تصاعدت فضيحة الفساد المالي في صندوق صيانة الطرق والجسور بعدن، لتكشف عن عجز مالي ضخم تجاوز نصف مليار ريال يمني، وسط اتهامات لمسؤولين بارزين بالتورط في عمليات فساد مالي ممنهج، تأتي هذه التطورات في ظل وضع متدهور لشبكة الطرق، حيث تزداد الحوادث الناتجة عن غياب أعمال الصيانة وتأخر تنفيذ المشاريع الحيوية.

 

ما يميز هذه القضية أن الفساد لم يكن نتيجة نقص التمويل، بل بسبب تجاوزات إدارية ومالية خطيرة تورطت فيها قيادات داخل الصندوق، حيث تم تمرير عمليات صرف دون مستندات رسمية، ورغم صدور توجيهات باستعادة مبالغ ضخمة، إلا أنها لم تُنفذ حتى الآن، مما يثير تساؤلات حول نفوذ المتورطين، وقدرتهم على الإفلات من المساءلة.

 

في مواجهة هذه الانتهاكات، صعّد موظفو الصندوق من تحركاتهم، مطالبين بإقالة القيادات المتورطة وفتح تحقيق شفاف لاستعادة الأموال المنهوبة، ومع تزايد الضغوط الإعلامية والمطالبات بالمحاسبة، يبرز السؤال الأهم: هل ستتخذ الجهات المختصة إجراءات فعلية هذه المرة، أم أن القضية ستُدفن كما حدث في فضائح سابقة؟

 

عجز مالي ضخم وإهدار غير مبرر للأموال

 

تشير الوثائق الرسمية إلى اختلالات مالية جسيمة داخل صندوق صيانة الطرق، حيث تم صرف عشرات الملايين من الريالات دون أي مستندات قانونية، إضافة إلى عدم استرداد 60 مليون ريال سعودي رغم صدور توجيهات رسمية بذلك، ما أدى إلى عجز مالي يزيد عن نصف مليار ريال يمني.

 

المثير في القضية أن هذا العجز لم يكن بسبب نقص التمويل، بل نتيجة عمليات صرف غير قانونية تجاوزت القوانين المالية، مما يطرح تساؤلات خطيرة حول طبيعة الإدارة المالية للصندوق، وكيفية تمرير هذه التجاوزات دون أي رقابة حقيقية.

 

يؤكد خبراء اقتصاديون أن هذه التجاوزات تمثل نموذجًا صارخًا لإهدار المال العام، ما يفاقم الأزمات الخدمية، ويؤثر على تنفيذ مشاريع البنية التحتية، ويزيد من الأعباء المالية على الدولة.

 

تورط مسؤولين كبار في عمليات الفساد

 

لم تقتصر الاتهامات على رئيس مجلس إدارة الصندوق معين الماس، بل شملت عددًا من كبار المسؤولين، منهم:

مدير الشؤون القانونية مدير الحسابات مدير الدراسات مدير عام الإشراف مدير محطات الوزن المحوري مدير التخطيط والنظم والمعلومات

 

وتظهر الوثائق المسربة أن هؤلاء المسؤولين تورطوا في تمرير عمليات صرف غير قانونية، والتلاعب بالحسابات المالية، وعرقلة أي جهود لمراجعة الميزانيات وكشف التجاوزات، مما يشير إلى وجود شبكة فساد مترابطة داخل الصندوق، تعمل دون رقابة أو محاسبة فعلية.

 

تداعيات غياب الرقابة والمساءلة

 

تكشف هذه القضية عن أزمة أعمق تتعلق بضعف الرقابة المؤسسية وانعدام آليات المساءلة داخل المؤسسات الحكومية في المحافظات المحررة ،  فكيف يمكن لعجز مالي بهذا الحجم أن يمر دون محاسبة؟ وأين دور الجهات الرقابية من هذه التجاوزات المستمرة؟

 

هذه الأسئلة تفتح الباب أمام تساؤلات أوسع حول مدى انتشار الفساد داخل المؤسسات الحكومية، خصوصًا تلك المسؤولة عن تقديم خدمات مباشرة للمواطنين، ويشير محللون إلى أن غياب الرقابة والمحاسبة يؤدي إلى انهيار قطاعات حيوية مثل الطرق والصحة والتعليم، مما يزيد من معاناة المواطنين الذين يدفعون ثمن الفساد وسوء الإدارة.

 

تصعيد الموظفين: مطالبات بالإقالة والمحاسبة

 

في ظل استمرار الفساد داخل الصندوق، قرر الموظفون كسر حاجز الصمت، وأعلنوا عن تنظيم احتجاجات واسعة للمطالبة بـ إقالة رئيس مجلس الإدارة وكافة المسؤولين المتورطين، ومن المقرر أن تنطلق الوقفات الاحتجاجية أمام مقر الصندوق في مدينة إنماء، حيث يؤكد الموظفون أن تحركاتهم جاءت بعد تراكم الأدلة على الفساد، واستمرار الإدارة في تجاهل المطالبات بمراجعة الحسابات وكشف أوجه الصرف.

 

تصعيد الموظفين يعكس تنامي الوعي الداخلي بأهمية وقف الفساد، ورفض الاستمرار في التستر عليه، فاستمرار الإدارة الحالية يعني المزيد من تدهور قطاع الطرق والجسور، مما يشكل خطرًا مباشرًا على حياة المواطنين الذين يواجهون يوميًا مخاطر الطرق المتهالكة والحوادث المتكررة بسبب غياب أعمال الصيانة الدورية.

 

هل تتحرك السلطات لمحاسبة الفاسدين؟

 

في ظل تصاعد الضغوط الإعلامية واحتجاجات الموظفين، يبرز تساؤل رئيسي: هل ستتحرك السلطات المختصة لفتح تحقيق جاد في هذه الفضيحة، أم أن القضية ستُطوى كما طُويت قضايا فساد سابقة دون أي محاسبة؟

 

حتى الآن، لم تصدر الجهات الرقابية أي تصريحات رسمية بشأن القضية، ولم يتم الإعلان عن أي خطوات ملموسة لمحاسبة المسؤولين المتورطين، رغم توفر الوثائق التي تثبت وجود مخالفات مالية واضحة.

 

ومع ذلك، فإن تصاعد الحراك الشعبي والإعلامي قد يجعل من الصعب على الجهات المختصة تجاهل هذه الفضيحة، خاصة وأنها تتعلق بمؤسسة مسؤولة عن قطاع حيوي يعاني من مشكلات متفاقمة.

 

الفساد يهدد مستقبل مشاريع البنية التحتية

 

ما يحدث في صندوق صيانة الطرق ليس مجرد قضية فساد مالي عابرة، بل يعكس نمطًا ممنهجًا من الفساد الإداري والمالي، حيث تتحول الأموال المخصصة لمشاريع البنية التحتية إلى جيوب الفاسدين، بينما تبقى الطرق متهالكة والمشاريع متعثرة.

 

هذه الفضيحة تضع الحكومة أمام اختبار حقيقي:

 

إما اتخاذ إجراءات حازمة لمحاسبة الفاسدين، وضمان شفافية إدارة المشاريع الخدمية. أو الاستمرار في تجاهل هذه القضايا، ما يعني مزيدًا من الفساد، ومزيدًا من الأزمات التي يدفع المواطن ثمنها.

 

في النهاية، تبقى المساءلة والشفافية هما السبيل الوحيد لضمان عدم تكرار مثل هذه الفضائح، فهل ستكون هذه القضية نقطة تحول في ملف مكافحة الفساد، أم أنها مجرد رقم جديد يُضاف إلى قائمة الفضائح التي طُويت دون حساب؟

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن عدن صندوق صيانة الطرق فساد الحكومة صندوق صیانة الطرق

إقرأ أيضاً:

صندوق الاستثمارات العامة يفتتح مكتبًا جديدًا لشركة تابعة في باريس لتعزيز توسعه العالمي

أعلن صندوق الاستثمارات العامة اليوم، افتتاح مكتبٍ جديدٍ لشركة تابعة في العاصمة الفرنسية باريس؛ وذلك بهدف توسيع حضوره العالمي وتعميق علاقاته في سوق دولية ذات أولوية، ويعكس المكتب الجديد في أوروبا نهج الصندوق في التعاون الوثيق مع الشركاء والشركات والمؤسّسات الاستثمارية الرائدة.

وسيشهد الافتتاح حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة الأستاذ ياسر الرميان، إلى جانب عددٍ من كبار المسؤولين ورجال الأعمال، وسيتزامن الافتتاح مع انطلاق مؤتمر القمة السنوية "Choose France" في باريس.

ويُعد الصندوق مستثمرًا نشطًا على المدى الطويل في العديد من القطاعات والأعمال والأسواق الأكثر ابتكارًا وتحولًا حول العالم، ومن المتوقع أن يعزز افتتاح المكتب الجديد شراكات الصندوق في المنطقة.

واستثمر الصندوق خلال الفترة ما بين 2017 و2024 ما يصل إلى 84.7 مليار دولار في الاقتصاد الأوروبي، مما أسهم بإضافة 52 مليار دولار إلى الناتج المحلي الأوروبي، إلى جانب الإسهام في استحداث أكثر من 245 ألف فرصة عمل وظيفية مباشرة وغير مباشرة في أوروبا، وتشمل تلك الاستثمارات ما يصل إلى 8.6 مليارات دولار استثمرها الصندوق في السوق الفرنسية خلال الفترة نفسها، مما أسهم في إضافة 4.8 مليارات دولار إلى الناتج المحلي الفرنسي، إلى جانب الإسهام في استحداث أكثر من 29 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في الاقتصاد الفرنسي.

ويتماشى افتتاح مكتب باريس مع إستراتيجية صندوق الاستثمارات العامة لدفع عجلة نمو الاقتصاد العالمي وقيادة التحول الاقتصادي في المملكة، وباعتبار الصندوق من المستثمرين العالميين الأكثر تأثيرًا، وساهمت استثماراته والتزامه المتواصل ببناء شراكات جديدة مع مجموعة متنوعة من المؤسسات الدولية الرائدة في استحداث أكثر من 1.1 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في المملكة والعالم.

يذكر أن الصندوق افتتح سابقًا مكاتب لشركات تابعة في كلٍّ من نيويورك، ولندن، وهونغ كونغ، وبكين، وتضم محفظته قرابة 220 شركة.

أخبار السعوديةآخر أخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • العراق في مواجهة تحديات اقتصادية : رؤية صندوق النقد الدولي لعام 2025 ؟
  • تحيات القيادة إلى رئيس مالي ينقلها شخبوط بن نهيان
  • صعود مثير للجنيه المصري أمام الدولار يفجر مخاوف من مراجعة صندوق النقد
  • آل شاليش.. صندوق الفساد الأسود وحراس آل الأسد
  • برلمانية: مشروعات الصندوق تعكس رؤية الدولة لتحقيق تنمية عادلة وشاملة
  • إطلاق «صندوق الإمارات للنمو» بقيمة مليار درهم لتحفيز نمو الشركات الصغيرة
  • صندوق الاستثمارات يفتتح مكتبًا جديدًا لشركة تابعة في باريس
  • صندوق الاستثمارات العامة يفتتح مكتبًا جديدًا لشركة تابعة في باريس لتعزيز توسعه العالمي
  • مدبولي: مصر تحقق معدل نمو 3.9% في النصف الأول من العام المالي الحالي
  • فضيحة «الدبلومات المزورة» تهزّ المغرب وتفجر احتجاجات تطالب بالإصلاح والمحاسبة