عربي21:
2025-06-15@08:25:22 GMT

تحرير الخرطوم.. صفحة جديدة في سجل انتصارات الأمة

تاريخ النشر: 1st, April 2025 GMT

ليست الأحداث الكبرى في تاريخ الأمم مجرد وقائع عابرة تنتهي بانتهاء نشرة الأخبار أو باختفاء سطورها من الصحف، إنها علامات فارقة، تتجاوز لحظة الحدث ذاته، لتصوغ وعيا جديدا، وترسم مسارا مختلفا، وتعيد ترتيب المشهد التاريخي لصالح من امتلك الإرادة، ودفع الثمن، وثبت على المبادئ.

وفي هذا السياق، يأتي تحرير الخرطوم كعلامة فاصلة في المسار السوداني أولا، وفي سياق الانبعاث الإسلامي العربي ثانيا، وفي مسيرة الأمة الإسلامية جمعاء ثالثا.



إن ما جرى في الخرطوم ليس مجرد تطور عسكري في صراع داخلي بين مكونات السلطة أو بين أطراف النزاع السوداني، بل هو إعلان لولادة واقع جديد يعكس إرادة شعب يتطلع للحرية والعدالة، ويرفض مشاريع التبعية والتقسيم والارتهان، ويدرك أن تحرير العواصم لا يبدأ من فوهة البندقية فقط، بل من وضوح البوصلة وصلابة الإرادة.

لا نقرأ خبر تحرير الخرطوم بوصفه إنجازا عسكريا فحسب، بل كمقدمة موضوعية لصياغة عقد جديد من الحرية والسيادة، يعيد السودان، ومعه الأمة، إلى سياقها الطبيعي، كفاعل لا مفعول به، وصانع للمستقبل لا تابع لمشاريع الآخرين
ولذلك، فإن الانتصار الذي تحقق على أرض السودان لا يمكن فصله عن سياق إقليمي أوسع، بدأت تتشكل ملامحه من بعيد، منذ أن خرجت أفغانستان من تحت قبضة الاحتلال الأمريكي بعد أطول الحروب وأكثرها كلفة، وصولا إلى معركة طوفان الأقصى التي فجرت الوعي العربي والإسلامي من جديد، وليس انتهاء بصمود الثورة السورية رغم المجازر والتآمر العالمي.

هذه الانتصارات المتتالية، وإن اختلفت في شكلها الجغرافي أو طبيعتها السياسية أو خلفياتها المحلية، إلا أنها تتشابه في شيء جوهري: كلها تعبير عن يقظة الأمة، ورفضها لمقررات قرن كامل من الهزائم والانكسارات والتبعية.

القرن العشرون، الذي شهد سقوط الخلافة، واحتلال فلسطين، وتمزيق العالم الإسلامي إلى دويلات، وفرض أنظمة وظيفية مرتبطة بالمستعمر القديم والجديد، يوشك أن يُطوى بكل ما فيه. فالأمة، التي خضعت قرنا من الزمان، لم تمت، بل كانت تُعد نفسها بصبر طويل، حتى إذا آن أوان التغيير، انتفضت من جديد، وانطلقت في مسيرة استعادة مكانتها بين الأمم.

إننا اليوم، لا نقرأ خبر تحرير الخرطوم بوصفه إنجازا عسكريا فحسب، بل كمقدمة موضوعية لصياغة عقد جديد من الحرية والسيادة، يعيد السودان، ومعه الأمة، إلى سياقها الطبيعي، كفاعل لا مفعول به، وصانع للمستقبل لا تابع لمشاريع الآخرين.

لقد دأب أعداء الأمة -من صهاينة وغربيين ومستبدين محليين- على تكريس واقع التمزق والانكسار، وفرضوه عبر سياسات الإفقار والتجهيل والتقسيم والاحتلال الناعم والخشن، ولكنهم فوجئوا مؤخرا بأن الشعوب لم تعد تقبل بهذا الواقع، وأن صوت الإسلام لم يخفت، وأن روح الجهاد والمقاومة والحرية ما زالت حية في أوصال هذه الأمة.

ولذلك، فإن على العقل الإسلامي في هذه اللحظة الفارقة أن يدرك أن ما نعيشه ليس مجرد موجة مقاومة عابرة، بل هو فرصة تاريخية لإعادة بناء مشروع الأمة من جديد، ليس على مستوى الدولة فحسب، بل على مستوى الحضارة الكاملة، برؤيتها الفكرية، وهويتها المستقلة، وخطتها الاستراتيجية.

تحرير الخرطوم ليس هو النهاية، بل هو جرس الإنذار لبداية مرحلة جديدة يجب أن يستعد لها الجميع: العلماء، والدعاة، والمفكرون، والشباب، والنخب السياسية، والاقتصادية.

لقد أثبتت الأحداث أن الاحتلال والهيمنة والطغيان ليسا قدَرا مفروضا، وأن الاستقلال والحرية ليسا حلما مستحيلا.

أمامنا فرصة لتأسيس مشروع حضاري جامع، يعيد ترتيب أولويات الأمة، وينقلها من موقع التبعية إلى موقع القيادة، من خلال مشروع ينطلق من مساحات الانتصار التي تحققت، ويعالج مساحات الضعف التي ما تزال قائمة
نحن الآن أمام عقد قادم يجب أن يكون "عقد البناء الحضاري الإسلامي"، لا عقد الحروب الأهلية والتفكك والانقلابات، فأمامنا فرصة لتأسيس مشروع حضاري جامع، يعيد ترتيب أولويات الأمة، وينقلها من موقع التبعية إلى موقع القيادة، من خلال مشروع ينطلق من مساحات الانتصار التي تحققت، ويعالج مساحات الضعف التي ما تزال قائمة، ويجمع بين الإيمان والوعي، والتخطيط والعمل، والسيادة والتحالف، والتقوى والتقنية.

إن المطلوب الآن ليس الاحتفال بالنصر فقط، بل الاستعداد لما بعد النصر:

-      كيف نحمي ثمار النضال؟

-      كيف نمنع محاولات الالتفاف أو الارتداد؟

- كيف نحول النصر العسكري إلى مشروع انطلاقة شاملة؟

- كيف نبني الوعي الشعبي والسياسي والاقتصادي على أسس الاستقلال والسيادة الوطنية؟

هذا هو التحدي الحقيقي أمامنا.

نحن اليوم أمام بداية قرن جديد من عمر الأمة.. قرن يجب أن يكون قرن الإرادة، لا قرن التبعية.. قرن التحرير، لا قرن الاحتلال.. قرن المشاريع الإسلامية الحضارية، لا قرن الأنظمة الوظيفية المستوردة.. قرن قيادة الأمة، وليس لحاقها بركاب من لا يملك القيم ولا الرؤية ولا العدل.

فالتحية لأحرار السودان، والتحية لكل من قاوم فنهض، ومن استبسل فصمد، ومن آمن فانتصر.. ولْتكن الخرطوم اليوم شاهدا على أن هذه الأمة، إذا عرفت طريقها، لن تتأخر عن النصر، وإذا توحدت خلف مشروعها، فلن يقف أمامها أحد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الخرطوم السوداني الانتصار السودان الجيش الخرطوم انتصار الدعم السريع قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تحریر الخرطوم

إقرأ أيضاً:

كأس العالم للأندية| «بن رمضان»: أغلقنا صفحة إنتر ميامي ونركز في مباراة بالميراس

أكد محمد علي بن رمضان، لاعب الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي ، أن جميع لاعبي الفريق ‏قدموا مباراة قوية أمام إنتر ميامي في افتتاح كأس العالم للأندية المقام في الولايات المتحدة ‏الأمريكية.‏

بن رمضان: أحلم بمواجهة ريال مدريد.. وأجواء الأهلي عائليةمحمد علي بن رمضان: عرض الأهلي حسم قراري.. وهذا موقفي من الترجيمحمد علي بن رمضان: الانضمام إلى الأهلي كان نصيبًا.. وأفشة يمنح طاقة إيجابية للجميعديانج بديلا لـ بن رمضان في ودية الأهلي وباتشوكابن رمضان: أتمنى إسعاد جماهير الأهلي مثلما أسعدوني بحفاوة الاستقبالبن رمضان: أجواء معسكر ميامي رائعة.. وانضمامي للأهلي جاء في توقيت مثاليمحمد العدل: الشركة المنتجة لإعلان بن رمضان أخطأت قانونيًااستقبال حافل في المطار لصفقة الأهلي الجديدة محمد بن رمضان قبل التوجه للمونديالشاهد..محمد علي بن رمضان لاعب الأهلي الجديد بعد انضمامه للفريقشوبير يكشف كواليس انضمام محمد بن رمضان للأهلي


وأضاف بن رمضان: «مواجهة إنتر ميامي كانت مهمة لنا في البطولة، وكنا عازمين على ‏تحقيق الفوز والحصول على الثلاث نقاط .. جميع اللاعبين قدموا مباراة قوية خاصة في ‏الشوط الأول الذي شهد إهدار العديد من الفرص».‏
وأكد أن الفريق مطالب بالتركيز على الأمور الإيجابية من المباراة وتلافي ‏السلبيات في المرحلة المقبلة.‏
واختتم محمد علي بن رمضان تصريحاته بالتأكيد على أن مباراة إنتر ميامي انتهت، وعلى ‏الفريق التركيز في المباراة المقبلة أمام بالميراس لتحقيق أهداف الأهلي في البطولة وإسعاد ‏الجماهير.‏

طباعة شارك محمد علي بن رمضان الأهلي إنتر ميامي بلمراس أخبار الرياضة كأس العالم للأندية

مقالات مشابهة

  • إنستجرام تضيف خاصية جديدة لإعادة ترتيب صفحة المستخدم
  • كأس العالم للأندية| «بن رمضان»: أغلقنا صفحة إنتر ميامي ونركز في مباراة بالميراس
  • محمد بن رمضان: أغلقنا صفحة إنتر ميامي ونركز في مباراة بالميراس
  • لحماية حقوقهم.. طرق تحرير محضر عبر مباحث الإنترنت
  • مشروع قانون يحدد آليات جديدة للتعامل مع الشركات المملوكة للدولة
  • تحرير 137 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق
  • والي الخرطوم أحمد عثمان: عودة الكهرباء في المناطق التي تشهد إظلاماً كاملاً يأتي على رأس الأولويات
  • تطوير البنية التحتية بالمنطقة الصناعية والاستثمارية بأبو رواش..ومحافظ الجيزة: طرح مشروع لإقامة 6 آبار مياه جديدة
  • دراسة أميركية جديدة تكشف أسرار الطفرات التي تصيب الجين المسبب لمرض التليف الكيسي
  • تفاصيل جديدة لأخطر قضايا التجسس التي طالت السلك الدبلوماسي اليمني في الخارج