بغداد اليوم -  البصرة

في مدينة تتعثر بالخدمات وتفيض بالثروات، وبينما تتوارى مشاريع الماء والكهرباء والصحة خلف وعود مؤجلة، أبرمت حكومة البصرة المحلية عقدًا بقيمة تقارب سبعة مليارات دينار عراقي لتزيين شوارع المدينة بـ"فوانيس رمضان".
الوثيقة الرسمية، التي حصلت عليها "بغداد اليوم"، تكشف عن موافقة ديوان المحافظة على إحالة العطاء ضمن ما يُعرف ببرامج "الخدمة"، بكلفة بلغت (6,847,255,000) دينار عراقي، لتجهيز ونصب الزينة في مركز المدينة، وسط صمت رسمي، وتصاعد موجات الغضب الشعبي.

الوثيقة، الصادرة عن قسم العقود الحكومية في شباط/فبراير 2025، استندت إلى محضر لجنة التخطيط والمتابعة، ومرّت ضمن سياقات إدارية روتينية، لكنها اصطدمت بواقع المدينة المثقل بالحاجة. ففي الوقت الذي تنتظر فيه البصرة إنفاقًا على مشاريع بنيوية مستدامة، تفاجأ أهلها بعقد رمضاني مؤقت، مرصود له مبلغ يكفي، بحسب مختصين، لإنارة محافظات كاملة لا مدينة واحدة فقط.


مقارنة بسيطة مع أسعار السوق المحلي تكشف أن تجهيز الزينة الرمضانية لا يتطلب إلا جزءًا يسيرًا من هذا الرقم. عدد من أصحاب الشركات المختصة في الإنارة أشاروا إلى أن مبلغًا بهذا الحجم يكفي لإنارة محافظات بأكملها، وليس مجرد مركز مدينة واحد، ما يعزز الشكوك بوجود تضخيم مبالغ فيه أو تلاعب في تفاصيل العطاء.

ويرى مراقبون أن مثل هذه العقود تندرج ضمن ما يُعرف بـ"الفساد الناعم"، حيث تُمرَّر الصفقات تحت عناوين احتفالية أو دينية، تُخفي وراءها إنفاقًا غير مدروس، في غياب واضح للرقابة والمحاسبة. فكيف يُمكن تبرير رصد نحو سبعة مليارات دينار لفوانيس موسمية في مدينة تُعاني من انقطاع الكهرباء، وتلوث المياه، وتهالك البنى التحتية؟

البصرة، التي تُعد الشريان الاقتصادي للعراق، تبدو اليوم محكومة بمفارقة مريرة؛ أموال تتدفق بسخاء على مشاريع شكلية، بينما تنتظر العائلات حلولًا جذرية لمشاكل مزمنة في التعليم والصحة والسكن والنقل. وفي ظل غياب الشفافية، وامتناع الجهات الرسمية عن نشر تفاصيل المنافسة أو الكشف عن اسم الشركة المنفذة، تتزايد التساؤلات حول خلفيات هذا العقد، والجهات المستفيدة من ورائه.

ربما لا تُضيء فوانيس رمضان هذا العام شوارع البصرة بقدر ما تُضيء جوانب أخرى من واقع التناقض واللامبالاة. ففي مدينة كان يُفترض أن تُدار على أساس الأولويات والخطط التنموية، يبدو أن المقاسات تُفصّل على قياس الصفقات، لا على حاجات الناس. ومع كل مناسبة، تتكرّر نفس الحيلة: أوراق رسمية مزينة بالأرقام، تُبرر إنفاقًا لا يلمسه المواطن.

المشكلة لم تعد في الفوانيس، بل في العقلية التي تظن أن الإنارة الرمضانية تكفي لحجب ظلمة الفساد. ففي مدن مثل البصرة، لا تعني المواسم فقط مظاهر الفرح، بل تحوّلت أيضًا إلى مواسم لعقود تُمرَّر باسم "الزينة" و"الاحتفال"، بينما تُترك الملفات الكبرى مغلقة على أرفف الإهمال.

وهكذا، بدل أن تُعلَّق الزينة من أجل الناس، تُعلَّق فواتير البهجة على جدران الفساد.


تؤكد وكالة "بغداد اليوم" ان حرق الرد مكفول لما ورد في التقرير اعلاه


المصدر: وكالة بغداد اليوم

إقرأ أيضاً:

اليوم..أسعار صرف الدولار=140250 ديناراً

آخر تحديث: 29 يوليوز 2025 - 1:44 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- قال مراسلنا،الثلاثاء، ان، اسعار الدولار استقرت في بورصتي الكفاح و الحارثية لتسجل 139250 ديناراً عراقياً مقابل 100 دولار، وهي نفس الأسعار التي سجلتها أمس الاثنين.وأشار مراسلنا إلى أن اسعار البيع في محال الصيرفة بالأسواق المحلية في بغداد استقرت حيث بلغ سعر البيع 140250 ديناراً عراقياً مقابل 100 دولار، وبلغ الشراء 138250 ديناراً مقابل 100 دولار.أما في اربيل فان الدولار سجل استقرارا ايضا حيث بلغ سعر البيع 139050 ديناراً لكل 100 دولار، وسعر الشراء 138950 ديناراً مقابل 100 دولار.

مقالات مشابهة

  • اعتماد المدينة المنورة كثاني أكبر مدينة صحية مليونية في الشرق الأوسط بعد جدة
  • حكايات المحاصصة التي حوّلت الدبلوماسية إلى دار مزاد حزبي مغلق وفاسد
  • الأمير سلمان بن سلطان يتسلم شهادة اعتماد المدينة المنورة مدينة صحية للمرة الثانية
  • أمير منطقة المدينة المنورة يرعى فعاليات اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص
  • اليوم..ارتفاع في أسعار صرف الدولار
  • اليوم..أسعار صرف الدولار=140250 ديناراً
  • بعد القبض على رمضان صبحي في مطار القاهرة.. تعرف على الاتهامات والعقوبة التي يواجهها
  • اكتشاف منجم ذهب جديد في ديارنا الغنيّة
  • اليوم.. اسعار صرف الدولار=140,250 ديناراً
  • اليوم.. استكمال محاكمة 89 متهما في «خلية داعش مدينة نصر»