زيارة العائلات إلى السجون أصبحت مرقمنة بدءا من هذا الأسبوع
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
أعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تعميم المنصة الرقمية « زيارة » على كل المؤسسات السجنية، بدءا من مطلع هذا الأسبوع.
وأوضح بلاغ للمندوبية، الأربعاء، أنه « قد تم تنزيل المشروع بالتدرج، حيث اعتمد بالمركب السجني لعين السبع بالدار البيضاء في إطار تجربة أولية قبل تعميمه على كل المؤسسات السجنية ابتداء من 10 مارس 2025 ».
وأضاف المصدر ذاته أنه قد تم السهر على مواكبة هذه العملية بتنظيم دورات تكوينية لفائدة الموظفين المكلفين بالعمل بهذا النظام، بالإضافة إلى تجهيز جميع المؤسسات السجنية بمختلف المعدات اللوجيستيكية الضرورية، وذلك في أفق إدماج خدمات أخرى في هذا النظام من قبيل خدمة الشراءات عن بعد.
وموازاة لذلك، تشير المندوبية، نظمت حملات تحسيسية بجميع المؤسسات السجنية في صفوف المعتقلين والزوار للتعريف بالخدمات المتاحة بالبوابة الإلكترونية للزيارة، وذلك عبر التواصل المباشر ووضع ملصقات وغيرها من الوسائل المتاحة.
وسجل البلاغ أن هذه المنصة الرقمية المتوفرة على الرابط الالكتروني (https://ziara.dgapr.gov.ma) تروم تمكين المرتفقين الزوار من الحجز المسبق لموعد الزيارة العائلية، وذلك لضمان الانسيابية الكافية وتجنيب الزوار الازدحام وطول فترة الانتظار، مضيفا أن المنصة من شأنها أن تسهل عليهم الولوج إلى المعلومة (شروط الاستفادة من الزيارة والوثائق المطلوبة للسماح بالزيارة…)، فضلا عن توفير خدمات عن بعد تعفيهم من التنقل إلى المؤسسات السجنية.
وتنفيذا لاستراتيجيتها الهادفة إلى مواصلة تحديث الإدارة وتعزيز إجراءات الحكامة، وبهدف تحسين جودة استقبال الزوار وتجويد الخدمات المقدمة لهم، بادرت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إلى تفعيل مشروع رقمنة الخدمات وجعله في صلب استراتيجيتها، وذلك بإحداث منصة رقمية للزيارة العائلية لفائدة السجناء بدعم من وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة ووكالة التنمية الرقمية، تتمثل في منصة « زيارة »، وذلك بما يضمن مسارات عادلة وشفافة للمرتفقين الزوار بالمؤسسات السجنية.
ويأتي هذا المشروع تتويجا لعمل مشترك ووثيق بين المندوبية العامة ووكالة التنمية الرقمية، التي تكلفت بتصميم المنصة وتطويرها، وضمان توافقها مع المعايير التقنية الحديثة في مجال رقمنة الخدمات المقدمة للمواطنين، بالإضافة إلى مواكبتها لعملية تنزيل المشروع من خلال توفير الدعم التقني اللازم وتكوين وتأهيل الموظفين المكلفين بإدارة المنصة بما يمكن من تسريع وتيرة اعتمادها داخل جميع المؤسسات السجنية.
وخلص البلاغ إلى أنه « اعتبارا للدور الذي ستلعبه هذه المنصة الرقمية في تجويد عملية استقبال المرتفقين الزوار وتهييئ الظروف الملائمة للنزلاء للاستفادة من زيارة ذويهم في أفضل الظروف، فإن المندوبية العامة تهيب بعائلات نزلاء المؤسسات السجنية المسموح لهم بالزيارة اعتماد هذا النظام الجديد للحجز المسبق لمواعيد زياراتهم العائلية لذويهم من النزلاء، والذي أصبح متاحا بجميع المؤسسات السجنية التي تبقى رهن إشارتهم من أجل تقديم كل التوضيحات الخاصة بهذا المشروع لتسهيل استفادتهم منه ».
كلمات دلالية المغرب رقمي زيارة سجونالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المغرب رقمي زيارة سجون المندوبیة العامة المؤسسات السجنیة
إقرأ أيضاً:
زمن الخوف الفني.. كيف أصبحت صناعة الإبداع رهينة الرقابة الذاتية وصوت الجمهور الغاضب؟
شهدت الساحة الفنية في السنوات الأخيرة تحوّلًا عميقًا في طريقة تفكير الفنانين وصنّاع الدراما.
و لم يعد الخوف نابعًا من الرقابة الرسمية أو لوائح المؤسسات، كما كان الوضع في الماضي، بل أصبح الخوف ينبع من مصدر جديد أشد تأثيرًا وأسرع بطشًا: الجمهور. أو بالأحرى، الرأي الجمعي الذي تصنعه السوشيال ميديا في لحظات، وتحوّله إلى محكمة طارئة يمكنها إدانة أو تبرئة أي شخص بضغطة زر.
هذا المناخ الجديد خلق طبقة كثيفة من الرقابة الذاتية، رقابة تجبر الفنان على وزن كل كلمة، والمخرج على حساب كل لقطة، والكاتب على تجنب كل فكرة قد تُغضب فئة ما. وهكذا تحوّل الإبداع إلى حقل ألغام، يتحرك فيه الجميع ببطء وحذر، حتى لا تنفجر تحت أقدامهم موجة غضب رقمية تعصف بما تبقى من سمعتهم.
في قلب هذه الأزمة يقف الممثل، الذي لم يعد يتحدث بعفويته المعهودة أصبحت التصريحات مدروسة مثل النصوص، والجمل محسوبة كما لو كانت جزءًا من عمل تمثيلي كلمة واحدة قد تُجتزأ، تعليق بسيط قد يتحول إلى أزمة، ونبرة صوت مختلفة قد تُحمَّل بما لا تحتمل. هذه الحساسية المفرطة دفعت الكثير من الفنانين إلى الصمت، ليس احترامًا للصمت، بل خوفًا من العاصفة. فالممثل الذي كان يومًا ما يتحدث بثقة عن رأيه، أصبح الآن يفضّل الغموض، لأن الوضوح قد يُفهم ضدّه.
أما المخرج، فقد تحوّل من قائد للعمل الفني إلى مدير أزمة قبل حتى أن يبدأ التصوير. المشاهد الجريئة ليست بالضرورة تلك التي تتناول التابوهات، بل حتى أكثر المشاهد اليومية أصبحت تمثل مخاطرة. فكرة جديدة قد تُعتبر إزعاجًا لمجموعة معينة، ومعالجة مختلفة قد تُتهم بأنها إساءة، وتقديم شخصية خارج القوالب التقليدية قد يفتح بابًا لنقاشات لا نهاية لها. هذه الحسابات دفعت البعض إلى إنتاج أعمال آمنة، أعمال يسهل مرورها دون اعتراضات، لكنها تمر أيضًا دون بصمة فنية حقيقية.
وبين هذا وذاك، يعيش النقد الفني مرحلة غير مسبوقة من الضعف. لم يعد الناقد قادرًا على ممارسة دوره الأصلي: التقييم الموضوعي. فهناك من يخشى غضب الجماهير، وهناك من يحاول الحفاظ على علاقته بالفنان، وهناك من اختار الصمت لأن الصراحة لم تعد مستحبة. وبهذا اختفى الصوت الذي كان يوجّه الصناعة من الداخل، ويكشف نقاط القوة والضعف، ويصنع توازنًا بين المبدع والجمهور. ومع غياب النقد، أصبحت الساحة مفتوحة للتجارب المتشابهة والأفكار المكررة، لأن أحدًا لم يعد لديه الجرأة ليقول: هذا لا يصلح.
السوشيال ميديا لعبت الدور الأكبر في هذا المشهد. هي ليست مجرد منصة للتعبير، بل ساحة قتال. الحكم فيها يصدر بسرعة، وأحكام الإعدام الفنية قد تأتي من حسابات مجهولة أو حملات جماعية لا تعرف سياقًا ولا تاريخًا. كل خطأ حتى لو كان شخصيًا أو عفويًا قد يتحول إلى قضية رأي عام، وكل رأي قد يُحمّل ما لا يحتمل. أصبح الخوف من الهجوم جزءًا أساسيًا من حسابات الفنان قبل أي خطوة.
لكن خطورة الخوف ليست على الفنان فقط، بل على الجمهور نفسه. الجمهور يخسر الإبداع الحقيقي، يخسر التجارب الجريئة، يخسر الأصوات التي كانت تملك القدرة على فتح ملفات غير تقليدية. الفن الذي يُنتَج تحت وطأة الخوف يكون بلا روح، بلا مخاطرة، بلا عمق. يصبح مجرد تكرار آمن، يُرضي الجميع لكنه لا يحرّك أحدًا.
الصناعة تحتاج اليوم إلى شجاعة. تحتاج إلى فنان يستعيد صوته، ومخرج لا يخشى التجربة، وناقد يعود إلى موقعه الحقيقي، وجمهور يفهم أن الاختلاف جزء من الإبداع وليس تهديدًا له. الفن الحقيقي يقوم على الحرية، والحرية لا تزدهر في بيئة تخاف من الكلام.
في النهاية، السؤال الحقيقي ليس: لماذا الفنانون يخافون؟ بل: كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟ وكيف نستعيد مساحة الإبداع التي فقدناها؟ الإجابة تبدأ حين يدرك الجميع فنانين وجمهورًا وصنّاع قرار أن الخوف يُنتج فنًا ضعيفًا، وأن المواجهة وحدها هي التي تعيد للفن مكانته، وللمبدع شجاعته، وللجمهور ثقته في أن الفن ليس نسخة واحدة تُصنع لإرضاء الجميع، بل مساحة رحبة تتحمل التعدد والاختلاف والجرأة.