هيمنة السوق وجبايات الحرب .. الحوثيون يعلنون الحرب على مزارعي الثوم ووكالات بيعه .. الاهداف والغايات.
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
كشفت مصادر زراعية بالعاصمة صنعاء عن تعرض المئات من مزارعي الثوم لخسائر فادحة قدرت بمئات الملايين جراء السياسيات القمعية التي افتعلتها المليشيا الحوثية على عمليات التصدير الداخلي والخارجي تجاههم.
وقال أحد مزارعي الثوم في حديث خاص لموقع مأرب برس أن لدية كميات هائلة من منتج الثوم يقدر بأكثر من ألفى كيس من الثوم وأن المليشيا الحوثية ترفض حتى اللحظة السماح لهم بتصديره وأضاف ان منتجاتهم الزراعية معرضة للتلف خاصة وأنهم غير قادرين على الاحتفاظ بها في مخازن أو في ثلاجات التبريد لبيعها مستقبلا وقال ان خسائره لهذا الموسم تفوق ثمانين مليون ريال.
تأتي هذه التحركات تجاه مزارعي الثوم عقب توسيع مليشيا الحوثي لعمليات الجباية المالية، حيث توجهت المليشيا صوب مزارعي الثوم ووكالات بيعه في مناطق سيطرتهم، وأعلنوا حربا شرسة ضدهم تمثلت في فرض اتاوات مالية كبيرة ومنع المزارعين البيع من وكلاء التصدير.
وتحدثت مصادر خاصة في العاصمة صنعاء ان مليشيا الحوثي اقتحمت خلال الايام الماضية أكثر من عشرين وكالة لبيع الثوم وقامت باعتقال عدد من ملاكها وأغلقت وكالات اخرى بتهم مخالفتهم لتوجيهات، واضاف شهود عيان ان الحوثيين نفذوا عمليات الاقتحام بأليات عسكرية كبيرة تمثلت بعشرات الاطقم بهدف فرض الاحتكار على تجارة" الثوم".
كما وجهت المليشيات الحوثية أمرا إجباريا للمزارعين والتجار والزامهم بالتعامل حصرياً مع "مؤسسة الخدمات الزراعية" التابعة لهم.
كما أقدمت المليشيا على مصادرة كميات كبيرة من محصول الثوم كانت جاهزة للتصدير في عدد من وكالات التصدير.
وقال مزارعون في محافظة صنعاء ان مليشيا الحوثي فرضت إجراءات لمنع الوكلاء من شراء الثوم مباشرة من المزارعين أو بيعه دون المرور عبر "مؤسسة الخدمات الزراعية"، التي تفرض جبايات إجبارية تصل إلى 7% من قيمة المحصول، تحت ذرائع واهية تتعلق بـ"تنظيم السوق".
احتجاجات المزارعين.
وقبل أسابيع نفذ تجار الثوم احتجاجات في ميدان السبعين بصنعاء، تنديدًا بالإجراءات التعسفية التي يتخذها الحوثيون بحقهم.
وأرجع مزارعون يمنيون ان الإجراءات تهدف إلى تحويل الثوم إلى مصدر تمويل ودعم للعمليات العسكرية الحوثية.
واتهم المحتجون القيادي الحوثي عبد السلام العزي، نائب مدير المؤسسة، بإصدار تعليمات لنقاط التفتيش بمنع دخول شحنات الثوم إلى صنعاء ما لم يتم دفع إتاوات غير قانونية.
كما أصدروا توجيهات أخرى تمنحهم التدخل في عمليات النقل والتوزيع داخل صنعاء وخارجها، كما وجهوا بمنع تصديره إلى مناطق الحكومة الشرعية.
اشتعال الأسعار:
تعتمد مناطق الشرعية على تغطية احتياجاتها من الثوم على عمليات الاستيراد من الخارج ويأتي الثوم الصيني في المقدمة ويليه الثوم المصري, لكن يظل الثوم اليمني هو المفضل على موائد اليمنيين.
وقد أدى الاحتكار الحوثي ضد مزارعي الثوم ووكالات البيع إلى كساد واسع وشلّ لعملية تجارته في مناطق سيطرة المليشيا، في المقابل، ارتفعت أسعاره بنسبة 100% في مناطق الحكومة اليمنية.
وارتفع سعر الثوم في صنعاء إلى 1200 ريال يمني، ما يعادل أكثر من (2 دولار أمريكي)، وفقًا لسعر الصرف الذي تقره الميليشيات، رغم أن الميليشيات، عبر مؤسسة الخدمات الزراعية، تأخذ كميات الثوم من المزارعين بمبالغ زهيدة لا تغطي تكاليف إنتاجه.
بيان ادانه
وفي بيان، استنكر مزارعون فرض الحوثيين جبايات جديدة والتضييق عليهم في عملية البيع والشراء، بحيث لا تتم إلا عبر المؤسسات التابعة لهم.
وطالب البيان بضمان حقوق المزارعين، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتواصل معهم والاستماع إلى شكاواهم، مؤكدًا أنه تم فرض رسوم تصل إلى 7% على كل كيلوغرام من الثوم، مما يثقل كاهلهم ويؤثر سلبًا على معيشتهم.
وأشار إلى أن قيام ميليشيات الحوثي الإرهابية بمنع المزارعين من بيع وشراء الثوم البلدي أدى إلى تدهور أوضاعهم الاقتصادية وزيادة معاناتهم.
خلفية الأزمة:
تسعى مليشيا الحوثي الى الهيمنة على عمليات التصدير كجزء من استراتيجيتهم للسيطرة على الموارد الاقتصادية في المناطق الخاضعة لهم.
وسبق أن فرضوا قيودا صارمة على تجارة القمح والغاز والمشتقات النفطية مستغلين الأزمة الإنسانية لتعزيز سيطرتهم المالية وتجفيف مصادر الدخل المحلي.
والهدف الرئيسي للحوثيين في اليمن هو ان يظل المواطن اليمني أسير همه في مأكله ومشربه واحتياجاته الضرورية, وتحويله الى تابع يمكن التحكم فيه مستقبلا.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
كيف التهمت الحرب رواتب المعلمين في اليمن؟
في أحد فصول مدرسة حكومية بمحافظة تعز، يشرح المعلم يحيى لتلاميذه قاعدة نحوية، بينما يحاول أن يخفي قلقه المتصاعد بشأن إيجار المنزل وفاتورة الدواء، يبتسم وهو يكتب على السبورة لكنه يختنق في داخله: “أُدرّس مجانًا منذ أشهر، لأني لا أملك مهنة أخرى، التعليم أصبح تطوعًا إجباريًا في هذه البلاد”.
هذا ليس مشهدًا عابرًا، بل واقع آلاف المعلمين في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية اليمنية، حيث تتكرس سياسة التجويع البطيء، ويتحول التعليم إلى وظيفة عبثية تُدار بلا رواتب، فيما تصعد أرقام الموازنات العسكرية وتتعاظم نفقات المعسكرات على حساب الكادر التربوي.
لم تُصرف رواتب عشرات الآلاف من المعلمين في مناطق الشرعية بشكل منتظم، رغم تعهدات الحكومة المتكررة، ورغم الدعم الخارجي الذي تلقته وزارة المالية ومركزي عدن والمكلا من المانحين، في كل مرة يتم تعليق الأزمة على مشجب الإيرادات أو الانقسام، أو يُقال إن الأولوية لـ”متطلبات الجبهات”، وكأن الحرب قدر أبدي، والمعلم فداء دائم لها.
في تقرير أخير صادر عن إحدى منظمات الرقابة الاقتصادية المحلية، تبين أن نسبة الإنفاق الحكومي على قطاع الدفاع والأمن في عام 2024 تجاوزت 45% من إجمالي الإنفاق العام، في حين لم يتعدَّ ما خُصص للتعليم نسبة 6.7%، مع الإشارة إلى أن جزءًا كبيرًا من الدعم الخارجي الموجه للتعليم لم يتم صرفه في قنواته المعلنة.
“نعيش على المساعدات، بعضنا يبيع مقتنياته الشخصية ليصمد”، تقول المعلمة نسيبة من عدن، وتضيف: “وزارة المالية تتعامل معنا كأرقام منسية رغم أننا نبقي المدارس مفتوحة وسط انقطاع الكهرباء، وغياب الكتاب، وانعدام الأمن”.
وفي محافظات مثل شبوة ومأرب وأبين، وتعز، يتكرر المشهد: معلمون يقطعون مسافات طويلة سيرًا على الأقدام، يعملون دون بدل نقل وغيرها من الحقوق، وبعضهم لا يجد حتى المال الكافي لشراء وجبة طعام بسيطة، ومع ذلك لا تتوقف الاجتماعات الحكومية عن الترويج لخطط الإصلاح الاقتصادي والتعافي المبكر وكأن هذه البلاد على أبواب رخاء.
تقول منظمة “أنقذوا الأطفال” في تقريرها الأخير إن أكثر من 70% من الأطفال في مناطق الشرعية مهددون بانقطاع التعليم نتيجة تدهور أوضاع المعلمين، أما اليونيسف فرغم محاولاتها تمويل الحوافز اصطدمت بعقبات البيروقراطية، وعدم تعاون الجهات الرسمية المحلية في بعض المناطق.
مفارقة مؤلمة أن المعلمين في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًا، لا يختلف حالهم كثيرًا عن زملائهم في مناطق الحوثيين، وربما أشد قسوة من حيث الإهمال المزمن والغياب التام لقرار سياسي حقيقي يُعيد للتعليم كرامته، ففي حين تملك الحكومة مصادر دخل من الموانئ، ومن الدعم الدولي، إلا أن “العجز” لا يظهر إلا عندما يُذكر راتب المعلم.
لا يبدو أن الحكومة تتجه لإصلاح هذا الخلل قريبًا، فالحرب كما يقول أحد النقابيين في تعز، “أصبحت مظلة جاهزة لتبرير كل فشل، لكنها لم تمنع صرف نفقات المؤتمرات، أو بدل السفر، أو شراء السيارات للمسؤولين”.
لقد صار التعليم في اليمن عالِقًا في عنق زجاجة السياسة، يُحتجز رهينة لمساومات الحرب، ومطالب الجبهات، وحسابات الولاء، وفي كل هذا لا صوت يسمع لمعاناة المعلم الذي يقف في الطابور ذاته كما العسكري، دون أن يُمنح أدنى حق من حقوقه.
في بلدٍ تنهشه الحرب من كل جانب، ربما لا تبقى سوى المدرسة كملاذ أخير للوعي، والمعلم كحارس نهائي للعقل، وإن سقطا فإن السقوط سيكون جماعيًا ولن يسلم أحد.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةللأسف لا توجد لدينا رعاية واهتمام بالفنانين واصبحنا في عالم...
انا لله وانا اليه راجعون حسبنا الله ونعم الوكيل...
أنا طالبة علم حصلت معي ظروف صعبة جداً و عجزت اكمل دراستي و أ...
نحن اقوياء لاننا مع الحق وانتم مع الباطل...
محمد عبدالخالق سعيد محمد الوريد مدير بنك ترنس اتلنتيك فليوري...