شبكة انباء العراق:
2025-05-12@21:50:58 GMT

حينما تحلق الجثامين ..!

تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT

بقلم : حسين الذكر ..

التمت والتامت ، تدور حول جنازته ، امواج متلاطمة غير منسجمة ، احتوت شرائح متناقضة ممن حاربوه حيا وآذوه وعاندوه وطاردوه و آووه وقاتلوا عنه ولأجله . كان العزاء واحداً مع ان المشهد لا يفسر جزء من واقعية تاريخ مازال دمه عبيقا . بعضهم رفعوا الرايات واخرون لطموا الرؤوس وغيرهم هاموا على الوجوه ، وسواهم اجهشوا بجنون لم يجدوا له تفسيرا يوضح الأسباب والدوافع الظاهرية او الباطنية ، فيما لم تجد طائفة من غير أولئك بدا ، لما بدا عليهم من هول صدمة الفراق .


رجل نذر كل كيانه وحياته ووجوده لهم ، عاش وقارع ومات ورحل دون ان يرث او يورث شيئا ما ، كان مرضياً عنه حتى من منافسيه وخصومه ، الذين لم يرعووا بل رفعوا عقيرة ما بينهم وبينه حد الخصومة وتمادوا لإمكانية القتل وسيح الدم انهاراً لو اقتضت الضرورة ، فيما إرتأى هو عدم الخوض في ماديات وحسابات وأرقام لا يجيدها ولا تعني له شيئا ذا قيمة ابدا فاكتفى بصد ما بقي منهم لعلهم يرشدون يوما ما .
ربما تفسر مشاهد هستريا الحداد حد الهيجان بعض جوانب ما هم عليه من ردات فعل وإن لم تكن منضبطة لكنها تعد طبيعية في ذاتية التفسير لكل منهم .
( لا تحملوا جثمانه ، دعوه يعبر لنا عن انموذجية الموت ، بعد ان أفاض لنا بكل حياته وجاد بنفسه ) ، هكذا قال احد محبيه … المفاجأة جاءت من أشد معانديه حينما نحب قائلا : ( أشعر اليوم أنني فقدت طعم الحياة ، فلطالما رسم لي هذا المسجى ، مستقبلا وجدد لي املا ووضع لمنهجي اليومي سببا لوجودي ، برغم أني لم افقه ما كان يبوح به، ولم اتعاطف مع ما كان يصدر منه ولو بكلمة واحدة طوال عمري .. هذا سر عجيب خالجني فأجهشني منذ أن سمعت بوفاته وانتهاء عهده ، مع ميدان كان هو عنوانه وأهم ما فيه برغم إختلافنا معه بكل شيء ، ما دعاني ارثيه باكيا ) .
فيما اضطرب الجمع وماج بشكل هستيري لا يعي دوافع الخسران التي حلت بواديهم ونالت منهم دون أن يدركوا ما فيها وما هم فيه ، فأخذوا ينشدون حاسري الرؤوس عليلي الانفس : ( ليتك تبقى والنفوس طليقة ، ليت النائبات تدوم بعدك ).
حينما ابتعد ركب المشيعين ، اضطرب موج الهستريا الضاربة حد الجنون يتجاذبونه من كل الجهات ، كل يريد مس قداسته المفترضة ولو بتعابير مفتعلة او إجهاش دمعي أو أهزوجي أو ثلم حجر أو تقبيل قدم أو رفع جنازة أو مشي خطوات في حدث جلل .. ظلوا تائهين حد الثمالة ، لا هذا ولا ذاك يعي ما ينشدون ، كل ينجذب لرؤية وإن لم تكن متطابقة مع منلوجيته المعلنة او الكامنة ، إلا أنه يدرك أن شيئا أو سحرا ما قد سيطر … بتوالى نوباته …وتشتت خلجاته في ساحة وساعة الوادع ..
قبل أن تُخيم عليهم السماء بعد اصفرار شمس مغبر ، وقفوا صامتين صانتين لجموع المعزين وهم يهيلون التراب ، وينشدون بلغة غير مفهومة ، بعضها يُعد صراخا غير مسموع اذ نحبت لمواويله اهالي السموات فيما فجعت به أهالي الأرضين ، وغير ذاك كان صخبا داميا ، لم يعد التعبير بأفضل طريقة منه في ظل هشاشة تفسير وكثبان صور متلاطمة حد العتمة والتنوير فيما إنهمك بعضهم ( يعوعل) وينوء بمخاض روحي غريب ، مكنونه نزف وإن كانت تعابيره منطوقة ، كأنه وحي ملائكي يعزف ألحان الوداع مع زخات مطر رعدي هطل كجيثوم سماوي لا تعليل لغضبه أو تجشم عناء سفر شاركته العزاء لأهل العزاء .
مرت ساعات النهار طويلة ثقيلة غير معهودة جعلتهم يهيمون في لجة أجواء مغبرة وأفق ملبد بغيوم معتمة ، اضطر معها الكثيرون الى الاكتفاء بما عبروا عنه ، دون ان يوجهوا العزاء لجهة ما ، حيث كان الجميع يشعر بوقعٍ روحي سيطر على واقع حدث له خرق يستحق الهوس والبوح بمناجاة لم تكن أجواؤها متاحة من قبل لينفضَّ مشهد الحداد بسيل دمع واحمرار جسدي قان وأن اغتسلت به النفوس وانقشعت به ظلامات التنويم وإن كانت مؤقتة إلا أن ضمائر وغرائز قد تفتحت وربما تنقحت من جديد، مع وقع يوم آت  .

حسين الذكر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

سعد المواسم: لن تنالوا منهم حتى تُقصفوا الشمس أو تشربوا النيل!

سعد المواسم: لن تنالوا منهم حتى تُقصفوا الشمس أو تشربوا النيل!
قلنا يا سعد المواسم
عودك المليان جسارة
عودك الفجر المصادم
بالبصيرات والبصارى
مستحيل يرضخ “يساوم”
مهما كان الريح حصارًا
يفضل النخل البقاوم
في السقوط نخل الفقارى
“محمد الحسن سالم حميد”
مذ أن كتب الله للنيل أن يشق أخدوده في راسخ إفريقيا، قاطعًا بنصله المتدفق الدرع العربي النوبي، تقبع في أسفله مستحاثات المقاومة، لمجتمعات أقدم في وجودها من رمال وقباب ملح، لم يكن حظها في هذا العالم إلا التبعية الخبيثة.

تَلثم في الصباح نخلات هرمة دروب العابرين في سلم الخلق، من خطوا بخيولهم درب الباشا الكبير الذي يوصل ديار المقاتلين والمقاتلات بطرق التجارة القديمة التي تنقل خراج الأرض إلى السوق العالمي، حينها لم يكن الرجل الأبيض قد فكر في استرقاق المحيط أو غزو السافانا.
بعد آلاف الأعوام، وبمجهودات كضفائر البنات اللائي يخترقن رمضاء الخيران من أجل تعليم يرفعن به أعمدة البيت ليكون مَروقًا، وسواعد الآباء الذين انحنتهم ظهورهم وهم يغرسون فيهن قيمة الحياة.

لم تكن حرب الرابع عشر من عقود هذه الأرض إلا دالة على تحولات السوق العالمية التي تتوسع أطماعها كلما تطورت رأسماليتها، في مشهد يشبه سرطان الرئة، لربما كان سؤال الترابلة مفتوحًا لرأس الدويلة: “اشمعنى نحن وليش؟” أو حتى لتتار العصر: “لو كنت أنت أنا؟” في سؤال الضحية والجلاد.
لربما لم تكن أدوات الصراع هذه قد قُدّمت في مدرجات المعاهد، ما بين قمصان الكتان وتنانير البنات الأكاديميات اللائي تفوح منهن البرافانات المستوردة، وتعكس قصاصات الشعر الأفرنجية إضاءة المسرح. ولكن من يفلح الأرض ويتدثر “بعِرَاقي الدمورية” يكتفي من أرضه، يحمد ربه على شروق الشمس وجريان النيل، لا بد أن تكون القضية “واقعة ليهو”، مثل ما يقوم “بتوقيع الأرض” لينبت البرسيم، هنيئًا تأكله خرافه، لا يسأل البحر عن سلاسل الإمداد.

جاءت الخديوية على بوارج البخار، ومن ثم الإنجليز على ظهور القطارات التي تشق صحراء بيوضة من أجل حكم السودان الإنجليزي، ظهرت المقاومة “بالبصارة والبصيرة”، لا يريدون سوى أن يمتلكوا خراج أرضهم.

بالرغم من توسع السوق، وتطورات أودية السليكون في فنون استغلالها، واستجلاب التبعية من خلال الوقود الذي يحكم العالم والطاقة التي تجبر الشعوب على الركوع، ظهرت في هذه الرواسخ طين المقاومة، وصلصال العزة.

قصف البرابرة الجدد، وبؤر الاستتباع محطات الطاقة والوقود في محاولة من أجل تجويع الأهل، خصوصًا وأن موسم القمح قد كان في أوجه، وخراج الأرض من الفول والخضروات في قمته، رأيتُ كيف تموت السنابل، تجف زهرة البرسيم لتكون دلالة الفاقة والفقر.

لم يلبث شهر أو اثنين إلا وقف النخل من جديد شاهدًا على البصارى، حيث نهض الترابلة لثورة الشمس، قاموا بتحميل الألواح على جذوع النخل وصخور الرفعة ليضخوا ماء القوة في رحم الأرض لتبت لهم قوت عزتهم، لربما لم تشاهد “بت عجاج” كيف ينقذ لوح شمسي مدرسة أو شفخانة، أو ينير لأمونة بت الشيخ حمد دفاترها التي تحملها على حين غفلة من الزمن إلى مدرستها التي شيدت بسواعد الرجال الذين ينبتون مثل حقول البرتقال، خُضر لا تهين الريح أنوفهم، يعرفون الله ويعرفهم من فوق سماءه، إذا ما دعوه استجاب لهم.

هؤلاء الذين يحاربهم الشيطان رفيق الرأسمالية المتوحشة التي تهلك النسل والغرس، تريدهم أقنانًا في حقول السليكون، لن تنال منهم مسيرات أو غيرها، فأمام هذه البصيرة إما أن تشربوا النيل أو تقصفوا الشمس.

حسان الناصر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • منظمة الفاو: 93% من سكان غزة يعانون من الجوع
  • بإيهامه ببيع تمثالين أثريين.. حبس المتهمين بالنصب على مواطن بالقاهرة
  • تنتوش يستبعد إبداء الدبيبة أي إيجابية فيما يتعلق بملف الميزانية
  • أسهم أوروبا تحلق على أجنحة التقارب الصيني الأميركي
  • جستنيه: حينما تحضر العدالة يحضر الاتحاد
  • سعد المواسم: لن تنالوا منهم حتى تُقصفوا الشمس أو تشربوا النيل!
  • محمد الحوثي يعزّي في وفاة العلامة محمد بن حسن الحوثي
  • الدونيون وإفرازات رواسبهم الدونية
  • عاجل| الأونروا: مليونا شخص في غزة يمنعون من الوصول لحقهم فيما يبقيهم أحياء
  • خالد بن محمد بن زايد يعزي في وفاة محمد سعيد القبيسي