إعداد- سارة البلوشي
كثيراً ما نسمع مصطلح «عضل الولي» ولكن معظمنا لا يعلم عنه شيئاً ولا يعلم ما هو معناه أو تفسيره، وقد يكون صعباً على البعض فهمه، ويوضح المحامي عبدالله بن حاتم للقراء الشرح المفصل لذلك.
أشار في البداية إلى أنه جاء في مدونة الفقه المالكي وأدلته للصادق الغرياني أن العضل هو «منع الولي المرأة التي تحت ولايته من النكاح تعنتاً وظلماً من غير وجه مصلحة»، وعَضَلَ المرأة عن الزوج بمعنى حبسها ومنعها عن الزواج ظلماً.


وأوضح المحامي عبدالله بن حاتم أن دعوى عضل الولي هي دعوى ترفع من المرأة ضد وليها ليزوجها ممن تريد، وقد أفرد قانون الأحوال الشخصية عدداً من نصوص المواد لعضل الولي، المعدل بمرسوم بقانون اتحادي رقم 52 لسنة 2023 على أنه يشترط في لزوم الزواج أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة وقت العقد، ولكل من المرأة ووليها الحق في طلب الفسخ عند فوات الكفاءة، والعبرة في الكفاءة بصلاح الزوج ديناً ويعتبر العرف في تحديد الكفاءة في غير الدين، وأن الكفاءة حق لكل من المرأة ووليها الكامل الأهلية، وأن أهلية الزواج تكتمل بالعقل والبلوغ، وسن البلوغ تمام الثامنة عشرة من العمر لمن لم يبلغ شرعاً قبل ذلك، ولا يتزوج من بلغ ولم يكمل الثامنة عشرة من عمره إلا بإذن القاضي وبعد التحقق من المصلحة، وإذا طلب من أكمل الثامنة عشرة من عمره الزواج وامتنع وليه عن تزويجه جاز له رفع الأمر إلى القاضي، ويحدد القاضي مدة لحضور الولي بعد إعلانه يبين خلالها أقواله، فإن لم يحضر أصلاً أو كان اعتراضه غير سائغ زوّجه القاضي، وأن الولي في الزواج هو الأب ثم العاصب بنفسه على ترتيب الإرث ابناً ثم أخاً ثم عماً، وفي حالة العضل تنتقل إلى القاضي.
وقال عبدالله بن حاتم، إن الواقع يشهد حالات يقف فيها الولي موقفاً سلبياً من تزويج من تحت ولايته، دون أن يقدر الظروف حق قدرها، فيمتنع عن الإدلاء برأيه مطلقاً، أو يتذرع بما لا طائل تحته، وقد نهت الشريعة الإسلامية عن العضل، وقد وكل الأمر في حال العضل إلى القاضي بولايته العامة ليأذن بالزواج أو لا يأذن به، على ضوء ما يظهر له من المصلحة أخذاً مما نص عليه الجمهور من المالكية والحنفية والشافعية، وهنا أجاز القانون لمن هذا حاله أن يرفع أمره إلى القاضي، لينظر في أمره، وقرر القانون أنه على القاضي أن يطلب من الولي الحضور إلى مجلس القضاء ليبين وجهة نظره، وسبب امتناعه عن تزويج من هو تحت ولايته، ويمهله مدة معينة، فإذا لم يحضر خلال تلك المدة بعد التأكد من إعلانه، أو حضر ولم تكن المبررات التي يستند إليها في المنع سائغة ومقبولة، فإن إذن القاضي وحده بالزواج يكون كافياً في هذه الحالة، وحق الاعتراض على عدم الكفاءة يثبت للولي، ولو جاوزت البنت سن الرشد بكراً كانت أم ثيباً، ويسمى من أعطته الشريعة هذا الحق ولياً، والولي في الزواج هو الأب ثم العاصب بنفسه على الترتيب في الأرث (الابن ثم الأخ ثم العم).
ويكون من حق المرأة رفع دعوى عضل الولي إلى القاضي، حسب نصوص القانون ومن حق الولي الاعتراض، فإن كان اعتراضه غير سائغ زوّجها القاضي، وإن اتضح للقاضي أن مبررات الولي مقبولة أجازه عليها، وقضى برفض الزواج.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات المرأة إلى القاضی

إقرأ أيضاً:

كيف نبني زواجًا ناجحًا؟

 

 

سلطان بن ناصر القاسمي

ليس الزواج مجرد ارتباط بين رجل وامرأة، بل هو قصة تبدأ من لحظة النية، وتُكتب فصولها كل يوم بالتفاهم، والرحمة، والالتزام. إنه ليس محطة عبور ولا تجربة عابرة، بل عقد مقدّس، وسكنٌ نفسي، وميثاق غليظ، كما وصفه الله في كتابه: ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾ (النساء: 21).

الزواج ليس فرارًا من الوحدة ولا بحثًا عن متعة مؤقتة، بل هو بناء لحياة مشتركة، ومسؤولية متبادلة، ومشروع إنساني عظيم يقوم على المودة والرحمة. قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (الروم: 21). ونحتاج أن نتساءل: ما الذي يجعل الزواج ناجحًا؟ كيف يمكن أن نصنع من هذه العلاقة حياة مستقرة، رغم تقلبات الأيام واختلاف الطباع؟ وما هي الخطوات التي تحفظ الحب وتحمي الاستقرار؟

أُولى اللبنات في بناء زواج ناجح تبدأ من النية الصادقة. حين يكون دافع الارتباط هو الرغبة في تأسيس بيت متين، وأسرة فاعلة في المجتمع، يصبح الطرفان أكثر استعدادًا لتحمّل المسؤوليات. أما إذا كان الزواج هروبًا من ضغوط أو مجرد نزوة عاطفية، فسرعان ما ينهار أمام أول خلاف.

من العقبات الشائعة التي تعترض طريق الاستقرار: الضغوط المالية والأنانية. فالمشكلات المادية تتفاقم غالبًا حين يغيب الحوار الصادق، وتُغفل الشفافية. ولا يمكن لبيت أن يقوم على الصمت في هذه الأمور الحساسة، إذ لابد من الاتفاق المسبق على أساليب الإنفاق، وتحديد الأولويات، والتفكير المشترك في المستقبل. أما الأنانية، فهي أشد فتكًا؛ حين يرى كل طرف نفسه الأحق دائمًا، ويغفل عن الطرف الآخر، يبدأ الحب بالذبول، ويخفت نور التفاهم.

وهنا، تلعب ثقافة الحوار الدور الأكبر في إنقاذ العلاقة. فالحوار ليس تبادلًا للكلمات فحسب، بل هو استماع، وتفهّم، وحرص على عدم إيذاء الآخر، مهما كانت حدة الخلاف. ولا شك أن الخلافات أمر طبيعي، لكن طريقة إدارتها تحدد مصير العلاقة: هل ستبقى أم تنهار.

وفي ظل المتغيرات الحديثة، قد تشعر بعض الزوجات بأن الزواج يُقيد من حريتهن، ويمنعهن من ممارسة نمط الحياة الذي اعتدن عليه. وهنا تظهر أهمية التهيئة النفسية قبل الزواج، من خلال توعية البنات بأهمية هذا الرباط، وضرورة التكيف مع مسؤولياته. كما أن الزوج بدوره مطالب بأن يدرك أنه لم يعد حرًّا كما كان، بل أصبح ربًّا لأسرة تتطلب منه عناية، واحتواءً، وتخطيطًا.

أما الأسس الشرعية لعقد الزواج، فهي ضوابط لا غنى عنها: صيغة الإيجاب والقبول، ووجود الولي، والشهود، وأهلية الطرفين. قال ﷺ: "لا نكاح إلا بولي وشاهديْ عدل" (رواه ابن حبان). وقال أيضًا: "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإنَّ الزانية هي التي تزوج نفسها" (رواه ابن ماجه).

ومن الركائز الأساسية التي يقوم عليها الزواج الناجح:

•        الاحترام المتبادل: احترام لا يقتصر على الألفاظ بل يمتد إلى المشاعر، الوقت، الخصوصية، وحتى الغياب. وهو ما يرسخ الأمان النفسي.

•        احترام الأهل: تقدير أهل الطرف الآخر والتواصل معهم، يعزز الترابط ويُبقي المحبة قائمة.

•        الاهتمام بالمظهر: لا يعني التأنق المبالغ، بل الحفاظ على صورة لائقة تعكس تقدير كل طرف للآخر.

•        الصبر والمرونة: لا حياة زوجية بلا تحديات، لكن الصبر وحده يحوّل العثرات إلى فرص للنمو.

•        النسيان والعفو: قال تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ (النور: 22)؛ فالعفو يبقي العلاقات نقية، ويمنع تراكم الجراح.

•        التواضع والاعتذار: لا كرامة تُهدر حين نعتذر، بل قلوب تُصان. والاعتراف بالخطأ فضيلة تحمي البيوت من السقوط.

ولا يمكن إغفال أهمية الثقة، فهي لا تُمنح بالكلمات، بل تُكتسب بالأفعال عبر الزمن. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا﴾ (النساء: 58)، وهذه الأمانة تبدأ من الثقة المتبادلة بين الزوجين.

ولأننا لا نعيش في عالم مثالي، فلابد أن نتقبّل أن الحب وحده لا يكفي. نعم، هو الوقود الأول، لكنه لا يصمد وحده أمام متطلبات الواقع. لابد من تكامل في الدين، والفكر، والقيم، والكفاءة الاجتماعية والاقتصادية، كما أشار النبي ﷺ: "تُنكَح المرأةُ لأربعٍ: لمالِها، ولحسبِها، ولجمالِها، ولدينِها، فاظفَر بذاتِ الدِّينِ تربَتْ يداكَ" (متفق عليه).

ومن الأخطاء الفادحة الاتكال على المشاعر وحدها دون دراسة متأنية للشخص الآخر، دون استشارة أهل الرأي، أو حتى استخارة الخالق سبحانه، كما قال تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ (آل عمران: 159)، وقال ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ (آل عمران: 159).

والأنانية تظل العدو الأخطر للعلاقات، وهي التي تُفرغ الزواج من معناه، وتقود إلى الطلاق ولو بدت الأسباب الظاهرة مادية. قال الله تعالى في التحذير من تقديم النفس على المصلحة الجماعية: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ (الحشر: 9)، وما أجمل أن يسري هذا المعنى في الحياة الزوجية.

لذلك، فإن الزواج الناجح هو ثمرة جهد متبادل، ورغبة صادقة في إنجاح العلاقة، مهما كلف الأمر من تنازلات؛ فكُل طرف لا بُد أن يكون داعمًا، مشجعًا، صادقًا، متواضعًا، لا ينتظر الكمال؛ بل يصنعه بالمحبة والوعي والتجدد.

وفي الختام.. الزواج لا يُبنى على المصادفة، ولا يقوم على المشاعر العابرة، بل على الإرادة الواعية، والتخطيط، والتفاهم، والاحترام. قد تمر الأيام الصعبة، وتخبو المشاعر أحيانًا، لكن ما يبقى حقًا هو صدق النوايا، وصفاء القلوب، ووعي كل طرف أن الحياة الزوجية ليست نزهة؛ بل مسؤولية.

إلى كل شاب وفتاة مقبلين على الزواج: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات: 13)؛ فتسلّحوا بالحكمة، ولا تجعلوا أحلامكم تقودكم دون وعي. وازرعوا في بيوتكم حبًا صادقًا، واسقوه بالرحمة، وعضّوا عليه بالصبر. وحين يأتي الخلاف، تذكروا أن ما بينكما يستحق أن يُصان.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • دعاء التوكل على الله واللجوء إليه.. لتيسير الأمور وتفريج الكروب
  • تشكيل الحكومة.. وصفات جاهزة لقتل الكفاءة
  • محمد أبوالعلا: الكبار لا يعرفون الكيد والصغائر
  • حارس ميسي يمنع طاهر وأفشة من الوصول إليه ..فيديو
  • "الزواج".. كم من الجرائم
  • احذر 7 أفعال بين المغرب والعشاء نهى عنها النبي ويقع فيها كثيرون
  • كيف نبني زواجًا ناجحًا؟
  • مهاجم باتشوكا: الأهلي سيتأهل من مجموعته في المونديال.. ولاعبيه لا يعرفون الاستسلام
  • الخثلان يوضح شرطًا مهمًا يغفل عنه كثيرون عند شراء الذهب والفضة إلكترونيًا .. فيديو
  • أكرم توفيق: مشروع نادي الشمال وراء إنضمامي إليه