ترامب ونتنياهو…هل يُدشنان ميدانيا عصر ما بعد العولمة…دعوة للتفكر..؟.
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
#ترامب و #نتنياهو…هل يُدشنان ميدانيا عصر #ما_بعد_العولمة…دعوة للتفكر..؟.
ا.د #حسين_طه_محادين*
(1)
مرحلة العالمية..
قبيل تسعينيات القرن الماضي، شكل وجود قطبين قائدين للعالم هما”اميركا الراسمالية والاتحاد السوفيتي الاشتراكي الاممي” نوعا من التوازن في البناء الفكري و السياسي /الاقتصادي العالميين عبر ما عُرف بالحرب الباردة، أذ عرف جل علماء العلاقات الدولية والاجتماع السياسي تلك الحقبة بالعالمية التي كانت تمنح الدول النامية حرية نسبية في اختيار تحالفاتها وتجاراتها من السلع والاسلحة مثل توزع المواقف العربية بين القطبين انطلاقا من جوهر الصراع العربي الاسرائيلي حينها، إضافة الى توفر الجرأة لدى دول العالم في اطلاق مبادرات واعدة وموازية للقطبين الكبيرين، مثل حركة عدم الانحياز كطريق ثالث والتي انطلقت في مؤتمر باندونغ.
(2)
مرحلة العولمة.
استراتيجيا؛ بُعيد تسعينيات القرن الماضي، سقط ايدلوجيا وسياسيا القطب الاشتراكي والانظمة التابعة له في العالم ممثلا بقائده الاتحاد السوفيتي، فتسيّدت الراسمالية بأوسع مراحل تطورها الربحي والتكنولوجي معا العالم تحت عنوان العولمة التي تقودها اليوم اميركا برئاسة ترامب ؛ وهي في جوهرها عولمات كما اصفها علميا، لانها ليست اقتصادية وعسكرية ودولارية توسعية بحته، بل انها ايضا عولمات ثقافية اجتماعية لا دينية، وتكنولوجيا قائمة على تسيٌد القيم والمهارات الفردية ، لذا فهي عابرة للجغرافيا واللغات ترابطا مع إضعافها لبنية كل الاديان، بعد ان بنت وانحازت كونيا لدينها الخاص بها ، الا وهو العلوم عبر التكنولوجيا غير الغيبية، اي تبنيها العلم المنتج وبكثافة بقيادة اللغة الانجليزية المحملة على ادوات التواصل التكنولوجي المتنوعة
والذي يزيد بدوره من مراكمة ارباح العولمة كنظام حالي أحاديّ القطب اي امريكي يقود الكوم ؛ فكرا ودولار ،لغة انجليزية وشركات متعددة الجنسيات، حيث ساعد هذا الواقع الدامي على تفرد دولها القائدة للعولمة بقيادة اميركا اولا، واسرائيل ثانيا كراس حربة لها في منطقتنا العربية المسلمة الغنية في الموارد الحضارية الروحية والايمانية والتكافلية الجماعية المتدينين فيها، كون منطقتنا “منبع الاديان المقدسة الثلاث مثلا” ساعدها على حكم العوالم الجديدة في حياة البشرية حاليا،وبالتالي نجاحها في الاستحواذ -والكل صامت وراض ِ- على قراراتنا واراضينا العربية والاسلامية رغم ضخامة حجم الموارد الطبيعية الغنية لدينا ترابطا مع موقعنا الجغرافي السياسي ووجود المنافذ المائية الاهم في العالم كذلك.
(3)
مرحلة ما بعد العولمة ..
تتسم المرحلة الحالية بعد مرور ثلاثة عقود ونصف على ظهور العولمة كمرحلة حضارية وسياسية كما ذكرت قبلا ؛بأن ما بعد العولمة الحالية الاي نعيشها فواجعها وكما اصنفها علميا كأكاديمي وسياسي بقيادة الرئيسين ترامب ونتياهو هي الاكثر راسمالية وغطرسة ومركزية غربية في الكون عبر تاريخ البشرية بالمعنى الكوني اي على الارض وفي الفضاء ، من حيث هول الطمع والاستغلال الجشع في ابادة الشعوب المُحتلة ” الغزيٌ الفلسطيني انموذجا” و عبر السعي المسلح في استحواذهم على الموارد النادرة”اوكرانيا وبعض الدول الافريقية انموذجا، واموال وأرصدة الدول النفطية النامية المودعة والمجمدة في البنوك الغربية ايضا ، كونهما مادتان ضروريتان لاستمرار وتطور احتكاراتهم في عصر ما بعد العولمة على صناعات الطاقة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي المتقدم لديهم خدمة لايدولوجيتهم ولشركاتهم العملاقة التي اصبحت متعدية الجنسيات والسياسية.
اخيرا…
اليس من الضرورات الملحة جدا ان نُدرس وندرس هذا الكون في مدارسنا وجامعاتنا ومراكز الدراسات الإستراتيجية الفاعلة على قِلتها ،ما هية العولمة وما بعدها كايدلوجية كونية قائدة لكل عناوين حياتنا وهي التي تسعى الى تذوبينا وتهجيرنا والاستيلاء على بلداننا ومواردنا المتنوعة بالقوة ،فكرا وعقائد دون رأفة او حياء منا ، او حتى دون مشورة او استئذان..؟
ماذا نحن فاعلون امام هول ودموية توزيع واعادة تصميم الشرق الاوسط الجديد..؟
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ترامب نتنياهو ما بعد العولمة
إقرأ أيضاً:
مأزق الوحدة العربية الكبرى
في هذا العالم الواسع الذي يعيش فيه قوميات، وأعراق، وطوائف، وديانات، وإثنيات عديدة ومختلفة، تسعى في معظمها إلى التعايش، والتوحد في وجه الأخطار المتعاقبة، وأن تكون جماعات قوية، وفاعلة، يطل العرب في هذا الزمن الغريب، وبكل أسف، وكأنهم خارج الزمن، وخارج المنظومة الاجتماعية المتعارف عليها، يظهرون في صور مختلفة، ومتخلفة، بدءا من التناحر، والاقتتال، والاحتشاد الطائفي والمذهبي، وانتهاء بالمؤامرات الصغيرة، والمشكلات الخفيّة، وكأنهم في غابة لا نظام لها، ولا قانون، فبينما تتجه الدول إلى الاتحادات، وتنسيق المواقف، وتنظيم الصفوف، في مواجهات كبيرة، وخطِرة تكاد تلتهم وجودها، يظل العرب في دوامة الصراعات الضيقة، دون رؤية واضحة، ودون بوصلة محددة، يتجهون إلى مصايرهم دون وعي في أحيان كثيرة.
ورغم أن قواسم الاتفاق، والتوحد أكثر من الاختلافات بين الدول والشعوب العربية، إلا أن العمل الفردي يغلب على معظم السياسات، ولذلك باءت محاولات الوحدة كلها بالفشل، فلم تنتهِ المشاكل الحدودية، وظلت التناحرات الطائفية والمذهبية في بعض الدول قائمةً، وهذا ما يجعل هذه الدول مفتتة، وممزقة، وغير فاعلة، بل أن لدى شعوبها أزمة هويّة واضحة، ولعل حرب «غزة» الحالية أظهرت ذلك المأزق، وكشفته بشكل واضح، فبينما يتغنّى العرب في إعلامهم، وكتبهم الدراسية، وفي وجدانهم القومي بالعروبة، والتاريخ والمصير المشترك، يبدو الواقع السياسي وكأنه بعيد جدا عن هذه الشعارات، بل وقريب من مواقف عدوٍ «كلاسيكي» ومعروف إلى وقت قريب، إلا أن الضبابية بدت واضحة على الموقف العربي الواحد، مما يجعل تلك الشعارات مجرد لافتات بائسة.
إن الوحدة أصبحت ضرورة حتمية لكي يستعيد العرب مكانتهم، ويستثمروا مواطن قوتهم، ويعملوا من أجل المستقبل، فالدول التي تعيش على أكتاف غيرها، يظل مصيرها معلقا بيدي عدوها، ويظل القرار السيادي منقوصا مهما بدا غير ذلك، فالحسابات العربية غالبا ما تُبنى قبل كل شيء على مصالحها مع الدول الكبرى، حتى ولو كان ذلك على حساب جارة شقيقة، يربطهما مصير مشترك، وجغرافيا، ودين، ومصالح أبدية، ولكن الواقع يقول: إن الضعيف لا يمكن أن يعتمد على ضعيف مثله، فهو يحتاج إلى دولة قوية تحميه، ونسي العرب مقولتهم الشهيرة، وشعارهم الكبير «الاتحاد قوة، والتفرق ضعف»، ولم يلتفتوا إليه في واقعهم، ولم يطبقوه في حياتهم السياسية.
إن الدول الكبرى لديها قناعة راسخة بأن الدول العربية يجب أن تظل ضعيفة، وتعتمد عليها في كل شاردة وواردة، وأن أي تقارب عربي يعني خطرا على وجودها الاستراتيجي في المنطقة، لذلك تعمل ليل نهار على إشعال المشكلات بين الدول العربية، وتوليد الخلافات، وخلق العداوات مع الجيران، وإبقاء الوضع على ما هو عليه، حتى يسهل عليها كسر هذه الدول، وتفتيتها، ليكون لها اليد الطولى في مصيرها، وتضمن وجودها العسكري لأطول مدة ممكنة، ولكن على العرب أن يعرفوا أن كل سرديات التاريخ تثبت أنه ليس للضعيف مكان في عالم القوة، وأن حزمة الحطب لو اجتمعت فلن يسهل كسرها، ولذلك على هذه الدول المتحدة في كل شيء إلا في الواقع، أن ترى المستقبل بعيون أوسع، وبحكمة أكبر، وتعلم أن الوقت حان للملمة الأوراق، والبدء في رحلة العمل الطويل والشاق في سبيل حلم «الوحدة العربية الكبرى».