أشباح من المراسلين وراء الدعاية المؤيدة لروسيا بغرب أفريقيا
تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT
توصلت الجزيرة إلى وجود حملة تأثير -يستخدَم فيها كتاب غير موجودين- تعمل على نشر المشاعر المعادية لفرنسا في غرب ووسط أفريقيا.
في شهر سبتمبر/أيلول 2020 تجمهر مئات الأشخاص في أحد الملاعب الرياضية في بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى لتوديع جنازة السيد جان كلود سيندولي، الذي كان نعشه في ذلك اليوم محمولا على أكتاف 8 أشخاص بعضهم يرتدي ملابس رياضية عليها شعارات "الفيفا".
كان سيندولي أستاذا في الثانوية وحكما رياضيا في الاتحاد الوطني لكرة القدم، وبعد وفاته أرسل الطلاب صوره ليتذكروا معلمهم المحبوب، كما كتبت الفيفا نعيا باسمه عام 2020 لختام رحلته.
كان حدث وفاة سيندولي بداية لاكتشاف حملة دعائية تقوم على الترويج لروسيا في منطقة غرب أفريقيا، إذ تم استخدام صورته بعد وفاته من طرف شخص مزيف يكتب مقالات عبر وسائل الإعلام في أكثر من 12 دولة أفريقية على أنه خبير جيوسياسي.
وكانت الصور والأفلام التي نشرت مع توديع جنازته هي التي ساعدت الجزيرة في الكشف عن الحملة الدعائية.
النشر مقابل المالفي سبتمبر/أيلول 2022 قام شخص يدعى أوبين كوتيلي ويعرف نفسه على أنه صحفي يعمل في "توغو ميديا 24″ بإرسال رسالة عبر واتساب إلى صحيفة في بوركينافاسو جاء فيها " مساء الخير يا سيدي..أريد أن أعرف شروط نشر مقال على موقع صحيفتكم".
ردت صحيفة بوركينافسو بسرعة على الرسالة، حيث قالت إنها ستنظر في المقال وإن كان يتماشى مع سياسة التحرير ستنشره.
إعلانوعندما أرادت الصحيفة نشر المقال تين أنه لم يوقع باسم أحد، فسألت كوتيلي الذي أرسل المادة، فأجابهم أن كاتب المقال يدعى "غريغوار سيريل دونغوبادا".
وبعد فترة وجيزة نشرت المادة، فأرسل كوتيلي للصحيفة مكافأة تصل إلى 80 دولارا أميركيا.
انتحال الهويةغريغوار سيريل دونغوبادا الذي وقع المقال باسمه يعرف نفسه في وسائل التواصل الاجتماعي بأنه محلل سياسي وعسكري من جمهورية أفريقيا الوسطى ويقيم في باريس، ونشر ما لا يقل عن 75 مقالا معظمها يتعلق بالأوضاع السياسية في أفريقيا الناطقة باللغة الفرنسية.
ويروج عن الكاتب أنه يركز في كتاباته على دور روسيا وفرنسا والأمم المتحدة، وتتضمن مقالاته عناوين مثل أسباب المشاعر المعادية لفرنسا في غرب أفريقيا، وعدم ارتياح باريس من نجاحات موسكو في مالي.
وعند تحليل المقالات المنشورة باسم دونغوبادا يتضح أنها تدور حول وجهة نظر واحدة وهي أن النفوذ الفرنسي في أفريقيا ضار بالقارة، بينما يعتبر الوجود الروسي مفيدا.
وقد اكتشفت وحدة التحقيقات في الجزيرة أن دونغوبادا الذي يدعي أنه محلل سياسي وخبير عسكري، لا تربطه علاقة بأي جامعة، وليست له أبحاث منشورة باسمه في مركز أكاديمي، ويوجد فقط على وسائل التواصل الاجتماعي خاصة في فيسبوك ومنصة إكس.
وتوصلت الجزيرة إلى أن أول مقال ينشر باسمه كان في سنة 2021، ولا يوجد دليل على وجوده قبل ذلك التاريخ.
وتواصلت الجزيرة مع وسائل الإعلام التي ينشر فيها مقالاته في جميع الدول الأفريقية الناطقة بالفرنسية، واكتشفت أنه لم يتحدث مباشرة مع أي مؤسسة.
وبعد مراجعة صورة ملفه الشخصي تبين أنه يضع صورة جان كلود سندولي الذي توفي عام 2020 في أفريقيا الوسطى وتم تشييع جثمانه في أحد الملاعب الرياضية في باغي.
وأظهرت المعلومات التي جمعتها الجزيرة أن دونغوبادا ليس المجهول الوحيد الذي يكتب لوسائل الإعلام الأفريقية، إذ يوجد أكثر من 15 كاتبا ينتحلون أسماء وصفات، نشروا أكثر من 200 مقالة منذ سنة 2021.
إعلانويعرّف معظم هؤلاء الكتاب أنفسهم بأنهم صحفيون مستقلون، أو محللون وخبراء، رغم أنه ليس لديهم تاريخ وظيفي، ولا دليل يشير إلى أنهم أشخاص طبيعيون.
وحسب البيانات الوصفية للمراسلات التي كشفت عنها الجزيرة فإنها تشير إلى تورط روسيّ محتمل وفقا لما قاله الخبراء.
تراجع فرنسي وصعود روسيلعقود متعددة من الزمن، ظلت فرنسا هي الحاكم الفعلي لأكثر من 12 دولة في قارة أفريقيا، وبعد مسيرة من الهيمنة الاقتصادية والعسكرية والثقافية بدأ دورها يتراجع، في حين يفتح عدد من القادة في وسط وغرب أفريقيا أبوابهم أمام موسكو.
وقال المحلل مايك أمواه إن باريس تريد الحفاظ على مبدأ "الفرنكافريك" الذي يجعل المستعمرات السابقة غير مستقلة اقتصاديا.
ويرى عدد من المحللين أن الركيزة الأساسية للنظام الفرنسي في أفريقيا هي شبكة النخبة التي درست في الجامعات الفرنسية، ولديها حسابات مصرفية، وأوراق وكثير من الامتيازات في باريس.
وبسبب العلاقة المفيدة بين باريس والنخبة الأفريقية فقط، أصحبت الشعوب مستاءة من التأثير الفرنسي على السياسة الداخلية في المنطقة.
وفي السنوات الخمس الماضية عرفت أفريقيا 12 انقلابا، نجح منها 9 أغلبها في المستعمرات الفرنسية السابقة، وفي كثير من الحالات كانت ضد الرؤساء المدعومين من باريس.
وفي الفترة الأخيرة، برز زعماء جدد يسعون إلى تقليص النفوذ الفرنسي مثل تشاد والسنغال ومجموعة دول الساحل.
حملات مكشوفةوجدت الجزيرة أدلة على من يقف وراء الحملة الدعائية المناصرة لروسيا في أفريقيا، من خلال تحليل رسائل واتساب، وملفات وورد أصلية تحتوي على المقالات.
فبالنسبة للوورد، يحتوي كل ملف رقمي على بيانات وصفية بداخله -قصاصات صغيرة من المعلومات حول الملف نفسه- يمكن أن تكشف هذه البيانات عن وقت إنشاء الملف ولغة الجهاز الذي تم إنشاؤه عليه وحتى تلميحات حول المؤلف.
إعلانوتوصلت وحدة التحقيقات إلى أن الملفات المكتوبة، ورسائل واتساب ترتبط بأشخاص في أوروبا الشرقية وروسيا.
وقد ترك القائمون على هذه الحملة ثغرات متعددة مكنت الجزيرة من التتبع والتعرف على من يقف وراء هذه الأعمال.
حملات التأثير وقوة فاغنرفي عام 2021 ظهر فيلم حركة روسي بعنوان "سائح" يحكي قصة عسكريين روسيين في جمهورية أفريقيا الوسطى تم تمويله من قبل مجموعة فاغنر الأمنية التي أسسها يفغيني بريغوجين، وتعمل بالتنسيق مع الحكومة الروسية.
وكشركة عسكرية خاصة، أصبحت فاغنر الجهاز الأمني المفضل في العديد من البلدان الأفريقية، أبرزها جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تقع قاعدة عملياتها الرئيسية في المنطقة.
جاءت فاغنر في البداية إلى أفريقيا الوسطى لتدريب الجيش المحلي، لكن ذلك كان مخططا لدخول دول أخرى مثل مالي وبوركينا فاسو.
وقد زاد الوجود العسكري والمدني الروسي في غرب أفريقيا بعد أن نشرت فاغنر قواتها، وحاليا يتم دمجها ببطء في وزارة الدفاع الروسية وتم تغيير اسمها إلى الفيلق الأفريقي.
ويرى محللون أنه بعد وفاة مؤسس فاغنر يفغيني بريغوجين عام 2023، فإن السياسة الروسية لم تتغير في غرب ووسط أفريقيا.
الصراع على النفوذووفقا لمحللين، فإن أهداف روسيا في غرب ووسط أفريقيا تختلف عما كانت فرنسا تحاول تحقيقه تاريخيا، وقد أصبح البلدان يتنافسان على إقناع السكان المحليين بأجنداتهما، ففرنسا لا تريد أن تخسر نفوذها في أفريقيا، وتفضل أن تتعامل الدول الأفريقية معها بدلا من روسيا.
وبينما تحاول روسيا أن تنظم حملات تأثير ودعاية في المنطقة، تبقى فرنسا تملك وسائل الإعلام المعروفة مثل فرانس24 وإذاعة فرنسا الدولية التي تروج لسياسة فرنسا بوصفها داعمة لأفريقيا في محاربة الإرهاب والتطرف.
الحق في الردوفي إعدادها للتحقيق، تواصلت الجزيرة مع جميع الأطراف لتأخذ رأيهم، لكن البعض منهم لم يرد مثل الحكومة الروسية وشركة فاغنر والشخص الذي ينشر باسم دونغوبادا.
إعلانوفي رده على استفسارات الجزيرة، قال كوتيلي إنه لم يدخل هو ولا صحيفته توغو ميديا 24 في أي اتفاق وليس جزءا من حملة تأثير بناء على طلب من العملاء المرتبطين بروسيا، وإنه لم يكن على علم بوجود دعاية منظمة موالية لروسيا.
ونفى كوتيلي أيضا أن يكون عمل كوسيط أو جزء من أي حملة تأثير، وقال إنه يساعد زملاءه على النشر.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن باريس تعمل على تحويل "شراكتها التاريخية" مع أفريقيا خاصة في مجالي الأمن والمالية، مضيفة أنها شاركت في محاربة الإرهاب بمنطقة الساحل بناء على طلب الدول المعنية، مشيرة إلى أنها تعيد تشكيل شراكاتها بصيغة ليس فيها وجود للقواعد العسكرية.
وقالت الوزارة إن فرنسا منفتحة على الإصلاحات النقدية المرتبطة بغرب أفريقيا، وأكدت أن وسائل الإعلام المملوكة للدولة حرة ومستقلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان أفریقیا الوسطى وسائل الإعلام غرب أفریقیا حملة تأثیر فی أفریقیا فی غرب إلى أن
إقرأ أيضاً:
الجزيرة نت ترصد توقعات السوريين في حماة من مجلس الشعب الجديد
حماة- أعلنت اللجان الفرعية في المحافظات السورية انتهاء الانتخابات الأولية لمرشحي مجلس الشعب، عقب فرز الأصوات بحضور الهيئات الناخبة ومشاركة وسائل الإعلام، كما كشفت عن أسماء الفائزين، في انتظار اعتماد النتائج رسميا من اللجنة العليا للانتخابات خلال 48 ساعة من انتهاء عملية الاقتراع.
وخلال عملية الاقتراع في محافظة حماة، التي مددتها اللجنة الفرعية 5 ساعات إضافية لاستكمال التصويت وفرز الأصوات، أجرت الجزيرة نت استطلاعا رصَد تطلعات الناخبين تجاه أعضاء مجلس الشعب الجديد، وهو الأول في سوريا بعد مرحلة التحرير.
أكد الناخب حافظ طيفور من دائرة حماة أن "الانتخابات لم تكن لتُعقد لولا حضور أكثر من 80% من أعضاء الهيئة الناخبة، وقد تحقق ذلك فعلا مع إقبال كبير".
وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن "العملية الانتخابية جرت بحرية تامة ودون أي ضغوط، حيث صوت كل ناخب وفق قناعته وبرنامجه الانتخابي"، موضحا أنه اعتمد في اختياره المرشحين على الكفاءة والخبرة القانونية بالدرجة الأولى.
وتمنى طيفور من أبناء مدينة حماة ومن الشعب السوري عموما، أن يحتفظوا بالبرامج الانتخابية لكل مرشح فائز، بهدف تعزيز الرقابة الشعبية على مدى التزام النواب بتنفيذ ما ورد في برامجهم ومتابعة تطبيقه على أرض الواقع.
وأعربت الصيدلانية زينة عبيسي، وهي من أعضاء الهيئة الناخبة في حماة، عن أملها في أن يعمل الفائزون على توفير فرص عمل للشباب، ودعم القطاع التنموي بما يعزز قدراتهم، إلى جانب فتح قنوات تواصل مستمرة أو عقد اجتماعات دورية مع المواطنين ولجان الأحياء، لنقل مطالبهم وصوتهم إلى قبة المجلس.
وأكدت عبيسي في حديثها للجزيرة نت، "أهمية العمل على تعديل القوانين الناظمة للجامعات وغيرها من المؤسسات"، مشيرة إلى أن ما يميز هذه الانتخابات هو خلو الشوارع من صور المرشحين التي اعتادها السوريون طوال ستين عاما، وغياب تأثير "المال السياسي" المتمثل في الولائم أو شراء الأصوات.
إعلانوأضافت أن قِصر المدة بين الترشح والانتخاب -والتي لم تتجاوز ثلاثة أيام-، كان كافيا برأيها لتحكيم الضمير والاختيار بحرية تامة دون أي ضغوط من أي جهة.
كما أعربت المهندسة عبير حموية، وهي عضو في الهيئة الناخبة بحماة، عن أملها في أن يسهم الفائزون في تطوير مختلف قطاعات البلاد الاقتصادية والاجتماعية والشبابية والتعليمية، للوصول إلى مستوى متكامل من التنمية المطلوبة.
من جانبه، قال وائل المرعي، وهو عضو مراقب لصالح أحد المرشحين في دائرة حماة، إن "أجمل ما ميز هذا اليوم هو استبعاد مناصري الأسد أو من يؤيده عن العملية الانتخابية"، معبرا عن إعجابه بسير التنظيم منذ انطلاق الانتخابات، بدءا من تشكيل الهيئات الناخبة وصولا إلى عملية الاقتراع.
وأشار المرعي خلال حديثه للجزيرة نت، إلى أن آلية اختيار أعضاء مجلس الشعب رسمت ملامح المجلس مسبقا، إذ قامت على معايير محددة توجهت نحو خيارات معينة دون غيرها.
من جانبه، أكد الدكتور عماد برق، عضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب والمشرف على الدوائر الانتخابية في حماة، أنه تابع مجريات العملية الانتخابية ميدانيا، واطلع على الأجواء العامة، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت حرص اللجنة على تأمين بيئة مناسبة للناخبين أثناء الاقتراع.
وأشار إلى أن جميع المراكز الانتخابية فُتحت أمام وسائل الإعلام لضمان الشفافية والنزاهة، في تجربة وصفها بأنها "الأولى من نوعها" التي يخوضها السوريون بحرية وديمقراطية حقيقية، لإعادة تأسيس سلطتهم التشريعية بعد عقود من حكم الأسد، لافتا إلى عدم وجود أي نتائج كاسحة، ما يعكس حجم المنافسة بين المرشحين.
بدوره، قال محمد عبيدة سوتل، مسؤول العلاقات الإعلامية في دائرة الانتخابات بحماة، إن مديرية الإعلام اتخذت إجراءات خاصة بتوزيع منسقين إعلاميين في المراكز الانتخابية الخمسة بمحافظة حماة، كالسلمية، ومصياف، والسقيلبية، ومحردة بهدف تسهيل عمل وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، وضمان سرعة تدفق المعلومات ووضوحها.
واعتبر في حديثه للجزيرة نت، أن هذه الخطوة أسهمت في تعزيز الشفافية، خاصة أنها المرة الأولى التي يُسمح فيها لوسائل الإعلام بتغطية العملية الانتخابية مباشرة بعد تحرير سوريا.
أما نافع البرازي، رئيس اللجنة الفرعية لدائرة حماة الانتخابية، فأوضح أن النتائج المعلنة حتى الآن أولية، مؤكدا -للجزيرة نت-، أن النتائج الرسمية ستصدر عن اللجنة العليا للانتخابات يومي الاثنين أو الثلاثاء.
وقال "نأمل أن يكون المجلس القادم ممثلا حقيقيا لجميع السوريين، وأن يعكس احتياجات الناس وطموحاتهم في بناء وطن مزدهر ومستقبل مشرق لسوريا الجديدة”.
وفي السياق ذاته، تحدثت مؤمنة عربو، المرشحة الحاصلة على أعلى عدد من الأصوات في دائرة حماة، أن حصولها على هذا الدعم الواسع جاء من تواصلها المباشر بالناخبين خلال اليومين السابقين، وحرصها على مناقشة برنامجها الانتخابي معهم.
إعلانوأعربت عن أملها في الوفاء بالوعود التي قطعتها على نفسها لخدمتهم، سواء على المستوى التشريعي أو الخدمي، مشيرة إلى أنها وضعت خطة عمل تتضمن آليات تواصل فعالة مع المجتمع، لضمان استمرارية الحوار ونقل احتياجات المواطنين إلى مجلس الشعب، واختتمت "فوزي لم يكن إنجازا فرديا، بل ثمرة عمل جماعي متكامل".