عربي21:
2025-06-10@18:04:23 GMT

قراءة في مؤتمر الحوار الوطني السوري

تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT

لم ينقسم "الإخوان المسلمون" في العالم العربي إلا في سوريا، وكان انقسامهم على أساس مناطقي (حلب، حماة، دمشق) لا على أساس أيديولوجي.

هي حالة تضاف إلى حالات عديدة، أهمها وأكثرها سطوعا الانقسام المجتمعي الحدي حيال نظام الأسد، النظام الذي لا يختلف أي عاقل وذو ضمير عليه.

مناسبة هذا القول الخلافات التي ظهرت قبيل وبعيد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، بين مُهلل ومطبل له على أن مخرجاته تجسد خارطة طريق واضحة المعالم لمستقبل سوريا الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعسكري، وبين ناقد نابذ له، باعتباره ليس إلا مؤتمرا شكليا هدفه تكريس سلطة فئة معينة تحت شعارات عامة فضفاضة.



بين المؤيدين والناقدين

اختلف الفريقان حيال التوقيت، منهم من اعتبر أن الإسراع بعقد المؤتمر بدلا مما كان مقررا سلفا (بعد شهرين من الآن) يشير إلى أن المؤتمر يُراد منه أن يكون شكليا ليس إلا، في حين يرى المدافعون عنه أن انعقاد المؤتمر جاء تتويجا لجهود استمرت نحو شهرين، تخللتها حوارات جرت في كل المحافظات السورية، تضمنت طروحات شفهية وأخرى مكتوبة وصلت حد المئات.

المؤتمر الذي جرى مجرد محطة أولى ضمن محطات أخرى لاحقة، بمعنى أن مخرجات المؤتمر ليست آليات عمل وخطوات محددة يجب اتباعها، بقدر ما هو عنوانا عريضا للمرحلة المقبلة.كما اختلف الفريقان حول الشخصيات المدعوة، إذ غلب الحضور على شخصيات عامة غير اختصاصية، فكان المؤتمر أقرب للبروغاندا الإعلامية منه إلى مؤتمر سياسي قانوني، في حين يرى الفريق الآخر أن الحضور كاف لجهة العدد والنوعية.

لم ينتبه المعارضون والمؤيدون إلى مسألتين هامتين فيما يتعلق بالتوقيت:

الأولى، أن الإدارة الحاكمة في سوريا تتعرض لضغوط إقليمية ودولية كبيرة من أجل بلورة عقد اجتماعي ـ سياسي جديد، حتى لو كان هذا العقد أو الإعلان مجرد مقولات عامة، فضلا عن أن الحكام الجدد أسرعوا في عقد المؤتمر من أجل تطمين الخارج على أمل أن يساعد ذلك في رفع العقوبات الاقتصادية.

الثانية، أن مسألة التوقيت ليست ذا أهمية كبيرة، لأن المؤتمر الذي جرى مجرد محطة أولى ضمن محطات أخرى لاحقة، بمعنى أن مخرجات المؤتمر ليست آليات عمل وخطوات محددة يجب اتباعها، بقدر ما هو عنوانا عريضا للمرحلة المقبلة.

وبالتالي، لا يمكن بناء موقفا إيجابيا أو سلبيا من المؤتمر ومخرجاته، لأنه بمثابة روح سياسية تعكس الأهداف العامة للمرحلة المقبلة.

إن الموقف الإيجابي أو السلبي يبدأ لحظة كتابة الدستور الجديد، ثم لحظة التنفيذ العملي للمحددات السياسية في الدستور الجديد، عندها سيتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وما إذا كانت السلطة الجديدة تضع نصب أعينها بناء نظام ديمقراطي، وليبرالي علماني وفق معايير الثقافة العربية ـ الإسلامية، أم لا.

ومع ذلك، فإن غياب شخصيات قانونية لها باع في صياغة الدساتير، وشخصيات سياسية، وشخصيات فكرية في مجال السوسيولوجيا السياسية، ثغرة مهمة جدا في المؤتمر، يرجى أن تُعوض لاحقا.

مخرجات المؤتمر

إذا كان هدف مؤتمر الحوار الوطني التوافق على العناوين العريضة لمستقبل سوريا ـ على أن يناقش لاحقا تفاصيل شكل النظام السياسي ـ فقد حقق المؤتمر بالنسبة لكثيرين هذا الهدف بتأكيده على أمور عدة، أهمها:

1ـ تعزيز الحرية كقيمة عليا في المجتمع باعتبارها مكسبا غاليا دفع الشعب السوري ثمنه من دمائه، وضمان حرية الرأي والتعبير.

2ـ ترسيخ مبدأ المواطنة، ونبذ كافة أشكال التمييز على أساس العرق أو الدين أو المذهب، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بعيدا عن المحاصصة العرقية والدينية.

3ـ تحقيق التنمية السياسية وفق أسس تضمن مشاركة كافة فئات المجتمع في الحياة السياسية، واستصدار القوانين المناسبة لذلك، والتأكيد على إجراءات العزل السياسي وفق أسس ومعايير عادلة.

غير أن المراقب الحذق والمتخصص، يرى أن مخرجات المؤتمر لا تحتاج إلى مؤتمر حواري أصلا، فهذه المخرجات هي من نافلة المطلب السوري بأجمعه، فلسنا بحاجة، على سبيل المثال، إلى مؤتمر حوار وطني، للتأكيد على ضرورة تعزيز الحريات وتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية.

لم يتم ذكر الديمقراطية والعلمانية في مخرجات المؤتمر، ولا ندري ما إذا كانت الديمقراطية والعلمانية ستكونان الأساس الذي سيبنى عليه النظام السياسي.

لقد تحدث المؤتمر عن لجنة دستورية لاحقة مهمتها إعداد مسودة دستور دائم للبلاد يحقق التوازن بين السلطات ويرسخ قيم العدالة والحرية والمساواة ويؤسس لدولة القانون والمؤسسات.

يُلاحظ في الفقرة الأخيرة أنها عامة وفضفاضة، فهي موجودة في معظم دساتير الأنظمة السلطوية والدكتاتورية، أنها تسعى إلى إقامة حكم رشيد، يشبه إلى حد كبير الأنظمة السياسية في الأردن والخليج العربي.

الإدارة الحاكمة في سوريا تتعرض لضغوط إقليمية ودولية كبيرة من أجل بلورة عقد اجتماعي ـ سياسي جديد، حتى لو كان هذا العقد أو الإعلان مجرد مقولات عامة، فضلا عن أن الحكام الجدد أسرعوا في عقد المؤتمر من أجل تطمين الخارج على أمل أن يساعد ذلك في رفع العقوبات الاقتصادية.والمقصود بذلك، حكما يُحقق نوعا من الرفاه الاقتصادي للشعب، في ظل سلطة لا تمارس العنف وتكمم الأصوات.

لكن هذه الصيغة إن صحت في الخليج العربي لأسباب خاصة جدا، فإنها لا تصح في سوريا، حيث المجتمع كبير ومعقد إثنيا وطائفيا ودينيا ومناطقيا، وحيث التأثيرات الخارجية كبيرة.

من دون نظام ديمقراطي يقوم على انتخابات حرة ونزيهة، وأشدد هنا على كلمة نزيهة، إذ يمكن أن تحصل انتخابات حرة، ولكن ليست نزيهة، كما حصل في كثير من البلدان ذات الديمقراطية الهشة.

من دون نظام ديمقراطي ليبرالي علماني، فإن سوريا ستتجه نحو نظام تستأثر فيه فئة على السلطة تحت عناوين الوحدة الوطنية وغيرها.

في الختام، واضح من تصريحات السلطة الجديدة خلال الشهرين الماضيين أن سقوفها السياسية أقل بكثير من سقوف المثقفين الراغبين بإنشاء نظام سياسي حداثي بكل معنى الكلمة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الرأي سوريا سياسة رأي نتائج مؤتمر وطني مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مخرجات المؤتمر أن مخرجات فی سوریا من أجل

إقرأ أيضاً:

نيس تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات على خلفية تهديد كائناتها الحية

يتوجه قادة العالم إلى نيس في جنوب شرق فرنسا الأحد لحضور « مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات » الذي يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحويله إلى قمة لحشد الجهود في حين قررت الولايات المتحدة مقاطعته.

وسيجتمع حوالى خمسين رئيس دولة وحكومة، من بينهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في نيس الأحد حيث سيقام عرض بحري كجزء من احتفالات اليوم العالمي للمحيطات، قبل افتتاح المؤتمر الاثنين.

وستركز المناقشات التي تستمر حتى 13 حزيران/يونيو على التعدين في قاع البحار، والمعاهدة الدولية بشأن التلوث البلاستيكي، وتنظيم الصيد المفرط.

وقال ماكرون لصحيفة « أويست فرانس » إن هذه القمة تهدف إلى « حشد الجهود، في وقت يتم التشكيك في قضايا المناخ من جانب البعض »، معربا عن أسفه لعدم مشاركة الولايات المتحدة فيها.

ويعتقد أن الولايات المتحدة التي تملك أكبر مجال بحري في العالم، لن ترسل وفدا على غرار ما فعلت في المفاوضات المناخية.

وأقر ت الدول في مسودة الإعلان الختامي التي كانت قيد التفاوض أشهر، بأن « العمل لا يتقدم بالسرعة أو النطاق المطلوبين ».

وحد دت فرنسا أهدافا طموحة لهذا المؤتمر الأممي الأول الذي يعقد على أراضيها منذ مؤتمر الأطراف حول المناخ « كوب21 » الذي استضافته باريس في العام 2015.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو إن فرنسا « تسعى ليكون المؤتمر موازيا بالنسبة إلى المحيطات، لما كان عليه اتفاق باريس، قبل عشر سنوات، بالنسبة إلى المناخ ».

وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أشهر عن رغبته في جمع 60 مصادقة في نيس للسماح بدخول معاهدة حماية أعالي البحار حي ز التنفيذ.

من دون ذلك، سيكون المؤتمر « فاشلا »، وفق موقف أدلى به السفير الفرنسي لشؤون المحيطات أوليفييه بوافر دارفور في آذار/مارس.

وتهدف المعاهدة التي اعتمدت في العام 2023 ووقعتها 115 دولة إلى حماية الأنظمة البيئية البحرية في المياه الدولية التي تغطي نحو نصف مساحة سطح كوكب الأرض. وقد صادقت عليها إلى الآن رسميا 28 دولة والاتحاد الأوروبي.

وتأمل فرنسا أيضا في توسيع نطاق التحالف المؤلف من 33 دولة والذي يؤيد تجميد التعدين في قاع البحار.

ومن المتوقع أن تتطرق النقاشات غير الرسمية بين الوفود أيضا إلى المفاوضات من أجل التوصل إلى معاهدة لمكافحة التلوث البلاستيكي والتي ستستأنف في آب/أغسطس في جنيف، في حين تأمل باريس الدفع قدما نحو المصادقة على الاتفاقات المتصلة بمكافحة الصيد غير القانوني والصيد المفرط.

وتغطي المحيطات 70,8 في المئة من مساحة سطح الكرة الأرضية، وتشهد منذ عامين موجات حر غير مسبوقة تهدد كائناتها الحية لكن حمايتها هي الأقل تمويلا بين أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة.

وشد د قصر الإليزيه على أن قمة نيس « ليست مؤتمرا لجمع التبرعات بالمعنى الدقيق للكلمة »، في حين قالت كوستاريكا، الدولة المشاركة في استضافة المؤتمر، إنها تأمل في جمع 100 مليار دولار من التمويل الجديد للتنمية المستدامة للمحيطات.

هذا ما انتقده بريان أودونيل، مدير حملة من أجل الطبيعة، وهي منظمة غير حكومية تعمل على حماية المحيطات.

وقال براين أودونيل، مدير منظمة « كامبين فور نايتشر » غير الحكومية التي تعمل على حماية المحيطات « لقد أنشأنا أسطورة تقول إن الحكومات لا تملك الأموال اللازمة لحماية المحيطات ».

وأضاف « هناك أموال. ليس هناك إرادة سياسية ».

ونشر ما يصل إلى خمسة آلاف عنصر من الشرطة والدرك والجنود لضمان أمن القمة التي لا تواجه « تهديدا محددا » رغم ذلك، وفقا للسلطات.

وفي نيس التي سيصل إليها الرئيس الفرنسي بالقارب من موناكو حيث يختتم منتدى حول الاقتصاد الأزرق والتمويل الأحد، ست عرض على ماكرون توصيات المؤتمر العلمي الذي سبق القمة، فضلا عن مقياس « ستارفيش » الجديد الذي يحدد حالة المحيط الذي يعاني استغلالا مفرطا وارتفاعا في درجة حرارته.

وتحت ضغط منظمات غير حكومية، أعلن الرئيس الفرنسي السبت فرض قيود على صيد الأسماك بشباك الجر في بعض المناطق البحرية المحمية من أجل توفير حماية أفضل للأنظمة البيئية.

 

مقالات مشابهة

  • غوتيريش يدعو بافتتاح مؤتمر المحيطات إلى معاهدة دولية
  • اليمن يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات 2025
  • وزيرة البيئة تشارك في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات بفرنسا
  • مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات يعقد بفرنسا وسط غياب أميركي
  • سوريا.. أكثر من 7 آلاف قتيل منذ انهيار نظام الأسد
  • نيس تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات
  • المؤتمر: الحوار المجتمعي لتغير المناخ يعكس وعي الدولة بأهمية العمل البيئي المشترك
  • نيس تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات على خلفية تهديد كائناتها الحية
  • مدينة نيس الفرنسية تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات
  • «ربدان» تُطلق النسخة الأولى من مؤتمر «الشمولية في السلامة»