مقتل طفلة تونسية بعد اختطافها جريمة تهزّ الرأي العام
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
تونس
أعلنت السلطات التونسية عن فتح تحقيق قضائي في مقتل طفلة تبلغ من العمر 6 سنوات، بعد العثور على جثتها وعليها آثار اعتداء بآلة حادة، وذلك بعد يوم من اختفائها في ظروف غامضة.
وقعت الحادثة في منطقة العمران الأعلى بالعاصمة تونس، حيث فُقدت الطفلة بعد وجبة الإفطار في أول أيام رمضان أثناء لعبها أمام منزلها، قبل أن يتم العثور عليها مقتولة على سطح أحد المنازل.
ووفقًا للتحقيقات الأولية، شوهدت الطفلة برفقة رجل يعاني من اضطرابات نفسية يقيم في نفس الحي، حيث اعتادت اللعب معه، ليتم العثور لاحقًا على جثتها في منزله. كما أوقفت الشرطة شخصًا آخر من جيران العائلة للتحقيق معه.
وأثارت الجريمة غضبًا واسعًا في الشارع التونسي، حيث طالب المواطنون بإنزال أشد العقوبات على الجاني، حتى وإن كان يعاني من مرض نفسي، معتبرين أن العدالة يجب أن تأخذ مجراها دون تهاون.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، عبّر كثيرون عن صدمتهم من بشاعة الجريمة، منتقدين إهمال العائلة وغياب الرقابة على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية.
كما أعادت هذه الجريمة إلى الأذهان حوادث مشابهة، أبرزها مقتل طفلة في القيروان عام 2018 على يد مختل عقليًا، مما أثار تساؤلات حول ضرورة إيجاد حلول جذرية لمنع تكرار مثل هذه المآسي.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: الرأي العام السلطات التونسية تونس جريمة
إقرأ أيضاً:
سمية الغنوشي: جريمة اغتيال أنس الشريف ليست حادثا عرضيا.. كان صوت غزة
نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للكاتبة التونسية سمية الغنوشي، تحدثت فيه حول جريمة اغتيال الصحفي في قناة "الجزيرة" أنس الشريف.
وقالت الغنوشي في مقال ترجمته "عربي21" إن جريمة اغتيال الشريف ورفاقه، لم تكن حادثا عرضيا، بل "هجوما دقيقا ومقصودا".
وتاليا الترجمة الكاملة للتقرير:
بقتل خمسة من صحفيي الجزيرة، تأمل إسرائيل حجب إبادتها الجماعية عن أنظار العالم، لكنها بذلك تسلط الضوء عليها أكثر.
قتلوه حيث يتشبث الجرحى بخيط الحياة.
خارج مستشفى الشفاء بمدينة غزة، اغتال الجيش الإسرائيلي مراسلي قناة الجزيرة، أنس الشريف ومحمد قريقع، بالإضافة إلى المصورين إبراهيم زاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة، في قصف مباشر استهدف خيمتهم الإعلامية.
لم يكن ذلك حادثًا عَرَضيًا في حرب، بل كان هجومًا دقيقًا ومقصودًا: محوٌ متعمد لصحفيين أبَوا التوقف عن قول الحقيقة.
كان الشريف شابًا فلسطينيًا من جباليا شمالي غزة، وقد غطى الحرب على مدى 22 شهرًا. كانت “جريمته” الوحيدة هي رفضه أن يدير ظهره، وإصراره على فضح حقائق الإبادة الجماعية: القتل الذي لا حدود له، والتدمير المحسوب لكل خيط من خيوط الحياة؛ لقد عمل بلا توقف.
وُلد الشريف عام 1996، وكان في الثالثة من عمره عندما اندلعت الانتفاضة الثانية، وفي العاشرة عندما فرضت إسرائيل حصارها الأول على غزة، وفي الثانية عشرة عندما اندلعت حرب غزة عام 2008، وفي الثامنة عشرة خلال عدوان عام 2014.
وكان في الثامنة والعشرين من عمره فقط عندما قتلته إسرائيل أخيرًا يوم الأحد؛ لقد رُسمت معالم حياته بالحروب، كل واحدة منها أشد فتكًا من سابقتها.
على مدى 22 شهرًا، دخلت تقارير الشريف ملايين المنازل في جميع أنحاء العالم العربي. وأكثر من كونه صحفيًا، أصبح شاهدًا موثوقًا؛ حيث عرف جمهوره حزنه بقدر ما عرفوا صوته: مقتل والده بنيران إسرائيلية، وانفصاله عن والدته، وابنته شام، ورضيعه صلاح – الذي ولد أثناء الإبادة الجماعية – وزوجته بيان.
تابعناه إلى أشرس الجبهات في شمال غزة، حيث عمل تحت القصف والجوع، لم ينحنِ قط، ولم يُسكت صوته أبدًا.
"أنت صوتنا"
لقد ملأ الشريف الفراغ الذي تركه زملاؤه الذين اُغتيلوا بالفعل، ومن بينهم إسماعيل الغول من قناة الجزيرة، الذي قُتل بنيران إسرائيلية. وواصل زميل آخر، هو وائل الدحدوح، التغطية بعد استشهاد زوجته وأبنائه وحفيده، لكنه غادر غزة لاحقًا لتلقي العلاج من جراحه التي أصيب بها في الحرب.
ورث الشريف مهمتهم: أن يروي قصة غزة بينما كان العالم يحاول أن يشيح بنظره. والآن، مع مقتل الشريف وزملائه الأربعة، تكون إسرائيل قد أبادت طاقم قناة الجزيرة بأكمله في مدينة غزة.
نتذكر اليوم الذي انهار فيه على الهواء مباشرة، وصوته يرتجف وهو يرى امرأة تسقط من الجوع؛ فيما نادى أحد المارة: “واصل يا أنس، أنت صوتنا”.
نتذكر اليوم في يناير/كانون الثاني عندما خلع سترته الصحفية على الهواء مباشرة ليعلن عن وقف إطلاق النار؛ والذي كان بمثابة جرعة أكسجين قصيرة بعد القتل المتواصل. نتذكره محمولاً على أكتاف الفلسطينيين الممتنين في غزة، تكريمًا لشجاعته.
لكل هذا، أصبح الشريف العدو اللدود لدولة تمارس الإبادة الجماعية؛ حيث هددته المخابرات الإسرائيلية علانية. أولاً جاء مقتل والده، بعد أن قال الشريف إنه تلقى اتصالات من الجيش الإسرائيلي تحذره من أنه سيعاقب إذا لم يوقف تغطيته، وكان ذلك تحذيرًا ملطخًا بالدماء. ثم جاء مقتل زملائه.
أخيرًا، نُفذ التهديد: تمزق جسده وأجساد زملائه الأربعة بفعل غارة من طائرة إسرائيلية مسيرة، كما في آلاف الاغتيالات الأخرى في جميع أنحاء غزة ولبنان وسوريا.
استهدفه بالاسم أفيخاي أدرعي، الناطق الأكثر سمية باسم إسرائيل. وفي أواخر الشهر الماضي، حذرت لجنة حماية الصحفيين: “تمثل هذه الاتهامات الأخيرة التي لا أساس لها من الصحة محاولة لخلق القبول بقتل الشريف”. أفيخاي أدرعي هو جوزيف غوبلز الجديد، مسلح بوسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من الراديو، يحدد أهدافًا للموت بابتسامة ساخرة.
رأى الشريف أصدقاء وزملاء يُقتلون بالرصاص أمام عينيه، وحمل نعوشهم، ثم عاد إلى العمل وغبار الدفن لا يزال على يديه. استمد قوته من شيرين أبو عاقلة، التي قتلتها إسرائيل في جنين عام 2022، والتي كانت مسيحية؛ وكان هو مسلمًا؛ حيث لا تميز إسرائيل عندما تشن حربًا على الحقيقة.
لو أرادت إسرائيل اعتقاله، لكان بإمكانها فعل ذلك، فقد كان مكان الشريف معروفًا دائمًا، ولم يكن لديه سلاح، وكثيراً ما كان يعمل على مرأى من نقاط التفتيش الإسرائيلية، كنهم لم يأتوا للاعتقال؛ بل أتوا للقتل.
كان ذلك أيضًا تمهيدًا؛ فلقد طالت حرب بنيامين نتنياهو على غزة 22 شهرًا دون تحقيق أهدافها المعلنة، باستثناء القتل الجماعي للمدنيين وطمس أسس الحياة، وائتلافه آخذ في التصدع.
الآن، وبموافقة مجلس الوزراء، يحشد للغزو النهائي لما تبقى من غزة: المرحلة الأخيرة من التطهير العرقي، وستكون تلك الحملة أسهل إذا لم يبقَ صحفيون ليشهدوا عليها. كان الشريف وزملاؤه أخطر من أن يسمح لهم بفضح دعايتهم. الموجة التالية، كما تنوي الحكومة الإسرائيلية، ستتكشف في الظلام.
مذابح على مرأى من الجميع
في غضون ساعات من مقتل الشريف، أصدر الجيش الإسرائيلي بيانًا ليس فيه ندم، بل تفاخر متباهيًا بالقتل، ومشوهًا سمعته بوصفه “إرهابيًا”، ومقدمًا “أدلة” يسهل تلفيقها بحيث يصعب التحقق منها.
إنها أقدم حيلة لقتلة الدولة: اقتل الصحفي، ثم اغتل اسمه. ومع ذلك، يُطلب منا أن نصدق أن رجلاً قضى أكثر من 670 يومًا يقدم تقارير حية لشبكة إخبارية عالمية، كان يقود سرًا خلية مسلحة، بين تصوير المستشفيات المقصوفة ودفن الأطفال.
كررت بعض وسائل الإعلام الرئيسية هذه الفرية، تمامًا كما كررت أكاذيب نتنياهو قبل ساعات، نافية المجاعة في غزة، وحملت حماس مسؤولية الدمار الذي تسببت به إسرائيل نفسها، وهي كلمات فندتها التقارير الدولية، لكنها بُثت دون خجل.
كان الشريف يعلم أن هذا قد يكون مصيره، فقبل بضعة أشهر، كتب وصيته: “إذا وصلتكم هذه الكلمات، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي… أستودعكم فلسطين – جوهرة تاج العالم الإسلامي، ونبض قلب كل حر في هذا العالم. أستودعكم أهلها، وأطفالها المظلومين الأبرياء الذين لم يجدوا الوقت ليحلموا أو يعيشوا في أمان وسلام. لقد سُحقت أجسادهم الطاهرة تحت آلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، وتمزقت وتناثرت على الجدران”.
لم يكن هدف إسرائيل من قتل الشريف وزملائه إخفاء حقيقة مذابحها فحسب، بل استهدافه شخصيًا، لكسر روح الفلسطينيين في غزة، إدراكًا منها لتعلقهم به، وثقتهم فيه، وفخرهم بشجاعته.
غير أن هذه الخطة ستفشل، فلن يكسر موته إرادة غزة، بل سيجعل أهلها أكثر تصميمًا على السير على دربه.
هناك مقطع فيديو للشريف مع ابنته شام، يجلسان قريبين، وهو يبتسم ويسألها: “[الرئيس الأمريكي دونالد] ترامب يريدنا أن نغادر غزة. هل تريدين المغادرة؟… إلى قطر؟ الأردن؟ مصر؟ تركيا؟”. تهز رأسها بالنفي عند كل اسم. يسألها: “لماذا؟”. إجابتها بسيطة: “لأنني أحب غزة”. يضمها إلى ذراعيه، ويحتضنها بحنان أب يعرف أن إجابتها هي نفسها التي تنبض في صدره.
حملوه على أكتافهم، تمامًا كما حملوا أبو عاقلة ذات مرة – بينما كان الجنود الإسرائيليون يحاولون ضرب نعشها ليسقط أرضًا – وهم يفعلون ذلك، تعهدوا بأن ينهض آلاف آخرون من حراس الحقيقة التي لا يمكن لأي رصاصة أن تقتلها.
مقتل الشريف ليس نهاية، بل هو محوٌ لشاهد قبل أن يُرفع الستار عما هو قادم: مذابح مخطط لها على مرأى من الجميع، بمباركة الحلفاء الأجانب، لدفع آخر الناجين من غزة من أرضهم.
دم الشريف ليس عبئًا على إسرائيل وحدها، بل هو لطخة عار على أيدي كل حكومة أشاحت بنظرها بعيدًا؛ وكل غرفة أخبار رددت رواية القاتل؛ وكل زعيم سلح اليد التي صوبت نحو قلبه.
إنه يجري بين أصابع كل من شاهدوا – مرارًا وتكرارًا – إسرائيل وهي تصطاد مراسلي غزة، ولم يفعلوا شيئًا سوى ترك العدسة تُظلم.
لم يكن هذا مجرد قتل رجل، بل كان إسكاتًا لصوت كان العالم بحاجة إليه.
لقد صار ذلك ممكنًا بفضل جوقة من المتغاضين، وبسبب عالم سمح لإسرائيل بذبح الصحفي تلو الآخر، والإفلات من العقاب.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)