ابتهال أبو السعد- مبرمجة مغربية تهز عرش التكنولوجيا بشجاعة الضمير
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
في مشهد نادر وشجاع هزّ أركان واحدة من أضخم شركات التكنولوجيا في العالم، وقفت المهندسة المغربية الشابة ابتهال أبو السعد لتقول «لا» في وجه ما وصفته بـ»تواطؤ الذكاء الاصطناعي في جرائم الإبادة»، موجهةً اتهامًا مباشرًا لشركتها – مايكروسوفت – خلال احتفالها بمرور نصف قرن على تأسيسها.
ابتهال، خريجة جامعة هارفارد وأحد أبرز العقول الشابة في مجال الذكاء الاصطناعي، لم تكتفِ بالصمت كما يفعل الآلاف داخل كبرى شركات التكنولوجيا، بل اقتحمت منصة الاحتفال في العاصمة الأمريكية واشنطن، لتقاطع كلمة المدير التنفيذي لقطاع الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت مصطفى سليمان، وتوجه له اتهامًا قاسيًا: «تزعم أنك تستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل الخير، لكن مايكروسوفت تبيع أسلحة ذكاء اصطناعي للجيش الإسرائيلي.
لم تكن كلمات ابتهال مجرد صرخة غضب، بل موقف مبدئي ضد شراكة تقنية تقول إنها ساهمت في قتل أكثر من 50 ألف فلسطيني في قطاع غزة، ودعمت مشاريع مراقبة وتجسس استخدمت لتصفية مدنيين، بحسب ما جاء في رسالة مسرّبة نسبت إليها لاحقًا ونشرها موقع «ذا فيرج».
من الرباط إلى مايكروسوفت.. رحلة عبقرية وضمير
وُلدت ابتهال عام 1999م في العاصمة المغربية الرباط، وتفوّقت منذ سنواتها الأولى في مجال الرياضيات والعلوم، لتنال منحة دراسية إلى جامعة هارفارد حيث تخصصت في علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي.
وقبل ذلك، كانت قد خاضت تجربة ملهمة ضمن برنامج TechGirls التابع لوزارة الخارجية الأميركية، والذي يُعنى بتأهيل الفتيات في مجالات التكنولوجيا والهندسة.
في سنوات دراستها، أسّست منصات لتعليم البرمجة للأطفال ذوي الدخل المحدود، وأسهمت في تطوير منصة رقمية لحفظ السجلات الطبية للاجئين حول العالم، في مشروع إنساني يُجسد شغفها بالتكنولوجيا كأداة تغيير إيجابي.
وفي عام 2022م، انضمت إلى مايكروسوفت، حيث عملت ضمن فرق تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في الخدمات السحابية “مايكروسوفت أزور” ومشاريع التحليل البياني والمراقبة، دون أن تعلم – حسب تعبيرها – أن بعض هذه التقنيات سيتم تسخيرها لأغراض عسكرية من قبل جيش العدو الإسرائيلي.
صرخة مدوّية تهز الصمت
في رسالتها التي تلت الواقعة، كتبت ابتهال: “لقد حطمتني صور الأطفال الأبرياء المغطاة بالرماد والدماء… لا يمكنني أن أواصل عملي بينما يُستخدم الذكاء الاصطناعي في قتل المدنيين”.
كشفت الرسالة عن عقد قيمته 133 مليون دولار بين مايكروسوفت ووزارة دفاع الكيان الصهيوني، لتخزين وتحليل بيانات ضخمة عبر خدمات “أزور”، وهو ما وصفته بأنه “مساهمة مباشرة في مراقبة واستهداف الشعب الفلسطيني”.
كما أشارت إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تطورها الشركة “تُستخدم حاليًا في أكثر مشاريع الجيش الإسرائيلي سريةً، ومنها بناء بنك أهداف ورصد السكان الفلسطينيين”، مؤكدة أن الاستخدام العسكري لهذه التقنيات تضاعف 200 مرة منذ اندلاع العدوان في أكتوبر 2023م.
تقدير واسع ودعم شعبي
لاقى موقف ابتهال إشادة واسعة من ناشطين وحقوقيين وصحفيين في العالم العربي، حيث وصفها الحقوقي الفلسطيني رامي عبدو بأنها “ضمير يقظ داخل إحدى أكبر شركات التكنولوجيا”، أما الأكاديمي المغربي هشام بنلامين علوي، فوصفها بـ”المرأة الحرة في زمن العبيد”، مشيدًا بتضحيتها بمستقبلها المهني مقابل موقف إنساني، كما كتب الحقوقي المغربي عبدالعالي الرامي: “شكراً يا ابتهال على كونك إنسانة في عالم وحشي”.
التكنولوجيا لا تعفي من الأخلاق
ما فعلته ابتهال يعيد فتح النقاش المؤجل حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ودور الشركات الكبرى في الحروب الحديثة، خصوصًا بعد تأكيد تقارير متعددة أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تُستخدم في تحديد الأهداف وضرب المواقع السكنية في غزة.
وإن كانت ابتهال قد غادرت منصة مايكروسوفت تحت أعين مشدوهة، فإن رسالتها – كما يقول المراقبون – لم تغادر وجدان الآلاف ممن باتوا يتساءلون: هل يمكن فصل الذكاء الاصطناعي عن دماء الأبرياء؟
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
دراسة: استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة يؤثر سلبًا في نشاط الدماغ
كشفت دراسة حديثة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، أن الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT في مهام الكتابة يؤدي إلى تراجع ملحوظ في نشاط الدماغ والوظائف المعرفية، مقارنةً بمن يستخدمون محركات البحث أو يعتمدون على مهاراتهم الذاتية في الكتابة.
تفاصيل دراسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجياأجرى باحثون من مختبر Media Lab التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، دراسة استمرت لمدة تبلغ أربعة أشهر، قارنوا فيها بين ثلاث مجموعات من المشاركين في أثناء إنجاز مهام كتابية.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين استخدموا ChatGPT أتموا مهامهم الكتابية بسرعة تجاوزت غيرهم بنسبة قدرها 60%، لكن جاء ذلك على حساب الجهد العقلي المرتبط بفهم المعلومات وتنظيمها في الذاكرة الطويلة الأمد.فقد سجلوا انخفاضًا بنسبة قدرها 32% فيما يُعرف بـ (Germane Cognitive Load)، وهو مؤشر على مدى استيعاب الدماغ للمعلومات بنحو عميق وتنظيمها في الذاكرة الطويلة الأمد.
وأظهرت الدراسة أيضًا، أن المقالات التي كتبتها المجموعة التي استخدمت ChatGPT كانت متشابهة بنحو ملحوظ وافتقرت إلى الأصالة، كما عبّر المشاركون عن شعور ضعيف بالانتماء أو «الملكية» تجاه ما كتبوه.
ومع تكرار استخدام الأداة، لاحظ الباحثون تدهورًا تدريجيًا في الأداء، فقد أصبح المستخدمون يكتفون بنسخ النصوص المولدة دون مراجعة أو تفكير نقدي. واستمرت هذه التأثيرات السلبية حتى بعد التوقف عن استخدام الأداة، مما يشير إلى احتمالية حدوث تغيّرات دائمة في طريقة عمل الدماغ.
ومن المُتوقع أن تكون أدمغة الشباب، التي ما تزال في طور النمو، أكثر عرضة لهذه التأثيرات، مما يثير القلق من الانتشار الواسع لأدوات الذكاء الاصطناعي في البيئات التعليمية.
تغيّرات في الأنشطة العصبية في الدماغاعتمدت الدراسة على فحوصات التخطيط الكهربائي للدماغ «EEG» لرصد الأنشطة العصبية. وقد أظهرت النتائج أن المشاركين الذين كتبوا بالاعتماد على قدراتهم الذاتية كان لديهم اتصالات عصبية أكثر ترابطًا من غيرهم، إذ سُجل لديهم 79 اتصالًا عصبيًا في نطاق موجات ألفا المرتبطة بالتركيز والتفكير الإبداعي. وأما الذين استخدموا محركات البحث فحققوا مستوى أداء متوسط، وسجل مستخدمو ChatGPT أضعف أداء بلغ 42 اتصالًا فقط.
كما رُصد انخفاض مماثل في نطاق موجات «ثيتا» Theta، المرتبط بالذاكرة والتحكم التنفيذي، إذ بلغ عدد الاتصالات العصبية لدى المجموعة التي اعتمدت على مهاراتها الذاتية في الكتابة 65 اتصالًا، مقابل 29 اتصالًا عصبيًا فقط لدى مستخدمي ChatGPT. وتُشير هذه الفروقات إلى وجود علاقة عكسية بين الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي وبين انخراط الدماغ في معالجة المعلومات.
خلل في الذاكرة وتراجع القدرة على التذكرمن أكثر النتائج إثارة للقلق، أن ما نسبته 83% من مستخدمي ChatGPT لم يتمكنوا من تذكّر اقتباسات من مقالات كتبوها قبل دقائق فقط، وبلغت النسبة 11.1% فقط لدى من استخدموا محركات البحث أو كتبوا دون مساعدة. وعند مطالبتهم بإعادة كتابة المقال دون استخدام الذكاء الاصطناعي، عجزوا عن تذكر معظم المحتوى، مما يشير إلى ضعف معالجة المعلومات في الذاكرة الطويلة الأمد.
تأثيرات مستقبلية في التعليمتثير نتائج هذه الدراسة تساؤلات جوهرية عن الخطر المرتبط بالاستخدام الواسع لأدوات الذكاء الاصطناعي في البيئات التعليمية، خاصة لدى الفئات العمرية الصغيرة التي ما تزال في طور تطوير قدراتها العقلية. وقد حذّرت الباحثة الرئيسية في الدراسة، Nataliya Kosmyna من أن الطلاب الذين يعتمدون على أدوات مثل ChatGPT قد يطوّرون أنماطًا معرفية مختلفة تؤثر في مهاراتهم الذهنية المستقبلية.
وتتوافق هذه النتائج مع دراسات أخرى تشير إلى أن الاستخدام المكثف للذكاء الاصطناعي قد يُساهم في زيادة الشعور بالوحدة وانخفاض الإبداع، حتى مع مساهمته في تحسين الإنتاجية.
اقرأ أيضاًالتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي يعيدان تشكيل مستقبل التعليم
«ميتا» تستثمر 14.3 مليار دولار في شركة الذكاء الاصطناعي «سكيل»
الذكاء الاصطناعي يزف بشرى سارة لـ الأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي