الجزيرة:
2025-05-26@02:29:59 GMT

أميركا أصبحت عدو أوروبا.. فهل تنقذها تركيا؟

تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT

أميركا أصبحت عدو أوروبا.. فهل تنقذها تركيا؟

العنوان الذي يقول إن "الولايات المتحدة أصبحت عدو أوروبا" ليس من اختراعي، بل هو منسوب إلى أحد الدبلوماسيين الأوروبيين.
ربما كان إعلان "الحرب" بين الولايات المتحدة وأوروبا قد حدث فعليًا في قمة ميونخ الأمنية التي عُقدت يوم 14 فبراير/ شباط. ففي ذلك اليوم، بينما كانت أوروبا تحتفل بعيد الحب، جاء نائب الرئيس الأميركي الجديد، جي دي فانس، بخطاب حاد وعنيف إلى حد أنه أفسد الرومانسية في هذا اليوم.

الدبلوماسيون والساسة الذين استمعوا إلى كلمته بدؤُوا يتساءلون: هل يمكن أن تكون الولايات المتحدة لم تعد صديقًا لأوروبا، بل ربما أصبحت عدوًا لها؟ لقد كان الوضع سيئًا إلى هذا الحد.

جدعون راشمان، كبير محرري الشؤون الخارجية في صحيفة فايننشال تايمز، تحدث مع دبلوماسيين وسياسيين حضروا الاجتماع، ونقل عنهم هذه المخاوف، بل واستعار عنوان مقاله من كلماتهم. لم تكن فايننشال تايمز وحدها من وجهت انتقادات لاذعة للولايات المتحدة، بل انضمت إليها صحف كبرى مثل الإيكونوميست والغارديان، بالإضافة إلى قنوات إعلامية مثل بي بي سي، التي أجرت تحقيقًا حول كيفية تمكن أوروبا من حماية نفسها دون الاعتماد على الولايات المتحدة.

بعبارة أخرى، فإن التصريحات المتعالية لترامب ونائبه فانس ورجل الأعمال إيلون ماسك قد أثارت غضب الساسة والدبلوماسيين والمثقفين الأوروبيين إلى حدٍ غير مسبوق.

إعلان أوروبا بلا الولايات المتحدة، مكشوفة وعاجزة

لطالما كانت أوروبا تعيش في حالة من الاسترخاء والطمأنينة، مشغولة بنقاشات مطوّلة حول "فضائل" زواج المثليين، ومصير أسماك السلمون في بحار الشمال، والنظام الغذائي النباتي، وأسبوع الموضة في ميلانو. لكن بعد أن تلقت صفعة مدوية من حليفها القديم في قمة ميونخ، يبدو أنها استيقظت فجأة.

حتى إن الساسة الأوروبيين، الذين اعتادوا إلقاء الخطب حول ضرورة طرد المهاجرين من القارة، والدفاع عن حرق المصحف باسم "حرية الفكر"، والتنظير حول حقوق الأقليات في دول أخرى، وجدوا أنفسهم الآن أمام سؤال أكثر إلحاحًا: "ماذا سنفعل بدون الولايات المتحدة؟"

إجابة هذا السؤال جاءت من أحد وزراء الخارجية الأوروبيين، خلال حديثه مع فايننشال تايمز، حيث قال بصراحة: "بدون الولايات المتحدة، نحن عاجزون حتى عن تنفيذ أبسط المهام الأمنية".

فبعد سنوات من الاتكال الكامل على الحماية الأميركية، بدأ الأوروبيون يدركون أن جيوشهم لم تعد أكثر من شرطة مرور، وأنهم عمليًا لا يملكون قوة عسكرية حقيقية لحماية أنفسهم.

أما واشنطن، التي يقودها رئيس ينظر إلى كل شيء بمنطق الربح والخسارة، فقد قررت إنهاء هذا "العصر الذهبي" المجاني لأوروبا، إذ قال الأميركيون بوضوح: "لقد أنفقنا مليارات الدولارات على حمايتكم من خلال الناتو والقواعد العسكرية، لكن هذا الوضع المريح انتهى الآن".

أما وزير الدفاع الأميركي، فقد زار بولندا ليؤكد الحقيقة المرة للأوروبيين: "لن نحميكم إلى الأبد. عليكم البدء في الاستثمار في الدفاع عن أنفسكم".

الأموال تتجه إلى الصناعات العسكرية

بمجرد أن أدركت دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرون أنها أصبحت عارية أمام المخاطر دون المظلة الأميركية، دخلت في حالة من الذعر، وكأنها تُركت وحيدة في غابة موحشة.

لطالما عرفوا أن أوروبا، باستثناء بريطانيا وفرنسا، لم تعد تملك جيوشًا قادرة على مواجهة أي "غزو روسي" محتمل، لكنهم لم يكترثوا لهذا الواقع.

إعلان

كانت الحرب في أوكرانيا قد سرقت النوم من عيونهم بالفعل، لكنهم وجدوا طريقة لإبعاد الخطر عنهم: "سندفع المال، وأنتم تموتون في المعركة"، هكذا أقنعوا الأوكرانيين بأن يقاتلوا بالنيابة عنهم.

الاقتصاد الأقوى في أوروبا، ألمانيا، دخل في حالة ركود العام الماضي جزئيًا؛ بسبب تكاليف تمويل رواتب الجنود الأوكرانيين. وإذا كانت ألمانيا لم تعد قادرة على دفع المزيد، فماذا عن بقية الدول الأوروبية؟

لكن المشكلة أن الأموال لم تعد تكفي، إذ بات واضحًا أنه بدون الأسلحة الأميركية، لا يمكن لأوكرانيا أن تفعل شيئًا.

ولا تصدقوا عروض بريطانيا بإرسال قوات إلى أوكرانيا، فالأوروبيون الذين يبدؤون صباحهم بتناول الكرواسان مع الكابتشينو في باريس أو لندن، لن يتركوا هذا النعيم من أجل الذهاب للموت في سهول أوكرانيا. لذلك، ربما حان الوقت ليودّعوا كييف.

أوروبا بلا قيادة أو تأثير

بينما كان الشرق الأوسط يشتعل بالحروب والصراعات، لم تكن أوروبا تهتم إلا بشيء واحد: كيف تمنع تدفق المهاجرين؟ والطريقة التي وجدوها لم تكن سوى إغراق قوارب اللاجئين في مياه المتوسط، حيث تسببت إيطاليا واليونان ومالطا في موت الآلاف، دون أن يثير ذلك أي ضجة داخل القارة.

بدلًا من مواجهة صعود اليمين المتطرف، اعتقد الساسة الأوروبيون أن تبني سياسات معادية للمهاجرين، سيضمن لهم البقاء في السلطة. لكنهم فشلوا في الحفاظ على وحدة الاتحاد الأوروبي، الذي يقترب من التفكك.

وفي الوقت نفسه، فقدت أوروبا وزنها كقوة عسكرية أو اقتصادية قادرة على تحقيق توازن في العالم.

إستراتيجيتها في إدارة الأزمات الدولية ظلت كما هي: "ليحدث الدمار، ثم تتدخل الولايات المتحدة أو الصين أو روسيا، وبعد ذلك نشارك في إعادة إعمار الدول المنكوبة ونجني الأرباح".

ومنذ رحيل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لم تُفرز أوروبا أي زعيم سياسي حقيقي. والآن، لا تبدو أوروبا فقط بلا قيادة، بل أيضًا بلا حماية.

إعلان هل يمكن لتركيا إنقاذ أوروبا؟

لأكثر من 50 عامًا، أبقت أوروبا تركيا على أبواب الاتحاد الأوروبي، رغم استيفائها جميع الشروط المطلوبة. لكن اليوم، هناك من بدأ يندم على ذلك.

تركيا، التي تمتلك الاقتصادَ الحادي عشر عالميًا، والرابع أوروبيًا، وأحدَ أقوى 10 جيوش في العالم، وتعدادًا سكانيًا يبلغ 85 مليون نسمة مع نسبة عالية من الشباب الموهوبين، كان بإمكانها أن تكون عنصرًا حيويًا في إعادة إحياء أوروبا.

الآن، بدأ الساسة والمثقفون الأوروبيون يدركون هذا الأمر، لكن هل يمكنهم فتح أبواب الاتحاد أمام تركيا، بينما لا تزال القارة غارقة في الإسلاموفوبيا والعنصرية القومية ومعاداة الأجانب؟ لست متأكدًا من ذلك.

أما في تركيا، فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الشعب لم تعد مهتمة بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فقد قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريح حديث: "يمكن لتركيا، بعضويتها الكاملة، أن تنقذ الاتحاد الأوروبي من أزماته، سواء في الاقتصاد أو الدفاع أو السياسة أو المكانة الدولية".

على مدار مسيرتي الصحفية، لم أكتب سابقًا عن الصراع بين أوروبا والولايات المتحدة، لكنني اكتشفت أنه موضوع ممتع ومريح للغاية!

لماذا يجب علينا دائمًا أن نتحدث عن مشاكلنا نحن فقط؟!

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قمة الويب الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة لم تعد

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تختبر طائرات مسيّرة عسكرية من جيل جديد


ذكر موقع "militarytimes" أن الولايات المتحدة بدأت باختبار جيل جديد من الطائرات المسيّرة العسكرية.
وتبعا للموقع فإن الولايات المتحدة بدأت باختبار طائرتين جديدتين دون طيار هما YFQ-42A من تطوير شركة General Atomics، وYFQ-44A من تطوير شركة Anduril Industries، وتنتمي هذه الطائرات إلى فئة يطلق عليها سلاح الجو الأمريكي اسم الطائرات القتالية التعاونية (CCA)، وهذا يعني أنها قادرة على العمل بالاشتراك مع الطائرات الحربية المأهولة، مثل مقاتلات F-35 ومقاتلات F-47 التي تعمل الولايات المتحدة على تطويرها حاليا.

ووفقا للبيانات الأولية، ستتمكن الطائرات المسيرة الجديدة من تنفيذ ضربات ضد الأهداف الأرضية، تنفيذ مهمات الاستطلاع الجوي، وتنفيذ مهمات الحرب الإلكترونية، لكن المهمة الأساسية التي قد تُسند إليها هي دعم المقاتلات الأمريكية في السيطرة على المجال الجوي خلال المعارك.
 

ولا تزال التفاصيل التقنية حول آلية عمل هذه الطائرات غير معروفة بعد، لكن الخبراء يطرحون عدة سيناريوهات لعملها، إذ يمكن استخدامها لخوض المعارك الجوية بشكل مستقل دون تدخل بشري، كونها ستجهز بأنظمة ذكاء اصطناعي تساعدها على تحليل البيانات وتحديد الأهداف، أو من المحتمل أن تستعمل كطائرات إسناد للمقاتلات العسكرية، أو قد تستخدم كـ "طعم" جوي لاستدراج الطائرات المعادية إلى المجال المجدي لصواريخ المقاتلات الأمريكية.

وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن الطائرات الأولى من فئة (CCA) سيكون لها نطاق قتالي يزيد عن 700 ميل، وستتمتع بقدرات تخفي عن الرادارات تضاهي تلك التي تمتلكها مقاتلات F-35 الشبحية

مقالات مشابهة

  • ألمانيا تدعو الولايات المتحدة لإجراء مفاوضات جادة بشأن الرسوم الجمركية
  • الولايات المتحدة تختبر طائرات مسيّرة عسكرية من جيل جديد
  • الكونغو الديمقراطية تتطلع لإبرام اتفاق معادن مع أميركا بنهاية يونيو
  • تحدي البراغي الصغيرة.. كم سيصبح سعر آيفون إذا صنعته أميركا؟
  • ألمانيا تدعو إلى تجنب الاستفزازات في النزاع الجمركي مع أميركا
  • ترامب يهدد باستخدام قوة مدمرة إذا تعرضت أميركا للتهديد
  • إحباط أميركي من موقف أوروبا التجاري مع الصين
  • ترامب يشعل فتيل حرب تجارية مع أوروبا تنذر بتداعيات واسعة عالميا
  • ترامب يهدد بفرض رسم جمركي 25% على آبل ما لم تصنع هواتف آيفون في الولايات المتحدة
  • ترامب يضغط على أوروبا لخفض الرسوم تحت تهديد تعريفات إضافية