في تقرير مطول، أفادت صحيفة الأوبزرفر اللندنية بأن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يجد نفسه في موقف صعب يتطلب سلوكا حذرا ومدروسا بشأن تطورات الأوضاع بين الولايات المتحدة وأوروبا بشأن أوكرانيا عقب لقاء الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن الجمعة الماضي.

وشبّهت الصحيفة -التي تصدر كل يوم أحد عن مؤسسة غارديان الإعلامية- وضع ستارمر الآن كمن يسير على حبل مشدود بين الولايات المتحدة وأوروبا، محاولا أن يكون جسرا بين ترامب والقارة العجوز.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: نظرة ترامب إلى أوروبا تقرع أجراس الخطرlist 2 of 2بريطانيا بين مراجعة ميزانيات الإنفاق وحسابات السياسةend of list

ولم يكد رئيس الوزراء البريطاني يفرغ من اجتماعه مع الرئيس الأميركي في البيت الأبيض، حتى بدأ التوافق حول أوكرانيا ومستقبل حلف شمال الأطلسي (ناتو) في التداعي والانهيار.

وذكرت الصحيفة أن ستارمر مهد، في اجتماعه مع ترامب، الطريق جيدا للرئيس الأميركي من خلال التزامه بزيادة نفقات الدفاع البريطانية، مانحا بذلك الأخير كل ما كان يتمناه وأكثر.

ستارمر وترامب

فقد أشاد ترامب بالموقف التفاوضي القوي لستارمر بخصوص الرسوم الجمركية، وبالعلاقة الخاصة بين بلديهما، ماضيا وحاضرا ومستقبلا، مبديا إعجابه بـ"لكنة ستارمر الجميلة". وقال ترامب "لو كانت لدي مثل هذه اللكنة، لأصبحت رئيسا قبل 20 عاما".

إعلان

لكن بعض من هم على دراية بسلوك ترامب على مر السنين، وكيف يتحول من مزاج وطريقة عمل إلى أخرى في غضون ساعات أو حتى دقائق، لاحظوا أن مواضيع في غاية الأهمية لم تُحسم في الاجتماع وظل الغموض يكتنفها بشكل مثير للقلق، حسب الصحيفة التي زعمت أن الأمور لم تكن كلها على ما يرام كما قد يبدو للوهلة الأولى.

فقد كانت هناك مجالات كان من الواضح أنها بحاجة إلى مزيد من التفاصيل، أحدها متعلق بمطالب أوروبا وأوكرانيا بضرورة أن توفر الولايات المتحدة دعما أمنيا إذا تم التوصل إلى أي اتفاق سلام مع روسيا بوساطة ترامب.

ولعل هذا الافتقار الصارخ للتفاصيل -وفق الأوبزرفر- هو الذي تكشف في اجتماع آخر في البيت الأبيض بعد أقل من 24 ساعة على لقاء ستارمر. فقد شهد اجتماع الجمعة مشادة حادة بين الرئيس الأميركي ونظيره الأوكراني، وقد سارت نتائجه على غير ما كان متوقعا.

وعلى الرغم من أن الوفد البريطاني خرج من اجتماعه مع ترامب وعلامات الرضا بادية على وجوه أعضائه بعد أن أسمعوا الرئيس الأميركي ما يريد سماعه -حسب مصدر بوزارة الخارجية البريطانية- فإن الأمور سارت على غير ما يرام بعد ذلك، عكس ما  كان يعتقد الناس.

أوروبا تقاوم

أما السبب في هذا التباين، فتعزوه الصحيفة إلى تصريحات القادة الأوروبيين الذين من المقرر أن يكون قد استضافهم ستارمر لعقد اجتماع في لندن في وقت سابق من يوم الأحد. وتقول الصحيفة إن هؤلاء هم نفس القادة الذين هرعوا لتوجيه رسائل دعم لزيلينسكي بعد الإذلال الذي تعرض له على يدي ترامب ونائبه جيه دي فانس.

وكان من بين الأوروبيين الذين وقفوا إلى جانب زيلينسكي، زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني فريدريش ميرتس الذي فاز حزبه بأكبر حصة من الأصوات في الانتخابات الفدرالية في فبراير/شباط.

وقد كتب ميرتس منشورا على الإنترنت موجها إلى زيلينسكي قائلا: "نحن نقف إلى جانب أوكرانيا في السراء والضراء. يجب ألا نخلط أبدا بين المعتدي والضحية في هذه الحرب المروعة".

إعلان

ويوم السبت، التقى ستارمر بالرئيس الأوكراني في لندن. وقد عبّر أحد الوزراء البريطانيين -لم تكشف الصحيفة عن هويته- عن اعتقاده بأن ستارمر بدأ يدرك مدى صعوبة أن يكون الجسر الذي يربط بين ترامب وأوروبا.

ويتجلى الموقف الصعب الذي يواجهه رئيس الوزراء البريطاني في بيان أصدره يميل فيه إلى جانب الأوروبيين بشأن أوكرانيا، مؤكدا فيه على دعمه الثابت لكييف في حربها ضد روسيا.

من دون أميركا

ويأتي هذا البيان غداة اجتماع ستارمر الأحد مع قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبولندا والدانمارك من بين دول أخرى، ودول من خارج الاتحاد الأوروبي بما في ذلك كندا وتركيا وأوكرانيا.

وأشارت الأوبزرفر إلى أن الأمل كان يحدو المسؤولين الأوكرانيين في الحصول على دعم ترامب لبلادهم عقب فوزه في انتخابات الرئاسة الأخيرة.

لكن الصحيفة البريطانية ترى أنه إذا كان ثمة أمل مرتجى في أن يدعم ترامب أوكرانيا، أو حتى أن يكون وسيطا منصفا بين موسكو وكييف، فقد تلاشى أمام أعينهم يوم الجمعة بعد أن تحولت زيارة زيلينسكي إلى البيت الأبيض إلى "أكبر كارثة دبلوماسية في هذا القرن".

ويخشى كثيرون في أوكرانيا مما هو أسوأ في القادم من الأيام. وطبقا للصحيفة، فإن المهندسين الأوكرانيين يسارعون لإيجاد بديل لخدمة ستارلينك للإنترنت عبر الأقمار الصناعية التي يملكها إيلون ماسك مستشار ترامب، والذي يلعب دورا حاسما في ساحة المعركة.

وبدون تلك الخدمة، قد تفقد الوحدات العسكرية الأوكرانية في الجبهات الأمامية للقتال ميزة الاستفادة من الفيديوهات التي ترصد الطائرات الروسية المسيرة في حينه.

وفي الوقت نفسه، إذا أوقفت الولايات المتحدة تدفق البيانات الاستخباراتية، ستعاني أوكرانيا في تحديد أهداف العدو وتدميرها، بما في ذلك تلك الموجودة في عمق روسيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات الوزراء البریطانی الولایات المتحدة أن یکون

إقرأ أيضاً:

حرب بلا خنادق.. السلاح الفتاك الذي استنزف الجبهات في أوكرانيا

أعادت الحرب الروسية الأوكرانية تعريف موازين القوة في الحروب الحديثة، بعدما تحولت الطائرات المسيرة من أداة مساندة إلى عنصر حاسم في إدارة المعارك وحسم نتائجها.

ولعبت المسيرات دورا محوريا في تغيير التكتيكات العسكرية، ووسعت نطاقها من المواجهة المباشرة إلى فضاء رقمي وجوي مفتوح، ومع تصاعد الاعتماد عليها من الطرفين، لم تعد الحرب تقاس بعدد الدبابات أو الصواريخ وحدها، بل بقدرة كل طرف على الابتكار والإنتاج السريع، في صراع برزت فيه الطائرات المسيرة كأحد أكثر الأسلحة تأثيرا وفتكا.

وأشار تقرير سابق لمركز "جيمس تاون" للدراسات أن أوكرانيا أصبحت أكبر منتج للطائرات المسيرة في العالم، بإنتاج سنوي قُدّر بنحو مليوني طائرة مسيّرة، مع قدرة محتملة على بلوغ أربعة ملايين سنويا، متقدمة على جميع دول حلف شمال الأطلسي، بما فيها الولايات المتحدة.



ولم يقتصر تميز الطائرات المسيرة الأوكرانية على العدد، بل شمل أيضا انخفاض الكلفة وارتفاع الكفاءة، إذ تراوحت تكلفة الطائرات المسيرة الهجومية من نوع FPV بين 300 و400 دولار، بينما تراوحت تكلفة الطائرات المسيرة البحرية بين 50 و100 ألف دولار، مقارنة بتكاليف أعلى بكثير لدى الدول الغربية.

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، تراوح الهدف الروسي الخاص بإنتاج الطائرات المسيّرة في عام 2025 بين 3 و4 ملايين، غير أن الطائرات المسيّرة الأوكرانية، مع بعض الاستثناءات المهمة، بدت أفضل تصنيعا وأكثر موثوقية وأكثر مقاومة لأهم وسيلة دفاع ضد الطائرات المسيّرة، وهي التشويش الراديوي.

طائرات FPV.. سلاح الاستنزاف على خط الجبهة
أشار تقرير لمجلة "فوربس" أن الطائرات المسيرة الانتحارية من منظور الشخص الأول، التي لا يزيد وزنها عن بضعة أرطال، ويقودها مشغلون عن بعد يرتدون نظارات تعرض بثا مباشرا من كاميرات الطائرات نفسها، وتمكنت من الطيران لمسافة تصل إلى ستة أميال، أصبحت مسؤولة عن أكثر من ثلثي الخسائر على خط الجبهة البالغ طوله 800 ميل في الحرب الروسية الأوكرانية الأوسع التي دخلت شهرها السابع والثلاثين.

وتسببت هذه الطائرات الصغيرة القابلة للمناورة، والتي بلغ ثمن الواحدة منها بضع مئات من الدولارات، في قتل أو تشويه مئات الآلاف المحتملين من الروس والأوكرانيين، ودمّرت آلاف المركبات.

ونقلت المجلة عن مدون عسكري روسي قوله: "السبب الرئيسي لغياب النجاح لا يزال تفوق العدو الجوي، طائرات الاستطلاع المسيرة التابعة لهم في السماء على مدار الساعة، وأي حركة من جانبنا تقابل فورا بموجة هائلة من طائرات منظور الشخص الأول المسيرة".

According to Russian sources, they are bogged down and suffering serious losses in Chasiv Yar due to Ukraine’s significant drone advantage—essentially, they can't even lift their heads. The use of armored vehicles is extremely limited. EW is ineffective due to the rapid… pic.twitter.com/30oo9NN4bh — WarTranslated (@wartranslated) March 7, 2025

وفي المقابل، تعرضت القوات الأوكرانية للخطر بالقدر نفسه في القطاعات التي نشرت فيها روسيا أفضل مجموعات الطائرات المسيرة لديها، مشيرة إلى أنه في أحدى الهجمات أدت موجة من الضربات الدقيقة بالطائرات المسيرة الروسية إلى تدمير عشرات المركبات الأوكرانية على طول الطريق الرئيسي المؤدي إلى سودجا، البلدة التي كانت القاعدة الرئيسية للقوة الأوكرانية.

وبالنظر إلى قدرة الطائرات المسيّرة على حسم المعارك، بدا منطقيا أن يعطي الطرفان أولوية لإنتاج الطائرات المسيّرة الصغيرة، معتبرة أن ذلك بدا أكثر منطقية بالنسبة لأوكرانيا، التي وفرت لها الطائرات المسيرة أيضا قدرا عاليا مما وصفه المستشار الألماني المنتخب فريدريش ميرتس بـ"الاستقلال الاستراتيجي".



وأضافت "فوربس" أن مصانع الطائرات المسيّرة الأوكرانية استوردت مكونات، ولا سيما المكونات الصينية، واعتمدت جزئيا على التمويل الأجنبي، غير أن الإنتاج الواسع النطاق والممركز وطنيا للمركبات الجوية غير المأهولة في أوكرانيا حرر البلاد جزئيا من الاعتماد على حلفاء متقلبين مثل الولايات المتحدة.

طائرات اعتراضية محلية.. "الأخطبوط" ضد "شاهد"
ذكرت "رويترز" في 14 تشرين الثاني/نوفمبر أن وزارة الدفاع الأوكرانية أعلنت أن أوكرانيا بدأت الإنتاج الضخم لطائراتها المسيرة الاعتراضية الجديدة المطورة محليا لتعزيز الدفاعات الجوية، في وقت تعرضت فيه المدن والبلدات الأوكرانية البعيدة عن خط المواجهة لهجمات شبه يومية بمئات الطائرات الروسية بدون طيار مع اقتراب الحرب مع روسيا من مرور أربع سنوات.

وأوضحت الوزارة أن أول ثلاثة مصنعين بدأوا بالفعل الإنتاج، فيما استعد 11 مصنعا آخر لإنشاء خطوط إنتاج.

وقالت إن الطائرات المسيرة ستعتمد على تقنية محلية الصنع تُسمى "الأخطبوط"، وإن تقنية اعتراض طائرات "شاهد" المسيّرة اختبرت في ظروف قتالية وأثبتت فعاليتها "ليلا، وفي ظل التشويش، وعلى ارتفاعات منخفضة".

وأكدت "رويترز" أن الطائرات المسيرة الاعتراضية، التي كلفت بضعة آلاف من الدولارات لكل واحدة، كانت مهمة أيضا لأوكرانيا لأنها أتاحت لها توفير صواريخها الأعلى كلفة لمواجهة التهديدات الصاروخية الباليستية الأسرع والأكثر فتكاً.

تصعيد روسي: من مئات المسيّرات إلى 2000 في ضربة واحدة
أشارت تقديرات إلى أن روسيا اقتربت من امتلاك القدرة على إطلاق آلاف الطائرات المسيرة في وقت واحد، ليس على مدى أسابيع، بل في ضربة منسقة واحدة قد تطغى على شبكة الدفاع الجوي الأوكرانية بأكملها، بعدما تحولت الحملة خلال ثلاث سنوات من تهديد يمكن السيطرة عليه إلى حملة لا هوادة فيها هددت بإعادة تعريف الحرب الحديثة.

وبحسب كريستينا هاروارد، المحللة في معهد دراسات الحرب، أنتجت موسكو حاليا ما يقارب 2700 طائرة مسيرة من طراز شاهد شهريا، إلى جانب 2500 طائرة مسيرة تمويهية، وهو ما عنى أنها أصبحت قادرة بالفعل على إطلاق أكثر من 300 أو حتى 400 طائرة مسيرة في ليلة واحدة.

وأضافت أن الكرملين عمل بنشاط على بناء منشآت جديدة، وبات قريبا من القدرة على إطلاق ما بين 1000 و2000 طائرة مسيرة في وقت واحد، بينما واجهت أوكرانيا حربا بالطائرات المسيّرة وصفت بأنها غير مسبوقة من حيث الحجم قياسا بالصراعات السابقة.

وتجلت مؤشرات التصعيد، وفق الأرقام الواردة، في أن روسيا أطلقت خلال عام 2024 نحو 11162 طائرة مسيرة بعيدة المدى على المدن الأوكرانية والبنية التحتية الحيوية والصناعات الدفاعية، وبشكل متزايد على المواقع العسكرية. وتمكنت الدفاعات الجوية الأوكرانية من تحييد 90.2 بالمئة من الطائرات المسيرة القادمة، غير أن نحو 1100 طائرة مسيرة وصلت إلى أهدافها.

توقعات 2025 واتساع الاعتماد على المسيرات
ذكر موقع "يوروميدان برس" في تقرير أن روسيا بنت قدراتها على شن هجمات ضخمة بالطائرات بدون طيار خلال ثلاث سنوات، عبر إنتاج نحو 2700 طائرة شاهد شهريا و2500 طائرة طعم، بما أتاح إطلاق أكثر من 300 أو 400 طائرة في ليلة واحدة واقترابها من القدرة على إطلاق 1000 إلى 2000 في ضربة واحدة.

وأضاف التقرير أن روسيا أطلقت في 2024 نحو 11162 طائرة بدون طيار بعيدة المدى، وصلت 1100 منها إلى أهدافها رغم إسقاط 90.2 بالمئة، بينما أصابت 58.5 بالمئة من 3063 صاروخا أهدافها، وهو ما اعتبره مؤشرا على ثغرات في الدفاع الجوي الأوكراني.

وتوقع التقرير نفسه إطلاق 78 ألف طائرة بدون طيار في 2025، أي سبعة أضعاف 2024، مشيرا إلى أن أوكرانيا أسقطت 85 بالمئة فقط من هذه المسيرات بسبب تكتيكات روسية متقدمة ونقص الإمدادات الغربية.

وعلى الجانب الآخر، تحدث التقرير عن استجابة أوكرانيا، قائلا إنها طورت إنتاج الطائرات بنسبة 900 بالمئة ليصل إلى 200 ألف شهريا، مستهدفة 4 ملايين طائرة تكتيكية و30 ألف بعيدة المدى في 2025، مع نمو صواريخ كروز بنسبة 800 بالمئة وإنتاج أول صاروخ باليستي أوروبي منذ الحرب الباردة، إلى جانب طائرات اعتراض أسقطت 650 طائرة شاهد في كييف وحدها.


جدار مسيرات في سماء أوكرانيا
تحدثت تقارير عن تشكل نمط جديد من الدفاع الجوي في أوكرانيا، لا يقوم على بطاريات صواريخ أو منظومات رادار، بل على "جدار حرفي" مصنوع من طائرات بدون طيار.

وطورت شركة "أتريد" الفرنسية المتخصصة في تكنولوجيا الدفاع نظاما يستخدم أسرابا من الطائرات المسيرة الصغيرة المحملة بالمتفجرات لإنشاء حاجز متحرك في السماء، ووصفت الشركة هذا النظام بأنه "حقل ألغام طائر"، يتكون من ستارة من الطائرات الاعتراضية ذاتية التشغيل، صممت لتدمير طائرات الهجوم الروسية المسيرة والقنابل الانزلاقية قبل وصولها إلى محطات الطاقة أو المدن أو مراكز النقل.

وأوضح التقرير أن نظام "جدار الطائرات المسيرة" (DWS-1) اختلف عن الأنظمة المستخدمة حاليا في ساحة المعركة، إذ لم يعتمد إطلاق الصواريخ أو أشعة الطاقة، بل إطلاق العشرات وربما المئات من طائرات FPV من محطات أرضية فور رصد الرادارات أو أجهزة الاستشعار تهديدا قادما.

وتحمل كل طائرة شحنة متفجرة صغيرة وصعدت إلى ارتفاع محدد مسبقا لتشكيل نمط كثيف متعدد الطبقات، وعند اقتراب الهدف تنفصل طائرة أو أكثر من التشكيل وانفجرت قربه لتدميره أو تعطيله.

وبالمقابل، أشار التقرير إلى أن روسيا زودت طائراتها المسيّرة وقنابلها الانزلاقية بمحركات نفاثة صغيرة بشكل متزايد، ما رفع سرعتها وصعّب اعتراضها، غير أن "أتريد" قالت إن مرونة النظام وقدرته على التنسيق باستخدام الذكاء الاصطناعي سمحت له بمواجهة هذه الأسلحة المطورة.

قالت مؤسسة "ICDS"، وهي مؤسسة بحثية وتحليلية دولية مستقلة متخصصة في الأمن والدفاع والسياسة الخارجية، في تقرير إن انتشار طائرات "الكاميكازي" ذات منظور الشخص الأول وطائرات القصف ومنظومات الاستطلاع والهجوم التي جمعت بين أنظمة الطائرات المسيّرة وأنظمة المدفعية والصواريخ بلغ منذ صيف 2023 حد التشبع، ما أتاح قدرات ضرب تكتيكية دقيقة شبه غير محدودة ومنتشرة في كل مكان.

آثار المسيرات وهيمنتها على طول خطوط التماس
وأضاف التقرير أن الانتشار الكثيف لطائرات الاستطلاع والهجوم المسيّرة أنشأ "منطقة قتل" بعمق تراوح بين خمسة وعشرة كيلومترات على طول خط التماس، ما جعل التحصينات التقليدية مثل الخنادق الواسعة والملاجئ الكبيرة والنقاط الحصينة المركزة شديدة الضعف وغير قابلة للاستخدام بشكل متزايد.

وضرب التقرير مثالا بمعركة أفدييفكا التي امتدت من خريف 2023 إلى شباط/فبراير 2024، حيث سقطت مواقع أوكرانية محصنة تحصينا شديدا وذات موقع استراتيجي ممتاز إثر هجمات ممنهجة شنتها طائرات FPV وقاذفات قنابل، إضافة إلى قصف مدفعي موجه بطائرات بدون طيار وقنابل انزلاقية استهدفت معاقل وحصونا فردية ومراكز قيادة وخنادق وطرق إمداد، فيما أصبح تعزيز القوات وتناوبها هناك محفوفا بالمخاطر وصولا إلى الاستحالة في النهاية.

وتحولت الطائرات المسيرة إلى أداة عالية الدقة لاستنزاف الأفراد والمعدات، واختفى إلى حد كبير مفهوم المنطقة الخلفية الآمنة التي تبعد 10 إلى 15 كيلومترا عن خط التماس، بينما اقتصرت العمليات الهجومية على غارات محلية من دون أمل في اختراق عميق.



كما أشار التقرير إلى أن الاستخدام المكثف للطائرات المسيرة رفع مستويات الضغط البدني والنفسي على جنود المشاة، إذ بات كل جندي هدفا معرضا لتهديدات دقيقة ومتواصلة على مدار الساعة، ما فرض تخطيطا دفاعيا تجاوز العقائد التقليدية التي لم تعد ملائمة للواقع العملياتي الجديد.

شاهد الإيرانية والتوطين الروسي

قال خبير الإلكترونيات سيرغي بيسكريستنوف لوكالة أسوشيتد برس إن معظم الطائرات المسيّرة الهجومية الروسية كانت سوداء اللون، غير أنه أوضح أن الطائرات الجديدة ظهرت باللون الأبيض، مضيفا أن هذه الطائرات لم تحمل علامات أو ملصقات داخلية تتطابق مع تلك المعتمدة في الطائرات الروسية الصنع، في حين اتبعت الملصقات المستخدمة فيها "نظام وضع العلامات الإيراني القياسي".

وقال خبراء تحدثوا للوكالة إن الملصقات لم تكن دليلا قاطعا، لكن الكلمات الإنجليزية اتسقت مع الطريقة التي تستخدمها إيران لتمييز طائراتها المسيّرة، مرجحين أن إيران باعت هذه الطائرة لروسيا لاختبارها في القتال.

وشنت موسكو غارات جوية مكثفة شبه ليلية على أوكرانيا باستخدام طائرات مسيرة إيرانية الصنع طوال فترة الحرب التي دخلت عامها الرابع، وأن هذه الطائرات حلقت بكثافة فوق المدن الأوكرانية وملأ صوتها المشابه لصوت الدراجات النارية الأجواء، بينما استعدت الدفاعات الجوية والقناصة للتصويب.

وذكرت "أسوشيتد برس" أن موسكو صنعت طائراتها بدون طيار "شاهد" بناء على نموذج إيراني في مصنع شديد الحراسة بوسط روسيا، هو مصنع ألابوغا في تتارستان، الذي تسلم أولى الطائرات الإيرانية في عام 2022 بعد توقيع صفقة بين روسيا وإيران بقيمة 1.7 مليار دولار. ثم أنشأ المصنع لاحقا خطوط إنتاج خاصة به وبدأ إنتاج آلاف الطائرات.

وأوضحت أن التحسينات التي جرى رصدها في الحطام داخل أوكرانيا جاءت ضمن سلسلة ابتكارات بدأت بشراء روسيا طائرات بدون طيار مباشرة من إيران في خريف 2022، وفق وثائق مسربة من ألابوغا سبق أن نشرتها الوكالة، مضيفة أن إيران شحنت في أوائل 2023 نحو 600 طائرة مسيرة مفككة لإعادة تجميعها في روسيا قبل توطين الإنتاج، ثم جرى تعديل التصميم في عام 2024.

وقالت الوكالة إن متخصصين أضافوا كاميرات إلى بعض الطائرات، ونفذوا خطة كشفت عنها في تحقيق حمل اسم "عملية الهدف الزائف"، استهدفت إنشاء طُعم لإرباك الدفاعات الجوية الأوكرانية. كما جمعت الوكالة بيانات عن غارات الطائرات الروسية بدون طيار على أوكرانيا على مدار عام تقريبا نشرها سلاح الجو الأوكراني على الإنترنت.

وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن فعالية نظام "شاهد" ربما نتجت عن إطلاق روسيا مزيدا من الطائرات، بما فيها الطائرات الوهمية، فضلا عن التغييرات في التكنولوجيا والتكتيكات. ومع ذلك، أكدت أن استمرار هذا النجاح ظل غير واضح.

مقالات مشابهة

  • عاجل| الأردن يدين الهجوم الإرهابي في تدمر السوري ويؤكد تضامنه مع سوريا والولايات المتحدة
  • حرب بلا خنادق.. السلاح الفتاك الذي استنزف الجبهات في أوكرانيا
  • حوادث صادمة تهز مصر والولايات المتحدة وأوروبا
  • دونالد ترامب يسعى لتغيير أنظمة الحكم في أوروبا
  • غارديان: دونالد ترامب يسعى إلى تغيير الأنظمة في أوروبا
  • ترامب: النزاع في أوكرانيا قد يشعل فتيل حرب عالمية ثالثة
  • ترامب يشعل خلافا جديدا مع صادق خان.. وعمدة لندن يرد: مهووس بي
  • سيناتور روسي: العلاقات مع أوروبا لم تعد أولوية لترامب
  • المستشار الألماني: أوكرانيا سلمت الولايات المتحدة مقترحًا لخطة السلام
  • ترامب يتصدر قائمة “بوليتكو” لأكثر الشخصيات تأثيراً في أوروبا 2025