حرب أم مشروع انقلاب؟ قراءة فيما وراء دخان المعركة
تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT
«في الحروب لا تنتصر الحقيقة، بل تنتصر الرواية التي تصمد أطول في ساحة الوعي».
من دفتر ملاحظات كاتب في زمن التحولات.
حين سكت صوت المدافع وأُعلن وقف إطلاق النار، لم تهدأ الأسئلة، بل بدأت، وبينما انشغلت بعض الصالونات السياسية والمنصات الإعلامية في تكرار المعزوفة القديمة: «من ربح ومن خسر.. .؟»، كان المشهد الحقيقي يتشكل في الظلال، بعيدًا عن الشاشات والتعليقات السطحية، في العمق، كانت هناك حرب أخرى، أشد خطورة من تبادل الضربات: حرب على الوعي، وصراع على طبيعة ما جرى، ومن الذي خطط، ومن الذي أفشل.
السؤال الجوهري لم يكن عن النتيجة، بل عن النوايا: هل كانت هذه حربًا تقليدية، أم مشروعًا انقلابيًا مكتمل الأركان أُجهض في لحظاته الأولى؟ الرد الإيراني، السريع والدقيق، لم يأتِ من فراغ، بدا واضحًا أن طهران كانت تستعد منذ وقت طويل لمثل هذا السيناريو، وتملك «خطة طوارئ» كاملة تشمل نقل القيادة، وتفعيل منظومات كشف وتفكيك خلايا تجسس نائمة، بعض أفرادها داخل المؤسسات العليا، وقد أشارت تقارير مسرّبة إلى كشف أكثر من 700 عنصر في شبكة تجسس منظمة، وتوقعات بأن العدد قد يصل إلى الضعف، وهو ما يؤكد أن ما جرى لم يكن مجرد رد على قصف، بل إحباط لانقلاب ناعم ــ صلب ــ مخطط له بدقة.
ما يدعو للتأمل، أن بعض التحليلات العربية ــ للأسف ــ تعاملت مع الحدث بعقلية «المسرحية»، مدفوعة بتاريخ طويل من التلاعب بعقول الجماهير، ثقافة الشك الدائم، التي ترى في كل مواجهة كبرى «صفقة بين الأطراف»، ساهمت في تعميق الفجوة بين الواقع والتحليل، وكأن العقل العربي قد فقد القدرة على التمييز بين المعركة الحقيقية والاستعراض الدعائي، ربما تعود هذه الذهنية إلى تجارب مؤلمة من التضليل، لكنها باتت تُستخدم اليوم كوسيلة للهروب من مسؤولية الفهم، وتحولت إلى استقالة جماعية من التفكير النقدي.
وهنا، تسلل إلى ذهني سؤال لم يفارقني، عندما شاهدت القواعد الأمريكية تتعرض لضربات مباشرة من الجانب الإيراني: هل كانت الولايات المتحدة تبحث عن ذريعة.. .؟ هل كانت تخطط لتكرار سيناريو أزمة كوبا، عبر افتعال مذبحة صغيرة لجنودها أو ضرب منشآت تابعة لها، لتُقدمها للعالم كتبرير أخلاقي لتدخل شامل وإسقاط النظام.. .. ؟ لم يكن هذا السيناريو غريبًا على من يقرأ عقل المؤسسة الأمريكية، فالسوابق كثيرة، والذاكرة الاستراتيجية مليئة بحالات مشابهة، لكن يبدو أن الرد الإيراني كان أسرع من التوقع، وأقوى من أن يُحوّل إلى سبب للحرب الشاملة، بل ربما كسر ميزان المبادرة لدى الطرف الآخر، وأغلق نافذة الذريعة قبل أن تُفتح.
وفي خضم تلك الأحداث، كان واضحًا أن المشروع لم يكن إيرانيًا فحسب، العراق كان على القائمة التالية، وربما لبنان وبعض الدول الخليجية وتركيا، ضمن خطة متدرجة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بملامح جديدة، الرئيس التركي نفسه لمح إلى «سايكس ـ بيكو جديدة» تلوح في الأفق، لم يكن مجرد تحليل سياسي، بل إشارة مباشرة إلى معلومات استخباراتية تؤكد أن ما يحدث أكبر من مجرد تصعيد بين عدوين تقليديين.
أما الرواية الأمريكية الرسمية، فقد تصدعت سريعًا، صحف أمريكية مرموقة، ومراكز أبحاث مستقلة، كشفت أن المواقع المستهدفة لم تكن مأهولة، وأن «الضربة الكبرى» التي هلل لها الخطاب السياسي، كانت أشبه بفقاعة إعلامية أكثر منها عملية عسكرية نوعية، لكن البعد الإعلامي لم يكن تفصيلًا ثانويًا، الولايات المتحدة خاضت حربًا إعلامية موازية، تهدف لتشكيل وعي عالمي مؤيد، بينما كانت وسائل إعلامها الاستقصائية ــ مثل «سي إن إن» و«نيويورك تايمز» ــ تقوّض هذه السردية من الداخل، مدفوعة بحرية صحفية لا تزال، رغم كل شيء، تصر على كشف ما يُخفى.
وفي هذه الحرب النفسية المركبة، حاولت واشنطن بناء صورة المنتصر، بينما كانت طهران تمارس سياسة ضبط النفس المدروس، وتلعب أوراقها بالتدريج، وتفرض إيقاعها على الأرض وفي الإعلام على حد سواء. وهو ما أربك إسرائيل، التي وجدت نفسها في لحظة ما تطلب التدخل الأمريكي لوقف استنزاف غير متوقع.
بالتوازي، ساد القلق في عواصم عربية وإقليمية، خاصة الخليجية، من أن تكون الأحداث تمهيدًا لفوضى عابرة للحدود.فإسقاط النظام الإيراني، إن حدث، لن يكون نصرًا لأحد، بل بداية لفصل من الفوضى والفراغ، لا يعرف أحد من سيملأه، لذا بدا الترقب حذرًا، والمواقف الرسمية مشوبة ببرود متعمد، يُخفي خشية حقيقية من أن تمتد النيران.
وفي إسرائيل، لم يُخفِ نتنياهو أن الهدف كان إسقاط النظام، وليس مجرد توجيه ضربة تكتيكية. وقد دعا علنًا الإيرانيين إلى الثورة، لكنها دعوة سقطت في فراغ، بعدما أظهرت المعارضة الإيرانية، رغم خلافها مع النظام، تماسكًا وطنيًا غير مسبوق في رفض التدخل الأجنبي.
في المحصلة، فإن السؤال عن «من ربح ومن خسر؟» ليس فقط سطحيًا، بل خطيرا أيضًا، لأنه يختزل تعقيد المشهد في ثنائية لا تُنتج فهمًا، القضية ليست في عدد الصواريخ، بل في من قرأ النية مبكرًا، وفكك الشبكات، وأفشل الخطة، وفرض معادلة جديدة، لا تُقاس بالدمار بل بالبقاء في موقع الفعل. الإجابة واضحة لمن يقرأ تحت الدخان، لا فوقه، أما بقية التفاصيل، فستتكفل بها الأيام، والتسريبات القادمة من العقول التي لا تنام.. .!!
مجلس الشيوخ الأمريكي يرفض تقييد صلاحيات ترامب في الحرب مع إيران
وكالة الطاقة الذرية تؤكد ضرورة أن يواصل مفتشوها أنشطتهم للتحقق في إيران
«ترامب» يهدد وسائل إعلام أمريكية بدعاوى قضائية بسبب تقارير عن تدمير المنشآت النووية الإيرانية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أمريكا الولايات المتحدة الأمريكية إيران طهران الحرب بين إيران وإسرائيل المنشآت النووية الإيرانية لم یکن
إقرأ أيضاً:
منذ أن حررت الخرطوم حصل سكون وانشغال بقضايا أخرى عن صلب المعركة الفي السودان
منذ أن حررت الخرطوم حصل سكون وانشغال بقضايا أخرى عن صلب المعركة الفي السودان
الحمدلله رب العالمين الدعم السر..يع منهار و في أسوإ حالاته وأضعفها
لكن قد يتقوى بأمرين
الأول خلافاتنا الداخلية
الثاني ترك الثغور سواء الميدانية أو الإعلامية او غيرها
ناس كتار قايلين خلاص الحر..ب انتهت و انو تاني مافي شيء
نعم الحمدلله الحرب انتهت بنسبة كبيرة جدا لكن الغفلة عن اليسير الذي بقي ممكن يبقى لينا سبب شر من جديد
وشوف رغم انو كثير من الأبواق التي كانت تخون الجيش و تسب في قيادته ليل ونهار الآن شبه اختفت تماما ونسوا الحرب
بينما ما زال الجيش قيادةً و أفرادا في ثغورهم مستمرين في عملياتهم وتخطيطاتهم
ومازالوا يقدمون الشhداء يوما بعد يوم
بل الجيش الآن يدير حربا معقدة وصعبة
فالجيش الآن عنده جبهات كتيرة مفتوحة
في شمال كردفان وفي غرب كردفان و في جنوبها
و محور الصحراء و الآن المثلت وعلى حدود الولاية الشمالية بل قول داخلها
وشمال دارفور
شوف الموضوع ده صعب كيف
و كل السيناريوهات متوقعة فالعدو مدعوم دعم مفتوح و عندو خبراء كبار وأجانب بخططو ليهو
مثلا دخول المثلث والسيطرة عليهو ده تخطيط خطير جدا
فكده أنت ختيت الولاية الشمالية في خطر و قطعت خط إمداد كبير للقوات في الفاشر
ونحن على ثقة تامة أن قواتنا المسلحة قادرة على كل ذلك بإذن الله
ومهما فعلوا هؤلاء الأوبا..ش فإن ذلك لن يكون أصعب على الجيش من تحرير الخرطوم
الداير أصل ليهو
ماف داعي للتصعيد مع أي فصيل بقا.تل الآن مع القوات المسلحة
وعلى ناس الحركات و إعلامي الجيش
التروي والتريث وعليهم أن يتذكروا انو لسه المعركة شغالة وماف زول مستفيد من التصعيد الحاصل ده إلا العدو
الشيء التاني أهلنا في الشمالية الطنبور و الأغاني و المهرجانات ده ما وقتها الناس توحد صفوفها وتوحد كلمتها وتأخذ حذرها
أخيرا نحن واثقون في جيشنا و في تقديراته الناس تقيف مع الجيش وتدعموا بكل السبل وتبطل التخوين و ال طعن
فوالله ما فارق الرماة الجبل
وان شاءالله الميليشيا إلى زوال
مصطفى ميرغني
إنضم لقناة النيلين على واتساب