الطاهر التوم يكتب: تقبيل التراب… عودة وعي
تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT
توقفتُ طويلاً عند مشهد التقطته كاميرا أحد جنود القوات المسلحة خلال عملية تحرير الجزيرة من مليشيا آل دقلو المجرمة. كانت الصورة من داخل سيارة عسكرية تشق طريقها وسط حشدٍ من المواطنين المبتهجين، يهتفون ويهللون للنصر. وفي لحظةٍ عابرة، انحنى أحد المواطنين نحو الأرض والتقط قبضةً من التراب ثم قبّلها.
هذه اللقطة، بكل بساطتها، اختزلت لي معنى لطالما غاب عنّا وتوارى عن مفرداتنا، بل عن وعينا الوطني نفسه: قيمة هذه الأرض في نفوسنا.
نعم، عاد القصر الجمهوري، معلنًا طيَّ فصلٍ مهمٍّ من فصول هذه المعركة الشرسة. ومن يدرك مدى تعقيد هذه الفصول وتشعّب تفاصيلها، يفهم لماذا خرج حميدتي في تسجيله الأخير ليعلن تمسّكه بالبقاء في القصر وعدم مغادرة الخرطوم. فهو، أو من دفعه لخوض هذه الحرب، يعي تمامًا ما يعنيه أن يستردّ الجيش القصر الجمهوري والخرطوم.
في هذا القصر، رُفع علم الاستقلال لأول مرة في تاريخنا، إعلانًا لميلاد دولة ذات سيادة. واليوم، نعود إليه لنرفع العلم من جديد، ربما على السارية نفسها، لكن بعد أن نزفنا دماءً غاليةً ودفنّا في ثرى هذه الأرض آلافًا من أبناء الوطن المخلصين .
كلفة الوصول إلى القصر عام 1956 لم تكن كمثيلتها عام 2025. هذه المرة كانت الكلفة أكبر وأثقل، دمًا ودمعًا وخرابًا. لذلك، فإن الوعي الذي يولد فينا بعد هذا المسير الشاق لا ينبغي أن يكون عابرًا أو سطحيًا.
لو عدنا من هذا المسير الشلق والمؤلم بصورة ذلك المواطن الذي قبض في كفّه ذرات التراب ثم قبّلها، بما حملته تلك الصورة من وعيٍ ودلالةٍ ومعنى، لكفانا.
الطاهر التوم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
تورط شركة الترميم.. إحالة عدد من المسئولين بالأقصر للتحقيق لشبهة تنقيب عن الآثار في قصر ثقافة الطفل
تصدر اسم مبنى قصر ثقافة الطفل بمدينة الأقصر، محركات البحث في مصر، خاصة بعد أن تم اكتشاف حفر دون ترخيص للتنقيب عن الآثار داخله، وهو جهة حكومية تابعة لوزارة الثقافة، حيث اكتشف الحفر وزير الثقافة أحمد هنو.
كشفت مصادر، عن أن بداية الواقعة، كانت بورود معلومات إلى وزير الثقافة بوجود حفر في مركز الثقافة، فتعمد زيارة القصر بشكل مفاجئ؛ للتأكد بنفسه من صحة المعلومات، وهو ما جعله يتجه فورًا إلى الموقع المشتبه فيه بمجرد وصوله إلى الأقصر، قادمًا من سوهاج.
وأضافت المصادر، أن الحفر جرى داخل مبنى القصر، دون أي إذن أو إشراف، فيما سادت حالة من اللامبالاة بين العاملين، حيث اختفى التفتيش خلال الفترة الأخيرة، وهو ما أثار غضب الوزير.
قرر وزير الثقافة، إحالة عدد كبير من المسؤولين في إقليم جنوب الصعيد الثقافي وفرع ثقافة الأقصر، إلى التحقيق الإداري، بالتوازي مع فتح النيابة العامة بالأقصر تحقيقًا في الواقعة.
وأكد الوزير، في تصريحات صحفية، أن هذه التصرفات تمثل إهدارًا للمال العام، وتسيء إلى الجهود المبذولة في تطوير البنية التحتية للثقافة، مشددًا على أن الوزارة لن تتهاون مع أي صور للإهمال أو التجاوز.
أشار وزير الثقافة، إلى أنه أحال رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي السابق، والمدير العام الحالي للإقليم، ومدير فرع الأقصر، وعددًا من مسؤولي الإدارة الهندسية والمكتب الفني والصيانة، إلى جانب مديري قصر ثقافة الأقصر وبيت ثقافة الطفل ومسؤول الأمن بفرع الأقصر، إلى التحقيق الفوري، مع اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة.
وأوضح «هنو» أن أعمال الحفر الخلسة، نفذتها الشركة المنفذة لمشروع الترميم، داخل إحدى غرف شقة تابعة للقصر، حيث يشتبه أن الغرض منها كان التنقيب عن الآثار، وهو ما جرى في ظل غياب تام للقائمين على الموقع من فرع الثقافة والإقليم التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة.