فيلق أدونيس يضم في قيادة الأركان الشيخ حكمت الهجري، وماهر الأسد، وعبد الفتاح السيسي، وخليفة حفتر، وقائمة تطول فنجد فيها المرشد خامنئي وبنيامين نتنياهو وبن غفير. ما الذي يوحد هذا الجيش العرمرم؟ لا شيء في الظاهر، لكن كل مكوناته تحظى بمحبة الغرب العارمة، والغرب يمنحهم ألقاب مجد عظيم؛ فهم عناوين التقدمية وهم منجزو الديمقراطية، وهناك رابط آخر هو قاعدة المحبة الغربية؛ هؤلاء جميعهم ضد حكم أحمد الشرع وجيشه في سوريا.
ممنوع حكم الإسلاميين في سوريا
اتضح مسار بناء سوريا الجديدة؛ الإسلاميون (فرق متعددة ولكن متوافقة حتى الآن) يقودون معركة بناء سوريا الجديدة. الصورة تتضح بالتدريج على قاعدة من حرر يقرر، فشرعية السلاح مقدمة على بقية الشرعيات، ويضاف إليها علامات كثيرة تلاقي قبولا لدى السكان ويعبر عنها أفراد من خارج فيلق أدونيس. صبر هنا، تريث هناك، اجتناب غطرسة المنتصرين على عادة الثوار الذين عرفنا في الكتب.. في المجمل علامات نجاح قابلة للمراكمة والرسوخ، بما يعني النجاة من اضطرابات ما بعد النصر والدخول فعليا في القيادة الدائمة بوسائلها.
له وجه يخرج به على السوريين الذين دمرهم نظام البعث ليملي عليهم آراءه في السياسة والحكم من قلب باريس، حيث يقيم ويكتب مطولات في إعادة تنظيم الكون. إنه ليس شخصا، إنه موقع وتوجه يجلس فيه كل معاد للتيار الإسلامي دون أن نعرف الأسباب الفعلية لهذا العداء سوى أنه عداء يتوافق توافقا تاما مع حرب الغرب على الإسلاميين
هذا يزعج الغرب، فهناك احتمال كبير أن تصير سوريا بلدا عربيا مسلما يحكمه فريق إسلام كفاحي (سياسي). هذا الإسلام مزعج، لقد أوشك أن يستولي على الجزائر (ونفطها وغازها وموقعها في الجوار القريب) بالانتخابات لو لم يتول العسكر التقدمي كسر الصندوق الانتخابي الخطير.
هذا الإسلام شارك في الربيع العربي، وكان الظن أنه ربيع ياسمين فإذا هو بداية ديمقراطية حقيقية وأوشك الشطر الثاني من البحر المتوسط أن يكون تحت حكم إسلاميين لا يحبون الغرب. يتذكر الغرب العثمانيين ويتذكر قبلهم اندحار الصليبيين وقبل ذلك سقوط إمبراطورية الشرق المسيحي، هؤلاء الإسلاميون يشربون من معين ذلك التاريخ.
لقد أرخي الحبل في المائة يوم الأولى لجماعة أحمد الشرع فانكشفوا أنهم نفس الفكرة/ المشروع ونفس التيار وإن دخل من أبواب متفرقة، لنبدأ إذن عملية قطع الطريق بواسطة فيلق أدونيس. لقد نجح الأمر في جزائر التسعينات ونجح في صد الربيع العربي وكسر الصندوق الانتخابي (الملعون)، بل تضاعف النجاح، لقد قام فيلق أدونيس بأكثر مما طُلب منه، لقد جوّع غزة وأعطشها أكثر من نتنياهو. يجب إفشال حكم الإسلاميين في سوريا ولو بنهر من الدم، ويا للغرابة ضم فيلق أدونيس بن غفير وخامنئي من أجل نفس المهمة.
أدونيس اسم للخيانة
لا معصم له ليمسك سلاحا، لكن له وجه يخرج به على السوريين الذين دمرهم نظام البعث ليملي عليهم آراءه في السياسة والحكم من قلب باريس، حيث يقيم ويكتب مطولات في إعادة تنظيم الكون. إنه ليس شخصا، إنه موقع وتوجه يجلس فيه كل معاد للتيار الإسلامي دون أن نعرف الأسباب الفعلية لهذا العداء سوى أنه عداء يتوافق توافقا تاما مع حرب الغرب على الإسلاميين.
إن موقف معاداة الإسلاميين لا يعبر عن معارضة سياسية ضمن مشهد ديمقراطي تعددي حل فيه الإسلاميون عبر مسار ديمقراطي محل "فيلق أدونيس" وحكموا فأساؤا الحكم فحُقت معارضتهم طبقا لقواعد الديمقراطية. لو كان هذا العداء على هذه القاعدة لسميناه خلافا لا عداء، لكنه عداء يذهب إلى حد الاستباحة التامة والقتل المنهجي.
نعم، الغرب حارب الإسلاميين منذ ظهورهم بشكل منظم في البلدان العربية، ووجد دوما حكاما عربا يقومون بالمهمة على الوجه الأكمل. لم يتفرد حاكم عربي واحد بإدارة حوار سياسي مع مكون إسلامي يعارضه سلميا منذ أول انقلاب عسكري عربي، لقد تخصصت الانقلابات العسكرية في قتل الإسلاميين وكان ذلك أقوى سبب للبقاء في الحكم والحصول على الدعم المالي والسياسي الغربي. وقد وجد الغرب دوما "أدونيسات" كثر ليبرروا ذلك ويسوقوه كعمل تقدمي تحتاجه الشعوب العربية الرجعية.
سوريا حالة تتكرر
في سوريا يظهر علينا من جديد نفس المشهد السياسي الذي تعرى بعد الربيع العربي (وكنا نعرفه قبل ذلك وأملنا زواله بالربيع)؛ توجد نخبة عربية تعادي الديمقراطية وتتفق في ذلك مع الغرب الاستعماري، ولأنها تتحرك في مربع إفشال الديمقراطية فإنها تحظى بالدعم الإعلامي والمادي والعسكري عند الاقتضاء لتكملة المعركة
في سوريا يظهر علينا من جديد نفس المشهد السياسي الذي تعرى بعد الربيع العربي (وكنا نعرفه قبل ذلك وأملنا زواله بالربيع)؛ توجد نخبة عربية تعادي الديمقراطية وتتفق في ذلك مع الغرب الاستعماري، ولأنها تتحرك في مربع إفشال الديمقراطية فإنها تحظى بالدعم الإعلامي والمادي والعسكري عند الاقتضاء لتكملة المعركة.
لا يجب أن يقوم حكم ديمقراطي في البلدان العربية تسمح بوصول إسلاميين إلى سدة الحكم ولو بأقلية عددية، وكل انقلاب عسكري أو أمني (أو تزييف انتخابات) مرحب به ما دام يؤدي هذه المهمة. لا نجد هذا مكتوبا في كراس منشور، لكننا نقرأه في كل ما فعلت الدول الغربية منذ الخمسينات.
ونقرأ أيضا الاستعدادات للتعاون التي تبديها النخب السياسية والعسكرية والنخب الثقافية والإعلامية. هكذا كان الأمر من المغرب إلى العراق؛ غرب يطلب وأنظمة عسكرية تستجيب وتبالغ ونخب مثقفة تبرر، والنتيجة بلدان عربية متخلفة وشعوب مضطهدة مقهورة تتلمس بقية خلاص عند الإسلاميين. الغرب لا يسأل لماذا كلما حدث حراك سياسي في منطقة عربية مال الشعب إلى الإسلاميين، لأنه يعرف الإجابة، إنما النخب الوطنية "الأدونيسات" لا يريدون طرح السؤال أصلا؛ لأنه السؤال الذي يحتمل إجابة واحدة: الشعب لا يصدق تقدمية "الأدونيسات". ربما يكون الشعب أميا ولا يستعمل كلمات كبيرة في الحديث مثل حقوق الإنسان، لكنه يحدس الصدق ويتبعه ويمنح نفسه حق التجربة، ولم ير الإسلاميون يحكمون فيقيس صواب حكمهم إلى ما يريد منهم، إنهم مطاردون دوما لذلك يتعاطف معهم. وفي الحالة السورية يتذكر كل سوري مقهور من حرره أي من دفع ثمن لحظة الحرية التي يعيشها الآن في قلب دمشق لا في قلب باريس، وهو ليس أدونيس طبعا.
وإذ نعاود تعرية هذه الحقيقة لقارئ محتمل تتقاذفه الأخبار نذكره بأن وجود الإسلاميين في الموقع الأخلاقي والنضالي السليم في لحظة سوريا الآن لا ينتج عنه بالضرورة فلاح في الحكم، فالحصار الغربي فعال ومدمر وهو يستهدف التجربة ويعمل على إفقاد الفرد السوري المرابط في بلده الأمل في ثورته وفي من يحكم باسمها، تماما كما فعل بتونس ومصر وغيرهما؛ قتل الأمل وإحياء (الأدونيسات) وتسويقهم ليحلوا محل الإسلاميين الذين حملوا البندقية في سوريا. فيلق أدونيس مستعد دوما للخيانة.
والأفق؟ لا ديمقراطية مع الأدونيسات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أدونيس الديمقراطية سوريا سوريا اسلاميين ديمقراطية أدونيس مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الربیع العربی فی سوریا
إقرأ أيضاً:
برلمانية حماة الوطن: تكييف قوانين الإنتخابات استثمار في مستقبل الديمقراطية
قال النائب أحمد بهاء شلبي، عضو مجلس النواب، ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن، أن مشروعى قانونين المقدمين للمجلس والمتعلقين بتعديل بعض أحكام قانون مجلس النواب الصادر بالقانون رقم (٤٦) لسنة ٢٠١٤، والقانون رقم (١٧٤) لسنة ٢٠٢٠ في شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب ، والثاني المتعلق بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ الصادر بالقانون رقم (١٤١) لسنة ٢٠٢٠، يأتوا فى إطار حرص الأحزاب والقوى السياسية على إحكام البناء القانوني للانتخابات النيابية، استنادًا إلى أسس دستورية وموضوعية دقيقة.
وأشار النائب أحمد بهاء شلبي، أن مشروعى القانونين تم إعدادهم نتاج تعاون بين حزب حماة الوطن، مستقبل وطن، والشعب الجمهورى، وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين اتساقا مع التطورات الديموغرافية والإدارية التي شهدتها البلاد، إذ تضمن إدماج المكونات الإدارية المستحدثة بعد تقسيم ٢٠٢٠، مثل أقسام ثالث مدينة نصر، وثان العبور، والمنيرة الغربية وغيرها، باعتبارها أحد الأسس الجوهرية في البناء القانوني للدوائر الانتخابية.
وأكد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن، إن إعادة النظر في قوانين الانتخابات وتكييفها مع التغيرات الديموغرافية المتسارعة هو أمر بالغ الأهمية لضمان عدالة التمثيل واستمرارية الأنظمة الديمقراطية لضمان تمثيل أوسع وأكثر عدالة، تعزيز المشاركة السياسية، تجنب الركود السياسي.
وأخيرا قال النائب أحمد بهاء شلبي، إن تكييف قوانين الانتخابات مع التطورات الديموغرافية ليس مجرد تعديل إجرائي، بل هو استثمار في مستقبل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.