هآرتس: الناخبون الألمان الشباب لا يتفقون إلا على كراهية إسرائيل
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
رغم تصدر حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ بزعامة فريدريش ميرتس نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في ألمانيا الشهر الماضي، فإن حزب اليسار (دي لينكه) وحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني استحوذ كل منهما على 25% و21% على التوالي من أصوات الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما.
وقد شهدت أحزاب الوسط التقليدية تراجع حصتها مجتمعة بين الناخبين الشباب إلى 36% فقط، وهو ما يعزوه المحلل السياسي توماس فالك -في مقال له بصحيفة هآرتس الإسرائيلية- إلى 3 مخاوف رئيسية تنتاب الشباب الألماني في مجالات الاقتصاد والهجرة، ورفضهم تحمل وِزر بلادهم التاريخي حيال محرقة اليهود (الهولوكوست) إبان فترة الحكم النازي.
ووفق الكاتب، فإن الآثار المترتبة على هذا التحول الزلزالي عميقة الغور بالنسبة لألمانيا، الدولة التي ارتكزت بعد الحرب العالمية الثانية على مبادئ قوامها التكفير عن ذنب الهولوكوست والديمقراطية الليبرالية.
ويرى في صعود الحزبين اليساري واليميني -المفترض فيهما أنهما على طرفي نقيض سياسيا، وكلاهما مُعاد لحلف شمال الأطلسي (ناتو) وإسرائيل، ومتعاطف مع روسيا– ما يهدد بنقض عُرى إجماع كان مهيمنا على الساحة السياسية في ألمانيا لعقود من الزمن.
إعلان
ليس سخطا عابرا
ويعكس هذا الرفض المزلزل للتيار السياسي السائد أكثر من مجرد سخط عابر أو ميل الشباب إلى وسائل التواصل الاجتماعي؛ فهو يشير إلى جيلٍ متشدد بسبب الأزمات القديمة والجديدة، من الحرب والاقتصاد المتراجع إلى السجالات حول الهوية القومية، كما يقول فالك.
ويحذر المحلل السياسي في مقاله من أن إخفاق ألمانيا في انتشال شبابها من هوامش السياسة، يحمل في طياته نُذر تصدع الديمقراطيات ويحيل الأمل إلى عَدَم.
ولطالما ناقش علماء السياسة "نظرية حدوة الحصان" التي تفترض أن الأيديولوجيتين اليسارية واليمينية المتطرفتين، تميلان -رغم تعارضهما التام- إلى ازدراء النظام الديمقراطي الليبرالي.
وتسلط النظرية الضوء على ثورة الشباب في ألمانيا؛ فكل من حزب دي لينكه وحزب البديل من أجل ألمانيا يزدهر على خيبة الأمل، ويستغلان المظالم التي فشلت أحزاب الوسط في معالجتها، حسب تعبير المقال.
أوضاع الشباب كارثية
ويقول فالك إن الشباب الألماني يعاني من أوضاع كارثية تتمثل في انعدام ما يسميه الأمن المالي، فالبلاد لم تشهد أي نمو اقتصادي كبير على مدى السنوات الخمس الماضية، في حين ارتفعت الإيجارات في مدن مثل برلين منذ عام 2012 دون أن تلوح في الأفق نهاية لذلك. ويرزح واحد من كل 4 من الشباب البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما، تحت وطأة الفقر أو أنهم عُرضة لخطر الفقر.
ويعتقد الكاتب أن الخطر في صعود تياري اليسار واليمين "المتطرفين" لا يكمن في خطابهما فحسب، بل في أن كلا من حزب البديل من أجل ألمانيا وحزب دي لينكه يعارض "العلاقة الخاصة" بين ألمانيا وإسرائيل، بما في ذلك التعاون العسكري ومبيعات الأسلحة.
وفي رأيه، إذا كانت هذه الانتخابات تُعدّ مؤشرا على عقلية الشباب الألماني، فقد يضعف ذلك التزام ألمانيا بمكافحة معاداة السامية في المستقبل.
إعلان حجج ضد العلاقة مع إسرائيلوينظر حزب البديل من أجل ألمانيا إلى ثقافة الذاكرة الألمانية في مرحلة ما بعد الحرب على أنها سردية تحركها النخبة، وتقوض الفخر الوطني وتشكل ذريعة للهجرة الجماعية كتعويض عن خطايا الماضي.
أما حزب دي لينكه، فعلى الرغم من أنه لا يرفض إحياء ذكرى محرقة اليهود (الهولوكوست)، إلا أنه يجادل بأن المصالحة التاريخية في ألمانيا غالبا ما تُستغل لتبرير الدعم غير المشروط لإسرائيل.
ومما زاد من تفاقم المخاوف تجاه الحزب اليساري أن بياناته الرسمية تلقي اللوم على إسرائيل في الهجوم الذي تعرضت له في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتشير إلى أن "عقودا من الاحتلال وبناء المستوطنات والحصار" هي التي هيأت ظروفا مواتية للجماعات الراديكالية.
ويخلص مقال هآرتس إلى أن المخاطر التي يشكلها هذان الحزبان ليست تهديدات مجردة أو بعيدة الحدوث، فهما معا يحتلان 216 مقعدا من إجمالي 630 مقعدا وبذلك يستحوذان على أكثر من ثلث مقاعد البرلمان (البوندستاغ).
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات حزب البدیل من أجل ألمانیا فی ألمانیا
إقرأ أيضاً:
كولن ودوسلدورف.. رحلة لقلب ألمانيا حيث التاريخ يصافح الحداثة
إذا كنت تبحث عن وجهة تمنحك مزيجا فريداً من التاريخ العريق والثقافة الغنية والمناظر الطبيعية الخلابة والتسوق المتميز، فإن خيارك الأمثل في ألمانيا قد يكون مدينتي كولن ودوسلدورف في شمال غرب البلاد.
وتقع هاتان المدينتان على ضفاف نهر الراين، أحد أشهر أنهار أوروبا، مما يضفي عليهما جواً رومانسياً وسحراً خاصاً يجذب ملايين الزوار سنوياً.
ما المميز في كولن ودوسلدورف؟كولن حيث التاريخ تحكي قصصاً عبر القرون، وهي ستسحرك من اللحظة الأولى التي ترى فيها كاتدرائيتها العملاقة ذائعة الصيت، هذه التحفة المعمارية التي استمر بناؤها على مدى أكثر من ستة قرون!
يصل ارتفاع مبنى الكاتدرائية إلى أكثر من 144 مترا، وسيكون بإمكانك صعود المئات من الدرجات إلى قمة البرج الجنوبي لمشاهدة أجمل إطلالة بانورامية على نهر الراين وبقية معالم المدينة.
متحف الشكولاتةولكن كولن ليست مجرد كاتدرائية، فهي تقدم لك أيضا رحلة إلى العصر الروماني، وذلك عبر زيارة المتحف الروماني الجرماني الذي يضم فسيفساء رائعة تعود إلى القرن الثالث الميلادي. وفي كولن أيضا لا يفوتك زيارة متحف مميز وجذاب هو متحف الشوكولاتة، حيث تشم رائحة الكاكاو، وتشاهد كيف تتحول حباته إلى أشهى أنواع الشوكولاتة.
ومن خارج المتحف، سيمتعك شكل المبنى الذي يبدو وكأنه قارب زجاجي على ضفاف نهر الراين، لكن المتعة الأكبر ستكون بالداخل وأنت تتابع بشكل عملي مراحل صنع الشوكولاتة.
إعلان نزهة على الراينغير بعيد عن المتحف، سيكون بإمكانك القيام بنزهة رومانسية على طول رصيف الراين بمقاهيه الحديثة والمطاعم العائمة، كما يمكنك زيارة حي بلوتنك الذي يعج بالمقاهي الفنية والمتاجر المميزة.
وأنت تقوم بجولة على نهر الراين، ربما يكون من معالم الجذب ذلك الجسر الذي يتوافد عليه العشاق كي يضعوا أقفالا، يعتقدون أنها ستضمن لهم استمرار المحبة.
عاصمة الأناقة والفنونتحتاج كولن إلى يومين أو ثلاثة كي تستمتع بأبرز معالمها، ثم يمكنك لاحقا التوجه إلى دوسلدورف، التي لا تبعد عن كولن إلا 40 كيلومترا تقطعها السيارة في 35 دقيقة، مقابل 20 دقيقة فقط على متن القطار السريع.
وربما يكفيك يوم واحد في هذه المدينة التي ستدهشك بمعالمها وتناقضاتها الساحرة وأبرزها:
الشارع الملكي الشهير حيث تصطف أشجار الزيزفون على قنوات المياه، بينما تلمع واجهات المحلات الفاخرة.أفضل الأوقات لزيارة كولن ودوسلدورف هي:
فصل الشتاء (يناير/كانون الأول): أسواق الميلاد الساحرة التي تحول المدينتين إلى لوحة من الأضواء. فصل الشتاء (فبراير/شباط ومارس/آذار): مشاهدة كرنفال كولن الصاخب (أكبر كرنفال في شمال أوروبا). فصل الصيف (يوليو/تموز وأغسطس/آب وسبتمبر/أيلول): للاستمتاع بالمقاهي الخارجية والرحلات النهرية. كيف تصل وتتنقل؟يمكك الوصول إلى المدينتين بسهولة، خاصة وأن مطار كولن وكذلك مطار دوسلدورف وأيضا بون لا تبعد كثيرا عن المدينتين، كلها تصلها رحلات مباشرة من دول عربية عديدة. وحتى إذا حطت طائرتك في فرانكفورت عاصمة المال الأعمال في ألمانيا، فلن يكون الأمر صعبا حيث تبعد عن كولن 180 كيلومتراً، وعن دوسلدورف 215 كيلومترا، مع وقت سفر يقدر بنحو ساعتين بالقطار السريع.
هذه المسافات القصيرة تجعل من السهل جداً زيارة المدن الثلاث (كولن ودوسلدورف وبون) في رحلة واحدة لا تنسى! وأما في داخل كل من كولن ودوسلدورف فإن شبكات المواصلات العامة الممتازة تجعل التنقل سهلاً وبأسعار معقولة.
إعلانوبالنسبة للمسافات بين هذه المدن، فإن كولن ودوسلدورف تقعان على مسافة قريبة جدا من بعضهما البعض، حيث تفصل بينهما حوالي 40 كيلومتراً فقط، ويمكن الوصول من إحداهما إلى الأخرى في أقل من ساعة بالقطار أو السيارة.
وجهتان من الأهمية بمكانكولن ودوسلدورف – مدينتان تمنحانك أفضل ما في ألمانيا، من التاريخ إلى الحداثة، من الثقافة إلى الترفيه، ومن الاسترخاء إلى المغامرة. سواء كنت مسافراً مع العائلة، كزوجين، أو مع الأصدقاء، ستجد في هاتين المدينتين ما يلبي جميع الأذواق ويخلق ذكريات لا تنسى.
وإذا سافرت إلى دولسلدورف فلا تغادرها دون تناول وجبة في المطعم التاريخي (الذي زاره نابليون بونابرت)، ولا تغادر كولن دون شراء زجاجة من ماء كولونيا الأصلي من المتجر التاريخي حيث اخترعت هذا العطر الشهير قبل أكثر من ثلاثة قرون، ففي هذه المدينة وُلد أشهر عطر في العالم (ماء كولونيا) خلال العام 1709 على يد الإيطالي جيوفاني ماريا فارينا.
ويمكنك زيارة متجر "فارينا" التاريخي قرب الكاتدرائية، حيث ما زال يُحفظ سر التركيبة الأصلية التي تجمع بين نضارة الحمضيات ودفء الأعشاب.
وسواء اخترت العبوة الكلاسيكية ذات الطابع التراثي أو النسخ المعاصرة، ستأخذ معك عبقا يمزج بين تاريخ المدينة العريق وأناقتها الحديثة، لتبقى ذكرى رحلتك عالقة في ذهنك كلما استنشقت هذه الرائحة الفريدة، استعد لرحلة ستبقى في ذاكرتك للأبد، رحلة إلى قلب الراين حيث السحر الحقيقي!