الصين تزيد دعمها للمعادن الإستراتيجية وسط حرب تجارية مع أميركا
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
تعزز الصين دعمها الحكومي للتنقيب عن المعادن محليا، في ظل تكثيف صانعي السياسات جهودهم لتحقيق طموح الرئيس شي جين بينغ في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الموارد، وسط اشتداد المنافسة مع الولايات المتحدة، حسبما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وخلال العام الماضي أعلنت ما لا يقل عن نصف حكومات المقاطعات الصينية الـ34 -بما في ذلك حكومات المناطق الرئيسية المنتجة للموارد مثل شينغيانغ– زيادة الدعم أو توسيع نطاق الوصول إلى التنقيب عن المعادن، وفقا لتحليل أجرته الصحيفة للبيانات الرسمية.
وتأتي زيادة التمويل في الوقت الذي برزت فيه السيطرة على المعادن الإستراتيجية في العالم كمجال صراع بين الولايات المتحدة والصين، إذ تتنافس القوى العظمى على الموارد اللازمة للتقنيات المتقدمة، مثل أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية والروبوتات والصواريخ.
وقال مدير إدارة الاستكشاف والإدارة الجيولوجية في وزارة الموارد الطبيعية شيونغ زيلي للصحفيين هذا العام "تحققت سلسلة من الإنجازات الكبرى في مجال التنقيب عن المعادن، مما عزز بشكل كبير القدرة على ضمان سلامة السلاسل الصناعية وسلاسل التوريد المهمة، والاستجابة للتقلبات البيئية الخارجية".
وأضاف زيلي أن خطة التنقيب عن المعادن الجديدة تركز بشكل كبير على تعزيز موارد الطاقة المحلية والمعادن "الإستراتيجية".
وتعد الصين أكبر منتج في العالم لـ30 من أصل 44 معدنا أساسيا ترصدها هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
إعلانوفي محاولة لتخفيف هيمنة بكين على هذا القطاع أعطى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولوية للتعدين المحلي منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، بالإضافة إلى الوصول إلى المعادن الأساسية في الخارج، بما في ذلك في غرينلاند وأوكرانيا والكونغو الديمقراطية.
وركز شي على اعتماد الصين على نفسها في مجال العلوم والتكنولوجيا منذ توليه زعامة الحزب الشيوعي الصيني الحاكم عام 2012.
وأصبح هذا التوجه أكثر إلحاحا في ظل تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة، ولجأ شي إلى تعزيز سلاسل التوريد وإعطاء الأولوية للتصنيع المتقدم والتكنولوجيا الفائقة الناشئة.
وتعد سلاسل توريد المعادن في بكين نقطة ضغط جيوسياسية حاسمة في حربها التجارية والتكنولوجية مع الولايات المتحدة، وخصصت الحكومة أكثر من 100 مليار يوان صيني (13.8 مليار دولار) للاستثمار في الاستكشاف الجيولوجي سنويا منذ عام 2022، وهي أعلى نسبة ضخ في 3 سنوات خلال عقد.
وشددت الصين خلال العام الماضي الرقابة على صادرات المعادن الإستراتيجية -والتي يعد الكثير منها أساسيا لتصنيع الرقائق، بما في ذلك الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والغرافيت والتنغستن- ردا على القيود الأميركية على صادرات التكنولوجيا إلى الصين.
دعم القطاعوقال كوري كومبس المدير المساعد لشركة تريفيوم تشاينا الاستشارية -ومقرها بكين- إن الصين قدّمت إعانات وحوافز ضريبية وأنواعا أخرى من الدعم لقطاع التعدين المحلي بـ"غض النظر" عن دورات سوق السلع الأساسية.
وقال كومبس "من منظور السوق الصرف يعد هذا إسرافا، ولكن من منظور الأمن السياسي والاقتصادي فهو ليس إسرافا على الإطلاق، بل يستحق التكلفة"، مضيفا "من وجهة نظر بكين المال ليس هو الهدف الوحيد".
وزادت شينغيانغ -وهي المنطقة الغربية الغنية بالموارد ولكنها فقيرة الحال حيث قمعت بكين الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى- دعمها للاستكشاف الجيولوجي إلى 650 مليون يوان (89.9 مليون دولار) في عام 2025، من 150 مليون يوان (20.74 مليون دولار) في عام 2023، كما عززت بشكل حاد إصدار حقوق استكشاف التعدين إلى مستويات قياسية.
إعلانوبذلت الصين جهودا طويلة الأمد للسيطرة على الموارد الحيوية في الخارج.
وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" في يناير/كانون الثاني الماضي أن الصين قدّمت على مدار عقدين قروضا بقيمة 57 مليار دولار عبر ما لا يقل عن 26 مؤسسة مالية مدعومة من الدولة لتعدين ومعالجة النحاس والكوبالت والنيكل والليثيوم والمعادن النادرة في جميع أنحاء العالم النامي.
وفي عهد شي اتّبعت بكين سياسات تهدف إلى حماية الموارد الإستراتيجية، وشملت خطوة في عام 2021 لمنع الشركات الأجنبية من الاستثمار حتى بشكل غير مباشر في تعدين التنغستن والمعادن النادرة واليورانيوم.
واشترطت أيضا موافقة مجلس الدولة (مجلس الوزراء الصيني) على دخول أي أجنبي إلى منطقة تعدين المعادن الأرضية النادرة.
والعام الماضي، أنشأت لجنة تابعة للبرلمان الصيني آلية قانونية تسهّل على الشركات استغلال الأراضي الزراعية لاستكشاف الموارد المعدنية والحصول على حقوق التعدين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الولایات المتحدة عن المعادن
إقرأ أيضاً:
الصين تحكم قبضتها على المعادن النادرة وتربك التصنيع العالمي
تواجه صناعات العالم، لا سيما السيارات، أزمة بسبب قيود الصين على تصدير المعادن النادرة والمغناطيسات المرتبطة بها، وتستخدم بكين هذه المواد كأداة ضغط جيوسياسي، مما يثير توترًا متصاعدًا مع أوروبا ويهدد سلاسل التوريد العالمية.
تجلّت هذه الأزمة بوضوح على خطوط الإنتاج خلال بضعة أسابيع فقط، وفق تقرير نشرته صحيفة "لوموند"، للكاتبين صوفي فاي وهارولد تيبو، فمنذ أن فرضت الصين، في مطلع أبريل/نيسان الماضي، قيودًا على تصدير بعض المعادن الإستراتيجية، لا سيما العناصر الأرضية النادرة "الثقيلة" والمغناطيسات المشتقة منها، نشأ اختناق في الإمدادات أثّر على العديد من الصناعات العالمية التي تعتمد عليها بشكل كبير، وبدأت تداعيات الأزمة تظهر بوضوح في قطاع السيارات.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2يونيو يبدأ باختبار الأسواق.. العملات والذهب تحت ضغط البياناتlist 2 of 2سندات الخزينة تهز أميركا والعالم.. حين يتحول "الملاذ الآمن" إلى خطر داهمend of listواضطرت شركة سوزوكي اليابانية في 26 مايو/أيار، إلى تعليق إنتاج طراز "سويفت" بسبب نقص في بعض المكونات، وهي مشتقات من العناصر الأرضية النادرة، وفقًا لصحيفة "نيكاي" الاقتصادية، وفي نهاية الشهر ذاته، أوقفت شركة فورد الأميركية إنتاج طرازها رباعي الدفع "إكسبلورر" لمدة أسبوع بعد نفاد مخزون أحد مورديها من المغناطيسات المصنوعة من سبائك نادرة، أما شركة باجاج، إحدى أكبر الشركات المصنعة في الهند، فقد أكدت أن استمرار الأزمة سيؤثر "بشكل كبير" على إنتاجها من السيارات الكهربائية في يوليو/تموز.
إعلانوفي يوم 4 يونيو/حزيران الجاري، كشفت الصناعة الأوروبية للسيارات عن مدى تعرضها لهذه الأزمة، فحسب رابطة موردي السيارات الأوروبيين "كليبا"، فإن "هذه القيود أدت إلى توقف عدد من خطوط الإنتاج وإغلاق بعض المصانع في أوروبا، ومن المتوقع أن يتفاقم التأثير خلال الأسابيع المقبلة مع نفاد المخزون"، وقد أكدت شركة بي إم دبليو الألمانية تأثر بعض مورديها، فيما صرّح رئيس لجنة تنسيق صناعات موردي السيارات في فرنسا، سيلفان برو بأن "الوضع دخل مرحلة إدارة الأزمة"، بينما أشار جان-لويس بيش، رئيس اتحاد صناعات معدات المركبات، إلى "حرب اقتصادية تمتلك أوروبا فيها أوراقًا يمكن استخدامها".
عبّر المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش عقب لقائه وزير التجارة الصيني وانغ وين تاو -الثلاثاء الماضي- علنًا عن قلقه، قائلا: "الوضع مقلق في قطاع صناعة السيارات الأوروبية، بل وفي الصناعة عمومًا، نظرًا لأن العناصر الأرضية النادرة والمغناطيسات الدائمة تُعد ضرورية جدا للإنتاج الصناعي".
وتطول الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بشكل غير مباشر، صناعيين من دول أخرى لا علاقة لهم بالنزاع، وفق الكاتبين، ففي مطلع أبريل/نيسان، وفي ظل التصعيد المتبادل للرسوم الجمركية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، أعلنت بكين من دون ضجيج إلزام الشركات الصينية المصدّرة للعناصر الأرضية النادرة الثقيلة ومشتقاتها بالحصول على ترخيص مسبق لكل عميل أجنبي.
وتبرّر بكين القيود التصديرية بأسباب تتعلق بالأمن القومي والالتزامات في مجال عدم الانتشار، نظرًا لاستخدام هذه العناصر في صناعة الصواريخ والتطبيقات النووية، مع ذلك، تُعد هذه المواد ورقة ضغط مهمة للصين للرد على القيود الأميركية على قطاع أشباه الموصلات، خاصة بعد تهديد واشنطن بفرض عقوبات على الشركات والدول التي تستخدم شرائح شركة هواوي.
وفي ختام مكالمة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، يوم 5 حزيران/يونيو، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن المشكلة قد حُلّت، مضيفًا: "ينبغي ألّا تكون أي مشكلة بعد الآن بشأن صعوبات منتجات العناصر الأرضية النادرة".
إعلان
سيطرة صينية
ووفق الكاتبين، فإن هذه الورقة تُبرز قدرة الصين الكبيرة على فرض أضرار على الدول الأخرى، وذلك يتضح من خلال النقاط التالية:
الصين تسيطر على نحو 70% من الإنتاج العالمي للعناصر الأرضية النادرة. الصين تتحكم في 99% من تكرير المعادن النادرة و90% من الإنتاج العالمي، أي نحو 200 ألف طن من المغناطيسات الدائمة المصنوعة من سبائك معدنية وعناصر أرضية نادرة.وتستخدم هذه المغناطيسات اليوم في جميع المجالات الميكانيكية والتكنولوجية، وتعد صناعة السيارات من أكبر المستهلكين لها، إذ تُستخدم في مكبرات الصوت، وآلية عمل ماسحات الزجاج، وأنظمة الكبح، وضبط المقاعد كهربائيًا، وكذلك في المحركات الكهربائية والحرارية.
ويقدّر المستشار في شركة "أليكس بارتنرز" في باريس، ألكسندر ماريان أن "مركبة بمحرك حراري تحتوي على ما بين 400 و500 غرام من المعادن النادرة بقيمة تتراوح بين 2 و50 دولارًا، أما في السيارة الهجينة، فتصل الكمية إلى 1 إلى 5 كيلوغرامات، بقيمة تتراوح بين 50 و200 دولار، وهذا هامشي من حيث القيمة الإجمالية للسيارة، لكنه جوهري للإنتاج".
تراخيص بالتنقيطتوقع العديد من الصناعيين حول العالم توقيف الصين الإمدادات عن قطاع الدفاع الأميركي فقط، لكن هذه التوقعات سرعان ما تبخرت، فصارت تُمنح تراخيص التصدير بشكل محدود ومتقطع، ويبدو أن المسؤولين المحليين في المقاطعات الصينية يبالغون في التدقيق قبل الموافقة على طلبات التراخيص، إذ قُدمت مئات الطلبات منذ أبريل/نيسان، إلا أن نحو ربعها فقط حصل على الموافقة، وفقًا لرابطة موردي السيارات الأوروبيين التي تندد بإجراءات غير شفافة تختلف من منطقة إلى أخرى، مع رفضٍ أحيانًا لأسباب شكلية بحتة.
ولفت الكاتبان إلى أن بطء تسهيل التصدير في الصين يعود إلى مخاوف المسؤولين المحليين من ارتكاب أخطاء أمام السلطة المركزية، وقال محرر نشرة "مراقب العناصر النادرة" في سنغافورة، توماس كرويمر: "ثمة رد فعل مفرط من البيروقراطية الصينية لضمان عدم خروج العناصر النادرة من مناطقهم إلى المجمع الصناعي العسكري الأميركي"، لكن صناعيًا أوروبيًا مقيمًا في الصين، طلب عدم الكشف عن هويته، نفى هذا التفسير، مؤكدًا أن معظم العناصر المصدرة لأوروبا تُستخدم لأغراض مدنية، مما يجعل تسريع العملية ممكنًا، ولا يعتقد أن السبب بيروقراطي فقط.
إعلانولجأت بعض الشركات إلى اليابان، التي كوّنت مخزونات إستراتيجية بعد توترات 2016 وارتفاع أسعار عنصرين نادرين، كما يُطرح شراء قطع جاهزة لتجنب التراخيص، وفقًا لألكسندر ماريان، لكن ذلك قد يزيد معاناة موردي المعدات الأوروبيين، خاصة في قطاع السيارات الذي يعتمد على نظام التدفق المستمر، خلافًا لصناعة الطيران التي تملك مخزونات أكبر.
ومع ذلك، يسعى توماس كرويمر إلى تهدئة الأجواء، معتبرًا أن الصين منذ أن "امتلكت قدرة إنتاجية تعادل أعلى تقدير للاحتياجات العالمية بحلول 2030″، لا مصلحة لها في إلحاق الضرر طويل الأمد بالدول الأخرى غير الولايات المتحدة، حتى لا تدفعها إلى تعزيز إستراتيجياتها للاستقلال الذاتي.
ولفت التقرير إلى أن العناصر النادرة أصبحت ملفًا خلافيًا بين الصين وأوروبا، تمتلك فيه الصين اليد العليا، على عكس ملف السيارات الكهربائية التي فرضت عليها بروكسل رسومًا جمركية مرتفعة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2024، وبالنسبة لرئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، التي ستزور بكين في يوليو/تموز، سيكون هذا الملف من أبرز الملفات المطروحة على طاولة المباحثات.