تبنت المملكة الأردنية الهاشمية، سياسات طموحة واستراتيجيات مستدامة من أجل خفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز الطاقة المتجددة، وحماية التنوع البيولوجي، تهدف في المحصلة النهائية إلى مواجهة التحديات البيئية المتزايدة المتمثلة بالتغير المناخي، وشح الموارد الطبيعية، وارتفاع الطلب على المياه والطاقة، وذلك عبر تطويع أدوات الذكاء الاصطناعي في تعزيز جهود الأردن البيئية.


وأكد خبراء، أن التكيف مع التغير المناخي وإدماج التكنولوجيا الحديثة وتعزيز التعاون الدولي، وتحديث التشريعات البيئية، ودعم الأبحاث العلمية، خطوات أساسية يبذلها الأردن لضمان استدامة جهوده في تحقيق التنمية البيئية المتوازنة.
وأكد عمر شوشان رئيس اتحاد الجمعيات البيئية، أن الأردن تبنى استراتيجيات واضحة للحد من انبعاثات الكربون والتكيف مع التغير المناخي، منها السياسة الوطنية للتغير المناخي واستراتيجية طويلة الأمد لخفض الانبعاثات (LTS)، والتي تركز على تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وأوضح أن هذه الجهود تتجسد في مشاريع كفاءة الطاقة، وتوسيع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وإدماج مسار خاص لتخفيض الانبعاثات ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، الأمر الذي يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، إذ تغطي حوالي 29% من إجمالي الطاقة الكهربائية، ما يدعم أمن الطاقة، ويقلل الانبعاثات، ويوفر فرص عمل خضراء تعزز الاقتصاد الوطني.

وفيما يتعلق بحماية النظم البيئية، لفت إلى أن الأردن وسّع شبكته من المحميات الطبيعية، مثل محمية العقبة البحرية، ووادي رم، والموجب، وضانا، والأزرق، وفيفا، وغابات عجلون، التي تعدّ خطوط الدفاع الأولى ضد تأثيرات التغير المناخي، كما أُطلقت برامج لإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة وحماية الأنواع المهددة بالانقراض، عبر استعادة الموائل الطبيعية وإعادة الإكثار لها في بيئاتها الأصلية.

وبين شوشان أن الأردن يعاني من ندرة المياه والتصحر، ما يؤثر على التنوع البيولوجي، كما اعتمدت الاستراتيجية الوطنية للمياه 2023-2040 لتعزيز إدارة الموارد المائية بكفاءة عبر تقنيات الري الحديثة، وإعادة استخدام المياه المعالجة، ومكافحة تدهور الأراضي، إضافة إلى تنفيذ مشاريع تشجير للحد من التصحر وحماية الموائل الطبيعية.
وعن دور المجتمعات المحلية، قال إن هناك مشاركة فاعلة في إدارة الموارد الطبيعية، بعد نجاح برامج التوعية البيئية في رفع الوعي بأهمية الاستدامة، رغم تحديات نقص التمويل والضغوط الاقتصادية التي تواجه السكان المحليين.
وتطرق إلى استخدام الأردن الذكاء الاصطناعي لتقييم المخاطر المناخية، وتطبيق تقنيات زراعية مستدامة، مثل الزراعة المائية والمحاصيل المقاومة للجفاف. عدا عن تطوير أصناف نباتية تتحمل الظروف القاسية، ما يساعد في ضمان الأمن الغذائي رغم تراجع الإنتاجية بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
وعرض شوشان لأبرز التحديات التي تعيق تنفيذ سياسات المناخ، بما فيها نقص التمويل وضعف البنية التحتية، والضغوط الاقتصادية الناتجة عن استضافة اللاجئين، داعيا إلى تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية، وتطوير القدرات المحلية، وتكثيف التدريب، والتركيز على حلول مبتكرة منخفضة التكلفة للتغلب على هذه التحديات.
وفيما يخص التعاون الدولي، أشار إلى أن الأردن يعمل مع الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لتطوير مشاريع بيئية وتمويل مبادرات الطاقة المتجددة والتكيف المناخي، كما شارك الأردن في اتفاقية باريس لتعزيز دوره في الجهود العالمية.
من ناحيتها أكدت البروفيسورة منى هندية، المتخصصة في السياسات البيئية، أن الأردن يواصل جهوده لمواجهة التغير المناخي رغم تحديات شح المياه، وارتفاع درجات الحرارة، والجفاف، من خلال جهود الخطط الحكومية للتكيف مع المناخ، والتي تشمل تحسين إدارة الموارد الطبيعية، وتعزيز قدرة المجتمع المحلي على التأقلم، وتطوير مشاريع بيئية لحماية التنوع البيولوجي.
وأشارت إلى إطلاق مشروع تعزيز التنوع الحيوي والقدرة على الصمود للنظم البيئية الساحلية في العقبة، الذي يشمل استزراع 200 وحدة من الشعاب المرجانية الاصطناعية، ما يدعم السياحة البيئية ويحافظ على النظام البيئي البحري.
وعن ندرة المياه والتصحر، أوضحت أن الأردن يتبنى حلولًا مثل تقنيات الري الذكية، والحصاد المائي، وزيادة استخدام المياه المستصلحة، كما ينفذ مشاريع لاستعادة الأراضي المتدهورة، منها إعادة زراعة النباتات المحلية، وتثبيت الكثبان الرملية، وحماية الأنواع المهددة بالانقراض.
وبينت أن مشاريع الطاقة المتجددة تشكل ركيزة أساسية للتنمية المستدامة، حيث يهدف الأردن إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 50% بحلول 2030، كما يتم تطوير مشاريع لتخزين الطاقة وتحسين كفاءة الاستهلاك، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة واتفاق باريس للمناخ.
وحول الأداء البيئي للأردن، لفتت هندية إلى أن دليل الأداء البيئي العالمي 2024 أظهر تقدم المملكة في مكافحة التلوث والتغيرات المناخية، حيث احتل المركز 74 عالميًا والثالث عربيًا، كما سجل تقدمًا في إدارة مورد الأسماك، وتقليل انبعاثات الكربون، وتحسين جودة الهواء، رغم التحديات المستمرة في إدارة النفايات، الزراعة، والتنوع البيولوجي.
استشراف المستقبل
من جهته، أكد الدكتور عدي الطويسي، المتخصص في تكنولوجيا التعليم واستشراف المستقبل، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في التنبؤ بموجات الحر والعواصف الرملية، وتحسين كفاءة الطاقة المتجددة، وتطوير حلول تخزين الطاقة، كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز الزراعة الذكية من خلال تطوير خوارزميات لإنتاج الغذاء بناءً على بيانات المناخ، ما يسهم في ضمان الأمن الغذائي والتكيف مع التغيرات المناخية.
من جانبه قال الدكتور أكثم أبو خديجة، الباحث في تطوير الأصناف النباتية، إن توفر البيانات المناخية الدقيقة يجعل استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورة للتنبؤ بتغيرات الإنتاج الزراعي، الأمر الذي يساعد على وضع خطط استراتيجية لضمان توفر الغذاء مستقبلاً.

أخبار ذات صلة الأردن: تثبيت الإنسان الفلسطيني على أرضه عنوان المرحلة "زايد الإنسانية" تواصل تنفيذ برامجها الرمضانية في الأردن المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الأردن التغير المناخي الذكاء الاصطناعي حماية البيئة الذکاء الاصطناعی التنوع البیولوجی الطاقة المتجددة التغیر المناخی أن الأردن

إقرأ أيضاً:

ثورة تعيد تشكيل العمران.. مدن المستقبل بهندسة الذكاء الاصطناعي

هل شعرت يوماً وأنت عالق في زحمة مرورية أن هناك طريقة أفضل لتصميم المدينة؟ أو مررت بجانب مبنى ضخم وتساءلت عن حجم استهلاكه للطاقة؟
على مدى عقود، ظل بناء المدن عملية بطيئة ومعقدة، تعتمد غالباً على التخمينات المدروسة والتجارب السابقة. لكن ماذا لو منحنا مخططي المدن «قوى خارقة»؟ ماذا لو استطاعوا التنبؤ بسيناريوهات مستقبلية متعددة قبل أن يبدأ العمل فعلياً على الأرض؟
هذا بالضبط ما يحدث اليوم، والسر يكمن في الذكاء الاصطناعي.
يشرح شاه محمد، قائد ابتكار الذكاء الاصطناعي في شركة «سويكو»، أن الذكاء الاصطناعي يُحدث ثورة في تصميم المدن وتخطيط البنية التحتية عبر تحسين العمليات، وتعزيز اتخاذ القرار، وتحقيق نتائج أكثر استدامة. يتيح الذكاء الاصطناعي لفريقه تحليل كميات ضخمة من البيانات، ومحاكاة سيناريوهات متعددة، وخلق بيئات حضرية أكثر كفاءة ومرونة، وفقاً لموقع «آي أي نيوز» المتخصص في دراسات الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد شاه أن الذكاء الاصطناعي يمنح فريقه القدرة على طرح الأسئلة الحاسمة التي تؤثر على حياة السكان: «كيف نبني هذا الحي بأذكى طريقة لتقليل الازدحام والتلوث؟ وكيف نصمم مبنى يحافظ على برودته خلال موجات الحر دون أن ترتفع فواتير الكهرباء؟» حيث يمكن للذكاء الاصطناعي حساب آلاف الاحتمالات لاختيار الحل الأمثل.
لكن الواقع معقد، ويصعب محاكاته بدقة. فالطقس غير المتوقع، والتأخيرات، والفوضى البشرية تمثل تحديات كبيرة.
ويقول شاه: «التحدي الأكبر في تطبيق نماذج البيانات على الواقع يكمن في تعقيد وتغير الظروف البيئية. من الضروري أن تمثل النماذج هذه الظروف بدقة وأن تكون قادرة على التكيف معها».
ولتجاوز هذه العقبات، يبدأ الفريق بتنظيم بياناته وضمان جودتها، موضحاً: «نطبق ممارسات صارمة لإدارة البيانات، نوحد تنسيقاتها، ونستخدم أدوات برمجية قابلة للتشغيل البيني لضمان توافق البيانات عبر المشاريع.»
يضمن هذا التنظيم أن يعمل جميع أعضاء الفريق من مصدر موثوق وموحد، مما يمكّن الذكاء الاصطناعي من أداء مهامه بكفاءة ويعزز التعاون بين الفرق المختلفة.
ومن أبرز الجوانب الواعدة في استخدام الذكاء الاصطناعي دوره البيئي والإنساني. يشير شاه إلى مشروع استخدم فيه الذكاء الاصطناعي للحفاظ على التنوع البيولوجي، عبر تحديد الأنواع المهددة بالانقراض وتزويد الباحثين بالمعلومات اللازمة، ليمنح الطبيعة صوتاً في عمليات التخطيط.
ويقول شاه: «يشبه الأمر وكأن الذكاء الاصطناعي يرفع يده قائلاً: "احذروا، هناك عائلة من الطيور النادرة هنا"، ما يساعدنا على البناء باحترام البيئة المحيطة».

أخبار ذات صلة «دبي الرقمية» تعلن إطلاق أول «أسرة إماراتية افتراضية» زوكربيرغ: الذكاء الاصطناعي الخارق أصبح وشيكًا

اقرأ أيضا.. الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في مجال الهندسة المعماري
أما المرحلة القادمة، فيرى شاه، فهي تحويل هذه الرؤية المستقبلية إلى دليل حي وواقعي.
ويشرح: «أكبر فرصة للذكاء الاصطناعي في قطاع العمارة والهندسة والبناء تكمن في التحليلات التنبؤية والأتمتة. من خلال توقع الاتجاهات المستقبلية، والكشف المبكر عن المشكلات، وأتمتة المهام الروتينية، يمكن للذكاء الاصطناعي رفع الكفاءة، خفض التكاليف، وتحسين جودة المشاريع.»
هذا يعني جسوراً أكثر أماناً، طرقاً تحتاج إلى صيانة أقل، واضطرابات أقل في حياة الناس. كما يحرر المواهب البشرية من الأعمال الروتينية لتتركز على بناء مدن المستقبل التي تلبي حاجات سكانها.

أسامة عثمان (أبوظبي)

مقالات مشابهة

  • الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي (2/5)
  • آبل تلمح لصفقات ضخمة لتجاوز تأخرها في سباق الذكاء الاصطناعي
  • المطرف: يجب التعامل مع الذكاء الاصطناعي بتوازن ووعي..فيديو
  • الذكاء الاصطناعي يُحدث نقلة في مكافحة التدخين الإلكتروني
  • حسام موافي: هناك مرض نفسي بتناول المياه.. وهذه هي الكمية الطبيعية للبول
  • سامسونج تستعرض مستقبل الذكاء الاصطناعي.. تفاصيل
  • ثورة تعيد تشكيل العمران.. مدن المستقبل بهندسة الذكاء الاصطناعي
  • زوكربيرغ: الذكاء الاصطناعي الخارق أصبح وشيكًا
  • السوداني يوجه بإزالة جميع المعوقات التي تعترض مشاريع الطاقة
  • خبير جيولوجي: التغير المناخي يهدد بزيادة النشاط الزلزالي في منطقتنا.. فيديو