"أليلا حينو".. الجمال المُمتد على سواحل مرباط يمنح زائريه متعة الاستجمام
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
الرؤية- أحمد الجهوري
"مرباط أنشودة التاريخ والأدب ومربط الخيل في الأزمان والحقبِ".. هكذا استقبلتني بوابة ولاية مرباط بنسماتها الباردة وكأنها تهمس لي بأغنية الفنان الراحل سالم علي سعيد (عِشْ سعيد).. كانت المدينة القابعة على ضفاف شاطئ بحر العرب في ظفار على بعد 76 كيلومترًا من ولاية صلالة، تأسرك من أول وهلة بجمالها في عناق بين هضاب اليابسة والبحر يحتضن بين جنباته تاريخ ضارب في عمق الحضارة، ما دعاني للوقوف متأملا مشهد الطبيعة ورفعت الكاميرا لا إراديا والتقطت صورة بانورامية للمكان وأرسلتها في رسالة لأصدقائي من أرض اللبان حتى تساقطت على هاتفي ردود تعكس حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي يمتاز بها أهل ظفار، ثم انطلقنا صوب "منتجع أليلا حينو" مرباط المطل على سحر من الشواطئ الحالمة ، كان المنتجع يمزج بين عمارته الفريدة والبيئة العمانية وطقس الخريف، وخلافاً لكل الأمكنة كانت الأمواج هادئة ويُسيطر على المكان حالة من السكينة التي ينشدها السائح والباحث عن المتعة والاسترخاء والاستمتاع بالعطلات الطويلة.
وعندما وصلت على مقربة من المنتجع في مرباط تفاجأت بموقعه الاستراتيجي الذي يشكل إضافة جديدة للمقومات السياحية في ظفار حيث البيئة هناك تتفرد بتكوينات جغرافية متنوّعة بين الجبال الشاهقة، والسواحل الرملية، والأودية المُنسابة، والصحاري الذهبية، لتوفّر جميعها حافزًا للسياح لقضاء أوقات سعيدة.
وفي مدخل المنتجع استقبلني خوان باولو ألفونسو المدير العام للمنتجع بابتسامة عريضة قائلا: "مرحبًا بالإعلام العماني وفي صدارته جريدة الرؤية.. ونحن هنا لتقديم خدمة استثنائية لضيوف المنتجع وضمان قضاء ليالٍ فريدة من نوعها لما نتميز به من تنوع في مرفقات جذابة صممت خصيصًا لراحة الضيوف من حيث تعدد أنواع الغرف الواسعة والفيلات الفسيحة المُجهزة بمسابح خاصة وحوض استحمام خارجي هادئ. ويمكن للضيوف أيضًا تناول العشاء المحضرة بالمنتجات والمكونات المحلية الطازجة في مطعم "سي سولت Sea Salt " ومطعم "ذي أورتشارد The Orchard"، واهتم المنتجع على توفير الخيارات الترفيهية للعوائل الأطفال بتوفير "نادي للأطفال Kids Club" والذي يتيح للأطفال قضاء أوقات شيقة مع مجموعة من الألعاب الإلكترونية والترفيهية، كما يقدم المنتجع الصحي "أليلا سبا" الفاخر، جلسات وعلاجات مميزة باستخدام أجود أنواع اللبان.
وما أن سرت مشياً من صالة الاستقبال حتى الفيلا المخصصة لإقامتي حتى وجدت نفسي أمام زوايا متناهية الجمال تدفعك جبرا لالتقاط صورة لها، وعند وصولي إلى الفيلا استقبلتني روائح اللبان التي تعطر جوانب الفيلا والتي صممت بطراز مزج فخامة وحداثة القصور، وجهزت بحوض سباحة خاص تغطس فيه وكأنك تغطس في مياه المحيط الصافية والنقية.
وتجولت داخل المنتجع فوجدت الكثير من الخدمات والأنشطة المتوفرة بأحدث التقنيات وأفضل الخدمات على أيدي متخصصين يقدمها المنتجع بالمجان على مدار الأسبوع، فضلاً عن خدمة (السبا) المجهزة بركن خاص بتصميمه الفريد والمُبهر والذي يقدم فيه فريق متكامل مختلف خدمات الراحة والاسترخاء خلال اليوم، كما أن مطعم البستان المستوحى من طريق خط اللبان وهو مطعم فاخر خمسة نجوم يقدم وجبات عالمية ومحلية وخاصة وجبات البحارة العمانيين والتجار من حول العالم التي كانت تتسم بخصوصية بيئية وروح التقاليد العمانية الخاصة فضلاً عن الرياضات البحرية الشهيرة مثل السباحة الحرة والتجديف وركوب الأمواج.
هناك شعرت بالاسترخاء والصفاء والخصوصية بما يتناسب مع العادات والتقاليد العُمانية فتصميمه المعماري يتفاعل مع الطبيعة ومساحته الواسعة تمنح الإحساس بالراحة والطمأنينة والإطلالة البحرية المدهشة تملأ الصدور بالهواء المنعش واليود النقي، ويضم المنتجع 112 وحدة فندقية ومرافق سياحية مُتنوعة تسهم في إثراء التجارب السياحية، تشتمل على فلل راقية ومجهزة بجميع الخدمات، إضافة إلى مجموعة من المرافق الترفيهية لضمان تجربة مميزة للنزلاء تشتمل على مجموعة من المطاعم وبرك للسباحة ومرافق مخصصة للأطفال، ولا يكتفي منتجع أليلا حينو مرباط بتقديم خدمات حجوزات فندقية فقط، بل يمنح زائريه تجربة سياحية مُتكاملة تشمل خدمات متنوعة، منها: أسواق تراثية موسمية تشمل الحرف المحلية والموسيقى، وأنشطة للغطس والغوص في أعماق المياه، ويتيح للزائرين مشاهدة الطيور المهاجرة، وطيور النعام، والغزلان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بولونيزكوي.. قرية بولندية تتحول إلى أبرز الوجهات السياحية في إسطنبول
على أطراف مدينة إسطنبول التركية، تلوح للناظرين قرية "بولونيزكوي" كاستراحة هادئة تجمع بين الطبيعة وتاريخ يعود إلى قرابة 180 عاما، حينما أسسها مهاجرون بولنديون في منتصف القرن الـ19.
ومنذ ذلك الوقت، ظلت القرية ملاذا للراغبين في الابتعاد عن صخب المدينة، واستكشاف لمسات الثقافة البولندية بين أشجار الغابات.
وتقدّم القرية لزوارها مزيجا فريدا من هدوء الريف والطابع الأوروبي، مما جعلها على الدوام إحدى أبرز الوجهات لعشاق الهواء الطلق والباحثين عن تجارب ثقافية مميزة.
كنيسة ومقبرةعند مدخل بولونيزكوي، تطالع الزائرين معالم بارزة، أبرزها كنيسة القرية، والمقبرة الكاثوليكية، ومنزل "الخالة زوشيا" التذكاري، إلى جانب ميدان تتجاور فيه الأعلام التركية والبولندية.
كما تتمركز في المدخل لوحات تروي قصة تأسيس القرية، إضافة إلى ختم عثماني، وتمثال نصفي لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك.
ووفق المعلومات المتوافرة في المراجع التاريخية وشهادات السكان، فقد أسس الأمير البولندي آدم تشارتورسكي عام 1841 ممثلية لبلاده في إسطنبول، ثم اجتمع على أراضي القرية جنود بولنديون قاتلوا إلى جانب الدولة العثمانية في حرب القرم.
وبعد انتهاء الحرب عام 1856، استقر الجنود مع عائلاتهم وأطلقوا على المكان اسم "أدامبول" أي "حقل آدم"، ثم تغيّر الاسم رسميا عام 1923 إلى "بولونيزكوي" والتي تعني بالعربية (القرية البولندية).
ويسكن في القرية نحو 35 شخصا من أصول بولندية، ضمن تعداد يقارب 370 نسمة، في حين تحمل شوارعها وأحياؤها أسماء بولندية مثل "آدم ميكيفيتش"، بينما تحمل بيوت الضيافة أسماء قديمة مثل "فريدي"، و"لودفيك"، و"ليو".
ويقصد أهالي إسطنبول القرية في عطلة نهاية الأسبوع (السبت والأحد)، للاستمتاع بالغابات ومسارات المشي والنُزُل الريفية.
أما الإرث الذي حافظت عليه القرية، فهي أن مطاعمها تعنى بإعداد الأطباق البولندية، بينما لا يزال بعض كبار السن يتحدثون اللغة البولندية القديمة المتوارثة عن الأجداد.
إعلانوتزداد الحركة في القرية خلال عيد الميلاد الذي يوافق 25 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، حيث تزيّن العائلات منازلها ومحالها التجارية، وتُحضَّر مأكولات خاصة بالمناسبة، في مشهد يعكس امتزاج الهوية البولندية بالبيئة التركية.
من جانبه، يقول مختار القرية أوزر أوقوموش -الذي انتقل إليها بعمر 7 سنوات بعد تعيين والده معلما فيها- إن المنطقة من أجمل أماكن إسطنبول، فالهواء نقي والطبيعة ساحرة، ويأتي الناس للإفطار والتنزه.
ويضيف أن "القرية جميلة في كل الفصول، حتى شتاؤها يتحول إلى لوحة خيالية عندما تتساقط الثلوج".
ويشير إلى أن القرية "تضم نماذج من العمارة البولندية الخشبية، رغم التغييرات التي طرأت على بعضها عبر السنين".
ويتابع مبتسما: "بينما يكبر أطفال الأناضول مع أحمد وعلي، أنا كبرت مع أعمام بأسماء مثل أوليغ، وإيدِك، وفِينتشو، واليوم يواصل دانييل وبولِك وفريدي الحفاظ على هذا التراث".
ومتحدثا عن مهرجان الكرز الذي يقام صيفا بالقرية، يقول المختار إنه "يجذب فرق رقص فلكلورية من بولندا، ويقدم تجربة خاصة إلى الزائرين".
من جهتها، تقول آنا فيلكوشيفسكي، إحدى أقدم أهالي بولونيزكوي، إن القرية كانت في السابق أكثر اكتظاظا بالبولنديين، لكن كثيرين منهم غادروها مع مرور السنوات.
وتضيف فيلكوشيسفكي "عشنا أياما صعبة هنا، لكن أجمل ما في حياتنا أننا احتفظنا بروح القرية، حيث كنا نبيع الزبدة والبيض في إسطنبول، ونزرع الحقول، ونقيم المسرحيات القديمة التي كانت جدّاتنا تُخرجها وتقدمها".
وتؤكد أن "العائلات التي تزور القرية الآن تدرك قيمتها أكثر من أي وقت مضى، فالحياة الثقافية والاحتفالات ما زالت مستمرة كما كانت في الماضي".
أما أنتوني دوهودا، وهو من الجيل السادس ويدير مطعما في منزل بولندي قديم ورثته عائلته، فيقول إن "قصة القرية أصبحت مصدر فضول للناس".
ويضيف دوهودا: "عاش أجدادنا هنا محافظين على تقاليدهم، فصار المكان محط اهتمام الزوار، وكأنهم يكتشفون بولندا صغيرة داخل إسطنبول".
وعن تاريخ المطعم، يقول: "بدأت استضافة الزوار في غرف هذا المنزل، الذي تحول مع الزمن إلى مطعم وفندق صغير".
وفي العقد الأول من الألفية أصبحت القرية في ذروة شهرتها، تستقبل آلاف الزوار في عطلة نهاية الأسبوع، وفق دوهودا الذي يوضح أن "سكان القرية البولنديين يشعرون بسعادة كبيرة عندما يعرفون الزوار بهويتهم".
ويرى أن "هذه الطريقة تعتبر الأمثل للحفاظ على إرث الأجداد".
ويقدّم دوهودا في مطعمه وجبات بولندية قديمة وتقليدية ورثها عن جدته، إلى جانب أطباق تركية.
ويشير إلى أن "جميع أصحاب المتاجر في القرية من أصول بولندية، والزائر سيشتم رائحة بولندا في كل زاوية".
إعلانواستذكر بفخر الزيارة التي أجراها أتاتورك عام 1937 إلى منزل جدته "زوشيا"، والذي تحول اليوم إلى بيت تذكاري للقرية (متحف صغير).
وفي ما يتعلق بالتعايش، يقول: "المسلمون والمسيحيون هنا يعيشون بسلام كامل، حيث نصلي الجمعة في المسجد، وتقام العظة مساء السبت في الكنيسة. نحن عائلة واحدة".
سائح بولنديأما السائح البولندي زجيسلاف جيداشيفسكي، الذي يزور تركيا برفقة عائلتين، فيقول إنه جاء لرؤية القرية من جديد بعد 15 عاما، ليجد أنها لا تزال تحتفظ بسحرها.
ويضيف السائح أن "تركيا بلد رائع، والبولنديون يزداد فضولهم تجاهها، حيث جئنا لزيارة القرية ولقاء سكانها الذين التقيناهم قبل 15 عاما".
وختم حديثه بالقول: "بين الغابات الكثيفة والبيوت الخشبية والأعلام البولندية، تظل بولونيزكوي قصة استثنائية لقرية استطاعت الحفاظ على روحها البولندية، في واحدة من كبرى مدن العالم، فصارت وجهة للباحثين عن الطبيعة، والتاريخ، وهدوء لا مثيل له".