أنصار الله: سنقابل الحصار بالحصار والتصعيد بالتصعيد والبادئ أظلم
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
توعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جماعة “أنصار الله” في اليمن، “بالرد على أي هجوم آخر ضد الولايات المتحدة “بقوة هائلة”، فيما ردت أنصار الله” ترد على “ترامب”، بأنها “ستقابل الحصار بالحصار والتصعيد بالتصعيد”، وقالت: “البادئ أظلم”.
وقال ترامب: “أي هجوم أو رد فعل آخر من قبل الحوثيين سيقابل بقوة كبيرة، وليس هناك ما يضمن أن تتوقف هذه القوة عند هذا الحد”.
بالمقابل، أكد وزير دفاع حكومة الإنقاذ، التابعة لجماعة “أنصار الله” اليمينة، اللواء الركن محمد العاطفي، أن “القوات المسلحة اليمنية جاهزة لتطوير المواجهة بما يتناسب مع حجم التحدي ومع أي موقف طارئ”.
وقال اللواء الركن محمد العاطفي، إن “المعركة البحرية ضد العدو الإسرائيلي، بعد انتهاكه لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ليست كما قبلها”، مضيفا أن “اليمن لن يكل أو يمل عن إسناد غزة والحصار لسفن الكيان الصهيوني”.
وأوضح وزير الدفاع أن “العدوان الأمريكي على اليمن أكد للعالم مدى الدعم والانحياز الأمريكي إلى جانب الكيان الصهيوني”، مشيرا إلى أن “قرار اليمن كان محدداً بمنع السفن الصهيونية ولم يُهدد الملاحة البحرية الدولية في منطقة العمليات”.
وقال: “قدراتنا كافية لإدارة معارك بحرية طويلة الأمد وبأساليب ستصيب الأعداء بالذهول واليمن لن يصمت حيال تمادي العدوان الصهيوني في بطشه وتجويعه وحصاره الجائر لأبناء الشعب الفلسطيني”.
وأكد وزير الدفاع التابع لـ”أنصار الله” أن “اليمن سيقابل الحصار بالحصار والتصعيد بالتصعيد والبادئ أظلم وإن عدتم عدنا”، مضيفا: “سنجبر الكيان الصهيوني ومن يسانده على الرضوخ للقوانين والاتفاقيات الدولية بما في ذلك اتفاقيات الهدنة”.
وذكر أنه “سيتم التعامل مع السفن الإسرائيلية في مجال العمليات القادمة بما تفرضه متطلبات المعركة البحرية الشاملة”، مؤكدا أن “قواتنا بكافة مستوياتها قد اتخذت كافة الإجراءات والتدابير العسكرية لإنجاز المهمة بعد انتهاء مهلة القائد عبد الملك الحوثي للكيان الصهيوني”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: اليمن وأمريكا جماعة أنصار الله الحوثيين دونالد ترامب أنصار الله
إقرأ أيضاً:
هكذا تشكّلت في اليمن ثقافة الانتصار
في مشهدٍ بات يتكرّر على مدى أكثر من ربع قرن، يُثبت اليمن مرةً بعد أخرى أن الصراع لا يُضعفه، بل يزيده صلابةً وقوة، فمن الحروب الست، إلى العدوان السعوأمريكي المستمر منذ العام 2015، كان اليمن دائمًا يخرج من تحت الركام أكثر خبرةً، وأوسع إدراكًا، وأشدّ بأسًا، واليوم، تتعزز هذه الحقيقة مجددًا مع موقف اليمن الداعم لغزة، حيث تغيّر المشهد الإقليمي بعد هذا الإسناد، ولم يعد كما كان قبلُ.
يمانيون / تقرير / خاص
من الجراح تُولد القوة
يُجمع كثير من المراقبين على أن تجربة اليمن لم تكن مجرد سلسلة من المعارك، بل مسارًا طويلًا من بناء الوعي، وتعزيز الإرادة، وتكوين شخصية جماعية تعرف ما تريد، ولا تساوم في قضاياها الكبرى، ففي كل حربٍ تُخاض، يخرج اليمن أكثر وعيًا بقدراته، وأكثر قدرةً على الصبر والمصابرة، وأكثر تمسكًا بالكرامة والقرار المستقل.
فمن يراجع بدايات عدوان التحالف الأمريكي السعودي ، وكيف بدأ بتقديرات خاطئة عن حسم سريع، ثم ينظر إلى نهاياته، يرى بوضوح انقلاب المشهد، قوى العدوان أنهكتها المفاجآت اليمنية، بينما خرج اليمنيون بخبرات نوعية، وأسلحة متطورة، وثقة عالية بالنفس، وروحٍ وطنية لا تنكسر.
الجهاد .. وسيلة دفاع وبناء
غالبًا ما يُساء فهم مفهوم “الجهاد”، ويتم اختزاله في صورةٍ منقوصة، لكن التجربة اليمنية أعادت تعريف هذا المفهوم، وربطته بالبناء، والإصلاح، والإعمار، وصناعة القوة، فالجهاد هنا دفاع عن الأرض والكرامة، وفي الوقت ذاته وسيلة لتقوية النفوس وتنمية العقول، وتحفيز الطاقات.
لقد أثبتت التجربة اليمنية أن الأمم لا تُبنى بالراحة والاستكانة، بل بالصبر والعمل، والتحدي والمواجهة، والضعف الحقيقي لا يأتي من كثرة الحروب، بل من التخاذل والقعود عن تحمل المسؤولية، ورفض مواجهة العدوان.
اليمن في ميزان التجربة العالمية
ما جرى في اليمن يؤكد سنة كونية، أن الصراع والتحديات في جوهرها تصنع الأمم، فالدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، اعتمدت منذ قرون على وجود العدو كدافع لبناء الذات، لا يمر عقد إلا ويُصنّع خطرٌ ما لتبرير حشد القدرات وتنمية الصناعات الدفاعية والبحث العلمي والسيطرة على القرار العالمي.
لكن الفارق أن اليمن، رغم قلة الإمكانات، لم يستسلم، بل جعل من التحدي وسيلة للتحرر، ومن الصراع مدرسةً لصناعة الرجال، ومن الحرب ميدانًا لبناء القدرات.
رسائل ما بعد غزة .. دورٌ إقليمي يتشكل
حين أسند اليمن غزة بالفعل لا بالبيانات، ارتبك المشهد، وأُعيد ترتيب الأوراق، الرسائل كانت واضحة، أن اليمن بات لاعبًا إقليميًا له وزنه، ومن هنا يُفهم المعنى العميق بأن ما بعد إسناد اليمن لغزة ليس كما قبله.
فما فعله اليمن كان تعبيرًا عن وعيٍ استراتيجي يتجاوز الحدود، ورسالة لكل من ظنّ أن الحصار أنهكه، بأن العزائم لا تُحاصر، وأن الشعوب التي تُخلص لله وتثق به، تبني مجدها بأيديها، حتى من بين ركام الحرب.
الأمة التي غابت عنها حساسية الخطر .. حين يتحوّل التراجع إلى استباحة
لم تكن الأزمة التي عاشتها أمّتنا العربية والإسلامية طارئةً مفاجئة، بل نتيجة تراكمات فرضت نفسها عندما تلاشى إحساسٌ مركزيٌ بالتهديد وفُقدت الوسائل الفاعلة لمواجهته، منذ أن تراجع الوعي بخطر العدو وتبدّلت مفاهيم الجهاد في وعي الجماعات إلى مجرد وصمٍ بالدمار والإرهاب، بدأت الفجوة تتسع بين ما تملكه الأمة من إمكانات مشهورة أرضًا، سكانًا، ثرواتٍ بشرية وطبيعية، وجيوشٍ وأدوات، وبين واقعها المهشّم الذي تُسيطر عليه قوى البغي والطغيان.
النتيجة كانت واضحة، ضعف القرار، وتآكل الهيبة التي كانت تُبنى بإدراك العدو والوقوف في وجهه، فالمعرفة بالعدو والمواجهة المنظمة كانت دومًا من أعمدة النهضة، حين اختلّت هذه المعادلة، انحلّت شبكة الحماية، واحتُلت الأرض والسيادة، واندثرت معية الله في قلب التجربة الجماعية، في حين أن القوة لا تُبنَى إلا بالثبات والعمل والاعتماد على الله والثقة بنصره وتأييده.
لكن الأمر ليس مجرد نقدٍ للماضي، بل دعوةٌ لفهمٍ جديد،أن الجهاد بمعناه الشامل، الدفاع عن العرض والأرض، العمل على الإصلاح وبناء المؤسسات، وتنمية الاقتصاد والمجتمع، هو السبيل لاستعادة القدرة والكرامة، والتخلي عن هذا المنظور لا يعفي الأمة من التحديات، بل يتركها فريسةً لمنهجيات التبعية والضعف، وإعادة الوعي واستنهاض الطاقات الوطنية في مجالات التعليم والاقتصاد والدبلوماسية والمجتمع المدني، مع ربط هذا الجهد بخطابٍ أخلاقي وروحي يعيد للناس معنى التضحية المشروعة في سبيل الكرامة.
قائدٌ بثقةٍ مطلقة بالله.. كيف تشكّلت في اليمن ثقافة الانتصار؟
في سنوات الصراع الطويلة، لم يكن اليمن يخوض معاركه بالسلاح وحده، بل بنمطٍ مختلف من القوة، ثقةٌ مطلقة بالله ونصره، وثقافةٌ تشكّلت حول الصبر والمواجهة والثبات، وفي قلب هذه الحالة الروحية، برز دور السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، في توجيه الوعي الجماعي نحو الاعتماد على الله كأصلٍ في المواجهة، لا كعاملٍ معنوي ثانوي.
في خطاباته المتكررة، ركّز السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، على مفاهيم الإيمان والثقة بالله كأساسٍ للانتصار، لم يكن حديثه دينيًا تقليديًا فحسب، بل جزءًا من خطاب تعبوي يُعيد تشكيل النظرة إلى الصراع بوصفه محطة لبناء النفس والمجتمع، والارتباط بالله وتوجيهاته ، وتعزيز مستوى العلاقة مع الله ومع هدى الله.
هذا التوجّه صنع فارقًا جوهريًا في معنويات اليمنيين، حيث تحولت المعاناة إلى مدرسة، والخطاب الروحي إلى حافز للعمل، والإيمان إلى خطة صبرٍ طويلة المدى، فحين تتكرر الرسائل عن الوعد الإلهي بالنصر، وتُربط كل تضحيات الميدان بمعاني الثبات، فإن الشعب لا يتعامل مع الحرب كأزمة عابرة، بل كطريق لصناعة أمة أكثر وعيًا، وأكثر استقلالًا، وأكثر اتصالًا بالله.
الثقة بالله لم تكن مجرد شعارات، بل بوصلة روحية وثقافية قادت اليمنيين في أحلك المراحل، وكانت إلى جانب البذل والدماء من أبرز ما صاغ هذا الصمود المتماسك، وهذا الحضور المتجدد بعد كل جولة صراع.
خاتمة .. معية الله تصنع الفارق
في نهاية المطاف، فإن سرّ الصمود اليمني لا يمكن فصله عن الإيمان العميق بمعية الله، والارتباط بقضية عادلة، والوعي بمفهوم الجهاد كوسيلة بناء، فالأمم التي تقاتل دفاعًا عن كرامتها تُمنح من الله قوةً تفوق العدّة، وعزمًا يتجاوز العوائق.
وهكذا، لا يعود غريبًا أن يخرج اليمن من كل صراعٍ أقوى، لأنه ببساطة لم يُحارب دفاعًا عن سلطة أو مكسب، بل جاهد لأجل كرامة وطن، واستقلال قرار، ونصرة أمة.