الإعلام الدولي والحرب على غزة.. مؤتمر علمي للجزيرة للدراسات وجامعة حمد
تاريخ النشر: 12th, June 2025 GMT
يُنظِّم مركز الجزيرة للدراسات وقسم اللغة والثقافة والاتصال بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة حمد بن خليفة، مؤتمرًا علميًّا بعنوان "الإعلام الدولي والحرب على غزة: مُوجِّهات الخطاب وصراع السرديات"، ويدعو الباحثين والمهتمين للمساهمة فيه بأوراق بحثية تتناول موضوعه وتحقق أهدافه وتعالج إشكالياته.
ويهدف المؤتمر -الذي سيعقد بين 29 نوفمبر/تشرين الثاني والأول من ديسمبر/كانون الأول 2025 في الدوحة- إلى دراسة الآليات الدلالية ذات الطابع الوظيفي التي تعمل على كشف مضمرات الخطاب في تغطية الإعلام الدولي للحرب على غزة. ويبحث في الواسمات التي تُبيِّن وجهة نظر مُنْتِج هذا الخطاب إزاء الذات الفلسطينية والإسرائيلية، وتكشف أيضًا رؤيته وموقفه من مسارات الحرب وانعطافها نحو الإبادة الجماعية. كما يسعى المؤتمر إلى دراسة أنماط النماذج الإخبارية وسماتها في تغطية الحرب، ورصد أشكال الدعاية وتزييف الحقائق للتلاعب بالرأي العام الدولي، وتحليل دور الإعلام الإسرائيلي والمؤسسات الإعلامية والشبكات الدولية في إذكاء الإبادة الجماعية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الصراع الجيوسياسي في جنوب القوقاز: تحالفات ثلاثية بين الهند وأرمينيا وإيران مقابل تركيا وأذربيجان وباكستانlist 2 of 2خسرت قاذفات نووية بـ7 مليارات في دقائق.. هل روسيا قادرة على التعافي؟end of listويتنزَّل هذا المؤتمر في سياق الصراع الرمزي وصناعة سرديات جماهيرية وثقافية كبرى للفوز بمعركة الرواية قبل معركة الميدان، من أجل الهيمنة على الخطاب العام ومن ثم الرأي العام الدولي. فقد كانت الروايات -التي يُنْتِجُها الإعلام الإسرائيلي وكذلك جزء كبير من الإعلام الغربي- تتلوَّن بأبعاد الصراع وتخضع لتأثير موقع المؤسسات الصحفية والشبكات الإعلامية ومالكيها إزاء الفاعلين المشاركين في الحرب. ولذلك ظلَّ معظم الإعلام الغربي، وحتى بعض وسائل الإعلام العربي، ولا سيما في الشهور الأولى من مراحل الحرب، يُروِّج لأطروحات السردية الإسرائيلية وأخبارها الزائفة عن "حرق الأطفال"، و"اغتصاب النساء الإسرائيليات"، خلال عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات إسرائيلية في غلاف قطاع غزة، وتبرير "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وشَرْعَنَة الحرب على ما يُسمِّيه "إرهاب حماس".
إعلانوفي هذا السياق، يَبْرُز البعد الدعائي والتضليل المعلوماتي في الخطاب الإعلامي وصناعة سرديات منافسة للرواية الفلسطينية، وهو ما يُشير إلى "قوة السرد" في بناء المعاني وتشكيل الواقع وتوجيه الرأي العام، بحسب قوة الوسيلة واختياراتها التحريرية وامتداداتها السياسية والأيديولوجية. لذلك برزت نماذج إخبارية مختلفة في تغطية الحرب على غزة تنطلق من محددات وأطر مخصوصة في تمثُّلاتها للذات الفلسطينية والإسرائيلية، وفي فهم حالة الصراع وجذوره وسياقاته التاريخية.
وكانت شبكات التواصل الاجتماعي جزءًا من الحالة الإعلامية الدولية الـمُستقطَبة؛ إذ أفسحت الشركات الكبرى في المجال لعسكرة فضاء هذه المنصات، وسمحت سياساتها في إدارة المحتوى بالتمييز الرقمي ضد المحتوى الفلسطيني ومحاولة إبادة آثاره الرقمية. لكن هذه السياسات لم تؤثر كثيرًا في فاعلية دور الصحفيين والمواطنين الصحفيين في توثيق الحرب، وكشف الانتهاكات التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي، وهو ما أسهم في تدفق التغطية التقليدية وتعديل مزاج الرأي العام الدولي تجاه الحرب، وأعاد طرح السؤال حول الجدوى من الإعلام ودوره في تحقيق العدالة وصناعة السلام.
وستتناول جلسات المؤتمر الذي سيعقد في المدينة التعليمية بالدوحة، القضايا الإشكالية التي تبرزها المحاور الآتية، وغيرها:
1. مُوجِّهات الخطاب وصراع السرديات في الإعلام الدولي: سيرورة التأطير الإخباري للحرب على غزة في الخطاب الإعلامي الغربي. صناعة السرديات وصراع الروايات خلال الحرب على غزة: الأساليب والأهداف. تفكيك الرؤية الاستعمارية في دراسات الاتصال والإعلام. التحرير الترجمي ودوره في تعزيز الروايات وطمسها. البنية المعجمية والدلالية للخطاب في المواقع الإخبارية الأجنبية باللغة العربية للحرب. 2. نماذج إخبارية في تغطية الحرب على غزة: محددات التغطية الإخبارية للحرب في الصحافة الدولية والشبكات الإعلامية (دراسة حالة الإعلام الغربي). بناء المفاهيم والمعاني في السرديات الكبرى لوسائل الإعلام (دراسة مقارنة لحالة الإعلام الدولي). تأثير البيئة السياسية في اتجاهات المعالجة الإعلامية للحرب على غزة (دراسة حالة الإعلام الإسرائيلي). أنماط النماذج الإخبارية في تغطية الإبادة الجماعية بغزة (دراسة مقارنة لوسائل الإعلام الدولي). إعلان 3. الخطاب الدعائي وتأثيره في الرأي العام العالمي: أنماط الدعاية في الإعلام الإسرائيلي والغربي خلال الحرب على غزة. تأثير الخطاب الدعائي في تشكيل الرأي العام الدولي. الأخبار الزائفة والتضليل الإعلامي في الحرب على غزة. الخطاب الإعلامي للمقاومة الفلسطينية وتأثيره في الرأي العام الدولي. 4. الشبكات الاجتماعية وإستراتيجيات إنتاج المحتوى خلال الحرب: دور الشبكات الاجتماعية في توثيق مسارات الحرب على غزة. الشبكات الاجتماعية وتأثير السرديات المجالية (الكبرى) في الرأي العام. أساليب عَسْكَرَة شبكات التواصل الاجتماعي خلال الحرب. سياسات الشبكات الاجتماعية والإبادة الرقمية للمحتوى الفلسطيني. 5. دور وسائل الإعلام في الإبادة الجماعية: إستراتيجيات الخطاب وأطروحاته بنية خطاب الكراهية في الإعلام الإسرائيلي والدولي. خطاب إعلام الإبادة الجماعية في الحرب على غزة: آليات اشتغاله وأطروحاته. دور الإعلام في مَأْسَسَة الإبادة الجماعية في الخطاب العام والممارسة الصحفية. مقارنة إعلام الإبادة في تجارب معاصرة (رواندا، كمبوديا) مع إعلام الإبادة في الحرب على غزة. 6. المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام خلال الحروب والأزمات الأخلاقيات المهنية في تغطية الحروب والنزاعات. دور الإعلام في توثيق جرائم الحرب وتأثيره في تنفيذ القانون الدولي. دور وسائل الإعلام في حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة وصناعة السلام. وسائل الإعلام وحل النزاعات: الاتجاهات المنهجية والنظرية.شروط الكتابة
ويدعو مركز الجزيرة للدراسات وجامعة حمد بن خليفة، الباحثين والخبراء والأكاديميين للمشاركة بأوراق بحثية في الموضوعات والقضايا التي سيناقشها المؤتمر، وفق الضوابط والشروط الآتية:
أن يُقدِّم الباحث/ة مقترحًا بحثيًّا في صلب موضوعات المؤتمر في حدود 500 كلمة، يتضمن موضوع البحث وإشكاليته وأهدافه وأهميته ومنهجه وبنيته. أن يكون البحث أصيلًا، مُعدًّا على نحو خاص للمؤتمر، وألا يكون مُوَلَّدًا بالذكاء الاصطناعي، أو مجتزًأ من رسالة جامعية، أو نُشِر جزئيًّا أو كليًّا في أية وسيلة نشر ورقية أو إلكترونية، أو عُرِض في أحد المؤتمرات أو قُدِّم للنشر في إحدى الدوريات. تُبَلِّغ اللجنة العلمية أصحاب المقترحات المقبولة للمضي في إعداد أوراقهم البحثية، ولن تتسنَّى المشاركة في المؤتمر إلا لأصحاب الأوراق المجازة من قبل لجنة التحكيم. اعتماد أسلوب "شيكاغو" في توثيق المراجع. لغات المؤتمر: اللغة العربية، واللغة الإنجليزية. تُرْسَل مقترحات المشاركة وكل المراسلات ذات الصلة بالمؤتمر مرفقة بالسيرة الذاتية للباحث/ة على العنوان الإلكتروني الآتي: [email protected] إعلان تواريخ ومواعيد مهمة آخر موعد لتلقي ملخصات الأوراق والبحوث: 1 يوليو/تموز 2025. ويكون المقترح في حدود 500 كلمة مرفقًا بالسيرة العلمية للباحث. الرد على أصحاب المقترحات المقبولة بتاريخ: 10 يوليو/تموز 2025. آخر موعد لتسليم الأوراق والبحوث النهائية الأولية (من 6000 إلى 8000 كلمة متضمنة المراجع والهوامش): 1 أكتوبر/تشرين الأول 2025. الرد النهائي على الأوراق والبحوث المقبولة بتاريخ: 20 أكتوبر/تشرين الأول 2025. تاريخ انعقاد المؤتمر: 29-30 نوفمبر/تشرين الثاني، والأول من ديسمبر/كانون الأول 2025 (ثلاثة أيام). علما بأن أوراق المؤتمر وأعماله ستنشر في مجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام، ولاحقًا في كتاب جماعي.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج دراسات الإعلام الإسرائیلی الشبکات الاجتماعیة الرأی العام الدولی الإبادة الجماعیة الإعلام الدولی وسائل الإعلام الحرب على غزة خلال الحرب الإعلام فی فی توثیق الأول 2025 فی تغطیة فی الحرب ة الحرب
إقرأ أيضاً:
إعلام الإبادة
حرب الإبادة التي تنفذها إسرائيل في غزة، والعالم كله يتفرج بينما ذلك المجرم يوغل في القتل والدمار والتجويع دون رادع رغم التحذيرات التي تطلق ليل نهار، وليس بآخرها ما طالبت به فرانشيسكا ألبانيزي مقررة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الضفة الغربية وغزة التي أشارت في تقريرها إلى ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين كمجموعة في غزة، ولاحقاً أوصت بإعادة النظر في عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، وتعليقها حتى تتوقف عن انتهاك القوانين الدولية، وتنهي الاحتلال لتشن عليها حملة من قبل إسرائيل، وتفرض أمريكا عقوبات عليها.
هذه النداءات التي ما انفكت تتصاعد دون اتخاذ أي إجراء تذكرني بما بات يعرف بـ«فاكس الإبادة» تلك الرسالة السرية التي وجهها في يناير عام 1994 الجنرال روميو داليا قائد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في رواندا إلى الأمين العام للأمم المتحدة يحذر فيها من وجود مؤشرات على قرب شروع مليشيا «إنتر هاموي» على تنفيذ إبادة جماعية ضد أقلية التوتسي. وبالفعل حصل ما حذر منه؛ إذ لم تمض ثلاثة أشهر حتى نفذت تلك الجريمة. تلك النداءات والاستغاثات والتحذيرات كلها تذهب أدراج الرياح كما ذهب فاكس الإبادة، وأصبح مثلا مقترنا بفشل الأمم المتحدة وأجهزتها في منع الجرائم التي ترتكب في تناغم عجز وبيروقراطية في اتخاذ القرارات، وحسابات الدول الكبرى.
إعلام الإبادة مصطلح ظهر ضمن الأشياء الكثيرة التي لفظتها طوفان الأقصى، وكشفتها غزة، وبات يعرف على نطاق واسع في الغرب، ويطلق على ذلك الإعلام الذي يتبنى ويشجع ويقف حاميا ومدافعا عن الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في غزة، ليس ذلك فحسب، بل راح يتمادى ويتبنى بشكل صارخ الرواية الصهيونية، ويعيد تدويرها. وقد يكون السكوت، وغض النظر جزء من التواطؤ والموافقة والتأييد، وأصبح ذلك واضحا لدرجة ربما لا نستطيع التفريق بينه وبين الإعلام الصهيوني، ليس إلا الانحياز والتضليل.
ولطالما كانت التغطية الإعلامية للقضايا العربية وخصوصاً القضية الفلسطينية مثار جدل وانتقاد. شيء يبعث على الحيرة والاستغراب كيف لهذا الإعلام أن يناصر هذا الإجرام والإبادة الواضحة وضوح الشمس والتي لا تحتاج إلى تفسيرات أو تأويلات. يرجع الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي ذلك بقوله: تغطية إعلام الغرب لحرب غزة تعكس العنصرية ضد الفلسطيني والمسلم، مشيراً إلى ما أسماه «انحياز غربي إعلامي مطلق لإسرائيل يقوم على التعصب، والعنصرية، وتكرار الرواية الإسرائيلية دون أي بحث مهني».
بينما يفسر (آلان ديرشوفيتز) المحامي الإسرائيلي المكلف بالدفاع عن إسرائيل في القضية التي رفعتها ضدها جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية، ذلك بالقوة والغنى والنفوذ اليهودي عندما قال: «اليهود أقوياء للغاية. نحن أغنياء جدا. نحن نسيطر على وسائل الإعلام. لن نعتذر أبدا عن استخدام قوتنا ونفوذنا، ولن يتحقق السلام للشعب اليهودي والأمة اليهودية إلا بالقوة».
ليس بغريب ذلك في زمن انقلبت فيه كل المفاهيم والقيم وتردى الوضع، زمن تمسك بنواصيه وتتحكم به الصهيونية العالمية، كل شيء في العرف الصهيوني غير قابل للنقاش من لم يكن معهم فهو ضدهم، كل شيء في الكون يمر عبر بوابة الصهيونية من تجيزه هي فلا راد له، ومن تغضب عليه فلا شفاعة له. دول ومؤسسات وهيئات إعلام وأشخاص كلهم يلهثون خلف الصهيونية طمعا في منصب أو دوام الحال أو جائزة ترمى لهم. مؤسسات إعلامية وتعتبر أهم صروح الغرب الإعلامية سقطت في وحل الانحياز غير الأخلاقي، وأصبحت مطية للنفوذ والسيطرة الصهيونية.
أمثلة كثيرة تظهر الانحياز الغربي لحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد غزة. وهناك الكثير من الحكايات التي تظهر لنا مدى الانحياز للرواية الإسرائيلية؛ فمنذ السابع من أكتوبر كلنا لاحظنا ذلك الانحياز، وكان الإعلام الغربي بمختلف وسائله هو سنام هذا الانحياز، وهو الواجهة والرافعة الأولى لحرب الإبادة والقتل والدمار التي تمارسها قوات الاحتلال في غزة؛ إذ لم يكن هذا الإعلام بتلك الدرجة من المهنية، وما كان صادما أن هذا الإعلام الذي تغنى بحرية الرأي والاستقلالية، ولم يرتقِ إلى الشعارات التي يتبناها حول الإجرام والإبادة والتجويع وتدمير المستشفيات واصطياد الغزاويين الذاهبين لتلقي المساعدات، كل ذلك لم يحرك ضمائر الإعلام الغربي وإن كنا لا نضعه كله في سلة واحدة، فهناك بالطبع أصوات حرة ومستقلة ما يعكس تواطؤا كاملا بين الحكومات الغربية وبين هذه الوسائل المضللة التي تعكس المعلومات وتحورها فقط لصالح إسرائيل متجاهلة معاناة الفلسطينيين.
وكلنا سمعنا ورأينا التغطية الإعلامية لحرب الإبادة؛ إذ غالباً ما تفسر هذه الوسائل السابع من أكتوبر على أنه حق دفاع للإسرائيليين متجاهلة معاناة الفلسطينيين واحتلال أراضيها منذ سبعين سنة والدمار والقتل والحصار وآلاف المعتقلين، وكذلك التركيز على عدد الوفيات الإسرائيليين دون النظر إلى الضحايا الفلسطينيين، وتحاول جاهدة أن تنتزع من ضيوفها على القنوات اعترافاً بذلك.
دخلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) على خط المواجهة، وفضلت أن تصطف مع الكيان الصهيوني في حرب الإبادة التي يشنها ضد غزة. لم تكتفِ بتبني الرواية الإسرائيلية والدفاع عنها فقط، بل عملت على إسكات أي صوت معارض لتلك الرواية، ولم ينجُ من ذلك حتى الأعمال الفنية.
في واحدة من السقطات الكبرى لمراسلة بي بي سي التي رافقت قوات الاحتلال أثناء اقتحامها مستشفى الشفاء شمالي غزة، وأخذت تستعرض معهم ما يزعمون أنها مضبوطات عثروا عليها، وهي رواية أشبعها العالم نقدا وسخرية من تهافتها وتناقضها وعدم تناسبها مع السيناريوهات التي سوّقها الاحتلال لما كان يزعم أنها مقرات لقيادات حماس تحت المستشفى. وكذلك تبني الإعلام الغربي الرواية الإسرائيلية التي تزعم أن هناك أنفاقا ومخازن للأسلحة تحت مستشفى الشفاء وغيره من المستشفيات الفلسطينية في غزة.
فيلم (مسعفون تحت النار) أو (أطباء تحت الهجوم) الذي أنتجته شركة (بيسمنت فيلمز) بتكليف وتمويل من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الذي يصور معاناة الأطباء والمسعفون في غزة والانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي أثار جدلا واسعاً في بريطانيا، ويتمحور هذا الجدل حول إلغاء عرض الفيلم من قبل الهيئة، وهي التي أعلنت في البداية أن الفيلم يعتبر جريئا وضروريا للصالح العام، وقد أعلنت مراراً عن موعد عرضه، وحددت 6 مواعيد لذلك على مدار شهري يناير وفبراير إلى أن أعلنت في 20 من يونيو في بيان لها عن إلغاء العرض لدواعٍ وأعذار مختلفة كالقلق من منتجي الانحياز للرواية الفلسطينية ما دعا أكثر من 400 نجم وشخصية إعلامية بريطانية توقيع رسالة وجهت لإدارة بي بي سي طالبوا فيها بإقالة عضو مجلس الإدارة روبي غيب على خلفية ما وصفوه بتضارب المصالح فيما يتعلق بتغطية أحداث الشرق الأوسط، وهو أحد قادة مجموعة اشترت صحيفة اليهود المركزية في بريطانيا «جويش كرونيكل» عمل في إدارة الشركة المالكة حتى وقت قريب.
وقد سبق للهيئة أن بثت من قبل عرض الفيلم الوثائقي (غزة كيف تنجو من منطقة الحرب؟) الذي يدور حول معاناة أطفال غزة جراء الحرب. إلا أنها اضطرت لاحقا إلى سحبه بعد شكاوى من أن الطفل الفلسطيني عبدالله البالغ من العمر 13 عاما والذي كان يروي الأحداث هو ابن القيادي في حماس الدكتور أيمن اليازوري الذي يعمل في حكومة غزة بوظيفة نائب وزير الزراعة. رغم أن الكثير من التقارير الإعلامية أكدت أن الدكتور اليازوري أكاديمي عمل في عدة مهن منها في دبي ضاربة عرض الحائط بالمهنية الإعلامية، وحرية الصحافة، والحياد في تغطية الأحداث الإنسانية بمهنية وجراءة.
استطاعت الهيئة أن تقدم خدمات لإسرائيل في دعمها لحرب الإبادة التي تشنها، وحولت صحفييها وموظفيها إلى مجرد موظفي علاقات عامة لإسرائيل، بل أجبروا على ذلك مما حدا بالصحفي البريطاني أوين جونز إلى وصف السياسة التي تنتهجها هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي بالمروعة، وبأنها أكبر فضيحة للصحافة الغربية في عصرنا ما اضطر مجموعة من موظفي الإذاعة وعددهم (100) موظف إلى التوقيع على رسالة يعلنون فيها أنهم أجبروا على العمل لصالح إسرائيل.
كذلك اعتذرت القناة، وانضمت إلى حملة شنها الكثير من النواب وساسة ومنهم إعلاميون على فرقة «بوب فيلان» الموسيقية بعد ترديد المغني الرئيسي في الفرقة شعار «الموت لجيش الدفاع الإسرائيلي» خلال حفل في مهرجان غلاستنبري الموسيقي. توالت بعدها الاعتذارات من إدارة المهرجان عن «الأفعال المعادية للسامية»، ومن وزيرة الثقافة (والإعلام) ليزا ناندي التي ألقت بيانا غاضبا في البرلمان، وقامت الشرطة بالتحقيق مع أعضاء الفرقة، واعتذرت كذلك الهيئة عن الواقعة، وأعلنت اتخاذ إجراءات خاصة تتعلّق ببث الحفلات الموسيقية على الهواء لمنع تكرار ما حصل، والتقى مديرها بالموظفين اليهود فيها للاعتذار.
على نفس المنوال حظر البرلمان البريطاني حركة «العمل من أجل فلسطين»، بل أدرجها ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية تحت قانون الإرهاب، جاء ذلك على خلفية قيام نشطاء من الحركة برش طائرات حربية بالطلاء الأحمر، الفعل الذي اعتبرته وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر «نوعا من الأفعال يشكل تهديدا للأمن القومي البريطاني»، ودخلت المحكمة العليا في بريطانيا على نفس المنوال أيضاً عندما رفضت دعوى رفعها نشطاء يسعون إلى وقف نقل جميع قطع الغيار البريطانية الصنع لطائرات إف 35 المقاتلة الأمريكية الصنع إلى إسرائيل.
موقع ذا إنترسبت كشف هو الآخر في مذكرة داخلية أن صحيفة نيويورك تايمز وجّهت صحفييها الذين يغطون حرب إسرائيل على غزة لتقييد استخدام بعض المصطلحات المحرجة مثل الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، وتجنب استخدام عبارة الأراضي المحتلة عند وصف الأراضي الفلسطينية.
إن سكوت الإعلام الغربي وتجاهله لحرب الإبادة والتجويع ليس إلا مشاركة وتواطؤا وسقطة ونفاقا تضاف إلى ممارسات الساسة الغربيين التي أصبحت معتادة ومهنية وربما ضرورة وجودية. يتجاهل الإعلام الغربي بشكل عام الإبادة الجماعية تماماً وما تبثه التلفزيونات ومنصات التواصل الاجتماعي.