عربي21:
2025-06-26@16:15:21 GMT

هل يستطيع العلم المعاصر قياس الفقر؟

تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT

حظي موضوع الفقر أكثر من غيره من الموضوعات باهتمام متزايد خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين وسنوات الألفية الثالثة، ويمكن الجزم بأنه مثل أبرز الملفات التي استعصى حلُها، على الرغم من الاهتمام المنتظم للدول والحكومات بالظاهرة، تفكيرا، وتخطيطا وممارسة. والواقع أن الفقر من الآفات التي طبعت تاريخ البشرية، وعبرت عن جوانب العتمة في العلاقات الاجتماعية، غير أنه، في المقابل، أصبح خلال الربع الأخير من القرن العشرين موضوعا قابلا للتحليل العلمي، كما دلت على ذلك وفرةُ الأدبيات التي أغنت مختلف مجالات الفكر الاجتماعي الحديث.



فهكذا، نميل إلى الظن بأن تزايد وعي الناس بخطورة الفقر وتداعياته، وإدراك قيمة العدالة الاجتماعية في تأكيد تلاحم المجتمعات، وحماية وحدتها الوطنية والسياسية، وتكاثر موجات الاحتجاج على اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، كلها عوامل أسهمت في تصدر موضوع الفقر دائرة الاهتمام الدولي والوطني. وقد كان طبيعيا تخصيص الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة مكانة بارزة لموضوع الفقر، وحثت أعضاءها على صوغ سياسات عمومية تروم التخفيف من أضرار التفاوت وعدم التكافؤ في أفق ردم الهوة بين مكونات المجتمع الواحد، وتكفي الإشارة إلى انتظامية إصدار تقارير التنمية البشرية منذ العام 1990 من قبل "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" (UNDP).

شهدت السنوات الثلاثون الأخيرة من القرن العشرين ومستهل الألفية الجديدة، فيضا من الأدبيات في أكثر الدول تقدما في العالم، ركزت في مجملها على "براديغم" (Paradugme) توزيع الدخل لتحليل مسببات الفقر وآليات تجاوزه، والحال أن هذه المنهجية ظلت مُغرية إلى وقت قريب، غير أن الممارسة بينت عدم صلاحيتها المطلقة في الكشف عن طبيعة الفقر، من حيث هو آفة اجتماعية مهددة للأمن والسلم والتلاحم الوطني
فمن اللافت للانتباه أن دولا صغيرة الحجم مثل فنلندا، والسويد، والنرويج، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، أو متوسطة نسبيا مثل ماليزيا وإندونيسيا، حققت قفزات نوعية في سلم التنمية وقهر الفقر، بالاعتماد على الإنسان وقدراته الخلّاقة، حيث استثمرت في صقل مهاراته بالتربية والتعليم والتكوين الجيد، ووفرت له شروط الارتقاء والعطاء والاجتهاد، وبثت في روحه قيمة العدالة الاجتماعية والإحساس بعدم التفاوت والتكافؤ بين بني جلدته. وبالموازاة، نرى بلدانا أكثر أهمية من حيث الموارد المادية والبشرية، ومع ذلك تحظى بمراتب متدنية أو متواضعة، استنادا إلى الدراسات المسحية التي شكلت أكثر من قطر عربي في مجالات ذات قيمة محورية بالنسبة للتنمية، كالمعرفة والحرية وتمكين المرأة، وهو ما أبانته وكشفته بجلاء تقارير التنمية الإنسانية العربية الصادرة ما بين 2002 و2005.

ففي سياق السعي إلى مقاربة ظاهرة الفقر علميا، وفهم مصادرها الموضوعية، شهدت السنوات الثلاثون الأخيرة من القرن العشرين ومستهل الألفية الجديدة، فيضا من الأدبيات في أكثر الدول تقدما في العالم، ركزت في مجملها على "براديغم" (Paradugme) توزيع الدخل لتحليل مسببات الفقر وآليات تجاوزه، والحال أن هذه المنهجية ظلت مُغرية إلى وقت قريب، غير أن الممارسة بينت عدم صلاحيتها المطلقة في الكشف عن طبيعة الفقر، من حيث هو آفة اجتماعية مهددة للأمن والسلم والتلاحم الوطني.. فهكذا، لعب تغير البيئة السياسية في دول وسط وشرق أوروبا بعد العام 1989، وتوسع الفضاء الأوروبي، دورا مفصليا في تطوير أسس مقاربة الفقر، حيث أصبح مفهوم الفقر محددا من منظور الإقصاء الاجتماعي (Exclusion sociale)، ويشمل أكثر معايير الفقر والتفاوتات التقليدية القائمة على الدخل لوحده.

توسيع دائرة النظر إلى الفقر، باعتباره نقيضا للرفاه، وتعداد المؤشرات ذات الصلة بكرامة الإنسان في قياس مراتب التنمية ودرجاتها، لذلك، ومنذ ظهور أعماله الرائدة ذات الصلة، تغيرت منظورات العالم لمفهوم التنمية وآفة الفقر، وأصبح الفقراء لا يحدَدون من منطلق ما يعانون من عوز مادي فحسب، بل مما يعيشون من شنك وعسر في قدرتهم على المشاركة في تدبير شؤونهم بقدر متكافئ وشفاف ومسؤول
تنهض المقاربة الجديدة لظاهرة الفقر على مصفوفة من المعايير والمؤشرات التي تصلح قاعدة للمعالجة والتحليل، وتساعد أكثر من ذلك، على جعل الفقر معطى موضوعيا قابلا للقياس. فوفق هذه المقاربة متعددة الأبعاد، لا يعني الفقر مجرد الافتقار إلى ما يكفي من المال، ولا يعني فيها التفاوت مجرد اختلاف في الدخل المادي. فعلى سبيل المثال، شهدت دول الاتحاد الأوروبي نقاشا مستفيضا حول "الإقصاء الاجتماعي"، قبل أن تهتدي إلى التوافق حول فحص الفقر من منظور الحرمان من عدد من البضائع أو الخدمات، لا من منظور نقص الدخل في حد ذاته، ما ساعد على صياغة مجموعة من المؤشرات، عوض الاقتصار على "براديغم" توزيع الدخل، وما تترتب عته من الإسقاطات والآثار. والأكثر من ذلك، فتحت المقاربة المتعددة فرصا نوعية لمراجعة المفاهيم الأصولية للفقر والتفاوت، وتم التشجيع عليها في أعمال "أمارتيا سن"، الحائز على جائزة نوبل، وفي صدارتها تلازم "التنمية والحرية"، وضرورة الربط بين التنمية والقدرة على المشاركة بمختلف أنواعها ومستوياتها، وهو ما أوضحه بقوله: "الاهتمام بالحريات الإيجابية يؤدي مباشرة إلى تثمين قدرات الأشخاص، وتثمين ما من شأنها تنمية هذه القدرات، وترتبط بفكرة القدرات ارتباطا وثيقا بأداء الشخص، وهذا يتناقض مع ملكية البضائع وصفات البضائع المملوكة، وما يتولد عنها من نفع..".

إن روح منهجية "أمارتيا سن" في تأصيل مفهوم التنمية تكمن في قدرتها على توسيع دائرة النظر إلى الفقر، باعتباره نقيضا للرفاه، وتعداد المؤشرات ذات الصلة بكرامة الإنسان في قياس مراتب التنمية ودرجاتها، لذلك، ومنذ ظهور أعماله الرائدة ذات الصلة، تغيرت منظورات العالم لمفهوم التنمية وآفة الفقر، وأصبح الفقراء لا يحدَدون من منطلق ما يعانون من عوز مادي فحسب، بل مما يعيشون من شنك وعسر في قدرتهم على المشاركة في تدبير شؤونهم بقدر متكافئ وشفاف ومسؤول، سواء في توزيع الثروة والاستفادة من الخيرات، أو في التداول على السلطة والتعاقب على ممارستها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الفقر التنمية الدخل معايير تنمية الفقر الدخل معايير قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء اقتصاد صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من القرن العشرین ذات الصلة أکثر من

إقرأ أيضاً:

موعد التقديم بالمرحلة الثانية من «سكن لكل المصريين 7».. أماكن الوحدات وشروط الحجز

شقق سكن لكل المصريين 7.. يبجث الكثير من الأشخاص عن موعد طرح شقق سكن لكل المصريين 7 لمحدودي الدخل، وذلك بعد إعلان صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري عن فتح باب الحجز للإعلان الجديد بدءًا من 8 يوليو 2025، للفئات التي لم تحصل على أولوية في الطروحات السابقة، ويعد هذا الطرح من أبرز الفرص السكنية التي ينتظرها المواطنون، نظرًا لسهولة شروطه ومقدم الحجز المناسب الذي يبدأ من 50 ألف جنيه فقط، بالإضافة إلى نظام التمويل العقاري بالتقسيط حتى 20 سنة بفائدة 8%.

ويرصد «الأسبوع»، لمتابعيه كلَّ ما يخص موعد التقديم في المرحلة الثانية بـ شقق سكن لكل المصريين 7، وذلك من خلال خدمة شاملة يقدمها الموقع على مدار اليوم من هنــــــــــــــــــــــا

سكن لكل المصريين 7 تفاصيل طرح سكن لكل المصريين 7

ويتضمن الطرح الجديد وحدات سكنية مخصصة لشريحة محدودي الدخل فقط، ويُشترط لسحب كراسة الشروط وسداد مقدم الحجز أن يكون المتقدم من الفئات التي قامت بسحب مقدم جدية الحجز في الطروحات السابقة، والذي بلغ 30 ألف جنيه، بشرط تقديم إيصال سحب الجدية، على أن يتم سداد مقدم جديد بقيمة 50 ألف جنيه، كما يتيح الطرح نظام سداد ميسر بالتقسيط يصل إلى 20 سنة، عبر آلية التمويل العقاري وبفائدة سنوية 8% متناقصة.

شروط التقديم في وحدات سكن لكل المصريين 7

-ألا يتجاوز الدخل الشهري للفرد محدود الدخل 12 ألف جنيه، و15 ألف جنيه للأسرة.

-ألا يزيد دخل متوسطي الدخل عن 20 ألف جنيه للفرد و25 ألف جنيه للأسرة.

- يُمنع التقديم لأكثر من وحدة واحدة.

- عدم الاستفادة سابقا من وحدات المشروع القومي للإسكان أو الحصول على قرض تعاوني سكني.

-عدم تخصيص وحدة أو قطعة أرض للمتقدم أو أحد أفراد أسرته.

سكن لكل المصريين 7 أماكن الطرح الجديدة

يشمل الطرح الجديد وحدات في العديد من المدن الجديدة والمراكز بالمحافظات، أبرزها..

المدن الجديدة

العبور الجديدة، العاشر من رمضان، حدائق العاصمة، 15 مايو، أخميم الجديدة، أسوان الجديدة، أكتوبر الجديدة، السادات، بدر، طيبة، برج العرب، سوهاج الجديدة، قنا الجديدة، والمنيا الجديدة.

المحافظات

أسوان، أسيوط، الأقصر، الجيزة، الفيوم، المنيا، المنوفية، سوهاج، قنا، دمياط، البحر الأحمر، الدقهلية، الوادي الجديد، مطروح، والبحيرة.

موعد بداية الحجز ونهاية التقديم

وفقًا لصندوق الإسكان الاجتماعي، من المقرر أن يبدأ الحجز الرسمي للوحدات الجديدة يوم 8 يوليو 2025، ويستمر حتى 7 أغسطس من نفس العام، ويتم التقديم بالكامل من خلال الموقع الإلكتروني المخصص لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، من خلال رفع المستندات واستكمال البيانات المطلوبة إلكترونيًا.

سكن لكل المصريين 7 كيفية الحجز والتقديم

يُتاح للمتقدمين تحميل كراسة الشروط من الموقع الإلكتروني الرسمي، وتسجيل البيانات الأساسية، ورفع المستندات المطلوبة بالإضافة إلى استمارة الحجز والإقرار المرفقين بالكراسة، كما توضح كراسة الشروط كافة التفاصيل المالية الخاصة بمقدمات الحجز، المصروفات الإدارية، ومصاريف التسجيل.

يُعد هذا الطرح من أكبر المبادرات السكنية في مصر خلال العام 2025، ويأتي استكمالًا لمسيرة دعم الفئات الأكثر احتياجًا، وإتاحة فرص تمليك سكنية حقيقية لشريحة محدودي الدخل، في ظل توجيهات الدولة المستمرة بتوسيع قاعدة تملك السكن عبر أنظمة تمويل مرنة وميسّرة.

اقرأ أيضاًموعد التقديم لحجز شقق «سكن لكل المصريين 7» المرحلة الثانية.. الشروط والأوراق المطلوبة

طرح 101 ألف شقة ضمن مبادرة «سكن لكل المصريين 7».. اعرف الشروط المطلوبة

اليوم.. آخر فرصة لسداد مقدم جدية حجز شقق «سكن لكل المصريين 7»

مقالات مشابهة

  • الهجرة النبوية.. منطلق بناء الأمة ومشروع مقاومة يتجدد في واقعنا المعاصر
  • التعليم العالى: لأول مرة قياس مدى رضا الطلاب عن العمليات التعليمية
  • أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل إطلاق وجهة “لازورد” في الخُبر التي تضم أكثر من 8 آلاف وحدة سكنية
  • أمير الشرقية يرعى حفل إطلاق وجهة “لازورد” في الخُبر التي تضم أكثر من 8 آلاف وحدة سكنية
  • فاجعة.. أم تقتل أطفالها الثلاثة بسبب الفقر
  • لمحدودي الدخل.. موعد طرح الوحدات الجديدة ضمن مشروع «سكن لكل المصريين 7»
  • موعد التقديم بالمرحلة الثانية من «سكن لكل المصريين 7».. أماكن الوحدات وشروط الحجز
  • يوم دراسي بالرباط يناقش ظاهرة الشعبوية في العالم المعاصر
  • العمري: حتى الذكاء الاصطناعي لا يستطيع حل مشاكل النصر
  • صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟