بعد ما نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، مساء أمس “الأربعاء”، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمهل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أسبوعين إلى ثلاثة لإنهاء الحرب في غزة؛ ليسعى الأخير بشتى الطرق من أجل فرض مزيد السيطرة على حكومته وعلى الإسرائيليين الذين باتت قطاعات منهم ترفض المزيد من العدوان عل قطاع غزة، تبدو على صفحات التاريخ المعاصر واليومي أحداث تفيد بأنّ المسألة لدى إسرائيل ليست وطن يحتلونه بقد ما هو مخطط لآباءهم الذين باتوا يرتبون له من قديم، فوفاة الصحفي الناقد يوسف طرّاب

لم يكن يضع إيمانه الديني حاجزًا بينه وبين عروبته، ولم تكن اليهودية بالنسبة له جواز مرور إلى هوية دخيلة أو تبعية لدولة احتلال.

كان إنسانًا قبل كل شيء، مثقفًا قبل كل عنوان، وعربيًا قبل كل انتماء ديني. يوسف طراوب، آخر اليهود اللبنانيين، عاش حياته ينكر "إسرائيل" ويرفع رأسه بلبنان وعروبته حتى لحظة الرحيل. لم يهادن الجحود، ولم يبدل الأرض بالأوهام، بل عاش ومات شاكرًا لانتمائه، مدافعًا عن فلسطين، مخلصًا لبيروت التي أحبته كما أحبها.

مولد في بيروت.. وطفولة في مدينة بلا تمييز


ولد يوسف طراب في العاصمة اللبنانية بيروت، المدينة التي احتضنت تنوعًا فريدًا وعايشت فيها الأديان أوقاتًا لم تفرق فيها بين يهودي أو مسلم أو مسيحي. وصف بيروت بأنها كانت "مدينة تجمع الجميع دون تفرقة أو تصنيف". هناك ترعرع وسط مجتمع لبناني متعدد، آمن أن التعددية ثراء لا تهديد، وأن الأرض التي تحتضن الجميع لا يمكن أن تفرّق بينهم.

مقالات من زمن الثورة.. وبداية الحكاية في فرنسا


بدأت مسيرته الصحفية من باريس، حيث كتب أول مقال فني في صحيفة "لوريان"، عن معرض لم يحضره أحد بسبب أحداث ثورة مايو 1968. عاد بعدها إلى لبنان، محمّلًا بشهادات في الفلسفة وعلم الاجتماع والاقتصاد، إلى جانب شغفه العميق بالفن والمسرح، ومهاراته اللغوية والثقافية المتعددة.

الناقد الذي دوّن الفن اللبناني لعقود

برع يوسف طراب كناقد فني في صحيفة "لوريان لو جور"، التي تحوّلت إلى منبره الثقافي لأكثر من ثلاثة عقود. دوّن تاريخ الفن التشكيلي اللبناني، ورافق تحولات المشهد البصري من سبعينيات القرن الماضي وحتى مطلع الألفية، مشرفًا على افتتاح المعارض وكتابة مقدمات الكتب الفنية، ومؤسسًا لجمعية نقاد الفنون الجميلة مع نخبة من المثقفين اللبنانيين.

رفض إسرائيل.. وفخر بالهوية اللبنانية
 

رغم أصوله اليهودية، كان يوسف طراب صريحًا في موقفه: "لم أعترف يومًا بإسرائيل، وأنا فخور بأنني لبناني وعربي". حملت مواقفه جذورًا متينة من تربية عائلية وطنية، إذ كان حفيدًا لأحد أبرز حاخامات بيروت الذي ظل رافضًا لمغادرة لبنان ومدافعًا بشدة عن القضية الفلسطينية. ولم يكن طراوب يومًا من أولئك الذين يبحثون عن النجاة في الولاء للغريب، بل آمن أن أرضه الأولى والأخيرة هي لبنان، وأن الظلم لا دين له.

بيروت في ذاكرته.. والفن ملاذه

خلال الحرب الأهلية، عاش في منطقة الحمرا، ثم أجبرته الظروف الأمنية على الانتقال إلى جونيه، لكنه بقي متعلقًا ببيروت التي وصفها بأنها "ملتقى أفكار وأرواح قبل أن تُقسّمها السياسة والميليشيات". عاد إلى لبنان بعد تجربة قصيرة في فرنسا "لأنه لا يستطيع العيش دون شمس لبنان وطبيعته".

نهاية الرحلة.. وإرث خالد

توقف "طراب" عن الكتابة عام 2004، لكنه لم يتوقف عن الشغف، ظل حاضرًا في المشهد الثقافي حتى آخر معرض فني أشرف عليه عام 2009 مع صالح بركات، ساعيًا لاستعادة الهيبة لسوق الفنون التشكيلية في لبنان. لم يكن انشغاله بالفنون البصرية مجرّد هواية، بل مسيرة ووعي ومرآة لروحه التي آمنت بالجمال في كل شيء.

وداع المثقف العربي.. لا آخر اليهود

رحل يوسف طراب، ولم يرحل أثره. نعت جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت رحيله بقولها: "كان طراوب ضميرًا فنيًا وثقافيًا لهذا الوطن، ساهم في صناعة الحداثة، وأبقى بيروت مدينة للإبداع رغم كل العواصف".

لم يكن مجرد "آخر يهودي لبناني"، بل كان أول المُخلصين لفكرة أن الانتماء لا تصنعه العقائد، بل الأرض، والصدق، والنضال من أجل الحق، وصفعة بمذاق نادر على وجه الكيان المُحتل. 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: اسرائيل فلسطين الفن اللبناني الثقافة العربية لم یکن

إقرأ أيضاً:

البابا من بيروت يدعو إلى لبنان موحد و"نزع السلاح من القلوب"

وجه البابا لاوون الرابع عشر دعوة إلى اللبنانيين من وسط بيروت إلى عدم اليأس، مؤكدا أن لبنان قادر على أن يكون علامة للسلام في منطقة الشرق الأوسط. 

وفي ختام قداس ترأسه في الواجهة البحرية للعاصمة اللبنانية، قال بابا الفاتيكان إن لا خيار سوى السير في طريق واحد، يتمثل في "نزع السلاح من القلوب، وكسر دروع الانغلاق العرقي والسياسي، وفتح الانتماءات الدينية على اللقاءات المتبادلة، وإيقاظ حلم لبنان الموحد، حيث ينتصر السلام والعدل، ويعترف الجميع ببعضهم بعضا كإخوة وأخوات".

ودعا البابا اللبنانيين إلى النهوض قائلا: "لبنان، انهض وكن دارا للعدالة والأخوة، وكن نبوءة سلام لكل المشرق"، مشددا على ضرورة عدم الاستسلام لليأس أو الخضوع لمنطق العنف والشر.

 وتحدث عن الأزمات التي تعصف بالبلاد قائلا: "هذا الجمال يغشاه فقر وآلام وجراح أثرت في تاريخكم، وقد كنت قبل قليل أصلي في موقع انفجار المرفأ، الذي يختصر معاناة هذا الشعب في ظل أزمة اقتصادية خانقة وسياق سياسي غير مستقر، وعنف يعيد إحياء مخاوف قديمة".

أودى انفجار عام 2020 في مرفأ بيروت بحياة 200 شخص وتسبب في أضرار بمليارات الدولارات، لكن التحقيق في أسبابه ما زال متعثرا ولم يحاسَب أحد حتى الآن.

مقاربات جديدة للسلام

وأكد البابا أن الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة تتجاوز عقلية الانتقام والعنف والانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، قائلا: "نحن بحاجة إلى فتح فصول جديدة باسم المصالحة والسلام".

 

 وخاطب مسيحيي المشرق قائلا: "تحلوا بالشجاعة، فالكنيسة تنظر إليكم بمحبة وإعجاب".

تأتي زيارة البابا إلى لبنان تحت شعار "طوبى لفاعلي السلام"، في وقت يعاني فيه البلد من سلسلة أزمات سياسية واقتصادية، وسط استمرار الانقسامات الداخلية، والحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل.

وشهدت الواجهة البحرية لبيروت توافد عشرات الآلاف من المشاركين منذ ساعات الفجر الأولى، وسط إجراءات أمنية مشددة. وقالت السلطات إن عدد الحضور بلغ نحو 150 ألف شخص.

ورحب الحشد بالبابا عند مروره بينهم في "البابا موبيلي"، وسط رفع أعلام لبنان والفاتيكان.

وقالت إحدى المشاركات، سميرة خوري، إن "اللقاء مع البابا يزرع الفرح والسلام في قلوبنا ويقوي الرجاء"، فيما وصف الشاب إلياس فاضل القداس بأنه "بارقة أمل للبنان".

صلاة صامتة في مرفأ بيروت

قبل التوجه إلى القداس، أقام البابا صلاة صامتة أمام النصب التذكاري لضحايا انفجار مرفأ بيروت، الذي أودى بحياة أكثر من 220 شخصا عام 2020.

وصافح عددا من أهالي الضحايا، بينهم طفل صغير حمل صورة والده. وقالت المحامية سيسيل روكز التي فقدت شقيقها في الانفجار إن زيارة البابا تمثل دعما معنويا لعائلات الضحايا في سعيهم من أجل العدالة.

 

زيارة إلى مستشفى دير الصليب

وفي وقت سابق، زار البابا مستشفى دير الصليب للأمراض النفسية شمال بيروت، حيث استُقبل من قبل الطاقم الطبي والمرضى بالتصفيق ونثر الورود.

وشكرت رئيسة الدير، الأم ماري مخلوف، البابا على لفتته "الإنسانية والأبوية تجاه المهمشين والمنسيين"، فيما دعا البابا الراهبات إلى عدم فقدان "فرح الرسالة"، رغم الظروف الصعبة.

وقال: "ما نشهده في هذا المكان هو عبرة للجميع، لا يمكن أن ننسى الضعفاء".

واختتم البابا زيارته إلى لبنان بتوجيه دعوة صريحة إلى جميع اللبنانيين لتوحيد الجهود من أجل استعادة بهاء وطنهم، قائلا: "يجب أن يقوم كل واحد بدوره، وعلينا جميعا أن نعمل من أجل أن يبقى لبنان أرضا للسلام والعدل والتلاقي بين الأديان".

مقالات مشابهة

  • الأوّل عربيًّا… لبنان يثبت حضوره في اللياقة والصحّة البدنيّة
  • توقيف لبنانيّ في مرجعيون... أمن الدولة تكشف ما كان يفعله بالعقارات (صورة)
  • إسرائيل ترسل وفدًا لبنانيًا لتعزيز التعاون الاقتصادي
  • إسرائيل: الجثث التي سلمتها حماس أمس لا تعود إلى الأسرى
  • البابا من بيروت يدعو إلى لبنان موحد و"نزع السلاح من القلوب"
  • إسرائيل تتهم حزب الله باغتيال شهود على انفجار مرفأ بيروت
  • البابا من بيروت يدعو إلى لبنان موحد و"نزع السلاح من القلوب"
  • في مشهد عربي موحَّد… النشيد اللبناني يعلو بين أنغام افتتاح كأس العرب في قطر
  • دولة عربيّة تلقّت تحذيراً من عمليّة إسرائيليّة قريبة ضدّ حزب الله... كم ستستمرّ؟
  • تراب وخبز وملح.. ترحيب لبناني واسع بزيارة بابا الفاتيكان الأولى وأبرز اللقطات