رغم تصدر حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ بزعامة فريدريش ميرتس نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في ألمانيا الشهر الماضي، فإن حزب اليسار (دي لينكه) وحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني استحوذ كل منهما على 25% و21% على التوالي من أصوات الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما.

وقد شهدت أحزاب الوسط التقليدية تراجع حصتها مجتمعة بين الناخبين الشباب إلى 36% فقط، وهو ما يعزوه المحلل السياسي توماس فالك -في مقال له بصحيفة هآرتس الإسرائيلية- إلى 3 مخاوف رئيسية تنتاب الشباب الألماني في مجالات الاقتصاد والهجرة، ورفضهم تحمل وِزر بلادهم التاريخي حيال محرقة اليهود (الهولوكوست) إبان فترة الحكم النازي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: تساؤلات حول تدمير الوثائق السرية لوكالة التنمية الدولية بواشنطنlist 2 of 2كاتب أميركي: ترامب زلزل العالم في 50 يوماend of list

ووفق الكاتب، فإن الآثار المترتبة على هذا التحول الزلزالي عميقة الغور بالنسبة لألمانيا، الدولة التي ارتكزت بعد الحرب العالمية الثانية على مبادئ قوامها التكفير عن ذنب الهولوكوست والديمقراطية الليبرالية.

ويرى في صعود الحزبين اليساري واليميني -المفترض فيهما أنهما على طرفي نقيض سياسيا، وكلاهما مُعاد لحلف شمال الأطلسي (ناتو) وإسرائيل، ومتعاطف مع روسيا– ما يهدد بنقض عُرى إجماع كان مهيمنا على الساحة السياسية في ألمانيا لعقود من الزمن.

إعلان

ليس سخطا عابرا

ويعكس هذا الرفض المزلزل للتيار السياسي السائد أكثر من مجرد سخط عابر أو ميل الشباب إلى وسائل التواصل الاجتماعي؛ فهو يشير إلى جيلٍ متشدد بسبب الأزمات القديمة والجديدة، من الحرب والاقتصاد المتراجع إلى السجالات حول الهوية القومية، كما يقول فالك.

ويحذر المحلل السياسي في مقاله من أن إخفاق ألمانيا في انتشال شبابها من هوامش السياسة، يحمل في طياته نُذر تصدع الديمقراطيات ويحيل الأمل إلى عَدَم.

ولطالما ناقش علماء السياسة "نظرية حدوة الحصان" التي تفترض أن الأيديولوجيتين اليسارية واليمينية المتطرفتين، تميلان -رغم تعارضهما التام- إلى ازدراء النظام الديمقراطي الليبرالي.

وتسلط النظرية الضوء على ثورة الشباب في ألمانيا؛ فكل من حزب دي لينكه وحزب البديل من أجل ألمانيا يزدهر على خيبة الأمل، ويستغلان المظالم التي فشلت أحزاب الوسط في معالجتها، حسب تعبير المقال.

أوضاع الشباب كارثية

ويقول فالك إن الشباب الألماني يعاني من أوضاع كارثية تتمثل في انعدام ما يسميه الأمن المالي، فالبلاد لم تشهد أي نمو اقتصادي كبير على مدى السنوات الخمس الماضية، في حين ارتفعت الإيجارات في مدن مثل برلين منذ عام 2012 دون أن تلوح في الأفق نهاية لذلك. ويرزح واحد من كل 4 من الشباب البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما، تحت وطأة الفقر أو أنهم عُرضة لخطر الفقر.

ويعتقد الكاتب أن الخطر في صعود تياري اليسار واليمين "المتطرفين" لا يكمن في خطابهما فحسب، بل في أن كلا من حزب البديل من أجل ألمانيا وحزب دي لينكه يعارض "العلاقة الخاصة" بين ألمانيا وإسرائيل، بما في ذلك التعاون العسكري ومبيعات الأسلحة.

وفي رأيه، إذا كانت هذه الانتخابات تُعدّ مؤشرا على عقلية الشباب الألماني، فقد يضعف ذلك التزام ألمانيا بمكافحة معاداة السامية في المستقبل.

إعلان حجج ضد العلاقة مع إسرائيل

وينظر حزب البديل من أجل ألمانيا إلى ثقافة الذاكرة الألمانية في مرحلة ما بعد الحرب على أنها سردية تحركها النخبة، وتقوض الفخر الوطني وتشكل ذريعة للهجرة الجماعية كتعويض عن خطايا الماضي.

أما حزب دي لينكه، فعلى الرغم من أنه لا يرفض إحياء ذكرى محرقة اليهود (الهولوكوست)، إلا أنه يجادل بأن المصالحة التاريخية في ألمانيا غالبا ما تُستغل لتبرير الدعم غير المشروط لإسرائيل.

ومما زاد من تفاقم المخاوف تجاه الحزب اليساري أن بياناته الرسمية تلقي اللوم على إسرائيل في الهجوم الذي تعرضت له في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتشير إلى أن "عقودا من الاحتلال وبناء المستوطنات والحصار" هي التي هيأت ظروفا مواتية للجماعات الراديكالية.

ويخلص مقال هآرتس إلى أن المخاطر التي يشكلها هذان الحزبان ليست تهديدات مجردة أو بعيدة الحدوث، فهما معا يحتلان 216 مقعدا من إجمالي 630 مقعدا وبذلك يستحوذان على أكثر من ثلث مقاعد البرلمان (البوندستاغ).

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات حزب البدیل من أجل ألمانیا فی ألمانیا

إقرأ أيضاً:

هآرتس: غزة تخلق جحيما للجنود.. بكاء هستيري ونتف للشعر دون وعي

كشفت صحيفة هآرتس العبرية، عن الواقع النفسي المتدهور لجنود الاحتلال الذين شاركوا في العدوان على قطاع غزة خلال الأشهر الماضية، حيث تروي شهاداتهم حجم الانهيار الداخلي الذي يرافقهم بعد أكثر من عشرين شهرا من العدوان.

الجنود الذين تحدثوا للصحيفة طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم الحقيقية، لكنهم أعربوا عن شعورهم بالإنهاك وفقدان السيطرة والرغبة بالهروب من مشاهد الموت التي تطاردهم في كل لحظة.

إحدى أبرز الشهادات التي تصدرت التقرير كانت والدة الجندي القتيل نيف رادي، التي ظهرت باكية على شاشة التلفزيون بعد مقتل ابنها مع ستة جنود آخرين في انفجار جنوب القطاع.

وقالت إن ابنها كان يعيش حالة من التعب والضغط النفسي منذ إنهائه المرحلة الثانوية، وأضافت أن "الجنود هناك مرهقون تماما، ويجب أن نوقف هذا".

الجنود الخمسة الذين تحدثوا للصحيفة قدموا روايات صادمة عمّا عاشوه. أحدهم، شاب يبلغ من العمر 21 عاما، قال إنه شاهد صديقه يتمزق أمامه بسبب انفجار مفاجئ، ولم يتمكن من مساعدته، بل تجمد في مكانه وسط الدماء والركام.

جندي آخر من وحدة المظليين، قال إن الصدمة لم تصبه في المعركة بل عندما عاد إلى ديزنغوف لقضاء إجازة قصيرة. حاول تناول الطعام مع عائلته، لكنه تقيأ فورا بسبب الروائح التي أعادت له مشاهد الجثث المتحللة في غزة. وأضاف أن رائحة الموت التصقت بملابسه، ولا تزال تطارده حتى اللحظة.



أما جندي ثالث فقال إن ما رآه منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر لا يمكن نسيانه، وإنه يشعر وكأن الحرب استمرت عشر سنوات لا عشرين شهرا. تحدث عن جنازات أصدقائه، وعن الوصايا المحفوظة في هواتف الجنود، وعن شعور دائم بأنهم قد يكونون التاليين.

وأشار جندي آخر إلى ضغوط نفسية تؤدي إلى انهيارات في العلاقات الشخصية والعائلية. وقال إنه فقد أعصابه ذات مرة وصرخ على صديقته بسبب قميص نقلته من مكانه، ثم دخل في نوبة بكاء لا يمكن تفسيرها، وأضاف أن التوتر المستمر جعله يبدأ بنتف شعر رأسه من دون وعي.

أما الجندي الخامس، من وحدة يلهوم، فاعتبر أن الحرب فقدت معناها، ولم تعد تحقق أي هدف حقيقي. قال إن القادة أنفسهم لم يعودوا يملكون تفسيرا واضحا لاستمرار القتال، وإنه أصبح يشعر بالقلق من أن يكون في كل مهمة طرفا في مقتل أسرى أو مدنيين.

وقالت الصحيفة: "هؤلاء الجنود لم يتحدثوا فقط عن المشاهد الصعبة، بل عن واقع يومي ينهك أجسادهم ، وعقولهم، وعن نوم متقطع، وجولات قتالية متواصلة، وأوامر صارمة تمنع الشكوى أو الاعتراض، وكثيرون منهم أكدوا أنهم لم يعودوا يؤمنون بما يفعلونه، وبعضهم عبر عن رغبته في الهروب، والسفر، والنسيان بأي وسيلة ممكنة".

وأضافت: "رغم محاولات الجيش رسم صورة مثالية للروح القتالية والانضباط، إلا أن هذه الشهادات تكشف هشاشة غير مسبوقة في صفوف القوات النظامية، وتسلط الضوء على أزمة نفسية صامتة لا يمكن تجاهلها".

مقالات مشابهة

  • الأولى منذ وقف إطلاق النار مع إيران.. ما الأهداف الحوثية التي ضربتها إسرائيل؟
  • علاء ميهوب لـ«صوت الملعب» مع محمد فاروق: مصطفى محمد ليس البديل الأمثل لـ وسام أبو علي
  • شروط الأهلي لبيع وسام أبو علي والنادي يفاوض البديل.. خاص
  • رئيسة البديل من أجل ألمانيا: السعي إلى حظر الحزب يذكرني بـ أزمنة مظلمة
  • قادة 7دول بمنظمة التعاون الاقتصادي يتفقون على تحرير التجارة
  • مصادر: التعديلات اللبنانية ستنص على تنفيذ مرحلي لتسليم السلاح بما يضمن إلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها
  • هآرتس: إسرائيل تدرس رد حماس وترقب اجتماع للكابينت مساء السبت
  • هآرتس تصف الحرب على غزة بالوحشية وتدعو لوقفها
  • هآرتس: غزة تخلق جحيما للجنود.. بكاء هستيري ونتف للشعر دون وعي
  • هآرتس: فشل خطة إسرائيل الكبرى لتهجير فلسطيني غزة إلي سيناء