هبوط معدل المواليد في اليابان فشل سياسي للقيادة وليس أزمة سكانية
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
يبدو أن هبوط معدل المواليد في اليابان ليس أزمة سكانية، بل فشل سياسي للقيادة ليس له حل سهل، وكشف الانخفاض الحاد في المواليد إلى 720 ألفاً و988 مولوداً في عام 2024، وهو أقل معدل للمواليد منذ 125 عاماً، عن عجز الحكومة اليابانية عن التدخل وافتقارها إلى الرؤية.
وحاول صانعو السياسة، مراراً وتكراراً، تغيير هذا الحالة من انخفاض المواليد عن طريق الحوافز الضعيفة، والإصلاحات السطحية، والحملات الاجتماعية الاستعراضية، إلا أن كل ذلك لم يغير حالة الانحدار في معدل المواليد.
وتبقى الحقيقة الصارخة التي مفادها أن القادة اليابانيين لا يواجهون انكماشاً في تعداد السكان، وإنما يفشلون في ضمان قدرة البلاد على البقاء في الأمد البعيد، ويشير الفشل في تغيير هذا الانكماش إلى أن الاستراتيجيات السياسية كانت متجذّرة في افتراضات عفا عليها الزمن، حول العمل والأسرة والبنية الاجتماعية.
واعتقد صانعو السياسة في اليابان، منذ زمن بعيد، أن الحوافز المالية من شأنها أن تكون كافية لتشجيع الأزواج على إنجاب المواليد، لكن الانحدار المستمر في معدلات الإنجاب أثبت أن المال وحده ليس هو القضية.
وهناك قوى أكثر عمقاً تلعب دوراً أكثر أهمية، مثل التغيرات الثقافية، والضغوط الاقتصادية، وبيئة العمل الجامدة التي تجعل تربية الأطفال احتمالاً غير جذاب بالنسبة للعديد من الشباب اليابانيين.
وأظهر القادة السياسيون افتقاراً صارخاً للتكيف، والتمسك بالحلول التي عفا عليها الزمن، بدلاً من الدفع نحو التغيير البنيوي الحقيقي، كما أن مجرد تقديم الإعانات والإعفاءات الضريبية لن يكون كافياً، بل يجب أن تكون هناك إعادة تصور لكيفية تقديم الحكومة الدعم للعائلات، خصوصاً في مجالات مثل التوازن بين الحياة والعمل والإسكان والتعليم.
وكشفت هذه الأزمة عن حقيقة غير مريحة بشأن الحكم، حيث تكافح البيروقراطية المتجذرة في اليابان لمعالجة قضايا تتطلب بعض المرونة والابتكار، والرؤية البعيدة المدى. وبينما جربت الحكومات المحلية سياسات مثل أسبوع العمل المكون من أربعة أيام، لكن تظل هذه الجهود معزولة، بدلاً من أن تكون جزءاً من استراتيجية وطنية.
ويبدو أن الطبقة السياسية غارقة في حالة من القصور الذاتي، كما أنها تقاوم كل تغيير، ويجب أن تتحرك من الدوائر الانتخابية القصيرة المدى، إلى التخطيط للأجيال.
ويشير تحول الشعب إلى حالة من الشيخوخة، إلى أن العمال الأصغر سناً سيتحملون عبئاً مالياً أثقل، للحفاظ على الخدمات الاجتماعية وأنظمة التقاعد.
ويبدو أن الهيمنة اليابانية على التكنولوجيا والصناعة، ليست محصنة ضد التغيرات السكانية.
ويشير الانكماش في قوة العمالة إلى تقلص أعداد المبتكرين، ونقص رجال الأعمال، ونقص العمال المهرة للحفاظ على منافسة الصناعات.
وتهدد هذه الحقيقة استقرار الاقتصاد، وتؤثر في كل شيء، من السوق الاستهلاكية إلى اتفاقات التجارة الدولية، ويجب على اليابان تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الشاملة التي تعالج جذور أسباب انحدار معدلات الإنجاب.
أولاً يجب أن تخضع ثقافة العمل إلى تغيير جذري، إذ إن سمعة الدولة السيئة حول ثقافة العمل، التي تفتقر إلى خيار العطلة الأبوية، تمنع الزوجين من إنجاب الأطفال، وتقليل ساعات العمل، وتوسيع منشآت تسلية الأطفال، وتحفيز الشركات على تقديم مزيد من ترتيبات العمل المرنة التي تجعل الأبوين في وضع أكثر سهولة.
ثانياً يجب تقليص تكاليف تربية الأطفال على نحو كبير، وعلى الرغم من أن الحوافز المالية أثبتت أنها غير كافية، فإن التدخل المباشر في تكاليف التعليم والطب والإسكان، يمكن أن يسهل العبء المالي على العائلات الشابة.
وثالثاً يجب إعادة النظر في سياسة الهجرة، ولطالما عارضت اليابان الهجرة على نطاق واسع، لكن مع شيخوخة السكان وتقلص قوة العمل، فإن استقطاب العمال الأجانب المهرة يمكن أن يساعد على استقرار النمو الاقتصادي.
ويمكن أن يؤدي تسهيل سياسات التأشيرة، والدعم الأكبر للعائلات المهاجرة، وبرامج تشجيع الإقامات على المدى الطويل، إلى تخفيف آثار انكماش السكان الأصليين.
ويزيد المشهد العالمي المتغير تفاقم الأزمة، وتعاني كوريا الجنوبية أزمة سكان مشابهة لليابان، لكن بعد القيام بمحاولات علاجية، ثمة ارتفاع بسيط في معدل الإنجاب، وهو ما يشير إلى أن التغير في السياسة والأنماط الاجتماعية، يمكن أن يُحدث الفرق في البلاد.
وإذا فشلت اليابان في التكيف فإنها تخاطر، ليس في الانحدار السكاني، وإنما في الجمود الاقتصادي، في عالم بات فيه حجم قوة العمل، مقياساً حيوياً بصورة متزايد من أجل التنافس.
وبالنسبة للقادة السياسيين في اليابان، ينبغي أن تكون هذه لحظة إعادة النظر في حساباتهم، وسيتذكر الناس فشلهم المستمر في التصرف بحزم، باعتباره السبب وراء تفاقم أزمة السكان في اليابان، والانهيار الاقتصادي والاجتماعي.
فهل هذه الدولة مستعدة لتغيير ثقافة العمل التقليدية، كي تجعل «الأبوة» مسألة معقولة أكثر؟ وهل ستعمل على إصلاح سياساتها المتعلقة بالهجرة لتعويض خسارتها السكانية؟ وهل يستطيع القادة قبول سياسات تعالج النفور الاجتماعي الواسع من الزواج والحياة العائلية؟ إنها تحديات وجودية تتطلب قيادة جريئة وذات رؤية. عن «آسيا تايمز»
صحيفة الامارات اليوم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی الیابان أن تکون
إقرأ أيضاً:
ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنهاية مايو.. والداخلية تسجل أعلى معدل تضخم
مسقط- العُمانية
سجل المؤشر العام لأسعار المستهلكين في سلطنة عُمان ارتفاعًا بنسبة 0.6 بالمائة في شهر مايو 2025م مقارنة بالشهر المماثل من عام 2024م. وأشارت البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى تصدّر أسعار مجموعة السلع الشخصية والخدمات المتنوعة قائمة الارتفاعات بنسبة 6.4 بالمائة، تليها مجموعة النقل بنسبة 2.4 بالمائة، ثم مجموعة المطاعم والفنادق بنسبة 1.4 بالمائة.
وأوضحت البيانات أن أسعار مجموعة الصحة شهدت ارتفاعًا بنسبة 0.8 بالمائة، وأسعار مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 0.6 بالمائة، ومجموعة الثقافة والترفيه بنسبة 0.3 بالمائة، وسجلت مجموعة التعليم ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1 بالمائة.
وفي المقابل، انخفضت أسعار مجموعة المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 0.8 بالمائة، ومجموعة الأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية وأعمال الصيانة بنسبة 0.2 بالمائة، أما أسعار كل من مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى ومجموعة الاتصالات ومجموعة التبغ فحافظت على استقرارها دون تغير.
وفيما يتعلق بمجموعة السلع الغذائية والمشروبات غير الكحولية لشهر مايو 2025 مقارنة بالشهر المماثل من العام الماضي، فقد شهدت أسعار مجموعة السكر والمربى والعسل والحلويات ارتفاعًا بنسبة 3.7 بالمائة، كما سجلت أسعار مجموعة منتجات الأغذية غير المصنفة زيادة بنسبة 3.6 بالمائة.
وارتفعت أسعار مجموعة الحليب والجبن والبيض بنسبة 1.9 بالمائة، في حين سجلت مجموعة الزيوت والدهون ارتفاعًا بنسبة 1.8 بالمائة، ومجموعة اللحوم بنسبة 0.2 بالمائة.
بينما انخفضت أسعار مجموعة الخضراوات بـ 8.6 بالمائة، تليها مجموعة الأسماك والأغذية البحرية بنسبة 2.3 بالمائة، كما انخفضت أسعار مجموعة الفواكه بنسبة 1.6 بالمائة، وسجلت مجموعة المشروبات غير الكحولية تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.1 بالمائة، في حين حافظت مجموعة الخبز والحبوب على استقرارها دون تغير.
وأظهرت البيانات أن محافظة الداخلية سجلت أعلى معدل تضخم بين محافظات سلطنة عُمان بنهاية مايو 2025م، مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، بمعدل تضخم بلغ 1.5 بالمائة، وجاءت محافظة مسندم في المرتبة الثانية بمعدل 1.1 بالمائة، تلتها محافظة جنوب الشرقية بنسبة 1.0 بالمائة، ثم محافظة الظاهرة بنسبة 0.9 بالمائة، ومحافظة مسقط 0.8 بالمائة، ومحافظة الوسطى 0.6 بالمائة، ومحافظة البريمي بنسبة 0.4 بالمائة، ثم محافظة ظفار بنسبة 0.3 بالمائة، ومحافظة شمال الباطنة بنسبة 0.2 بالمائة.
في المقابل، شهدت محافظات جنوب الباطنة وشمال الشرقية تراجعًا في مستويات التضخم، بنسب بلغت 0.4 بالمائة و0.1 بالمائة على التوالي.