افتتح القاضي المحكمة الشعبية: لا بأس، نبدأ. وأشار للحاجب لينادي على القضية الاولى.
نادى عبد العاطي على الشاكي الأول حسن الاعور، الذي أعلن دون مقدمات ودون أن ينتظر القاضي ليسأله عن مشكلته: الحنين سرق مني ربطة قصب!
مسح القاضي وجهه الضخم من العرق بمنديل أبيض ضخم ولوّح به كأنه يرفع راية استسلام أمام القيظ: ربطة واحدة فقط؟
دة العرفناه يا مولانا، يمكن سرق قبل كدة، ويمكن يسرق تاني.
قال القاضي: لكن ربطة دي حاجة رخيصة، والزول دة لو ما محتاج ما كان حيسرق القصب. ممكن تعافيه المرة دي وأنا بجاملك في القضية الجاية!
تجاملني في شنو يا مولانا محكمة دي ولا سوق السبت؟ الزول دة متعود دائما يسرق القصب. في الصيف قلت ليه تعال أزرع معاي شوية مريق على الاقل تستفيد بالقصب للبهائم لكن رفض، قال لي الصيف ما للشغل، للراحة، كفاية علينا التعب في الشتاء!
قال شيخ النور مساعد القاضي: اعتبرها زكاة! بعدين ما دام الراجل دة ما بيسرقك الا وقت خسوف القمر ما مشكلة لأن الخسوف بيحصل مرة كل عدة سنين!
قال حسن الاعور: الزكاة دفعناها. ناس الزكاة بقوا ينتظروا المحصول قبل نجمعوا في الجوالات ويقسموا حقهم! وكت احتجت في الصيف ولدي مرض ومحتاج عملية زايدة مشيت ليهم قالوا ما عندهم، القروش مشت كلها للعاملين عليها!
قال القاضي: كدة خلينا يا زول من شغل السياسة دة، انت داير تقطع عيشنا ولا شنو!
واصل حسن الاعور: بعدين لو هو التزم يسرق القصب فقط وقت يكون في خسوف ما عندي مانع، لكن الضمان شنو يكون بيسرق في ايام الظلام وكت القمر يغيب بدري؟
قال القاضي مبتسما: ما مشكلة نحن ممكن نخليه يتعهد قدام الناس ديل ما يسرق القصب الا وقت خسوف القمر!
أشار القاضي لعبد العاطي فنادي بصوته: المتهم الحنين.
جاء الحنين، كان يبدو مسكينا وضعيفا لا يقوى ولا حتى على رفع عود قصب واحد من الارض. حتى الجلباب الممزق الاطراف الذي يرتديه كان يبدو كأنه يسير وحده ولا يوجد إنسان في داخله
قال القاضي: اها يا الحنين. انت سرقت القصب؟
قال الحنين ببساطة وكأنه يرد على السلام: نعم!
شعر شيخ الطيب بخيبة أمل من سرعة الاعتراف الذي كان يأمل في انتزاعه بعد استدعاء الشهود وبعد عدة اسئلة ومداولات.
كانت لديه عدة اسئلة حول مكان وجوده لحظة ارتكاب السرقة، لم يعد لها معنى. فكر قليلا وسأل سؤالا غير ذكي: وسرقت ليه!
صمت الحنين وقال: والله قسمة ربنا بس!
ضحك شيخ النور وقال: دي ما قسمة ربنا، براك قسمت لي نفسك!
قال شيخ الطيب بلهجة تحقيقية ليعوض عن الاعتراف السريع: لازم يكون في سبب قوي. عشان الرجل دة مقدم شكوى ضدك!
قال الحنين: يعني القسمة ما سبب قوي؟
تحير القاضي قليلا، حاول أن يلقي محاضرة يستعين فيها بإرثه من دراسة الفقه، لكنه اكتشف أنه لا يذكر شيئا من الأحاديث التي يمكنه أن يفند بها دعاوي الحنين لتأصيل سرقة القصب. سحب كرسيه للخلف قليلا وأعطى المتهم عدة خيارات ليسهل له الاجابة بعيدا عن إلقاء تبعة ما اقترفته يداه على القسمة والنصيب:
لا إنت وكت مشيت تسرق القصب كنت محتاج مثلا، البقرة جيعانة؟ داير تعمل راكوبة في البيت؟ كنت مستلف قصب من زول جة ضايقك عاوز ترجعها ليه؟ زوجتك قالت ليك جيب قصب عشان نولع بيه النار لعمل العشاء؟ وبعدين ليه اخترت وكت الخسوف للسرقة؟
بدا الحنين مترددا كأن خيارات القاضي لم تنطبق كلها على سرقته. حاول التمسك بمسألة القسمة حتى لا يتهم بتغيير أقواله، فكر قليلا ثم قال: والله القسمة ودتني مراح البهائم مع أن دائما الاولاد بيعشوا البهائم ويحلبوا البقرة، يوم الخسوف كنت ماشي أسهر مع رضوان في الحلة بحري، رضوان قال لي سكر يوم الخسوف ما بينفع، بننسخط لو سكرنا، قلت ليه ننسخط اكتر من كدة حنبقى شنو؟ عشان كدة اضطريت رجعت البيت بدري! لقيت البقرة جيعانة، ما قدرت أحلبها، بعدين الاولاد الصغار كانوا جعانين، الكبار مشوا إتعشوا في كرامة الخسوف في المسيد. مشيت اسرق قصب من جنينة العمدة، هناك القصب كتير مافي زول حيعرف ان في ربطة اتسرقت، لكن لقيت المحل ملان بالاولاد جايين عشان الخسوف. كل محلات القصب لقيتها ملانة بالشفع. جيت ماري جنب بيت حسن الاعور لقيت الاولاد قاعدين في الشارع قدام البيت منتظرين الخسوف. قررت خلاص ارجع أو امشي الحواشات أحاول القى شوية قش رغم ان اليومين ديل مافي حاجة، ناس الرعي ما خلوا حاجة في الحواشات. في اللحظة دي القمر غاب والدنيا بقت ظلام. إنتهزت الفرصة قلت مافي زول حيشوفني.
لكن الكلام دة حرام! قال القاضي.
قال الحنين: حرام شنو، في زول من حكومة الكيزان ديل قالوا سرق بلد كاملة باعها بناسها وبهائمها! بقت على ربطة القصب بتاعتي دي!
تجاهل القاضي كلامه حول السرقة الحكومية وقال: كان ممكن تستأذن الزول دة وتستلف منه القصب!
قال الحنين: استأذنت منه كتير. آخر مرة قبل أيام قال لي ما عندي قصب، العندي ما حيكفيني لغاية نهاية الموسم!
وقف حسن الأعور وقال:
الزول دة يا مولانا لازم يتسجن ويدفع لي تعويض، الزول دة قبل كدة سارق مني حمار!
قال القاضي: الشهود اثبتوا الزول دة كان مريض وعنده ملاريا وكت حمارك اتسرق. ودي بلد مفتوحة تجار حمير مارين ممكن يسوقوا حمارك وسطهم بدون زول يلاحظ وانت حمارك مطلوق اليوم كله، الناس كلها تشتكي ان حمارك كان بيتلف الزراعة عشان كدة الناس فرحت وكت حمارك اتسرق!
أنت فرحان يا مولانا عشان حماري اتسرق؟ انت مفروض رجل قانون ترجع المسروق مش تفرح وكت الناس تسرق!
قال القاضي: أنا ما فرحت، قلت ليك بعض الناس فرحوا لأن حمارك كان معذبهم، أكل برسيم الناس ودخل الحواشات أتلف الزراعة!
لم يفند حسن الأعور إتهام حماره المسروق بإتلاف المزروعات، أصر على إتهام الحنين:
الزول دة سكر بحماري!
قال القاضي: كيف الزول يسكر بالحمار؟ قصدك ركب الحمار مشى سكر بيه؟
لأ سرق الحمار وباعه ومشى اشترى بالقروش العرقي !!
قال شيخ النور: لو عندك شهود جيبهم الزول دة سكر بحمارك او دة حنعتبره قذف!!
قذف شنو انا عمري ما جدعت الحجر. بالعكس زمان وكت كنت فنان بغني في الاعراس الناس جدعوني بالحجارة، في الاول كنت بصبر عليهم وبرد عليهم بالغناء، لكن وكت الضرب كتر بقيت أردم الحجر جنبي قبل ما أبدأ الغناء، ولو أي واحد رماني بحجر بضربه أنا كمان بالحجر وما بوقف الغنا. بكون بغني واضرب والزول يكون جاري من ضرب الحجر وبيرقص من الغنا في نفس الوقت!!
قذف يعني اتهمت الزول بالكضب
كضب كيف الزول اعترف قدامكم!
اعترف بالقصب ما بالعرقي
ما خلاص زول معترف بالسرقة غالبه شنو يجيب العرقي يسكر بيه!
بادره القاضي: وإنت عرفت كيف انه باع الحمار وسكر بقروشه؟
تردد حسن الأعور قليلا، وتلفت حواليه كأنه يحصي عدد من سيشهدون فضيحة اعترافه قبل أن يعلن: ست العرقي قالت لي!
قال القاضي: والوداك محل العرقي شنو؟
ما مشيت أي محل يا مولانا، ست العرقي دي الا امشي اشتري منها، يمكن قابلتها في السوق!
وست العرقي القابلتها في السوق دي، شافت الزول دة وهو بيبيع الحمار ويجي يشتري العرقي!
لأ لكن وكت اشترى العرقي طلّع من جيبه قروش كتيرة دفع منها تمن العرقي، ست العرقي قالت ليه: بعت التمر؟
قال ليها لأ، دي قروش حرام عشان كدة بدفع منها تمن العرقي عشان يذهب الحرام من حيث أتى!
ضحك شيخ النور وقال: وأي قروش حرام معناها قروش حمارك؟
قال القاضي مصرا: وانت الوداك لست العرقي شنو؟ معقول حتحكي ليك الكلام دة كله في السوق؟
فرغ صبر حسن الأعور: مشيت سكرت يا مولانا. ولو أنا ما سكرت يا مولانا انت حتشتغل شنو؟ عندك شهود ناديهم وأجلدني!
حكمت المحكمة بالحبس ثلاثة ايام على حسن الأعور لإهانته المحكمة الموقرة. وبغرامة عشرة جنيهات على الحنين لسرقته ربطة قصب على أن يعوض الشاكي بمبلغ خمسة جنيهات.
قال الحنين: عشرة جنيه عشان ربطة قصب، دة حكم جائر يا مولانا!
مسح مولانا العرق الغزير من وجهه ولوّح بمنديله الابيض الضخم مستسلما للقيظ، وقال: دي قسمة يا الحنين، ليه سرقتك تبقى قسمة وحكمنا يبقى جائر؟
رفعت الجلسة.
2018
أحمد الملك
ortoot@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: خسوف القمر قال القاضی قال لی
إقرأ أيضاً:
(تسعة طويلة .. مجرد رقم على السجلات الجنائية)
قبل اكتر من خمستاشر سنة كنت قاعد في المكتب مع الزميل الحبيب عمر دبورة و هو حاليا مفترض يكون وصل لرتبة مقدم او عقيد ، المهم كنا بنشرب في القهوة و بنخطط في توزيع قوتنا الميدانية و انا كنت ماسك لي تقرير احصائي فيهو جداول و ارقام و احصائيات جنائية فلاحظت في واحد من الجداول رقم كده لنوع من الجرائم خلاني اقيف عندو كتير و اتكلم فيهو مع الاخ عمر و طوالي قررنا انو نعمل مراجعة لكل القضايا المن النوع ده لانو شعرنا انو في خلل و خطر خفي و فعلا بدينا نشتغل و حددناها لي حدها و كانت النتيجة انو نكتشف تنظيم اجرامي و اسلوب اجرامي مستحدث و نفك طلاسم جريمة منسية و تم تكريمنا بي ثناءات من المدير العام للشرطة .
اكيد ح اوريكم قبضنا على العصابة كيف بس جهزوا القهوة خالي سكر و دواء و كملو البوست للاخر و اعملو مشاركة للبوست لانو مهم جدا يوصل للسيد وزير الداخلية الفريق ابوبكر سمرة .
كلنا عارفين إنو عصابات تسعة طويلة اصبحت شغالة بالنهار و الليل ، مجموعات بتظهر للمواطنين ذي الاشباح ، ينهبوا و يسرقو و يقتلوا بدم بااارد ، عصابات اصبحت بتمثل عنوان للفوضى و صورة مصغرة لانهيار الأمن اثناء الحرب .
تسعة طويلة ما ظاهرة جديدة جات بعد الحرب بل هي ظاهرة انتشرت قبل سنوات و تمددت بسبب الفشل الامني ، تسعة طويلة ما مجرد انحرافات فردية بل هي جريمة منظمة بكل المقاييس عندها شبكات و قيادات و خطط و مناطق نفوذ و اي ظاهرة في الدنيا دي عشان نكافحها لازم نناقشها بكل وضوح و نتتبع جذورها و نشوف اسبابها و نحللها التحليل السليم .
بالتاكيد ما ممكن نجزم بانو ظاهرة تسعة طويلة الحالية بيقودوها نظاميين سابقين لكن من المؤكد و بحسب الاسلوب الاجرامي المستخدم بنلقى في لمسات ظاهرة لنظاميين سابقين تحت دعم و متابعة من اجهزة استخباراتية خارجية هدفها تخويف المواطنين من العودة و زعزعة الامن الداخلي و إفشال المنظومة الأمنية ، و عشان نقدر نوصل للحقائق و القدرة على تفكيك الشبكات الاجرامية دي لازم نتكلم بوضوح و نشير باصابعنا لاماكن الخلل و نقترح الحلول و نقدم الرؤى و الافكار .
ناس السجون في السودان عندهم ادارة مهمة جدا اسمها ( الرعاية اللاحقة ) و دي ادارة مهمتها الاساسية إنو تتابع المجرمين الانتهت فترة عقوبتهم و طلعوا للمجتمع في الخارج ، الادارة دي بتراقبهم و تراقب سلوكياتهم و نشاطاتهم و بذات الطريقة دي مفترض تكون في ادارة في استخبارات الشرطة و اجهزة الامن الداخلي بترصد و تتابع النظاميين الخرجو من الخدمة و ترصد نشاطاتهم و حركة اموالهم و يا ريت كمان ذي ما بنعمل فحص طبي و فحص امني و فيش لاي زول يتقدم للعمل في الشرطة و الامن او مؤسسات الدولة الاخرى يفترض نضيف شرط ( الفحص النفسي ) .
تسرب كوادر الشرطة و الامن بعد الحرب من دون تتبع او مراقبة او حتى إحصاء دقيق احدث فراغ كبير و خطير جداً لانو الكتير من العناصر دي عارفين تفاصيل العمل الامني و اساليبه و ثغرات النظام الامني و فيهم ناس لسه عندهم سلاح و بطاقات عسكرية عشان كده من الطبيعي نشوف بصمات أمنية محترفة في اساليب تنفيذ الجرائم المنظمة خاصة جرائم تسعة طويلة ، فعسكري الجيش البيطلع من الجيش و ينضم للمليشيات او المتمردين بيعمل صداع للجيش بسبب خبرتو و تدريبو العالي و كذلك ضباط و عساكر الشرطة و الامن المنحرفين لامن يهربو او يتم فصلهم من الخدمة بيمارسو انشطة اجرامية و بيأسسو عصابات قادرة انو تسبب الصداع للمؤسسة الامنية بسبب خبرتهم الكبيرة .
كلنا عارفين ان وزارة الداخلية بتواجه ازمة مركبة ضاعفتها الحرب خصوصا في الامكانيات لكن الخطر الكبير و الحقيقي البيواجه الشرطة السودانية ما بسبب ضعف الامكانيات بل بسبب فقدان التقييم و التحليل العلمي للواقع الميداني فالجريمة عندنا للاسف بنواجهها بردود فعل انفعالية بدون رؤية إستراتيجية ، يعني بي بساطة كده ما قاعدين نهتم بالعمل الإحصائي و الرصد الدقيق و التحليل السليم ، بنرتجل ساااي كده .
معظم القيادات الميدانية بيتجاهلو العمل الإحصائي و معظم القيادات العليا بيوقعوا على التقارير الإحصائية بدون ما يهتموا بتفاصيلها و تحليلاتها و توصياتها ، و الكلام ده ما عند ناس الشرطة بس ، بل في اغلبية الوزارات و الدوائر الحكومية بنلقى إنو مسؤلين الإحصاء و المعلومات مافي زول بيشتغل برصدهم و تحليلهم و حتى مكاتب الإحصاء بنلقاها اكتر مكاتب حكومية مهملة و موجودة في اذقة الوزارات و جدرانها منهكة من تسربات الصرف الصحي بتاع المؤسسة بالرغم من انو عندنا حاجة اسمها الجهاز المركزي للاحصاء و المركز القومي للمعلومات تحت مظلة رئاسة مجلس الوزراء و ما اظن في زول بيعرف اسماء المسؤلين من الاجهزة ديل منو ؟؟ و الكلام ده ليك يا دكتور كامل ادريس ، الموضوع ده طويل لكن لو ما فتحناهو ما ح نقدر نلامس جزور ازماتنا كلها و على راسهم الازمة الامنية .
واحدة من الكوارث المؤسسية الاتراكمت عبر الانظمة المتعاقبة في بلدنا هي الإستخفاف بالعمل الاحصائي و خاصة الاحصائيات المتعلقة بالجريمة رغم وجودها في سجلاتنا بقوالب و جداول قديمة و غير محدثة الا انها تعتبر كنز معلوماتي لكن للاسف ما بيتم تحليلها و فهمها الفهم الصحيح و لا بيتم البناء علي ضوءها رغم انها واحدة من اهم ادوات الامن القومي .
الرصد و التحليل السليم بيورينا الجريمة ح تحصل متين و وين بتتركز الجريمة و منو هم الجناة المحتملين و حتى نوع الاسلحة و اساليبهم الاجرامية و توقيتات انشطتهم ، ده كلووو ما ممكن نعرفو من غير مركز معلومات أمني حديث بيستخدم البيانات في رسم السياسات و توجيه القوات و اختيار الرد و التحرك المناسب .
ما عايز اطول في الكلام و انسى الحلول و واحدة من اقرب الحلول و اهمها هي إنشاء مركز معلومات و غرفة عمليات داخل حوش الوزارة و تحت رعاية وزير الداخلية شخصياً و إشراف المدير العام و يكون عندها افرع في ادارات الامن الجنائي ( المباحث ، استخبارات الشرطة ، السجون ) و بتنسيق كامل مع اجهزة المخابرات و الاستخبارات .
المركز و غرف العمليات دي تعمل على حصر كوادر الشرطة و الامن الهاربين و القدموا استقالات و المعاشيين و تتبع انشطتهم و تعمل قاعدة بيانات موحدة للمشتبهين و اصحاب السوابق او تأسيس مركز تحليل بيانات أمني متخصص يعتمد على تقارير البلاغات وسجلات الجرائم وربطها جغرافياً و زمنياً و تحويل البيانات الأمنية دي إلى خرائط إجرامية يتم تحديثها بشكل يومي عشان توجه العناصر في الميدان و ترسم الخطط .
و من المهم جدا تدريب ضباط و صف ضباط المباحث و الامن الجنائي على تحليل البيانات و المعلومات و اتخاذ القرار على اساسها و ليس على اساس الحدس و المصادر البشرية ، لانو الشغل بتاع الحملات المشتركة و انتشار العناصر ما ح ينجح لو ما كانت في خطط و توجيهات مبنية على رصد و تحليل سليم ، الشغل بتاع معلومات المصادر براهو ما بيحل لينا المشكلة من جذورها .
مسؤلية مكافحة الجرائم المنظمة ما مسؤلية الداخلية بس ، دي مسؤلية جماعية بيتشاركو فيها الشرطة و القضاء و النيابة و الرعاية الاجتماعية و لجان الاحياء و منظمات المجتمع و الإعلام و كل جهة عندها ادوارها المفترض تقوم بيها لكن الدور الاكبر على الامن الجنائي و على وزارة الداخلية انو تشرع في اصلاحات عميقة بتبداء من اعادة هيبة الشرطة و تفعيل العقل التحليلي داخل المؤسسة و إحترام الإحصاء كعلم و كسلاح و ما اعتقد انو دي حاجات محتاجة لامكانيات كبيرة او اموال خرافية ، دي حاجات محتاجة لعقول مهنية ما عقول سياسية ، فاذا احنا فقدنا الامل في ساستنا و كفرنا بيهم ما تخلونا نفقد الامل في المهنيين داخل مؤسساتنا .
العصابة الاتكلمت عنها في بداية البوست كانت بتستهدف الشماسة و المجانين مجهولي الهوية البموتو نتيجة للحوادث المرورية بقوموا يجيبو ليهم زول يمشي للشرطة و يدعي انو الشماسي المتوفي هو ابنه عشان يستفيد من اموال التامين ، العصابة دي مافي زول كان جايب خبرها او شاعر بيها لانها كانت بتشتغل باحترافية و هدوء لانو الضحية شماسي ما عندو اهل يسالو عنو و الدولة ما مهتمة بيهو كان مات و لا طار ، و لو ما تدقيقنا على سجلات و تقارير الاحصاء ما كان تم اكتشافهم و اتفككت العصابة بسبب مجرد رقم داخل جدول احصائي قادنا لكشف تنظيم اجرامي و تفكيكه .
لامن الدولة تدرك انو كل رقم في تقرير امني هو تهديد لحياة زول و كل نقطة حمراء على الخريطة بتعني اسرة مروعاها الجريمة و قتها ممكن نبداء المعركة الحقيقية ، معركة إستعادة الوطن من قبضة الخوف و الفوضى .
نزار العقيلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب