“نظام التفاهة”: قراءة في ملامح الانحدار الثقافي والسياسي
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
” #نظام_التفاهة “: قراءة في #ملامح #الانحدار_الثقافي والسياسي
د #امل_نصير
يتناول كتاب “نظام التفاهة” للمفكر الكندي(آلان دونو) بنية المجتمعات الحديثة، وآليات عملها في ظل سيطرة منظومة التافهين على مفاصل الحياة السياسية، والثقافية، وهو عمل فكري جريء، مثير للجدل .
صدر الكتاب أول مرة باللغة الفرنسية عام 2015، وترجم إلى العربية، ليحظى بانتشار واسع في العالم العربي، اذ أثار كثيرا من النقاشات حول مفهوم التفاهة، وأثره على المجتمعات.
يرى مؤلف الكتاب أن النظام الاجتماعي والاقتصادي الحالي في العالم يشجع التفاهة، ويمنحها الأفضلية، حيث يتم تصعيد الأشخاص الأقل كفاءة، والأقل التزامًا بالقيم الأخلاقية والمهنية إلى مواقع السلطة والتأثير، فتصبح الجودة والاستحقاق في هذا النظام أمورًا ثانوية، بينما يتم تهميش الأفراد الذين يسعون لتحقيق الإبداع والجودة.
يشير المؤلف إلى أن النظام الرأسمالي الحديث يُكرّس “التفاهة” عبر آليات عدة، منها تهميش القيم الفكرية العميقة، وتقليص دور المثقفين والمبدعين الحقيقيين، وتحويل النجاح إلى مسألة تتعلق بالاتساق مع المعايير التجارية والاستهلاكية بدلاً من الإنجاز الحقيقي.
ولعل من اهم ملامح التفاهة كما يقدمها الكتاب سيطرة الرداءة على المجالات المهنية، ففي النظام التافه، لا يتم اختيار الأفراد بناءً على كفاءتهم أو قدرتهم، بل بناءً على قدرتهم على التماهي مع النظام القائم، بغض النظر عن قيمتهم الحقيقية، وتصبح المؤسسات خالية من العمق الفكري والمبادئ، فيسود من يفضلون إرضاء رؤسائهم بدلاً من تحديهم أو تقديم أفكار جديدة.
من ملامح التفاهة ايضا تهميش الثقافة والفكر اذ يوضح دونو أن الأنظمة الحديثة تعزز الإنتاج الثقافي السطحي الموجه للاستهلاك السريع، مع تهميش الإنتاج الثقافي العميق، فتصبح الثقافة مجرد أداة للتسلية بدلاً من أن تكون وسيلة لفهم العالم أو تغييره.
ومن ملامح التفاهة تحول القيم الإنسانية إلى سلع اذ يتم تسليع كل شيء، بما في ذلك القيم والأخلاق، فتصبح المعايير الأخلاقية والتفكير النقدي غير ذات قيمة إذا لم تترجم إلى ربح أو نفوذ.
ومن ملامحها ايضا صعود التافهين، فيقدم (دونو) مفهومًا صارخًا لصعود “التافهين”، وهم الأفراد الذين لا يتمتعون بأي مؤهلات حقيقية، لكنهم يتسلقون السلم الاجتماعي بسبب مهارتهم في مجاراة النظام القائم.
تكمن اهمية الكتاب في تشخيص الواقع المعاصر، فيقدم تشخيصًا دقيقًا للعديد من الظواهر التي نعاني منها اليوم، مثل انخفاض مستوى الحوار العام، وانتشار الأخبار المزيفة، وضعف المؤسسات الديمقراطية.
يعد كتاب نظام التفاهة دعوة للتغيير، فرغم سوداوية الطرح، يحمل الكتاب دعوة ضمنية لإعادة النظر في قيمنا المجتمعية ومؤسساتنا، والعمل على استعادة المبادئ الأساسية التي تجعل المجتمعات أكثر عدالة وكفاءة.
الكتاب مرآة للمجتمعات العربية أيضا اذ وجد صدى واسعًا في العالم العربي، حيث يرى كثيرون أنه يعكس واقعًا مألوفًا في العديد من الدول التي تعاني من تهميش الكفاءات وسيطرة الفساد والمحسوبية.
“لقد أصبحت التفاهة نظامًا عالميًا يستبعد الجودة والكفاءة، ويعلي من شأن الرداءة.
على الرغم من شعبية الكتاب، إلا أنه تعرض للنقد من بعض القراء والمفكرين، فراى هؤلاء أن (دونو ) قدم نظرة متشائمة دون تقديم حلول عملية لتجاوز “نظام التفاهة”. كما أن بعض النقاد رأوا أن الكتاب يفتقر إلى أدلة علمية واضحة تدعم أطروحاته، وانه يعتمد بشكل كبير على أسلوب الإنشاء الفكري.
“نظام التفاهة” ليس مجرد كتاب فكري، بل هو صرخة تحذير من أن النظام العالمي الحالي قد يؤدي إلى انهيار القيم الإنسانية الحقيقية لصالح تفاهة تملأ الفراغ. إنه دعوة لإعادة التفكير في مسار المجتمعات واستعادة المبادئ التي تجعل العالم مكانًا أفضل للعيش.
وأخيرا يبرز السؤال الآتي في ظل الانتشار الواسع للكتاب في العالم العربي: هل يمكن أن نواجه “نظام التفاهة” أم أننا سنظل عالقين فيه؟
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: نظام التفاهة ملامح نظام التفاهة فی العالم نظام ا
إقرأ أيضاً:
آمي.. ذكاء اصطناعي ينافس الأطباء في التشخيص والتحليل!
في قفزة طبية تقنية واعدة، كشفت جوجل عن نسخة مطورة من روبوتها الطبي الذي يستطيع استخدام صور الهواتف الذكية لتشخيص الأمراض الجلدية وتحليل أنواع متعددة من الصور الطبية الأخرى.
النظام الجديد لا يكتفي فقط بالتفوق في التشخيص، بل أظهر أداءً أفضل من الأطباء البشريين عند تفسير صور مثل تخطيط القلب ونتائج المختبر، ما يفتح آفاقًا مذهلة لمستقبل الطب الرقمي.
نسخة سابقة من هذا النظام القائم على الذكاء الاصطناعي كانت قد تفوقت بالفعل على الأطباء في دقة التشخيص وحتى في مهارات التعامل مع المرضى. النسخة الجديدة أثبتت أداءً أفضل أيضًا من الأطباء البشريين عند تفسير صور مثل تخطيط القلب الكهربائي وملفات نتائج المختبر،فضلًا عن أمراض أخرى. ومقارنة بالأطباء البشريين، نجح في استخلاص كم من المعلومات مماثل لما يحصل عليه الأطباء في المقابلات الطبية وحظي بتصنيف أعلى على صعيد تفهم مشاعر المرضى.وفق موقع "nature"
اقرأ أيضاً...الـ AI هل هو جيد للمعلمين.. خطر على الطلاب؟
ولا يزال روبوت الدردشة الذي أُطلق عليه اسم «أرتيكيوليت ميديكال إنتيليجانس إكسبلورر» Articulate Medical Intelligence Explorer، أو اختصارًا «آمي» (AMIE) قيد التجريب. وقد تم وصفه في ورقة بحثية نُشرت في 6 مايو على منصة الأبحاث الأولية arXiv.
تعقيبًا على ذلك، تقول إليني لينوس، مديرة مركز الصحة الرقمية بجامعة ستانفورد: إن"دمج الصور والمعلومات السريرية يقربنا أكثر من وجود مساعد ذكاء اصطناعي يحاكي طريقة تفكير الأطباء".
وبالرغم من أن روبوت الدردشة يفصله شوط طويل عن استخدامه في الرعاية الإكلينيكية، يرى واضعو الدراسة أنه قد يلعب في نهاية المطاف دورًا في إتاحة خدمات الرعاية الطبية التشخيصية للجميع. ومع أنه قد يكون مفيدًا، إلا أنه يجب ألا يغني عن التفاعل مع الأطباء.
كيف تم تدريب الروبوت الطبي؟
النموذج يعتمد على Gemini من جوجل، الذي يعالج الصور بجانب النصوص.قام الباحثون بتكييفه طبّيًا بإضافة خوارزمية تعزز قدرته على إجراء حوارات تشخيصية واستنتاجات سريرية دقيقة.
عمد الفريق البحثي بصفة مبدئية إلى إجراء سلسلة من عمليات توليف نظام نماذج القوالب اللغوية الكبيرة، بتدريبه على مجموعات بيانات واقعية متاحة من موارد كالسجلات الإلكترونية الصحية ونصوص المحادثات الطبية. ولصقل مهارة النظام، عكفوا على تحفيزه إلى لعب دور مصابين بحالات مرضية محددة، ولعب دور طبيب إكلينيكي مراع لشعورهم يسعى إلى فهم تواريخهم الطبية للخروج بتشخيص محتمل لهم.
أخبار ذات صلةكذلك طلب الفريق البحثي من النظام لعب دور إضافي، ألا وهو دور ناقد يتولى تقييم تفاعُل الطبيب مع المريض المعالج، ويقدم إفادة بالرأي عن كيفية تحسين هذا التفاعل، واستُخدم هذا النقد لتعزيز تدريب نظام الذكاء الاصطناعي واستحداث محادثات مُحسنة. يقول ريوتارو تانو، عالم Google DeepMind بلندن: إن هذه الطريقة، تمكننا من غرس السلوكيات الصحيحة والمطلوبة أثناء المحادثات التشخيصية.
من جانبها حذرت إليني لينوس من أن سيناريوهات المحاكاة لا تستطيع محاكاة تعقيد الرعاية الحقيقية، حيث يتمتع الأطباء بالخبرة والحدس، والفحص الجسدي، وهي أمور يصعب تقليدها.
نظام «آمي» يتفوق
قدم نظام الذكاء الاصطناعي أداء مضاهيًا للأطباء أو تفوق عليهم في دقة تشخيص الحالة المرضية في ست تخصصات طبية. كذلك تفوق على الأطباء في 24 معيارًا من جملة 26 معيارًا لجودة المحادثة، من بينها التهذيب، وشرح الحالة المرضية والعلاج والتحلي بالصراحة، والتعبير عن الاهتمام والتفاني.
طريقة تدريب أسرع وأرخص
بخلاف الإصدارات السابقة التي تطلبت إعادة تدريب مكلفة باستخدام قواعد بيانات ضخمة، تعتبر هذه الطريقة أرخص وأسهل في التطبيق، كما أوضح تانو أحد المشاركين في فريق الدراسة.
من الخطوات المهمة التالية يتطلب النموذج إجراء دراسات أكثر تفصيلًا لتقييم احتمالات ارتكاب الروبوت لممارسات انحياز، وضمان توخيه الإنصاف مع مختلف الأطياف البشرية. وقد شرع فريق شركة «جوجل» في دراسة المعايير الأخلاقية المتطلبة لاختبار أداء النظام مع بشر يعانون مشكلات طبية حقيقية.
تقنيات مثل «آمي» تمثل بداية عصر جديد في التشخيص الطبي القائم على الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن لأنظمة ذكية تحليل الصور، وإجراء الحوارات، وتقديم استنتاجات دقيقة، وربما مساعدة الأطباء في تحسين الرعاية الصحية.
ومع استمرار التطوير والتجارب، قد نشهد قريبًا مساعدًا ذكياً على الهاتف قادرًا على دعم قرارات الأطباء وتقديم استشارات موثوقة في أي مكان وزمان.
لمياء الصديق(أبوظبي)