ألقت جامعة روتشستر للتكنولوجيا في دبي الضوء على الأسباب الكامنة وراء التحول اللغوي للغة العربية، وكيف يمكن الحفاظ على اللغة الأم في دولة الإمارات بين الأجيال القادمة وذلك مع تزايد عدد الوافدين العرب في الدولة الذين يعتمدون اللغة الإنجليزيـــة كلغة أساسية للتواصل.

وتقول الدكتورة ريم رازم، الأستاذة المساعدة في الأنثروبولوجيا جامعة روتشستر للتكنولوجيا في دبي ، إن الأداة الأساسية للحفاظ على اللغة العربية تتمثل في سياسة اللغة العائليــــة (الشراكــــة العائلية المحدودة)، وهي عبارة عن نهج تصاعدي من أسفل إلى أعلى، إذ يمكن أن تــــؤدي التغييرات الصغيرة في المنازل والمجتمعات إلى تحول مهم في التواصل المجتمعي.

يلعب الأهــــل دور المحفز للتغيير المجتمعي غير الرسمي، في حين أنّ اللغة الأم تخلق صلة حيوية بين النسل وآبائهــــم، وتربط الأجيال بماضيهم ومستقبلهم.

وشرعت الدكتورة رازم في إجراء دراسة لاستكشاف مدى انتشار التحدث باللغة الإنجليزية لدى الجيل الثاني من العائلات العربية، مستلهمةً لهذا الغرض من ملاحظتها لأبنائها خلال جائحة كوفيد-19.

وأوضحت رازم، وهي مغتربة أردنية وأم باحثة: “لدي 3 أبناء يجيدون لغتين، وعندما اضطررنا للبقاء في منازلنا بدأت أتساءل عن سبب تحدث أبنائي باللغة الإنجليزية مع بعضهم البعض وأحيانًا يردون بالإنجليزية عندما أخاطبهم باللغة العربية. تطور هذا الأمر إلى مشروع بحثي ذاتي حيث قمت بتصوير محادثات أولادي أثناء فترة التباعد الاجتماعي. وقد كشف ذلك أنّ 30-40% من حديث أبنائي كان باللغة الإنجليزية، في حين أنّ المحادثات بيني وبين زوجي وعند مخاطبة أبنائنا كانت باللغة العربية بنسبة 90-95%”.

وتابعت رازم: “ثم استكشفت سبب استخدامهم للغة الإنجليزية في المحادثة في المنزل. عادةً ما كان ذلك للحديث عن القضايا المتعلقة بالتعلم عبر الإنترنت؛ ففي كل موضوع يتعلق باللغة الإنجليزية مثل القضايا المتعلقة بالتكنولوجيا، كانوا يتحولون إلى اللغة الإنجليزية. كان الاتجاه الثاني مثيرًا للاهتمام، لأنه في كل ما يتعلق بالترفيه، كانوا يتحولون إلى اللغة الإنجليزية أيضًا. سواء كانت الموسيقى، أو الأفلام، أو المسلسلات التي أرادوا التحدث عنها، كانوا يتحولون على الفور إلى اللغة الإنجليزية. وهذا يعني أنهم لم يكن لديهم الكلمات العربية لمناقشتها”.

ووسّعت الدكتورة رازم نطاق بحثها ليشمل مجتمع المغتربين الأردنيين الأوسع نطاقًا لاستكشاف ما إذا كانت العائلات الأخرى تشهد الظاهرة نفسها.
وأوضحت: “أنا جزء من مجموعة على وسائل التواصل الاجتماعي للأمهات الأردنيات في الإمارات العربية المتحدة، حيث لاحظت الكثير من المنشورات التي تتطرق إلى التحول اللغوي، وعدم رضا الآباء والأمهات وإحباطهم من فقدان اللغة العربية، وعدم فهم أطفالهم للغة العربية أو تقديرهم لها. كانت غالبية المنشورات حول هذا الموضوع تسعى للحصول على نصائح حول كيفية غرس حب اللغة العربية وتنشيط اللغة العربية والحفاظ عليها في تربية أطفالهم وتشجيعهم على استخدام اللغة العربية في المنزل وفي مجتمعاتهم”.

ووجدت الدكتورة رازم أنّ هناك عددًا من القضايا التي تؤثر على مهارات الكتابة والقراءة باللغة العربية، بما في ذلك التحول إلى اللغة الإنجليزية كوسيلة للتعليم في المدارس والجامعات، مما يعني أنّ اللغة الإنجليزية أصبحت لغة التواصل والتعليم.
وأشارت أيضًا إلى تصرفات صغيرة غير واعية، مثل اختيار اللغة الإنجليزية على العربية في أجهزة الصراف الآلي، والتي ساهمت في انخفاض استخدام اللغة العربية.

وخلصت الدكتورة رازم إلى أنّ “هناك تقاطع بين دور الوالدين في المنزل ودور المجتمع المباشر، ثم الدور الحاسم للتعليم المدرسي. نحن بحاجة إلى اتخاذ خيار واعٍ للحفاظ على اللغة من خلال نهج تصاعدي من القاعدة إلى القمة. الأسرة هي نواة للتغيير الاجتماعي واتخاذ خطوات صغيرة لزيادة الوعي وممارسة اللغة العربية يمكن أن يساعد في خلق حركة واسعة النطاق. وعلى غرار تأثير الفراشة، حيث يمكن أن تؤدي رفرفة أجنحة صغيرة على ما يبدو إلى نتائج بعيدة المدى، فإنّ القرارات التي يتخذها الآباء والأمهات يوميًا، مثل اللغة التي يختارون التحدث بها في المنزل، والمدارس التي يختارونها، والممارسات الاجتماعية والثقافية اليومية التي يؤكدون عليها، تحمل القدرة على عكس التحول اللغوي والحفاظ على اللغة العربية كحجر زاوية للهوية والتراث”.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

نائب بولندي ينتقد موقف بلاده من جريمة الابادة التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة

الثورة نت/وكالات انتقد رئيس لجنة الصداقة البرلمانية مع الشعب الفلسطيني النائب في البرلمان البولندي، ،ماتشي كونيتشني، موقف بلاده من جرائم الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة . وقال كونيتشني خلال جلسة برلمانية الجمعة : “إن دولا عديدة بدأت تطالب بفرض عقوبات على “إسرائيل”، حيث أن رئيس الوزراء الإسباني دعا إلى تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و”إسرائيل” ، لافتا الى أنه “في المقابل، يعرب نائب رئيس الوزراء البولندي، وزير الخارجية ،رادوسواف شيكورسكي، عند حدود “القلق” فحسب، كما يوقّع وزير الدفاع البولندي، نائب رئيس الوزراء فواديسواف كوشنياك-كاميش، اتفاقيات عسكرية جديدة مع “إسرائيل””. وأضاف كونيتشني أمام البرلمان قائلا :” نائب رئيس الوزراء، في عهد حكومتكم تخفي بولندا عار التعاون مع نظام إجرامي، ولا تتحرك إزاء جريمة الإبادة المستمرة، وما يُعدّ واجبًا تجاه روسيا، يجب أن يكون كذلك تجاه “إسرائيل””. وأكد النائب البولندي ، أن :” “إسرائيل” تواصل حرب الإبادة التي ترتكبها في قطاع غزة أمام أعين العالم، وتتعمّد تجويع الفلسطينيين، في وقت تقف فيه مئات الشاحنات المحمّلة بالمواد الغذائية على الحدود دون السماح بدخولها”. وأضاف :” أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يطلق النار على الجائعين المتجمّعين أمام مراكز توزيع الغذاء. (يُقتلون، ويُجَوَّعون، ويُصابون، وسط صمت العالم) حيث ان مئات الآلاف من الأطفال الجرحى والجائعين ينتظرون الغذاء والأمان، بينما نحن نراقب ونتابع جرائم غير مسبوقة يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي” . وأكد كونتشني أن الحقائق والوقائع لا يمكن إنكارها” متسائلا : أين هي العقوبات على “إسرائيل”؟ ومتى ستبدأ بولندا بملاحقة مجرمي الحرب؟.

مقالات مشابهة

  • “مجموعة لاهاي” تفضح المشاركة العربية في إبادة غزة
  • مهرجان جرش يخلّد سيرة الباشا مأمون خليل حوبش في جلسة “بانوراما رجالات جرش”
  • تعاون بين مصر الخير والثقافي البريطاني لتنظيم دورات في اللغة الإنجليزية
  • حشيشي: “المولودية تكتب تاريخها بأحرف من ذهب وهدفنا الحفاظ على لقب البطولة”
  • اللغة التي تفشل
  • وزير التربية: نواصل تطوير “التوجيهي” ليصبح إلكترونيًا بالكامل
  • بانكوك تستضيف مؤتمرا دوليا لتعزيز مكانة اللغة العربية
  • نائب بولندي ينتقد موقف بلاده من جريمة الابادة التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة
  • تحذير هام بشأن واقيات الشمس التي تستخدم “مرة واحدة في اليوم”
  • مركز اللغة المهرية بجامعة المهرة ينظم حلقة نقاش عن أهمية الحفاظ على المخطوطات والوثائق المهرية