السلاح الأمريكي في السودان: رقصة الموت على أنغام السياسة
تاريخ النشر: 2nd, April 2025 GMT
في زمنٍ تتداعى فيه الأوطان كأوراق الخريف، وتتساقط الشعوب تحت وطأة الحديد والنار، يقف السودان شاهداً على مأساةٍ تكتب فصولها بمداد الدم، وترسم مشاهدها بأشلاء الأبرياء. ليس هذا المشهد وليد الصدفة، بل هو ثمرة تخطيطٍ مدروس، ومؤامرةٍ تُحاك خيوطها في دهاليز السياسة العالمية. وفي قلب هذه المأساة، تبرز الإدارة الأمريكية كبطلٍ مأجورٍ في مسرحيةٍ عنوانها “إبادة السودانيين و تهجيرهم”، تؤدي دورها ببراعةٍ عبر وسيطها الإماراتي المُطيع، وأدواتها من مرتزقةٍ اشترتهم من جوار السودان وأطراف الأرض البعيدة.
كنتُ أجلس أمس، أتأمل خريطة السودان الممزقة، وأتساءل: كيف وصلت أسلحةٌ أمريكية متطورة إلى أيدي الجنجويد، تلك الميليشيا التي جعلت من القتل مهنةً، ومن التشريد فناً؟ الجواب ليس عصياً، فبعد هزيمتهم المذلة وفرارهم من الخرطوم، تركوا خلفهم آثار جرائمهم، ومعها دلائل دامغة: بنادق هجومية من طراز “M4” و”AR-15”، قاذفات صواريخ “جافلين” المضادة للدبابات، و اخطر اجهزة التشويش و الدانات بعيدة المدي وقنابل يدوية متطورة تحمل بصمات المصانع الأمريكية. هذه الأسلحة لم تأتِ عبر نسمات الريح، بل وصلت بقنواتٍ رسمها البيت الأبيض، ونفذتها أبوظبي بالتعاون من عملاء سودانيين ، ووزعتها على مرتزقةٍ من تشاد وليبيا وجنوب السودان، بل وحتى من أقاصي أوكرانيا وكولومبيا.
الإدارة الأمريكية، التي ترفع شعار حقوق الإنسان كرايةٍ مزيفة، تتحمل المسؤولية المباشرة عن كل قطرة دمٍ سودانية أُريقت، وعن كل طفلٍ شردته قذائفها. لقد سلّحت الجنجويد بأدوات الموت المتقدمة، وأطلقت العنان لغزوٍ وحشيٍ على أرض السودان، مستخدمة الإمارات كوكيلٍ مخلص، ومرتزقةً اشترتهم بثمنٍ بخسٍ لتنفيذ أجندتها. أيُّ عدوانٍ هذا الذي يُدار من وراء ستار الدبلوماسية، وأيُّ كذبٍ يُسوَّق تحت مسمى “الديمقراطية”؟ إنها لعبةٌ قذرة، تُلطخ أيادي واشنطن بدماء شعبٍ أعزل، وتكشف زيف دعواتها لحقوق الإنسان التي تتهاوى أمام مصالحها الاستراتيجية.
أدعو الإدارة الأمريكية اليوم، أن ترسل وفداً من صانعي قراراتها إلى السودان، ليقفوا بأعينهم على أنقاض المدن التي دمرها سلاحهم، وعلى جثث الأطفال التي حصدتها قنابلهم و داناتهم. فليروا كيف حولت “جافلين” بيوت الطين إلى ركام، وكيف أصبحت “M4” أداةً لقطع أواصر الحياة في الأسواق والقرى. لعلهم يدركون، ولو للحظة، أن شعاراتهم الجوفاء لا تُعيد أماً فقدت وليدها، ولا تُطعم جائعاً شردته نيرانهم.
لكن المسؤولية لا تقع على عاتق الخارج وحده. على الحكومة السودانية أن تتحرك فوراً، وفق خطواتٍ واضحة:
• جمع الأسلحة الأمريكية المتطورة التي تركها الجنجويد، وتوثيقها كدليلٍ ماديٍ على العدوان.
• رفع دعوى عاجلة أمام محكمة العدل الدولية ضد الولايات المتحدة، تُدينها بتوفير السلاح لمرتزقةٍ نفذوا إبادةً جماعية.
• دعوة المجتمع الدولي لزيارة السودان، ليشهد بأم عينه الدمار الشامل الذي خلّفه السلاح الأمريكي.
• رفض أي صفقةٍ أو ضغطٍ دبلوماسيٍ من واشنطن لاستعادة هذه الأسلحة، التي بدأت تحركاتها لاستردادها بعدما عجز الجنجويد عن فتح بعضها أو استخدامها.
إن تمسّك واشنطن باستعادة هذه الأسلحة هو اعترافٌ ضمنيٌ بجريمتها، وسخريةٌ مريرةٌ من ادعاءاتها الأخلاقية. أيُّ حقوق إنسانٍ تتحدث عنها أمريكا، وهي تُسلح القتلة وتُشرّد الملايين؟ إنها دعواتٌ كاذبة، تتهاوى أمام جثث السودانيين وصرخات أمهاتهم. فلترفع الحكومة السودانية صوتها، ولتحفظ هذه الأسلحة كشاهدٍ على عدوانٍ لن يُنسى، ولتُشرك العالم في محاسبة المجرم الحقيقي، الذي يقف وراء هذا الخراب، بكل ما أوتي من قوةٍ وقانون.
عزيز سليمان
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: هذه الأسلحة
إقرأ أيضاً:
مصدر إيراني: تم نقل اليورانيوم عالي التخصيب من مفاعل فوردو قبل الهجوم الأمريكي
أفاد مصدر إيراني كبير لوكالة «رويترز» بأن إيران قامت بنقل معظم مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب من منشأة «فوردو» النووية إلى موقع غير معلن، وذلك قبيل الهجوم الأمريكي الذي استهدف المنشأة.
وأضاف المصدر أن عدد العاملين في الموقع تم تقليصه إلى الحد الأدنى، في ما يبدو أنه إجراء احترازي قبيل الضربة، التي نُفذت وسط تصعيد متسارع بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» استناداً إلى صور التُقطت عبر الأقمار الصناعية، عن «نشاط غير عادي» في منشأة فوردو قبل يومين من الهجوم، حيث تم رصد 16 شاحنة على الطريق المؤدي إلى مجمع عسكري تحت الأرض في 19 يونيو.
وأظهرت صور اليوم التالي تحرك أغلب تلك الشاحنات إلى الجهة الشمالية الغربية للمنشأة، فيما تمركز عدد منها قرب المدخل الرئيسي للموقع، ما يعزز تقديرات المراقبين بأن إيران كانت تستعد مسبقاً لأي عمل عسكري محتمل.
وتأتي هذه التطورات وسط تزايد القلق الدولي من تداعيات الهجوم على البرنامج النووي الإيراني الذي شنته الولايات المتحدة فجر اليوم على 3 منشآت نووية إيرانية وهي نطنز وأصفهان وفوردو.
اقرأ أيضاًبعد التدخل الأمريكي وضرب المفاعلات النووية الإيرانية.. مصر في قلب الحدث!!
إيران: القصف الأمريكى لمنشآتنا النووية يكشف تواطؤ واشنطن مع إسرائيل
مصطفى بكري: الهجوم الأمريكي على مفاعلات إيران النووية بداية للحرب.. وهذه هي الخيارات المطروحة للرد