مقدمة
تناقلت وسائل الإعلام خطابًا من الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، يتضمن عرضًا لخطة الحكومة السودانية بشأن إنهاء الحرب الدائرة في البلاد. وقد لاقى الخطاب ردود فعل متباينة بين السودانيين، حيث انقسم الرأي العام بين مؤيدين ومعارضين، في الوقت الذي شكك فيه البعض في مصداقيته واعتبره آخرون خطابًا مفبركًا.


*نقاط إيجابية في الخطاب:*
1/ التوجه نحو الحوار السوداني السوداني:
من النقاط التي تم الإشادة بها هو الدعوة إلى الحوار الوطني بين السودانيين، وهو أمر يحظى بتأييد واسع من مختلف الأطراف السودانية. هذا يشير إلى رغبة الحكومة في إرساء السلام الداخلي وإشراك كافة الأطراف السودانية في حل الأزمة.
2/ مطالبة المليشيا بتسليم الأسلحة:
الخطاب يتماشى مع الموقف الثابت للشعب السوداني و للقوات المسلحة التي طالما دعت إلى ضرورة تسليم المليشيا أسلحتها والخروج من المدن والمنازل، استعدادًا للمرحلة القادمة التي تتضمن الدمج أو تسريحها مع محاسبة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب السوداني.
*نقاط سلبية في الخطاب*
1/ غموض الإشارة إلى ولايات دارفور
إحدى النقاط المثيرة للجدل في الخطاب هي العبارة التالية: “الولايات التي تقبل بالمليشيا”، وهي عبارة غامضة من المؤكد أنها سوف تثير جدلا حول تفسيرات متعددة وغير واضحة. هذا الغموض سوف يتسبب في مشاكل عند تطبيقه على أرض الواقع، حيث يجمع الراي العام على أن المليشيا يجب أن تُطرد من جميع أنحاء السودان وليس فقط بعض المناطق. وان يتم التعامل مع الافراد فيها لتحديد مصيرهم ما بين دمج وتسريح و محاكمات.
2/ التفريق في التعامل مع المليشيا:
الحديث عن قبول المليشيا في مناطق معينة، مثل دارفور، يتناقض مع مبدأ “تطهير السودان من المليشيا” ويشجع على تقسيم البلاد وفقًا للولاءات الجغرافية أو القبلية، وهو أمر قد يزيد من توترات إضافية في المستقبل و قد يمنح المليشيا شرعية ليس فقط بناء على مبدا التفاوض معها كطرف معترف به، ولكن ايضا باعتبار أن لها قواعد اجتماعية و شعب و أرض تمثلهم و يمثلونها.
3/ عدم الإشارة إلى محاسبة الجرائم أو التعويضات:
من العيوب الرئيسية في الخطاب عدم الإشارة بشكل مباشر إلى محاسبة المليشيا على الجرائم التي ارتكبتها خلال الفترة الماضية، أو إلى ضرورة دفع تعويضات للمتضررين. هذا يعزز من الشكوك حول عدم وجود نية حقيقية لتحقيق العدالة. وان التسوية ستكون على حساب حقوق الضحايا.
4/ الخشية من المفاوضات والمناورات السياسية
القلق من المناورات الإقليمية والدولية:
بالرغم من أن الخطاب يتضمن دعوة لإنهاء الحرب، إلا أن هناك مخاوف من أن القوى الإقليمية والدولية قد تسعى لتحقيق مصالح خاصة أثناء المفاوضات. مؤكد أن الدول الداعمة للمليشيا سوف تحاول الحصول على مكاسب من خلال الضغوط السياسية، باستخدام العبارات المبهمة مثل “إذا قبلوا بها” من أجل إعادة تأهيل المليشيا أو تحقيق مصالحها الخاصة في السودان. و سوف توظف مبدا الاعتراف بالمليشيا لترجع الى مناورات قديمة مثل مساواتها مع الجيش ومثل الشرعية المتساوية و حقوق المليشيا في التواصل مع العالم الخارجي في التسليح و غيره.
5/ التهديدات من القوى الداعمة للمليشيا:
من المهم أن يتم التعامل بحذر مع القوى الداعمة للمليشيا، خاصة تلك التي قد تسعى لإعادة تنظيم صفوف المليشيا في ظل وجود مصالح اقتصادية وسياسية لها في السودان، مثل الإمارات التي دخلت في تحالفات مشبوهة مع عملائها سوف تؤثر في سير الأحداث.
*آليات التفاوض والخطر المحتمل*
1/ ضرورة المتابعة الدقيقة:

رغم أن البرهان قد نجح في المفاوضات السابقة عبر منبر جدة، إلا أن هذا يتطلب المزيد من الحذر والدقة في التعامل مع المليشيا وحلفائها. من الضروري الحفاظ على قوة الجيش السوداني وعدم إعطاء فرصة للمليشيا لإعادة تجميع صفوفها.
2/ الضغوط العسكرية مستمرة: يجب مواصلة الضغوط العسكرية للجيش على المليشيا حتى لا يتم منحها فرصة لاستعادة قوتها أو إعادة التنظيم. الجيش يجب أن يظل في وضع هجومي دون تراجع.
3/ خارطة الطريق مع الأمم المتحدة
وجود خارطة طريق قد تكون تم الاتفاق عليها:

هناك إشارات سابقة تشير إلى وجود خارطة طريق تم الاتفاق عليها مع الأمم المتحدة، وهو ما قد يكون أشار إليه البرهان في أحد خطاباته. إذا كانت هذه الخطة موجودة بالفعل، فقد تكون جزءًا من استراتيجية أكبر تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي وعسكري للأزمة، ويجب التحقق منها قبل اتخاذ أي خطوات أخرى. ولكن يجب أن تتم وفق شروط الشعب السوداني المعروفة.

4/ ملاحظة مهمة، لماذا تطرح حكومة شرعية خطتها لحل مشاكل شعبها الى الامم المتحدة ولا تقدمها الى شعبها في أي مستوى من مستويات الحوار الوطني. الشكوك كبيرة من حيث المبدأ و التوقيت و المحتوى و النوايا.

الخاتمة
الخطاب الذي أرسله البرهان يعكس رغبة في إنهاء الحرب وتحقيق الاستقرار في السودان، ولكنه يحمل أيضًا العديد من المخاطر السياسية والعسكرية. غموض بعض النقاط مثل التعامل مع المليشيا في دارفور، وعدم الإشارة إلى محاسبة الجرائم أو التعويضات، قد يزيد من تعقيد الوضع في المستقبل. كما أن المناورات الإقليمية والدولية قد تشكك في جدوى المفاوضات والنوايا الحقيقية منها. لذلك، من الضروري توخي الحذر والمزيد من التشاور مع كل الأطراف المعنية داخليًا لضمان أن أي تسوية تتم لا تعطي فرصة للمليشيا لاستعادة قوتها أو تمكينها من العودة للقتال أو تكون على حساب الضحايا.

د. محمد عثمان عوض الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الملیشیا فی التعامل مع فی الخطاب

إقرأ أيضاً:

حرب كلامية بين الجيش السوداني وقوات حفتر

قالت وزارة الخارجية السودانية إن مشاركة خليفة حفتر في هجوم مليشيا الجنجويد داخل الأراضي السودانية يمثل تعديا سافرا على سيادة السودان وتهديدا للأمن الإقليمي والدولي.

واعتبرت الخارجية السوادنية في بيان لها أن هذا التدخل، تصعيد خطير للعدوان الخارجي على السودان

وأشارت السودان إلى أن حدود السودان مع ليبيا شكلت معبرا رئيسيا للأسلحة والمرتزقة لدعم المليشيا الإرهابية بتنسيق من قوات حفتر وبتمويل دولة الإمارات

ودعت الخارجية السودانية المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية إلى إدانة هذا الاعتداء واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتصدي له.

هذا وأخلت قوات القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، منطقة المثلث المطلة على الحدود بين السودان وليبيا ومصر، موضحة أن ذلك في إطار ترتيباتها الدفاعية لصد العدوان.

حفتر يرد بالنفي

من جهتها نفت “القيادة العامة” ما سمّته ادعاءات الجيش السوداني بالتدخل في مناطق حدودية سودانية للاستيلاء عليها والإنحياز لأحد أطراف النزاع، مشيرة إلى أنها رواية مكررة لا تمتّ للواقع بأي صلة.

واعتبرت قيادة قوات حفتر في بيان لها أن المزاعم الإعلامية بشأن مهاجمة الأراضي السودانية، محاولة مفضوحة لتصدير الأزمة الداخلية السودانية وخلق عدو خارجي افتراضي.

كما عبرت قوات حفتر عن قلقها إزاء اعتداءات القوات المسلحة السودانية على الحدود الليبية في الآونة الأخيرة وهو ما تطلب معالجة الأمر بهدوء حفاظًا على حسن الجوار مع احتفاظنا بحق الرد، وفق البيان.

وتعرضت نقاط الجيش السوادني الحدودية الواقعة في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، لهجوم وصف بـ”المباغت” من قبل ما سماها “مليشيا آل دقلو الإرهابية”، مدعومة بعناصر من كتيبة سبل السلام التابعة لقوات خليفة حفتر في ليبيا وفق بيان للجيش السوداني.

واعتبر البيان أن تدخل قوات حفتر يشكل “تعديا سافرا على السودان، مشيرا إلى أن ما جرى يعد امتدادا لما وصفه بـ”مؤامرة دولية وإقليمية” تستهدف البلاد.

وأضاف الجيش في بيانه أنه يواجه هذا التصعيد بدعم من الشعب السوداني، وأنه “سينتصر مهما بلغ حجم التآمر والعدوان”، متهما دولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم الدعم لمثل هذه الهجمات عبر ما وصفها بـ”مليشياتها في المنطقة”.

المصدر: وزارة الخارجية السوادنية + الجيش السوداني “بيان”

الجيش السوداني Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • الجمعية العامة للأمم المتحدة تصوت لصالح وقف حرب غزة
  • الجمعية العامة للأمم المتحدة تصوت على مشروع قرار يطالب بوقف الحرب على غزة
  • امطيريد: قوات البرهان اعتدت على دورية ليبية والجيش رد دون تصعيد
  • سيطرة المليشيا على المثلث بتضرب الأمن القومي المصري
  • الإعلام الدولي والحرب على غزة.. مؤتمر علمي للجزيرة للدراسات وجامعة حمد
  • الجمعية العامة للأمم المتحدة تصوت اليوم على مشروع قرار يطالب بوقف الحرب على غزة
  • المليشيا لن تنتصر كقوة غازية يتم تجهيزها في ليبيا أو أي دولة أخرى لغزو السودان
  • مقطع فيديو يقدم دليلاً جديداً على انطلاق المليشيا من داخل الحدود الليبية إلي السودان
  • حرب كلامية بين الجيش السوداني وقوات حفتر
  • وزارة الخارجية بالحكومة الليبية: لم ننخرط في الصراع السوداني بأي شكل من الأشكال