لجريدة عمان:
2025-05-25@05:46:31 GMT

الدائرة تضيق

تاريخ النشر: 28th, March 2025 GMT

مع اتساع الحلم في بداية النشأة الأولى وتعدد الرؤى والآمال والمطامح والأماني، تتسع الدوائر وتكبر، فما بين مسافة نور تسحبه الشمس رويدًا رويدًا إلى آخر زاوية للظل، تبدأ مسافة الألف ميل تتقلص، وكأن كل ما تم بذله وتحقيقه والمراهنة على بقائه واستمراره يتراجع شيئًا فشيئًا. قال الله تعالى: «الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير» (الروم: 54)، فما بين فترة الضعف الأولى وفترة الضعف الثانية، ثمة مسافة زمنية تتسع لذات الأحلام والأماني والطموحات.

تطول هذه المسافة لتستهلك كل القوة التي وهبها الله للإنسان لإعمار الأرض. ومع أنها طويلة جدًا من العمر الأول (مرحلة الصبا) إلى العمر قبل الأخير (مرحلة الشباب والفتوة والرجولة)، هذه المرحلة الثائرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، تبدأ بعدها المرحلة الأخيرة التي تستجمع ما تبقى من قوى لعلها تسعف هذا الجسم المنهك من الجهد المضني ليُتكئ على رجله الثالثة «العصا».

في هذه الفترة، ثمة تصارع مستمر بين عمري الإنسان: العمر البيولوجي والعمر الزمني. هذا الصراع هو الذي ينهك العمر البيولوجي أكثر من العمر الزمني. فقد يكون عمر الإنسان الزمني (60 عامًا)، ولكن عمره البيولوجي أقل من ذلك انعكاسًا لمجموعة الأمراض التي يعاني منها، ومجموعة الانتكاسات والظروف القاسية التي يمر بها. ومع ذلك، لا يزال يتسلح بأمل «إن غدًا لناظره قريب»، وثمة قرب قد يكون أقسى من سابقه. والإنسان يجاهد حتى لا تضيق به الدوائر التي تحيط به من كل صوب: دائرة الفقر، ودائرة المرض، ودائرة تأزم العلاقات، ودائرة عدم تحقق الآمال والطموحات، ودائرة الصد والرد من القريب والبعيد، حتى يكون قاب قوسين أو أدنى من مرحلة «ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة» حسب نص الآية الكريمة، حيث تعود الحالة إلى مربعها الأول {الله الذي خلقكم من ضعف...}. هنا لم تعد هناك دوائر كثيرة تترك لهذا الإنسان فرصة الاختيار. حيث لا خيارات متاحة، هي دائرة واحدة تضيق أكثر فأكثر. فلا رغبة في جديد تبدأ مرحلة تأسيسه الآن، ولا رغبة في إنشاء صداقة جديدة، فكل الصداقات التي كانت كانت مجرد وسيلة لأمر ما، وقد تحقق هذا الأمر أو تعذر. ولا رغبة في حلم يدغدغ المخيلة، فكل الأحلام أصبحت فراغًا منسيًا. ما يتذكر منه لن يغري بما كان الحال قبل ذلك؛ لأن الشعور الآن هو أننا لا نريد أن ندخل في معترك فقدنا ملكيته بالفعل. فلا القوة هي القوة، ولا الصحة هي الصحة، ولا التفكير هو التفكير، ولا مساحة العطاء الممنوحة لنا من لدن رب العزة والجلال هي المساحة ذاتها كما كان الأمر مع بداية النشأة.

«الدائرة تضيق»، هنا، وحتى لا يُساء الفهم، ليس ثمة يأس يعيشه أحدنا لحالة خاصة، ولكن الأمر سياق طبيعي في حياة كل منا وصل إلى مرحلة «ضعفًا وشيبة». والمجازفة بالشعور خارج هذا السياق تبقى حالة غير مأمونة العواقب، كمن يحب أن يردد «أن العمر الزمني مجرد رقم» فيظل سابحًا في غيه، متناسيًا فيه فضل ربه، ومتجاوزًا بذلك العمر البيولوجي، وهو العمر الذي تقاس عليه الحالة الحقيقية لما يصل إليه الإنسان في مرحلة «ضعفًا وشيبة». ولذلك، فلا مغامرة مقبولة ومستساغة في مرحلة «ضعفًا وشيبة». فهل ننتبه؟ أو ينتبه أحدنا لذلك؟ هنا تكمن المشكلة، ويكمن الحل أيضًا.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

جهود أهلية في بهلا لمكافحة المسكيت

نفّذت جوالة نادي بهلا، بالتعاون مع دائرة بلدية بهلا، ودائرة الثروة الزراعية وموارد المياه، ودائرة هيئة البيئة بالداخلية، اليوم حملة لإزالة أشجار المسكيت الضارّة ومكافحة انتشارها.

واستُهلّت الحملة بمعسكر شبابي لإزالة هذه الشجرة التي تنتشر على امتداد وادي بهلا والعديد من المناطق بالولاية، وتضمّن البرنامج التعريف بشجرة المسكيت التي تنمو بسرعة وتتحمّل الجفاف، ولها جذور عميقة تساعدها على امتصاص الماء من مسافات بعيدة، وتنتج قرونًا تحتوي على بذور تُسهم في انتشارها بشكل كبير وعلى نطاق واسع.

وتُسبّب شجرة المسكيت أضرارًا بيئية وزراعية واقتصادية، وتخلق بيئة لا تسمح بنمو الأعشاب أو الأشجار الأخرى بسبب إفرازاتها الكيميائية الضارّة، وتُشكّل هذه الشجرة مخاطر على الإنسان والحيوان والبيئة، وتُبذل جهود مجتمعية للقضاء على هذه الشجرة ومنع انتشارها.

مقالات مشابهة

  • طريقة مشيتك في مرحلة الشباب تنبئ بمشكلة صحية مميتة عند الشيخوخة
  • هل الفيروسات التي تصيب الدواجن خطر على الإنسان؟.. دكتور بيطري يوضح
  • هل يقبل الله التوبة مع تكرار الذنب؟ دينا أبو الخير تجيب
  • جهود أهلية في بهلا لمكافحة المسكيت
  • وزير الشئون النيابية: المواطن له الحرية في اختيار الدائرة التي يترشح عليها
  • الطارف.. تواصل البحث عن شخص مفقود في البحر
  • اليمنيون ينددون بالمجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني المجرم في غزة
  • مفاجأة .. الزهايمر مرتبط بالطفولة | دراسة تكشف التفاصيل
  • من تواضع للناس رفعه الله
  • «يا رايحين للنبي الغالي».. ما هي الأمور التي تفسد الحج؟