مع التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي، أصبح من الواضح أن هذه الأنظمة قادرة على تنفيذ مهام معقدة مثل تحليل البيانات، وإنتاج النصوص، وتقديم استشارات قانونية. ومع ذلك، هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفكر مثل البشر؟.. فنحن نعلم أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع التفكير بنفس طريقة الإنسان، لكن بحثاً جديداً كشف كيف يمكن لهذا الاختلاف أن يؤثر على عملية اتخاذ القرار لدى الذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى عواقب واقعية قد لا يكون البشر مستعدين لها.

اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يحوّل الأفكار إلى كلام في الوقت الحقيقي
 دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Transactions on Machine Learning Research"  كشفت أن هناك فجوة جوهرية في كيفية استدلال البشر مقارنة بالنماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) مثل GPT-4. والاستدلال هو عملية استخراج جواب أو نتيجة بناء على معلومات معروفة مسبقاً وقد تكون صحيحة أو خاطئة.
 فالبشر قادرون على التجريد والاستنتاج التناظري، بينما يعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي على مطابقة الأنماط التي تعلمها، مما يؤدي إلى ضعف في قدرته على التكيف مع المواقف الجديدة.وفقاً لموقع "livescience".

بحثت الدراسة في مدى قدرة نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) على تكوين تشبيهات. وتم اختبار قدرة النماذج اللغوية الكبيرة مثل GPT-4 على حل مشكلات التناظر في سلاسل الحروف.وجد الباحثون أنه في كل من تشبيهات سلسلة الأحرف البسيطة ومسائل المصفوفات الرقمية - كانت المهمة إكمال مصفوفة بتحديد الرقم المفقود - كان أداء البشر جيدًا، لكن أداء الذكاء الاصطناعي انخفض بشكل حاد.
لماذا يحدث هذا؟
تشير هذه النتائج إلى أن GPT-4 قد يعتمد بشكل كبير على أنماط محددة في بيانات تدريبه، مما يجعله أقل مرونة في التعامل مع مشكلات تتطلب استدلالاً تناظرياً عاماً. بالمقابل، يظهر البشر قدرة أفضل على تعميم الأنماط وتطبيقها في سياقات جديدة، حتى مع تغييرات في بنية المشكلة أو عند استخدام رموز غير مألوفة.
ما التداعيات؟
تُبرز هذه الفجوة أهمية تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تتمتع بقدرات استدلال أكثر مرونة، خاصةً في التطبيقات التي تتطلب فهماً عميقًا وتكيفاً مع سياقات متنوعة. كما تؤكد الدراسة على ضرورة تقييم أداء هذه النماذج ليس فقط بناءً على دقتها، بل أيضاً على مدى قدرتها على التكيف مع تغييرات في المشكلات المطروحة.
لماذا يهمنا أن الذكاء الاصطناعي لا يفكر مثل البشر؟
أوضحت مارثا لويس، الأستاذة المساعدة في الذكاء الاصطناعي العصبي الرمزي بجامعة أمستردام، أن البشر لديهم قدرة فطرية على التجريد من الأنماط المحددة إلى قواعد أكثر عمومية، بينما يفتقر الذكاء الاصطناعي لهذه المهارة.

فالذكاء الاصطناعي بارع في مطابقة الأنماط التي رآها سابقاً لكنه لا يستطيع تعميمها بشكل فعال. على سبيل المثال، إذا درّبنا نموذجاً على عدد هائل من الأمثلة، فسيتمكن من التعرف على الأنماط المتكررة، لكنه لن يتمكن بالضرورة من اكتشاف القاعدة الأساسية وراء هذه الأنماط.
الكمية لا تعني الفهم
تعمل معظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي على زيادة كمية البيانات لتصبح أكثر دقة، ولكن كما قالت لويس:
"الأمر لا يتعلق بكمية البيانات، بل بكيفية استخدامها".

أخبار ذات صلة مايكروسوفت".. قصة نجاح من الحوسبة إلى الذكاء الاصطناعي والسحابة شاهد.. روبوتات تمشي بثبات وتفتح آفاق التعاون بين والذكاء الاصطناعي والبشر

 لماذا علينا الاهتمام؟
إذا استمر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي دون تحسين قدراته في التفكير المجرد، فقد يؤدي ذلك إلى مشكلات في: اتخاذ القرارات: قد يتعامل الذكاء الاصطناعي مع الحالات الجديدة بالطريقة  نفسها التي تعامل بها مع حالات سابقة، من دون فهم التغيرات الجوهرية.
الأخلاقيات والتحيز: الذكاء الاصطناعي قد يكرر الأنماط الموجودة في البيانات من دون تحليل أعمق لسياقها وأخلاقياتها.
 التطبيقات المتقدمة: مثل الرعاية الصحية، والقانون، والتعليم، حيث يلعب التجريد والاستدلال البشري دورًا أساسيًا.
ما الحل؟
نحتاج إلى تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر قدرة على التجريد والاستدلال، بحيث لا تكتفي بمقارنة الأنماط، بل تفهم المفاهيم الكامنة خلفها.
هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي في القرارات القانونية؟
مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأبحاث القانونية، وتحليل السوابق القضائية، وحتى التوصيات في الأحكام، تبرز مشكلة كبيرة بشأن قدرة الذكاء الاصطناعي المحدودة على إجراء المقارنات والاستدلال التناظري.
فعند التعامل مع القضايا القانونية، يعتمد القضاة والمحامون على مقارنة الحالات الجديدة بالسوابق القضائية. لكن بما أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على مطابقة الأنماط بدلاً من فهم المبادئ القانونية الأساسية، فقد يفشل في التمييز بين الفروق الدقيقة في القضايا وتطبيق السوابق القانونية بشكل صحيح على حالات جديدة
وتقديم توصيات عادلة ومتسقة.

مثلاً: تخيل أن هناك سابقة قضائية لحالة تتعلق بالاحتيال الإلكتروني، ولكن القضية الجديدة تتضمن تقنيات جديدة لم تكن موجودة وقت صدور السابقة. البشر يمكنهم التفكير بشكل مرن لتطبيق القاعدة العامة، لكن الذكاء الاصطناعي قد يعجز عن الربط بين الحالتين بسبب الاختلافات الظاهرية.
اقرأ أيضاً..الذكاء الاصطناعي يتقن الخداع!
الدراسة أكدت أن تقييم الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يقتصر على الدقة فقط، بل يجب أن يشمل قدرته على التكيف والاستدلال العميق. أي أننا بحاجة إلى نماذج أكثر ذكاءً واستقلالية في التفكير، وليس مجرد أدوات لحفظ البيانات واسترجاعها..بحيث لا يمكننا الاعتماد بالكامل على الذكاء الاصطناعي في القرارات القانونية دون تطويره ليكون أكثر قدرة على تحليل القواعد وتطبيقها بمرونة. حتى ذلك الحين، يجب أن يكون دوره داعماً وليس حاسماً.
لمياء الصديق (أبوظبي)


 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: التكنولوجيا المتقدمة الذكاء الاصطناعي الذكاء الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

تمكين الكفاءات السعودية في عصر الذكاء الاصطناعي

لقد باتت المملكة العربية السعودية، في ظل رؤيتها الطموحة 2030، تتقدم بخطى ثابتة نحو بناء اقتصاد مزدهر، يُركّز على إمكانات الذكاء الاصطناعي. وتطمح المملكة إلى تمكين موظفيها في سوق العمل المستقبلي، من خلال تعزيز بيئة عمل داعمة وتدريب الكفاءات المحلية. ولكن، ما متطلبات نجاح الكفاءات الوطنية في سوق العمل مستقبلًا؟

قوّة الذكاء الاصطناعي

تشير نتائج تقرير مؤشر علاقات العمل من HP إلى أنّ الذكاء الاصطناعي سيكون محفزًا رئيسياً لتوسعة الآفاق في مستقبل العمل. ومن خلال تسخير قوّة هذه التكنولوجيا يُمكننا ابتكار حلول وتجارب لا تقتصر على تعزيز نموّ الأعمال فحسب؛ بل تُمكّن الأفراد أيضاً من تحقيق الرّضا الشخصي والطموح المهني.

ومع وصول نسبة استخدام الذكاء الاصطناعي بين الموظفين إلى 66% في عام 2024 يجد أولئك الذين يستفيدون منه بالفعل في حياتهم المهنية فوائد متعدّدة. ومن بين المشاركين في تقرير مؤشر علاقات العمل من HP أكّدت نسبة 73% منهم أن الذكاء الاصطناعي يُسهّل عليهم أداء وظائفهم، في حين قال 68% منهم أن هذه التكنولوجيا تفتح أمامهم فرصاً جديدة للاستمتاع بالعمل، وذكرت نسبة 69% أنّ تخصيص استخدامهم للذكاء الاصطناعي يزيد من إنتاجيتهم.

وفي الوقت نفسه، يعتقد أكثر من نصف المشاركين في التقرير أنّ الذكاء الاصطناعي سيخلق بيئة عمل أفضل. وتلتزم HP بتحقيق هذا التفاؤل، مما يضمن للشركات في المملكة العربية السعودية الاستفادة الكاملة من إمكانات الذكاء الاصطناعي في مكان العمل، ليس فقط في المستقبل فحسب؛ بل في الوقت الحالي أيضاً.

اكتساب مهارات المستقبل

ولتحقيق ذلك، نعمل على إنشاء مركز جديد للتميز في أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي على مستوى المنطقة، يتمثل أحد أهدافه الرئيسية في رفع مهارات الكفاءات الوطنية من خلال تقديم برامج وورش عمل للطلاب والمهنيين المهتمين بتطوير مهاراتهم في الذكاء الاصطناعي.

ويلتزم مركز التميز بدفع عجلة النموّ الاقتصادي، وإيجاد وظائف عالية القيمة، وتعزيز ريادة المملكة في قطاع الذكاء الاصطناعي. وسيجذب المركز أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم، كما سيقدم برامج تدريبية وورش عمل وفرصاً لتبادل المواهب مع مراكز HP الأخرى للذكاء الاصطناعي. ويطمح مركز التميز إلى رعاية المواهب المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي والمساعدة في تمكين الجيل الجديد من خبراء وعلماء وقادة قطاع الذكاء الاصطناعي في المملكة، بالاستفادة من الأبحاث المتقدّمة في هذ المجال والتعاون مع خبراء الذكاء الاصطناعي في المراكز العالمية.

التعلّم أثناء العمل

يعتبر البدء باستخدام الذكاء الاصطناعي، أفضل طريقة لصقل مهارات الموظفين المكتسبة حديثًا في  هذه التكنولوجيا. وتُوفر مجموعة منتجات HP المدعومة بالذكاء الاصطناعي فرصة لتمكين المهنيين من العمل بذكاء وسرعة وكفاءة أعلى. إننا نضع الذكاء الاصطناعي اليوم في متناول الشركات، من خلال حلول مصمّمة لتحسين وتبسيط سير العمل.

ويمكن لأجهزة الكمبيوتر المدعومة بالذكاء الاصطناعي؛ مثل HP Elitebook Ultra و HP Elitebook X، إطلاق العنان أمام قدرات التركيز على عمل أكثر جدوى، بسرعة وأمان وتكلفة أفضل. في حين تساعد تجارب الطباعة المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تقليص المسافة بين ما يُمكنك تخيّله وبين ما يُمكنك ابتكاره. وباستخدام البرامج والحلول المخصّصة للموظفين، يمكن لفرق العمل التعاون بسهولة وحلّ المشكلات قبل حدوثها أينما كانت مواقعها.

اقرأ أيضاًالمجتمعنائب أمير الشرقية يستقبل مسؤولي مجموعة برجيل الطبية ويطلع على مشاريعها في المنطقة

تلبية توقعات الموظفين

يمتلك الموظفون الذين يعتمدون على أنماط عمل مرنة اليوم توقّعات عالية عن التكنولوجيا في مواقع عملهم، وغالباً ما يصابون بخيبة الأمل. وفي الواقع، يحظى 28% فقط من الموظفين بعلاقة صحية مع أماكن عملهم، بحسب تقرير مؤشر علاقات العمل من HP، في حين يشعر عدد أقلّ بأن شركاتهم تُوفر لهم التكنولوجيا المناسبة للنجاح.

وبحكم أدوارنا القيادية، تقع على عاتقنا مسؤولية تدريب الموظفين حالياً، بالإضافة إلى تأهيل الجيل القادم لمتطلبات العمل في مستقبل الذكاء الاصطناعي. ولهذا السبب أطلقنا برنامج HP LIFE، وهو منصّة تدريب مجانية عبر الإنترنت مُصمّمة لتزويد الأفراد بالمهارات التي يحتاجونها للنجاح في عالم الاقتصاد الرقمي. ومنذ العام 2016 حتى الآن، التحق ببرنامجنا 1.2 مليون شخص، منهم أكثر من 180 ألف شخص من الشرق الأوسط.

ويُعدّ هذا البرنامج واحداً ضمن مجموعة واسعة من برامج التعليم عالية التأثير، والتي تهدف إلى رفع مهارات التكنولوجيا لدى الشباب في المملكة العربية السعودية. وتشمل البرامج الأخرى برنامج زمالة كامبريدج في تكنولوجيا التعليم HP Cambridge EdTech وبرنامج HP IDEA، اللذين يتوقع أن يستفيد منهما أكثر من 6 ملايين طالب ومعلم في جميع أنحاء المملكة بحلول العام 2027.

ويتميز الذكاء الاصطناعي بقدرة استثنائية على تجديد مفاهيم نموّ القطاعات المختلفة، وتغيير الطريقة التي يكتسب بها الأفراد خبراتهم العملية، إذ يفتح أمام الموظفين آفاقاً جديدة أكثر اتساعاً وفائدة. وعندما تتلاقى عزيمة الإنسان مع إمكانيات الذكاء الاصطناعي المتطوّرة، يتسارع التحوّل الرقمي بخطى واثقة، وتتجّسد طموحات السعودية في تحقيق أثر إيجابي ملموس، ينبض بالإنجاز، ويعكس رؤيتها الطموحة نحو مستقبل أكثر ازدهاراً وتطوراً.

 

مقالات مشابهة

  • تمكين الكفاءات السعودية في عصر الذكاء الاصطناعي
  • سام ألتمان.. رأس الحربة في الذكاء الاصطناعي الإمبريالي
  • أخبار التكنولوجيا | سامسونج تكشف عن أرخص هواتف الذكاء الاصطناعي.. 4 ميزات مبتكرة تغير طريقة تواصلك على واتساب
  • دراسة يابانية تكشف عن “روابط عاطفية” مع الروبوتات
  • سامسونج تكشف عن أرخص هواتف الذكاء الاصطناعي
  • علماء روس يستخدمون الذكاء الاصطناعي في فهم الجينات
  • كيف غير الذكاء الاصطناعي شكل التصعيد بين إيران والاحتلال؟
  • الذكاء الاصطناعي قد يتفوق على البشرية بحلول عام 2027
  • واتساب تكشف عن 4 ميزات جديدة لتعزيز الذكاء الاصطناعي للمستخدمين
  • شاهد الأب الروحي للذكاء الاصطناعي يحذر من خطره على البشر