في قلب جبال القوقاز الشمالية، حيث تتناغم الروحانيات الإسلامية مع نسيم الطبيعة الخلابة، يعيش مسلمو جمهورية الشيشان شهر رمضان المبارك بقلوب مفعمة بالخشوع والأمل، وفي الشهر الفضيل يتحول الزمن إلى لحظات من التأمل والتقرب إلى الله، حيث تتردد أصداء الأذان بين القمم الشاهقة، داعيةً المؤمنين إلى الصيام والصلاة وقراءة القرآن، وتتزين المساجد بأنوار خافتة تعكس السلام الداخلي، وتنبعث من البيوت روائح الخبز الطازج والأطباق التقليدية التي تحمل في طياتها عبق التاريخ والترابط الأسري.

في الشيشان يبدأ اليوم قبل الفجر بوجبة السحور التي تجمع العائلات حول موائد بسيطة تحمل الأطعمة المحلية مثل «تشيبلاك» وهي عبارة- فطائر محشوة بالجبن أو اللحم - وهي تعبير عن الوفرة والبركة، وعند الإفطار، تمتلئ الموائد بالشوربات الدافئة واللحوم المشوية، ولا تخلو من الحلويات التقليدية التي تُعد بعناية لتعكس روح الاحتفال. يحرص الشيشانيون على مساعدة الفقراء، حيث تُوزع الصدقات والطعام في الأحياء، تجسيدًا لقيم التكافل التي يعززها رمضان.

مع حلول العشر الأواخر، تشتد العبادة وتتضاعف الآمال في ليلة القدر، وتمتلئ المساجد بالمصلين الذين يقضون لياليهم في الدعاء والتسبيح، بينما يؤدي البعض طقوس «الذكر» الجماعي، وهي ممارسة صوفية متجذرة في التقاليد الشيشانية، تعكس ارتباطهم العميق بالإسلام السُني على المذهب الشافعي، ومع اقتراب عيد الفطر، تتحول الأجواء إلى استعدادات مبهجة؛ تشتري العائلات الملابس الجديدة، وتُزين البيوت بالأضواء والزهور، ويُعد الأطفال لاستقبال "العيدية" والهدايا.

في صباح العيد، يتجمع الشيشانيون في المساجد، وعلى رأسها مسجد «قلب الشيشان» في جروزني، لأداء صلاة العيد، حيث يرتدي الرجال الزي التقليدي «الشركسي» بينما تزدان النساء بالأوشحة الملونة، وبعد الصلاة، تمتلئ الشوارع بأصوات التهاني «عيد مبارك»، وتبدأ زيارات الأهل والأصدقاء، حيث تُقدم الحلويات مثل «الخلفا» والشاي الساخن، فالعيد في الشيشان ليس مجرد احتفال، بل هو تجسيد لروح المحبة والتسامح التي تميز هذا الشعب الذي عانى من ويلات الحروب، لكنه ظل متمسكًا بإيمانه وتقاليده.

تقع الشيشان في جنوب غرب روسيا، ضمن منطقة القوقاز الشمالي، وهي جمهورية ذات أغلبية مسلمة تتبع المذهب الشافعي مع تأثيرات صوفية قوية، خاصة من طريقتي القادرية والنقشبندية، يبلغ عدد سكانها حوالي 1.5 مليون نسمة، وتتميز بتاريخ طويل من المقاومة والصمود، خاصة خلال الحربين مع روسيا في التسعينيات وأوائل الألفية، يشكل نظام «التايب» (العشائر) العمود الفقري للمجتمع، حيث يعزز الترابط الاجتماعي والدعم المتبادل.

تتأثر عادات الشيشان بالإسلام والتقاليد القوقازية؛ ففي رمضان، يُحيون الليالي بجلسات «الذكر»، وهي طقوس صوفية فريدة تميزهم عن غيرهم من المسلمين، كما يُعرف الشيشانيون بكرم الضيافة، حيث يُعتبر استقبال الضيوف جزءًا من هويتهم، خاصة في المناسبات الدينية، أما في عيد الفطر، فتُعد الأطباق التقليدية مثل «هينغالاش» (فطائر بالقرع أو الجبن) رمزا للوحدة، وتُوزع على الجيران كتعبير عن المودة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: جبال القوقاز الشيشان شهر رمضان المزيد

إقرأ أيضاً:

تعديل قانون الهجرة في ألمانيا: إجراءات صارمة بشأن الجنسيّة و"لمّ الشمل"

أقرّت الحكومة الألمانية إجراءات جديدة تقضي بتقييد لمّ شمل العائلات لبعض المهاجرين وتشديد قواعد الحصول على الجنسية. اعلان

وافقت الحكومة الألمانية، يوم الأربعاء، على حزمة من الإجراءات الصارمة تهدف إلى تقييد لمّ شمل العائلات لبعض فئات المهاجرين، وتشديد شروط الحصول على الجنسية الألمانية، في خطوة تعكس توجهاً أكثر تحفظاً في سياسات الهجرة.

ويأتي هذا القرار استجابةً لأحد أبرز الوعود الانتخابية التي قدّمها المستشار المحافظ الجديد، فريدريش ميرتس، خلال حملته في فبراير/شباط الماضي، حيث تعهّد بفرض ضوابط أكثر صرامة على الحدود ومراقبة تدفّق المهاجرين. ومنذ توليه منصبه في مطلع الشهر الحالي، سارعت حكومته إلى تنفيذ هذه التعهّدات، فيما وصفه وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت بأنه "يوم حاسم في معركة الحد من الهجرة غير النظامية".

Relatedسوري يُحاكم في ألمانيا بتهمة قتل 3 أشخاص.. من هو عيسى الحسن؟ألمانيا تعتقل مشتبهًا بتعذيب معتقلين في سجون نظام بشار الأسدألمانيا: توقيف خمسة مراهقين بتهمة التخطيط لهجمات تستهدف لاجئين ومعارضين سياسيين

وبموجب الإجراءات الجديدة، سيتم تعليق لمّ شمل العائلات لمدة عامين للأشخاص الحاصلين على "حماية ثانوية"، وهم الذين لا يتمتعون بوضع لاجئ معترف به بالكامل. واعتبر دوبريندت أن هذه الخطوة ضرورية لـ"تخفيف الضغط" عن السلطات المحلية التي تواجه تحديات متزايدة في إدارة شؤون الوافدين ودمجهم في المجتمع.

تقييد آخر

وفي سياق متصل، أعلنت الحكومة إلغاء تعديل كانت قد أقرّته حكومة يسار الوسط السابقة بقيادة أولاف شولتس، والذي أتاح لبعض المهاجرين التقدّم بطلب للحصول على الجنسية بعد ثلاث سنوات فقط من الإقامة، شريطة إثبات "نجاح ملحوظ في الاندماج". ووفق الإجراءات الجديدة، سيُرفع الحد الأدنى للإقامة المطلوبة إلى خمس سنوات.

وشدّد دوبريندت على أن هذه التعديلات تهدف إلى تقليص "عوامل الجذب" التي تشجّع الهجرة غير القانونية إلى ألمانيا، في ظلّ تصاعد القلق الشعبي من تداعيات تدفّق المهاجرين، وارتفاع التأييد لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف المعارض للهجرة.

ومن المنتظر أن تُعرض هذه الإجراءات على البرلمان للمصادقة النهائية عليها قبل بدء العطلة الصيفية المقررة في يوليو/تموز المقبل.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • افتتاح 3 مساجد جديدة في كفر الشيخ.. صور
  • انطلاق فعاليات مقارئ الجمهور في عدد من مساجد الدقهلية
  • حكم الجمع بين صيام العشر من ذي الحجة وقضاء رمضان
  • حكم الجمع بين صيام أيام عليا من رمضان والعشر من ذى الحجة؟
  • وزير الشؤون الإسلامية يدشن 8 مشاريع تطويرية في مساجد المشاعر المقدسة
  • تعديل قانون الهجرة في ألمانيا: إجراءات صارمة بشأن الجنسيّة و"لمّ الشمل"
  • حكم الجمع بين نية صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان
  • ألمانيا تشدد قواعد الحصول على الجنسية وتقيد "لم الشمل"
  • محمد بن راشد: نجدد دعوتنا لإعلام عربي تنموي.. يبني ولا يهدم.. يوحد ولا يفرق.. يحارب الجهل
  • ألمانيا تحرم المهاجرين إليها من حق لمّ الشمل