وهل حقا كنا ننتظر أن ينتقد رئيس الدولة بنفسه، ومن بعده رئيس الحكومة، تلك الحالة المزرية التي وصلت إليها الدراما المصرية، خاصة في رمضان، حتى نتحرك ونعترف بأن لدينا خللا جسيما يحدث منذ سنوات في موسم الدراما المعتاد عبر عقود خلال الشهر الكريم؟
طالما نادينا بعلاج تلك الحالة اللامنطقية من تصوير المجتمع المصري في الدراما بشكلٍ مغاير للحقيقة.
في دراما رمضان ومنذ سنوات يصرون على أن البيت المصري قد وصل إلى أعلى مراحل الانهيار. لماذا يصورون المرأة المصرية صاحبة الفضل والعطاء على أنها خائنة أو منحلة أو على الأقل مهملة لواجبات بيتها وأسرتها؟ لماذا يسلطون الضوء، بكل قوتهم، على النقاط السلبية في المجتمع دون النظر الى أي إيجابيات، مع ضرب كل ثوابت وقيم وهوية هذا المجتمع في مقتل؟ ولمصلحة من يفرضون علينا واقعًا مزيفا وكأنه الحالة السائدة بيننا جميعًا؟
من أجل أن تعود الدراما المصرية لدورها كإحدى ركائز القوى الناعمة، وأحد مقومات بناء الشخصية المصرية مثلما كانت في السابق، لا بد من وقفة شديدة الحسم بلا هوادة ودون النظر إلى صراخ من يرفعون شعار حرية الإبداع، فعن أي إبداع يتحدثون وهم يصدرون لنا اسوأ ما يمكن أن تجسده دراما حين تتحدث عن مجتمع وعن شعب عريق التاريخ والحضارة مثل الشعب المصري؟
أوقفوا هذا العبث بكل ما أوتيتم من قوة، فليس الأمر مجرد مادة للتسلية والترفيه، وإنما هذا وطن يتم تشويه واقعه، وذاكَ شعبٌ يُفترى عليه كذبًا.
من أجل المستقبل، ومن أجل أجيال واعدة تتربى عقولها أوقفوا هذا العنف وتلك الرداءة و الضحالة الفكرية التي تبُث عبر الدراما حتى لا نصبح شعبا آخر لا نعرفه.. من أجل مصر حاربوا هؤلاء فإنهم أخطر علينا من كل الأعداء.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: من أجل
إقرأ أيضاً:
تكريم أبطال «لام شمسية» في حفل توزيع جوائز الإنتاج الدرامي لحقوق الإنسان
رصدت عدسة صدي البلد صورا أثناء تكريم أبطال لام شمسية في حفل توزيع جوائز الإنتاج الدرامي لحقوق الإنسان المعني بالإعلاء من قيم ومباديء حقوق الإنسان الذي أقيم مساء أمس في أحدي فنادق القاهرة.
حرص على الحضور كل من النجوم الفنانة يسرا اللوزي، مريم نعوم، يارا جبران، أسيل عمران، علي البيلي، ياسمينا العبد، و غيرهم كثير من النجوم.
مسلسل لام شمسية:
جاء في حيثيات اختيار تكريمه من لجنة التحكيم لمسلسل " لام شمسية " الآتي:
اختارت اللجنة المسلسل لمعالجته الفنية البارعة لقضية شائكة وخطيرة ومسكوت عنها، ولفت الأنظار ليس فقط إلى عناصر أساسية في حماية حقوق الطفل، والدفاع عنه، ولكن أيضا إلى ضرورة المواجهة والعلاج، بدلا من الهروب والتجاهل، وذلك في عمل متكامل في عناصره الفنية والتقنية، سيؤرخ به في مجال الدراما التليفزيونية المصرية والعربية.
قيمة هذا المسلسل أولا في تماسك بنائه، وكتابة شخصياته، فلا معنى لمناقشة قضية خطيرة بطريقة درامية هزيلة أو ضعيفة، لأن ذلك يسيء إلى القضية كما يسيء إلى الفن.
ورغم أن التحرش بالأطفال وتد البناء كله، ولكن المسلسل يتناول ما هو أهم وأشمل وأخطر : إنه أيضا عن لعبة النعامة التي أدمنّاها، عن انتهاك الجسد والروح، عن "استباحة المساحة" الخاصة كفرد، حتى لو كان الضحية طفلا غير قادر عن الإفصاح، عن تكاتف الشجعان والنبلاء لتحقيق العدالة، وإثبات الحق، فلا يكفي أن تكون مظلوما، وصاحب حق، الأهم أن تعرف كيف تحصل عليه وأن يكون هناك من يساعدك حتى النهاية في الحصول عليه .
الحكاية في جوهرها كذلك عن العائلة، فمن التفكك يلتئم الشمل، ومن الهتك والسرّ يشرق النور، ومن أب وأم ومعهما أم بديلة عظيمة تدار المعركة، عائلة المتحرش بدورها تدفع ثمنا غاليا، ولكنها تتطهر منه.
لا بديل عن العائلة، المدرسة لها دور، ولكنها ليست بديلا أبدا، هذا عمل عن العائلة باعتبارها الحصن والسند، وكلها أفكار تتجاوز حكاية التحرش. إننا ببساطة، وفي قراءة أعمق للمسلسل، أمام استرداد عائلتين لحياتهما وكرامتهما من أيدي مجرم ماكر كالشيطان.
بناء السيناريو كله قائم على الفضح والمواجهة في كل الاتجاهات، أي عكس مفهوم " اللام الشمسية" غير المنطوقة التي يهاجمها المسلسل، وإدانة المتهم في نهاية المسلسل، اختيار فني جيد، وفي مكانه، لأنه مكافأة الرحلة الشاقة، ولأنه تأكيد على أن إثبات التحرّش ممكن، بشرط عدم الخوف، والمثابرة، وتضافر الجميع.
حقق هذا المسلسل القوي والمؤثر ما لن تحققه عشرات البرامج والحملات، فكيف تأخرت الدراما عن طرح كل هذا الجدل والسؤال والنقاش عن الأمور الطبية والقانونية والاجتماعية التي أثارها هؤلاء الفنانون الشجعان .
نعتقد حقا أن " لام شمسية" يمكن أن يكون نموذجا في تقديم أعمال درامية، تعالج القضايا الإجتماعية المصرية بوعي ودون خوف. وبطريقة ذكية ومشوقة، ومن خلال مواهب مميزة في جميع فروع إنتاج المسلسل التليفزيوني، وبماينافس ويؤثر ، بعيدا عن المباشرة، وفي فترات مشاهدة عالية، أو على مدار شهور السنة.
" لام شمسية" حكاية من زمننا عبّرت عمن لم يستطيعوا البوح والكلام، وأثبت المسلسل من جديد أن الدراما التي تستقي قصصها من الحياة، تؤثر بدورها في الواقع، وتدفع للتغيير ، واكتشاف مواطن الخلل والنقص، وتجعلنا أكثر شجاعة ووعيا ودفاعا عن قيم الإنسان العظمى: الحق والخير والجمال.
انطلاق ذلك من دور المجلس فى نشر ثقافة حقوق الإنسان، ولما تتمتع به الدراما التليفزيونية من تأثير ودور هام فى تشكيل الوعى بما يؤثر على هذه الثقافة سلباً أو إيجاباً.
وتقوم قيادات المجلس القومي لحقوق الإنسان وأعضاء اللجنة الثقافية بتكريم الأعمال الفائزة في حضور نخبة من الفنانين، والشخصيات العامة، وكبار الصحفيين والكتاب، وممثلي المجتمع الحقوقي والمدني.
وقد خضعت الأعمال الدرامية التي عرضت خلال شهر رمضان الكريم للتقييم من جانب لجنة ضمت عددا من كبار النقاد تحت إشراف لجنة الحقوق الثقافية، ووقع الاختيار علي 5 أعمال لتكريمها في هذه الاحتفالية التي انطلقت في تقليد سنوي قبل 14عاما. وقد ضمت اللجنة هذا العام الناقد الفنى الكبير طارق الشناوى (رئيس اللجنة) وعضوية كلاً من الأب بطرس دانيال والأساتذة النقاد سيد محمود، ومحمود عبدالشكور وهالة البدري.
وقد تابعت اللجنة أربعين عملًا دراميًا عُرضت خلال شهر رمضان، حيث تم تصنيفها وفق معايير تدريجية دقيقة وصولًا إلى الإعلان عن أفضل الأعمال التي تميزت بتناول قضايا إنسانية واجتماعية بعمق ووعي ومسؤولية.
وصرح عزت إبراهيم أمين اللجنة الثقافية أن هذا الحدث يأتي في إطار جهود المجلس لتعزيز دور الفنون، وخاصة الدراما، في نشر ثقافة حقوق الإنسان وترسيخ قيمها في المجتمع المصري، وإظهار دعم أكبر للأعمال التي تدعم نشر هذه الثقافة، خاصة الدراما التلڤزيونية التي تحظي بمشاهدات عالية لعقود طويلة في مصر.
كما يشهد تكريم إسم فؤاد المهندس أحد رموز الفن المصري، تقديراً لإسهاماته الفنية المتميزة. كما سيتم تكريم الفنان القدير محمد صبحي، الذي أثرى الساحة الفنية بأعماله الهادفة التي تناولت قضايا اجتماعية وإنسانية مهمة.
يُذكر أن المجلس القومي لحقوق الإنسان هو مؤسسة وطنية مستقلة تأسست عام 2003، تهدف إلى تعزيز وتنمية وحماية حقوق الإنسان والحريات العامة، وترسيخ قيمها ونشر الوعي بها، والإسهام في ضمان ممارستها. يقوم المجلس بإصدار تقارير سنوية عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، ويعمل على تقديم المقترحات والتوصيات للجهات المختصة في كل ما من شأنه حماية حقوق الإنسان ودعمها وتطويرها.