تعيد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سياسة حظر السفر التي استهدفت دولا ذات أغلبية مسلمة، لكن بصيغة أكثر غموضا واتساعا. ويحمل القرار تداعيات خطيرة على المهاجرين والطلاب الأجانب، مما يستدعي مقاومة منظمة لمواجهته.

وفي تقريره الذي نشرته مجلة "ذا نيشن"، قال الكاتب "جوزيف بيرتون" إن المقاومة الجماهيرية العفوية لحظر السفر الأول الذي فرضه دونالد ترامب على دول ذات أغلبية مسلمة كانت الصورة الأبرز للانتفاضة التي واجهت ترامب عندما تولى السلطة عام 2017.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2توماس فريدمان: هل يفطن ترامب لخدعة بوتين أم يستيقظ بعد فوات الأوان؟list 2 of 2صحف عالمية: أطباء غزة لم يسلموا من التعذيب والإذلال بسجون إسرائيلend of list

وأضاف الكاتب أن حشودا ضخمة احتشدت في المطارات، وواجه الناشطون والمحامون والأسر اليائسة ضباط الجمارك حتى سُمح بدخول أحبائهم الولايات المتحدة، فيما قضت محكمة هاواي ببطلان قرار ترامب العنصري.

ولكن الذي يُغفل ذكره في الغالب هو ما حدث لاحقا، إذ عاد الحظر بنسخة معدلة بعد بضعة أشهر، وهذه المرة أقرّته المحكمة العليا. ومع مرور الوقت، أصبح أمرا مألوفا. وعندما ألغاه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن سنة 2021، كان الحظر قد أصبح أكثر كفاءة ويعمل تلقائيا.

أكثر هدوءً ودهاءً

وأوضح الكاتب أن هناك نسخة جديدة من الحظر أكثر هدوءً ودهاءً تعود إلى الظهور في الولاية الثانية لترامب، حتى أن وصفه بـ "حظر المسلمين" لم يعد دقيقا. فلم يذكر الأمر التنفيذي الجديد، الصادر في 20 يناير/كانون الثاني، أي بلد بالاسم أو حتى يملي سياسات محددة. وبدلا من ذلك، يوجه أربعة وزراء لبدء مراجعة مشتركة تستمر 60 يوما، تنتهي في 21 مارس/آذار بالكشف عن قائمة بالدول التي يُقال إنها لا تلتزم بمعايير تبادل المعلومات حول المهاجرين، مما سيؤدي إلى فرض قيود على دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة.

إعلان

وأفاد الكاتب أنه إذا كان هذا الأمر يبدو مربكا، فذلك مقصود. فالهياكل البيروقراطية التي بررت الحظر الأول قانونيا أصبحت أساسا لحظر جديد أكثر مرونة. والهدف يظل كما هو: توسيع سلطة الفرع التنفيذي على نظام الهجرة، وتحقيق تطلعات أتباع ترمب من القوميين البيض، وعلى رأسهم ستيفن ميلر، الذي ازدادت قوته منذ تولي ترامب الحكم.

وذكر الكاتب أن بايدن ألغي الحظر بأثر رجعي، مما أتاح للممنوعين في عهد ترامب إعادة التقديم للحصول على تأشيراتهم. أما إعادة ترامب للحظر، فتعني أن القادمين من الدول المحظورة منذ إلغائه الأخير سيخضعون لإعادة تقييم قد تؤدي إلى ترحيلهم، بما في ذلك حاملو البطاقات الخضراء، ما يجعل هذه السياسة أكثر إثارة للقلق.

سلطات واسعة وغير محددة

ويتضمن الأمر التنفيذي بندين إضافيين يحددان سلطات واسعة وتحولات جذرية، دون توضيح الجهة المسؤولة عن تنفيذها:

"يجب على الولايات المتحدة أن تضمن أن الأجانب المقبولين أو الموجودين بالفعل داخل أراضيها لا يحملون مواقف عدائية تجاه مواطنيها، أو ثقافتها، أو حكومتها، أو مؤسساتها، أو مبادئها التأسيسية، وألا يروجوا أو يدعموا أو يساعدوا الإرهابيين الأجانب المصنفين أو أي تهديدات أخرى لأمنها القومي".

وشدد الكاتب على أنه يجب تجاوز الصياغة القانونية في هذه المرحلة، فالسياسة الجديدة تستهدف ترحيل أو حظر أي شخص دعم فلسطين علنا، إذ تصنّف الولايات المتحدة جميع جماعات المقاومة المسلحة ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة كمنظمات "إرهابية". وحتى الإشادة بفرق الإنقاذ هناك قد تُعد سببا للترحيل. وقد يتعرض حامل البطاقة الخضراء، حتى لو كان متزوجا من أميركية، للترحيل ومنعه نهائيا من لم شمله مع زوجته لمجرد نشر عبارة "من النهر إلى البحر" على إنستغرام.

مقلق هيكليا

ورغم أن الأمر أقل إثارة للخوف على المستوى الشخصي، إلا أنه مقلق هيكليا، حيث يتضمن القرار مراجعة "برامج التأشيرات"، ما يمنح السلطة التنفيذية القدرة على استبعاد المتقدمين لبرامج التأشيرات التي لا تفضلها، حتى وإن لم يكن بإمكانها إلغاؤها قانونيا في الوقت الحالي؛ حيث تنص المراجعة على:

إعلان

(ج) تقييم جميع برامج التأشيرات لضمان عدم استغلالها من قبل دول أجنبية أو جهات معادية أخرى للإضرار بالأمن أو المصالح الوطنية الأميركية، سواء كانت اقتصادية، أو سياسية، أو ثقافية، أو غيرها.

وأوضح الكاتب أن المراجعة ستشمل "برامج التأشيرات" وفحص مدى التزام المتقدمين بـ "الثقافة" و"القيم" الأمريكية بشكل صريح.

وأفاد الكاتب أن الحظر الجديد قد يؤثر على برامج التبادل الأكاديمي، مثل "فولبرايت"، حيث قد تُقيَّد بعض مجالات البحث، مثل دراسات المرأة وتاريخ السود، إذا اعتُبرت متعارضة مع قيم "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى". كما قد يُواجه بعض الموظفين الأجانب حظرا أمنيا رغم استيفائهم للشروط القانونية.

لن تتكرر المقاومة السابقة

وعند تطبيق الحظر السابق على المسلمين، واجه معارضة مؤسسية قوية، حيث ساد توافق داخلي بين مختلف المستويات، من كبار المسؤولين في واشنطن إلى موظفي التأشيرات، على عرقلته وتقليل أضراره باستخدام الثغرات الإدارية. لكن من غير المرجح أن يتكرر ذلك الآن، إذ يخشى موظفو وكالات السياسة الخارجية الأميركية على وظائفهم؛ حيث تحدث عمليات تطهير داخلية ضد الداعمين للتنوع والمساواة، وهناك تسريحات جماعية تلوح في الأفق، ومسؤولو الهجرة سيكونون أكثر انشغالا بحماية أنفسهم من الإقالة بدلا من مقاومة الحظر.

الأمر الأكثر قتامة هو أن الحظر لم يثر القلق كما في السابق، فقد تركزت المعارضة الداخلية الأخيرة داخل وزارة الخارجية على مقاومة تواطؤ الولايات المتحدة في الإبادة الجماعية في غزة، ما جعل حظر المسلمين يبدو أقل صدمة. كما أن موظفي قسم التأشيرات الجدد التحقوا بالعمل في ظل وجود الحظر السابق، وبالتالي تأقلموا مع سياسته ولم يعد مستهجنا بالنسبة لهم.

يمكن تطبيقه على آخرين

وقال الكاتب إن تطبيع حظر المسلمين سيمهّد لتوسيع نطاقه، إذ يمكن تطبيقه على مهاجرين آخرين وفقا للمتغيرات الجيوسياسية، كما قد يُستخدم لتعزيز سياسات معادية لدول بعينها. فالدول الملتزمة بسياسات ترحيل ترامب قد تتجنب الحظر، فيما تصبح الجاليات المهاجرة أوراق مساومة. والهدف هو فرض رقابة دائمة وإبقاء الجميع في حالة خوف، مما يجعل حياة المهاجر أشبه بمقابلة تأشيرة لا تنتهي.

إعلان

الوضع أكثر قتامة، لكن مقاومة هذا الحظر الإسلامي باتت ممكنة وضرورية مع اتساع التحالفات والاستعداد المبكر. ولم يعد يقتصر على مواقع دبلوماسية معزولة، بل امتد إلى الجامعات وأماكن العمل والمنازل، مما يتيح تحديات قانونية أوسع. وإذا شمل الجميع، أصبحت مقاومته مسؤولية مشتركة.

واختتم الكاتب تقريره مبينا أن مجموعة صغيرة من الإداريين الناشطين أوضحوا أهدافهم بجلاء. إن ما يسعون إليه الآن ليس مجرد إجراء شكلي أو شعار حملة مؤقت، بل يريدون تطبيع هذا الحظر وجعله دائما، مشددا على ضرورة الرد على ذلك بطريقة منظمة وحازمة ومستدامة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قمة الويب ترجمات الولایات المتحدة برامج التأشیرات الکاتب أن

إقرأ أيضاً:

بعد سنوات من الغموض.. ماذا كشف هجوم إسرائيل غير المسبوق على إيران عن عمليات الموساد؟

(CNN)--   قبل أن تشن إسرائيل موجة غير مسبوقة من الضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية وكبار القادة العسكريين هذا الأسبوع، كان جواسيسها موجودين بالفعل على أرض العدو.

وفقًا لمسؤولين أمنيين إسرائيليين، هرّب جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) أسلحة إلى إيران قبل الضربات، وكان سيستخدمها لاستهداف دفاعات إيران من الداخل.

وقال المسؤولون إن إسرائيل أنشأت قاعدة لإطلاق طائرات مسيرة متفجرة داخل إيران، واستُخدمت هذه الطائرات لاحقًا لاستهداف منصات إطلاق صواريخ بالقرب من طهران.

 كما تم تهريب أسلحة دقيقة إلى داخل إيران واستخدامها لاستهداف أنظمة صواريخ أرض - جو، مما مهد الطريق لسلاح الجو الإسرائيلي لتنفيذ أكثر من 100 ضربة بأكثر من 200 طائرة في الساعات الأولى من صباح الجمعة بالتوقيت المحلي.

ويبدو أن خطة تعطيل الدفاعات الإيرانية كانت فعّالة؛ حيث أعلنت إسرائيل أن جميع طائراتها عادت سالمة من أولى موجات الضربات، مما يُظهر، على ما يبدو، تفوقًا جويًا إسرائيليًا فوق أجزاء من بلد يبعد مئات الأميال.

كما منحت المعلومات الاستخباراتية التي جمعها الموساد في إيران سلاح الجو الإسرائيلي القدرة على استهداف كبار القادة والعلماء الإيرانيين.

وفي خطوة نادرة للغاية، نشر الموساد فيديو من بعض عملياته، يُظهر طائرات بدون طيار تهاجم ما يبدو أنها منصات إطلاق صواريخ غير متوقعة.

مقالات مشابهة

  • مصادر أميركية: واشنطن سعت للتأكيد أنها ليست طرفا بالهجمات على إيران
  • صحيفة أميركية: إسرائيل تجنّبت استهداف الوقود النووي في هجومها على إيران
  • بعد سنوات من الغموض.. ماذا كشف هجوم إسرائيل غير المسبوق على إيران عن عمليات الموساد؟
  • ترامب: على إيران إبرام اتفاق قبل أن لا يبقى هناك شيء
  • "تهميدا لافتتاحه" محافظ أسيوط يتفقد السوق الحضري الجديد بنادي الشبان المسلمين بحى غرب
  • تمهيدًا لافتتاحه خلال أيام.. محافظ أسيوط يتفقد السوق الحضري الجديد بنادي الشبان المسلمين
  • «سنتدخل إذا لزم الأمر».. أول تعليق لـ ترامب بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران
  • ترامب: لم نشارك في الهجوم على إيران وسندافع عن إسرائيل إذا تطلب الأمر
  • ترامب: ننتظر رد فعل إيران وسندافع عن إسرائيل إذا لزم الأمر
  • دراسة أميركية جديدة تكشف أسرار الطفرات التي تصيب الجين المسبب لمرض التليف الكيسي