الشرع يتعهد بملاحقة "فلول" النظام والحفاظ على السلم الأهلي في سوريا
تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT
شدد الرئيس السوري أحمد الشرع، الجمعة، على عزم السلطات ملاحقة فلول النظام المخلوع بالتزامن مع استمرار الاشتباكات الحادة على في مناطق الساحل، داعيا في الوقت ذاته قوى الأمن إلى عدم السماح بالتجاوز برد الفعل.
وقال الشرع في كلمة مصورة تعليقا على التوترات في الساحل، إن "بعض فلول النظام الساقط سعى لاختبار سوريا الجديدة التي يجهلونها"، مشددا على أن "سوريا واحدة موحدة من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها".
وأضاف أن "سوريا اليوم لا فرق فيها بين سلطة وشعب وهي تعني الجميع ومهمة للجميع"، لافتا إلى أنه "في حال مست محافظة سورية بشوكة تداعت لها جميع المحافظات لنصرتها وعزتها"، حسب تعبيره.
وعمت التظاهرات العديد من المدن السورية عقب مقتل عناصر من القوى الأمنية في كمائن نصبتها مجموعات مسلحة مرتبطة بالنظام المخلوع في ريف اللاذقية، في حين توافدت الأرتال العسكري إلى المنطقة لمؤازرة القوى الأمنية.
وذكر الرئيس السوري أنه "لا خوف على بلد يوجد فيه مثل هذا الشعب وهذه الروح".
وأردف الشرع مخاطبا "فلول" النظام في منطقة الساحل "أقول للفلول إننا قاتلناهم في معركة التحرير رغم حرصهم على قتلنا (...) نريد صلاح البلاد التي دمرتموها ولا غاية لنا بدمائكم".
وأشار الشرع إلى أن المجموعات المسلحة المرتبطة بالنظام المخلوع تبحث عن "استفزاز"، داعيا إياها إلى "المبادرة بإلقاء السلاح".
وتابع بالقول إن "الفلول ما زالوا على جهلهم وأنتم بفعلكم الشنيع اعتديتم على كل السوريين"، وتعهد الشرع بملاحقة "فلول النظام الساقط ومن ارتكب منهم جرائم بحق الشعب"، مشددا على عزمهم تقديم هذه المجموعات المسلحة التي "تصر على الاعتداء على الشعب إلى محكمة عادلة".
وتوجه الشرع إلى الجيش السوري وقوات الأمن مباركا ما قال إنه "التزامهم بحماية المدنيين وسرعتهم بالأداء"، متعهدا بالحفاظ على السلم الأهلي في سوريا.
وقال الرئيس السوري إن "ما يميزنا عن عدونا هو التزامنا بمبادئنا. وسنستمر بحصر السلاح بيد الدولة ولن يبقى سلاح منفلت في سوريا"، مؤكدا أن "كل من يتجاوز على المدنيين سيحاسب حسابا شديدا".
وأضاف أن "أهلنا في الساحل في أماكن الاشتباك جزء مهم من وطننا وواجبنا حمايتهم"، مشيرا إلى أنه "رغم ما تعرضنا له من غدر فإن الدولة ستبقى ضامنة للسلم الأهلي".
وطالب جميع القوى التي التحقت بأماكن الاشتباك بالانصياع لأوامر القادة العسكريين، مشددا على ضرورة إخلاء المواقع فورا لضبط التجاوزات الحاصلة.
وختم الرئيس السوري كلمته بالتشديد على أن "سوريا سارت إلى الأمام ولن تعود خطوة واحدة إلى الوراء"، حسب تعبيره.
ولليوم الثاني على التوالي، تتداعى قوات أمنية وعسكرية من مناطق سورية عدة لدعم جهود التصدي للهجوم الواسع الذي تشنه مجموعات من فلول النظام المخلوع بمنطقة جبلة وريفها في محافظة اللاذقية.
والخميس، قتل وأصيب عدد من عناصر الأمن العام السوري، إثر هجمات متزامنة هي الأكبر منذ سقوط بشار الأسد نفذتها مجموعات مسلحة على نقاط وحواجز ودوريات في منطقة جبلة وريفها.
إثر ذلك، فرضت سلطات الأمن حظرا للتجوال في مدينتي اللاذقية وطرطوس حتى صباح غد السبت، وبدأت عمليات تمشيط بمراكز المدن والقرى والبلدات والجبال المحيطة.
من جانبه، قال العقيد حسن عبد الغني المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية، إن وزارته قامت بتنفيذ "عمليات تطويق محكمة ما أدى إلى تضييق الخناق على العناصر المتبقية من ضباط وفلول النظام البائد، فيما تستمر القوات في تقدمها وفق الخطط العملياتية المعتمدة".
وتابع: "تواصل قواتنا التعامل مع ما تبقى من بؤر للمجرمين، ونقوم بتسليم جميع المتورطين إلى الجهات الأمنية المختصة لضمان محاسبتهم وفق القانون".
وطلب عبد الغني من الأهالي "الذين هبّوا لمؤازرة إخوانهم" للعودة إلى مناطقهم، مؤكدا أن "الأوضاع تحت السيطرة الكاملة والعمليات مستمرة".
وقالت الوكالة السورية الرسمية "سانا"، إن عمليات تمشيط واسعة بدأت في مراكز المدن والقرى والبلدات والجبال المحيطة.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: سوريا دمشق طرطوس الاسد الشرع النظام المخلوع الرئیس السوری فلول النظام
إقرأ أيضاً:
ضم المقاتلين الأجانب للجيش السوري من الرفض إلى الترحيب الأميركي
وافقت الإدارة الأميركية على خطة للحكومة السورية تقضي بضم آلاف المقاتلين الأجانب الذين شاركوا في القتال ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد إلى الجيش الجديد، وذلك بعدما كان إبعاد هؤلاء المقاتلين أحد الشروط الرئيسية لواشنطن مقابل الانفتاح ورفع العقوبات عن دمشق.
وبحسب ما نقلت وكالة رويترز عن مبعوث الرئيس الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، فإن هناك "تفاهما وشفافية" بين الولايات المتحدة وسوريا حول خطة للسماح لحوالي 3500 من المقاتلين الأجانب، معظمهم من الإيغور ودول الجوار، بالانضمام إلى الفرقة 84 من الجيش السوري.
واعتبر باراك أيضا أنه من الأفضل ضم هؤلاء المقاتلين ضمن مشروع للدولة بدلا من إقصائهم، في عدول واضح عن شرط أميركي سابق في هذا الصدد، فما أبرز ملامح هذه الخطة؟ وكيف أقنعت دمشق واشنطن باحتواء المقاتلين الأجانب بدلا من إبعادهم؟
لا توجد أرقام رسمية حول عدد المقاتلين الأجانب الذين لا يزالون في سوريا، وقد قاتل معظمهم تحت لواء هيئة تحرير الشام التي قادت معركة إسقاط النظام السابق في دمشق.
وسبق أن صرح الرئيس السوري أحمد الشرع أن معظم هؤلاء اندمجوا في المجتمعات المحلية وخاصة في شمال غرب البلاد وتزوجوا من سوريات وأنجبوا أطفالا، وأعلن مرارا بأنهم ينظرون في تجنيس هؤلاء أو من تنطبق عليهم شروط يفرضها القانون بعد إقرار دستور جديد للبلاد.
وللإشارة فإن تصريحات الشرع جاءت خلال زيارته الأخيرة إلى باريس، وأثناء المؤتمر الصحفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لم يطالب في المؤتمر نفسه بالمطلب الأميركي، وهو ما عده مراقبون تأكيدا ضمنيا لمطالبات أوروبية معاكسة تقضي بإبقاء المقاتلين الأجانب وعدم السماح لهم بالعودة إلى بلدانهم الأصلية.
إعلانوأوضح الشرع أن الحكومة السورية تضمن لجميع دول العالم، أن المقاتلين الأجانب الذين بقوا في سوريا لن يشكلوا خطرا على أي من الدول المجاورة، ولن يُلحقوا الضرر ببلدانهم التي جاؤوا منها.
وأثير هذا الملف الحساس لأول مرة بعد صدور قرار بترفيع عدد من الضباط المشاركين في غرفة إدارة العمليات العسكرية التي قادت معركة إسقاط النظام في ديسمبر/كانون الأول الماضي ليشكلوا نواة لأركان الجيش الجديد، 6 من بينهم أجانب، وهذا أثار قلقا داخليا وخارجيا حول هذه الخطوة تحديدا.
وفي أول اتصال دبلوماسي مباشر بين إدارة ترامب والحكومة السورية، سلمت ناتاشا فرانشيسكي، نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون بلاد الشام، وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قائمة بشروط تريد من دمشق الوفاء بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، منها ضمان عدم تولي أجانب مناصب قيادية في الحكومة والجيش.
وفي وقت لاحق، من أواخر أبريل/نيسان الماضي، ردت الخارجية السورية كتابيا على قائمة الشروط الأميركية، قائلة إنها طبقت معظمها لكن البعض الآخر يتطلب "تفاهمات متبادلة" ونقاشات أوسع مع واشنطن بينها ملف المقاتلين الأجانب الذين تم تعليق إصدار الرتب العسكرية لهم، وفقا لنسخة من الرسالة اطلعت عليها "رويترز".
ومنذ الكشف عن الرد السوري، لم تعلق واشنطن على هذه القضية، لكن نهج واشنطن الحذر بشكل عام تجاه سوريا شهد تحولا كبيرا منذ زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط الشهر الماضي.
وقال مصدران مقربان من وزارة الدفاع السورية لرويترز إن الشرع والمقربين منه حاولوا إقناع مفاوضين غربيين بأن ضم مقاتلين أجانب إلى الجيش سيكون أقل خطورة من التخلي عنهم، الأمر الذي قد يدفعهم إلى الانضمام مجددا لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية.
توازن حرجيقول جيروم دريفون، المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية إن الحكومة السورية حاولت عزل المقاتلين الأجانب، لكنها تواجه مشكلة حقيقية في تنفيذ المطلب الأميركي، وتحديدا في تعريف من هم "الإرهابيون"، وحتى إذا تم طردهم فإن بلدانهم لا تريد عودتهم.
إعلانوأفادت واشنطن بوست بأن الأكثر تشددا من بين المقاتلين الأجانب بدؤوا يصبون جام غضبهم على "رفيق سلاحهم السابق"، وذلك بسبب عدم فرضه الشريعة الإسلامية في سوريا حتى الآن، ويزعمون أنه يتعاون مع الولايات المتحدة والقوات التركية لاستهداف الفصائل المتطرفة.
ونقلت عن أحد المقاتلين الأوروبيين -الذي تحدث في مقابلة أُجريت معه في مدينة إدلب الشمالية شريطة عدم الكشف عن هويته- قوله إن "الجولاني يهاجمنا من الأرض، وأميركا من السماء"، مستخدما الاسم الحركي لأحمد الشرع عندما كان يقاتل النظام السابق.
ونسبت الصحيفة إلى محللين سياسيين ومقاتلين أن حكومة دمشق أمرت الأجانب بالتواري عن الأنظار وعدم التحدث علنا، في حين يعمل الشرع جاهدا لتحقيق توازن يبدو صعبا.
وأشارت إلى أن مراسليها التقوا -في 3 مناسبات منذ سقوط الأسد- مقاتلين أجانب في عدة مناطق من البلاد. ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، كان مقاتلون أتراك متمركزين في الطريق المؤدية إلى مدينة حماة وسط البلاد، حيث مقام الإمام علي زين العابدين، بينما كان مقاتلون عراقيون يجوبون المدينة على أنهم سياح.
وفي مارس/آذار الماضي، كان مقاتلون من آسيا الوسطى يسيطرون على نقطة تفتيش في الطريق إلى جبل قاسيون الشهير في دمشق، ثم في أوائل مايو/أيار الماضي، اختفى جُلّهم من نقاط التفتيش وشوارع وسط وجنوب سوريا على الأقل.
في 17 من مايو/أيار الماضي، أعلن وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، مهلة 10 أيام للفصائل العسكرية التي لم تنضوِ بعد ضمن هيكلية وزارة الدفاع الجديدة.
ومع اليوم الثالث من مهلة العشرة الأيام، قرر الحزب الإسلامي التركستاني، المؤلف في غالبية أفراده من الإيغور الصينيين حل الحزب والانضمام إلى وزارة الدفاع وفق شروطها. وقال عثمان بوغرا، وهو مسؤول سياسي في الحزب الإسلامي التركستاني، لرويترز في بيان مكتوب، إن الجماعة حلّت نفسها رسميا واندمجت في الجيش السوري.
إعلانوأضاف أن الجماعة تعمل حاليا بالكامل تحت سلطة وزارة الدفاع، وتلتزم بالسياسات المتبعة في البلاد، وتحافظ على عدم الارتباط بأي كيانات أو جماعات خارجية.
وأصدر وزير الدفاع أبو قصرة، يوم الجمعة الفائت 30 مايو/أيار، لائحة للعاملين في الجيش والقوات المسلحة خاصة بالسلوك والانضباط، وهي، بحسب ما نقل موقع "الحل نت" المحلي عن مسؤول سوري، موجهة بالمقام الأول للعناصر الأجنبية في الجيش، لضمان تطويع هؤلاء المقاتلين والتزامهم بأوامر القيادة.
ووفقا للمصدر نفسه، فقد تم تشكيل الفرقة 84 قوات خاصة بقيادة كل من عبد العزيز داود خدابردي، المعروف باسم أبو محمد تركستان، وعمر محمد جفتشي المعروف باسم مختار التركي، وذو القرنين زنور البصر عبد الحميد، الملقب بعبد الله الداغستاني، وهو قائد جيش المهاجرين والأنصار.
وحول تعدادها، يقول المسؤول العسكري السوري إن "الفرقة 84 قوات خاصة" سيكون تعدادها 30 ألف مقاتل، ومقرها الرئيسي الكلية البحرية في محافظة اللاذقية، وسيكون انتشارها في شمال غربي سوريا. وتتألف من 6 ألوية عسكرية مختصة، لواء مدرعات ولواءي "قتال جبال" ولواء مداهمة ولواء مدفعية، إضافة إلى لواء "حرب شوارع".
ردود فعل السوريينوتباينت ردود أفعال السوريين من أنباء دمج آلاف المقاتلين الأجانب في الجيش ومنحهم في نهاية المطاف الجنسية السورية، فبينما أبدى البعض تخوفا من تأثير ذلك على توجهات الجيش والواقع الديمغرافي في البلاد، لا سيما في ظل مزاعم حول صلتهم بأحداث قرى الساحل السوري، برز تيار أوسع يبدي تقبلا واضحا لخطط الحكومة حول هذه القضية.
الصحفي السوري المقيم في تركيا، نضال معلوف، وهو رئيس تحرير موقع سيريا نيوز، اعتبر أن الموافقة على ضم 3500 مقاتل أجنبي إلى صفوف الجيش السوري "أمر خطير وغير مقبول، إن كانت الولايات المتحدة واقفت أم لم توافق، هذا ليس شأنها".
إعلانوأضاف، في منشور على صفحته في فيسبوك: "أرى أنه تجاوز لصلاحيات الحكومة الانتقالية لا يمكن السكوت عليه، لأن هذا سيؤثر على مستقبل كل السوريين ويهدد أمنهم في الداخل ويؤثر على علاقاتهم مع الخارج".
وفي منشور آخر، كتب معلوف "يمكن أن يتم تفهم القرار بأنه ضرورة تكيتيكية لدفع خطر إستراتيجي.. ولكن يجب أن نحذر بأن الجرائم التي ارتكبتها بعض عناصر الفصائل الأجنبية في الماضي، كانت توجه التهم وقتها لفصائل منفلتة واليوم بعد الدمج (…) أي تجاوز وأي جريمة ستقوم بها عناصر أجنبية، سيوجه الاتهام مباشرة إلى وزارة الدفاع وإدارة الرئيس الشرع".
في المقابل، اعتبر الباحث والسياسي السوري، ومدير موقع الذاكرة السورية، عبد الرحمن الحاج، أن قرار ضم المقاتلين الإيغور (التركستان) إلى الجيش طبيعي، اعترافا بإسهاماتهم في عملية ردع العدوان، إضافة إلى أنه مبني على وجهة نظر سياسية منطقية.
ولفت إلى أن تعداد المقاتلين وهو نحو 3500 لا يشكل أي تغيير ديمغرافي، مؤكدا أن المنتقدين لهذا القرار لم يطلعوا على الأرجح على التجارب العالمية مع المقاتلين الأجانب في حالات شبيهة.
من جهته، اعتبر ياسر العيتي، رئيس تيار سوريا الجديدة، أنه لا مبرر لتخوف البعض من الخطوة طالما كانت العقيدة القتالية للجيش الجديد ملتزمة بالوطنية السورية والدفاع عن السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم وعدم التعدي على الحقوق والكرامات كما جاء في "لائحة قواعد السلوك والانضباط العسكري" التي أصدرتها وزارة الدفاع مؤخرا.
ويقول الخبراء في الجماعات الإسلامية إن المقاتلين بشكل عام أصبحوا أقل تطرفا بمرور الوقت، ويرى العيتي أن تجنيس المقاتلين الأجانب وإلحاقهم بالجيش السوري الجديد هو "الخيار الأفضل، وكان المعيق الأكبر رفض الدول ويبدو أنه زال بفضل جهود الحكومة".