئيس القائم والمشاركة في حكومة شراكة وطنية تضُمُّ كافة الفرقاء السياسيين الذين كان لهم تأثير في تلك المرحلة، ولكن كانت السلطة مصرة على التآمر على الثورة بالتواطؤ مع القوى الخارجية التي انخرطت فيما بعد في تحالف العدوان ضد اليمن.
إن هذه الرسالة تعتبر إضافة نوعية للمكتبة اليمنية بما تحتوي عليه من معلومات موثقة كانت غائبة عن المهتمين بثورة 21 سبتمبر وتعتبر جهدًا محمودًا لمقدمه.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
ثورة تعيد تشكيل العمران.. مدن المستقبل بهندسة الذكاء الاصطناعي
هل شعرت يوماً وأنت عالق في زحمة مرورية أن هناك طريقة أفضل لتصميم المدينة؟ أو مررت بجانب مبنى ضخم وتساءلت عن حجم استهلاكه للطاقة؟
على مدى عقود، ظل بناء المدن عملية بطيئة ومعقدة، تعتمد غالباً على التخمينات المدروسة والتجارب السابقة. لكن ماذا لو منحنا مخططي المدن «قوى خارقة»؟ ماذا لو استطاعوا التنبؤ بسيناريوهات مستقبلية متعددة قبل أن يبدأ العمل فعلياً على الأرض؟
هذا بالضبط ما يحدث اليوم، والسر يكمن في الذكاء الاصطناعي.
يشرح شاه محمد، قائد ابتكار الذكاء الاصطناعي في شركة «سويكو»، أن الذكاء الاصطناعي يُحدث ثورة في تصميم المدن وتخطيط البنية التحتية عبر تحسين العمليات، وتعزيز اتخاذ القرار، وتحقيق نتائج أكثر استدامة. يتيح الذكاء الاصطناعي لفريقه تحليل كميات ضخمة من البيانات، ومحاكاة سيناريوهات متعددة، وخلق بيئات حضرية أكثر كفاءة ومرونة، وفقاً لموقع «آي أي نيوز» المتخصص في دراسات الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد شاه أن الذكاء الاصطناعي يمنح فريقه القدرة على طرح الأسئلة الحاسمة التي تؤثر على حياة السكان: «كيف نبني هذا الحي بأذكى طريقة لتقليل الازدحام والتلوث؟ وكيف نصمم مبنى يحافظ على برودته خلال موجات الحر دون أن ترتفع فواتير الكهرباء؟» حيث يمكن للذكاء الاصطناعي حساب آلاف الاحتمالات لاختيار الحل الأمثل.
لكن الواقع معقد، ويصعب محاكاته بدقة. فالطقس غير المتوقع، والتأخيرات، والفوضى البشرية تمثل تحديات كبيرة.
ويقول شاه: «التحدي الأكبر في تطبيق نماذج البيانات على الواقع يكمن في تعقيد وتغير الظروف البيئية. من الضروري أن تمثل النماذج هذه الظروف بدقة وأن تكون قادرة على التكيف معها».
ولتجاوز هذه العقبات، يبدأ الفريق بتنظيم بياناته وضمان جودتها، موضحاً: «نطبق ممارسات صارمة لإدارة البيانات، نوحد تنسيقاتها، ونستخدم أدوات برمجية قابلة للتشغيل البيني لضمان توافق البيانات عبر المشاريع.»
يضمن هذا التنظيم أن يعمل جميع أعضاء الفريق من مصدر موثوق وموحد، مما يمكّن الذكاء الاصطناعي من أداء مهامه بكفاءة ويعزز التعاون بين الفرق المختلفة.
ومن أبرز الجوانب الواعدة في استخدام الذكاء الاصطناعي دوره البيئي والإنساني. يشير شاه إلى مشروع استخدم فيه الذكاء الاصطناعي للحفاظ على التنوع البيولوجي، عبر تحديد الأنواع المهددة بالانقراض وتزويد الباحثين بالمعلومات اللازمة، ليمنح الطبيعة صوتاً في عمليات التخطيط.
ويقول شاه: «يشبه الأمر وكأن الذكاء الاصطناعي يرفع يده قائلاً: "احذروا، هناك عائلة من الطيور النادرة هنا"، ما يساعدنا على البناء باحترام البيئة المحيطة».
اقرأ أيضا.. الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في مجال الهندسة المعماري
أما المرحلة القادمة، فيرى شاه، فهي تحويل هذه الرؤية المستقبلية إلى دليل حي وواقعي.
ويشرح: «أكبر فرصة للذكاء الاصطناعي في قطاع العمارة والهندسة والبناء تكمن في التحليلات التنبؤية والأتمتة. من خلال توقع الاتجاهات المستقبلية، والكشف المبكر عن المشكلات، وأتمتة المهام الروتينية، يمكن للذكاء الاصطناعي رفع الكفاءة، خفض التكاليف، وتحسين جودة المشاريع.»
هذا يعني جسوراً أكثر أماناً، طرقاً تحتاج إلى صيانة أقل، واضطرابات أقل في حياة الناس. كما يحرر المواهب البشرية من الأعمال الروتينية لتتركز على بناء مدن المستقبل التي تلبي حاجات سكانها.
أسامة عثمان (أبوظبي)