أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، أن الفتوى يجب أن تكون مبنية على التيسير والرفق بالمستفتي، انطلاقًا من تعاليم الشريعة الإسلامية التي جاءت لرفع الحرج عن الناس، مستشهدًا بقول الله تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج"، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه".

وأوضح مفتي الجمهورية السابق، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن التيسير في الفتوى لا يعني التساهل أو التهاون، بل هو توجيه المستفتي إلى الطريق الصحيح مع مراعاة حاله وظروفه، مشددًا على ضرورة التزام المفتي بالضوابط الشرعية، ومنها العلم العميق بأحكام الدين، والاستقامة والعدالة، وعدم التسرع في إصدار الفتاوى، خاصة في القضايا المستجدة التي تتطلب بحثًا دقيقًا واستشارة أهل الاختصاص.

شوقي علام: الإفتاء دون علم يضر بالمجتمع ويؤدي إلى انتشار الفوضىشوقي علام: من لم يدرس الخلافات الفقهية لا يعد عالمًاشوقي علام: الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان وفق ضوابط الشرعشوقي علام: الغلو والتشدد في الفتوى يقودان إلى العنف

وأضاف شوقي علام، أن المفتي يجب أن يراعي العرف والعادات التي لا تتعارض مع الشريعة، ويبحث عن البدائل الشرعية للأمور المحرمة، مع مراعاة تغيّر الواقع والزمان والمكان في اجتهاده.

وشدد مفتي الجمهورية السابق، على أن منهج التيسير هو النهج الذي اتبعه علماء الأمة عبر العصور، وهو الذي يحقق مصالح العباد في دينهم ودنياهم، داعيًا إلى اعتماد هذا المنهج بما يحقق الاستقرار المجتمعي ويجنب الناس الوقوع في الحرج والتكليف بما لا يطيقون.

المفتي السابق: الوسطية في الفتوى ضرورة شرعية

وكان الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، قال إن الوسطية في الفتوى ضرورة شرعية للحفاظ على مقاصد الشريعة ومصالح الناس، لافتًا إلى أن تحقيق الوسطية يتطلب عدة ضوابط وشروط أساسية.

وأوضح "علام"، فى تصريح تليفزيوني، أن الفتوى المنضبطة لا تخرج إلا من أهل العلم الموثوق بهم، فليس كل من ادعى العلم يكون مؤهلًا للإفتاء، بل يجب أن يكون عالمًا متخصصًا، امتثالًا لقول الله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".

وأشار إلى أهمية أن يكون المفتي تقيًا يخشى الله في أقواله وأحكامه، لأن الخوف من الله يضمن العدل والإنصاف في الفتوى، كما أن المستفتي ينبغي أن يكون هدفه معرفة الحكم الشرعي بصدق، وليس التعنت أو الجدال. 

ونوه بأن إخلاص النية في الفتوى من الأمور الأساسية، فالمفتي الحقيقي هو من يبتغي توجيه الناس إلى الحق وإرشادهم إلى الصواب، بعيدًا عن السعي وراء الشهرة أو تحقيق مكاسب دنيوية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: شوقي علام مفتي الجمهورية السابق الفتوى الوسطية في الفتوى المزيد مفتی الجمهوریة السابق شوقی علام فی الفتوى

إقرأ أيضاً:

فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان

معايير الزواج لدى الشباب اليوم أراها قد اختلفت بعد أن كان الدين والأخلاق هما أهم المعايير في اختيار الزوجين، أرى أن المال هو المعيار الأساسي لدى الشباب اليوم، فما نصيحتكم وتوجيهكم؟

نعم، وهذا أمر للأسف الشديد منتشر شائع اليوم، ولعله في مجتمعاتنا صار أكثر انتشارًا، وهذا مخالف من الطرفين لما نجده في هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسنته، فإن رسول الله عليه الصلاة والسلام بيّن المعايير التي بها يُقبل الخاطب، قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، وقال: «إذا خطب إليكم الكفء فلا تردوه، فنعوذ بالله من بوار البنات».

وعلى هذا فإن الضابط الأول الذي يُقبل به الخاطب هو الخلق والدين، أن يكون ذا دين مستقيمًا، محافظًا على ما أمر الله تبارك وتعالى به، مؤديًا لحقوق الله عز وجل وحقوق العباد عليه، منتهيًا عما نهى الله عز وجل عنه، ثم أن يكون على خلق قويم، على أدب من هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأن صاحب الخلق والدين هو الذي سيحفظ للمرأة مكانتها وحقوقها، هو الذي سيقوم بشأن الأسرة وبشأن الأولاد من بعد، هو الذي سيعين المرأة أيضًا على دينها، وسيكون بارًا بها وبأهلها وذويها.

ومثل هذا يقال في حق المرأة، فإن التوجيه أيضًا للرجال أن يختاروا ذات الدين، حينما بيّن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما تُنكح من أجله المرأة ختم ذلك ببيان السبب الذي تُختار من أجله المرأة، فقال: «فاظفر بذات الدين تربت يداك»، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي باختيار المرأة ذات الدين والخلق لأنها ستكون عِرضه وزوجه، وستربي له ولده، وسينشئ معها الأسرة، ويريد المحضن الذي يسوده التواد والتفاهم فيما بينهما، وأن يحققا ما نصت عليه الآية الكريمة في قوله تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة».

فالواجب اليوم علينا جميعًا، على الشباب من الذكور والإناث وعلى أولياء الأمور، أن يصححوا هذه المفاهيم، وأن يرجعوا بالناس إلى هذه المراشد التي أقرتها الشريعة، أما المال، فإنه زائل، بل قد يكون سببًا للتعاسة، قد يتعالى صاحب المال على غيره، وقد يكون بخيلًا قتورًا لا ينفق، وقد يذهب عنه هذا المال بالكليّة، فكل هذه إنما هي عرض زائل، والواجب أن يتحرى كل واحد منهما الدين والخلق في صاحبه، لتسود بينهما المودة والرحمة، وينبغي إشاعة هذا الفهم وهذه الثقافة في مجتمعات المسلمين حيثما كانوا، والله تعالى الموفق.

المصلي إذا صلى صلاة رباعية، واصطف بجانبه شخص جاء مستدركًا أدرك آخر ركعتين مع الجماعة، وبعدما سلم الإمام قام هذا المستدرك لقضاء ما عليه، لكن لوحظ أنه قضى ركعة واحدة فقط، لعله نسيانًا أو سهوًا، هل يلزمنا أن ننبهه بأنه قد قضى ركعة واحدة وترك الركعة الأخرى الباقية عليه، أم لا نتدخل في شؤون الآخرين؟

الجواب باختصار نأخذه من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال: «وإذا نسيت فذكّروني»، لكن هذا التذكير قائم على شرطين: الشرط الأول: أن يتثبت هو من أن هذا المستدرك لم يأتِ إلا بركعة واحدة، يعني وقع في خطأ ناشئ عن سهو أو نسيان، أن يكون متثبتًا، فإن تثبت، فحينئذ يمكن له أن يذكره.

الشرط الثاني: أن يكون هذا الذي سيذكره متنبّهًا للوسيلة التي سيذكره بها، كيف سيذكره، كيف سيعرّفه، ثم هو غير مسؤول بعد ذلك، بمعنى أن ذلك الرجل قد يكون يصلي صلاة أخرى، قد يكون يصلي قضاءً، قد يكون مقلدًا لرأي فقهي معتبر في تلك المسألة، فما عليه إلا التذكير، فليذكره بما وقع منه من سهو، ثم بعد ذلك لا يحمله حملًا.

بعض الناس يصر عليه ويحصل هذا في فتح القراءة، يكون الموضع من المتشابهات فيصر المأموم على الإمام أن يفتح له بآية هو لم يقرأها، وإنما قرأ شبيهتها في موضع آخر، أو في صلاة يكون هذا قد صلى فريضته وقصد القضاء أو قصد النفل، فالحاصل أنه لا يضيّق عليه، أما التذكير فهو الأولى إن تأكد من أن هذا المصلي قد سهى وأخطأ في صلاته، والله تعالى أعلم.

سؤالي عما نراه في واقع الناس عند الزواج، أنهم يغالون ويبالغون في المهور، وبعضهم يشترطون شروطًا مثل السيارة والمنزل وأمور هي فوق طاقة الزوج أو الشاب الراغب في الزواج، هذا الحال ساهم إلى درجة كبيرة في تأخير الزواج، نريد منكم كلمة توجيهية للناس بهذا الصدد؟

يكفينا أن نذكر ما كان عليه هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن السيدة عائشة رضي الله عنها لما سُئلت عما أمهره صلى الله عليه وسلم لنسائه، قالت: كان صداق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثنتي عشرة أوقية ونشًّا، ثم قالت لأبي سلمة بن عبدالرحمن: أتدري ما النش؟ هو نصف أوقية، فقدر العلماء ذلك بـ500 درهم، وهو عليه الصلاة والسلام أصدق نساءه اثنتي عشرة أوقية ونشًّا أي 500 درهم، إلا أم حبيبة، والصحيح أن الزيادة هذه كانت من النجاشي للسيدة رملة بنت أبي سفيان رضوان الله تعالى عليها، لم تكن منه عليه الصلاة والسلام.

وزوج بناته على ما دون اثنتي عشرة أوقية، زوج عليه الصلاة والسلام بناته رضوان الله تعالى عليهن بأقل من اثنتي عشرة أوقية، كما ثبت ذلك أيضًا عنه. ولهذا لما غالى الناس في مهور النساء، تنبّه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس، لا تغلوا مهور نسائكم، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله في الآخرة، لكان أولاكم به وأسبق إليه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه ما أصدق نساءه ولا أصدقت بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية.

هكذا كان هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وورد أيضًا عنه، وصحح هذا الحديث طائفة من المحدثين، أنه قال: «خير النكاح أيسره»، وقال: «خير الصداق أيسره». كل هذه الأدلة الشرعية تدعو الناس إلى تيسير أمور الزواج، وإلى تخفيف الأعباء، وترك هذه المطالبات التي تثقل كاهل الزوج، ويمكن أن تفضي إلى عنوسة الفتيات، وإلى عزوف الشباب عن الزواج بسبب كل هذه التعقيدات والمطالب والإلحاح عليها، والدعوة إلى كثير من المظاهر التي لا تحقق للزواج إلا كثيرًا من التعاسة والنكد.

للأسف الشديد، من المطالب التي لا وجه لها هذا التقليد والمباهاة. قال صلى الله عليه وآله وسلم: «..إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». ومن منا لا يرغب في أن يتحرى هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد تبين ما كان عليه الصلاة والسلام في تزوجه لنسائه وتزويج بناته، وهن أعظم الخلق مكانة، أي أمهات المؤمنين وبنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ومن منا يعزف عن هذه الخيرية المودعة حينما قال: «خير النكاح أيسره وخير الصداق أيسره».

فهذه كلمة لبيان الحكم الشرعي، وكلمة للأولياء ولأصحاب القرار، وللجميع في المجتمع، أن يخففوا هذه الأعباء، وأن يتركوا هذه الاشتراطات والمطالبات التي لا وجه لها، مما يثقل الكاهل، ويزعمون أنه ليس من المهر، وأنها مطالب لا علاقة لها بالصداق، فيجعلون الصداق شيئًا مقبولًا، ولكنهم يبالغون في المطالبات، وكل ذلك مما لا يُحمد في هذه الشريعة، والله تعالى المستعان.

مقالات مشابهة

  • عالم بالأوقاف: الدين الإسلامي يحرم بيع الأعضاء.. والفقر ليس مبرراً
  • وزير الأوقاف الأردني السابق لـ"الوفد": تأهيل المفتين والتوعية ضرورة لمواجهة الذكاء الاصطناعي
  • حكم السير المخالف في الطريق العام شرعًا
  • المفتي يوضح: حقيقة صلاة الغفلة وحكمها ووقتها وعدد ركعاتها
  • ما حكم عبور الطريق من أماكن غير مخصصة للمشاة؟.. أمين الفتوى يجيب
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • باحثون في مؤتمر الإفتاء العالمي يرسمون خريطة صناعة المفتي الرشيد
  • مؤتمر الإفتاء العاشر.. علماء يدعون لإنشاء نموذج عالمي لـ المفتي الرشيد
  • المفتي يبارك عيد ميلاد حكومة التغيير ويشيد بالجبهة الإعلامية في مواجهة العدوان ونصرة غزة
  • علماء مؤتمر الإفتاء العاشر يناقشون تأهيل المفتي لعصر الرقمنة ومواجهة الفتوى الشعبوية