دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في اليوم الثاني من زيارته الأولى والتاريخية إلى لبنان، وصل بابا الفاتيكان لاوُن الرابع عشر، الاثنين، إلى دير جبل مارون، وسط حفاوة استقبال وترحيب كبيرين من مختلف الطيف السياسي والديني والشعبي في لبنان.

وبدأ منذ ساعات الصباح الأولى، الاثنين، توافد المواطنين إلى دير مار مارون في عنايا لاستقبال البابا لاوُن الرابع عشر.

كما وصل الرئيس اللبناني جوزاف عون والسيدة اللبنانية الأولى نعمت عون إلى عنايا لاستقباله.

Credit: Andreas SOLARO / AFP via Getty Images

وألقى ​البابا​ التحية من سيارته الـ"​popemobile​"، على المواطنين المحتشدين لاستقباله على طريق القصر الجمهوري في بعبدا، وسط تساقط المطر، على وقع رقص الدبكة وقرع الطبول ونثر الأرز.

والأحد، وفور دخول طائرة البابا الأجواء اللبنانية، رافقها سرب من سلاح الجو اللبناني، كما أطلقت سفن البحرية اللبنانية أبواقها، وأطلقت المدفعية 21 طلقة لدى وصول طائرته إلى أرض مطار بيروت.

Credit: Andreas SOLARO / POOL / AFP via Getty Images

وقد حضر عدد من اللبنانيين واللبنانيات حاملين الأعلام اللبنانية والفاتيكانية ترحيبا ببابا الفاتيكان.

 وقد ازدانت ردهات القاعة الرئيسية في المطار بأزهار النرسيس البيضاء التي ترمز إلى الرجاء والتجدد ونشر البخور في أرجاء القاعة.

وبعد عزف النشيدين الفاتيكاني واللبناني وإقامة التشريفات الرسمية، صافح البابا الوفد اللبناني الذي اصطف للترحيب به.

وقدم  طفلان ناجيان من مرض السرطان من مركز CCCL إلى البابا باقة ورد وصينية احتوت على تراب من جنوب لبنان، وخبز من جبله، وملح من شماله، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام.

ووصل البابا إلى لبنان قادمًا من تركيا في وقت سابق، الأحد، ويلتقي قادة سياسيين وشباب، ويشارك في لقاء بين الأديان.

وفي الثاني من ديسمبر/كانون الأول، سيصلي البابا لاوُن في صمت في موقع انفجار مرفأ بيروت عام 2020، الذي خلّف 218 قتيلاً وجرح أكثر من 7 آلاف شخص.

Credit: JOSEPH EID / AFP via Getty Images

كما يزور دير القديس مارون، راعي الكنيسة المارونية في القرن الرابع، ليتمكن من الصلاة عند ضريح قديس مهم آخر، شربل مخلوف، الراهب المعروف بجمعه بين أتباع الديانات المختلفة.

Credit: Alessandro Di Meo / POOL / AFP via Getty Images

ويتضمن جدول أعمال البابا المزدحم أيضًا زيارة إلى مستشفى "ددي لا كروا" في جل الديب، وهو مستشفى كبير للطب النفسي تديره راهبات كاثوليكيات.

وقال الرئيس اللبناني جوزاف عون في كلمته خلال استقبال البابا لاوُن الرابع عشر في قصر بعبدا :"بفرح عظيم، أرحب بكم، رسول سلام في وطن السلام. بشرف عظيم، وباسم الشعب اللبناني بكل مكوّناته وطوائفه وانتماءاته، أرحّب بكم في هذا الوطن الصغير بمساحته، الكبير برسالته، لبنان الذي كان وما زال أرضاً تجمع بين الإيمان والحرية، بين الاختلاف والوحدة، وبين الألم والرجاء"، بحسب ما نقلت عنه الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

Credit: Fadel Itani / Middle East Images / AFP via Getty Images

وأضاف جوزاف عون:"إنّكم لا تزورون بلداً عادياً، بل أرضاً محفوفة بخطوات التاريخ المقدّس، ذُكِر لبنان في الكتب المقدّسة مراراً، رمزاً للعلو والثبات والقداسة. وقد استعمل نشيد الأناشيد جبال لبنان وغاباته كرموز للجمال والروعة والنقاء، فغدت هذه الأرض شاهدة على عظمة الخلق ووفاء للتاريخ المقدّس".

وأردف الرئيس اللبناني: "بفخر عظيم، أرحب بقداستكم، على أرض الكنعانية الراجية شفاء ابنتها. حتى قال لها يسوع: "يَا امْرَأَة، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ".

ومضى الرئيس عون قائلا: "لبنان ليس مجرد أرض تاريخية، بل موطن القديسين العظام، ومنهم القديس شربل الذي ستزورون مقامه المبارك، كرّمه الله بعطايا ومعجزات امتدت لكل البشر، دون تمييز بين الأديان، مظهراً وحدة الشعب اللبناني وإيمانه العميق".

وأكد جوزاف عون: "هذا هو لبنان الذي يستقبلكم اليوم يا صاحب القداسة. لبنان الذي تكوّن بسبب الحرية ومن أجلها. لا من أجل أي دين أو طائفة أو جماعة. وطن الحرية لكل إنسان. والكرامة لكل إنسان. وطن فريد في نظامه، حيث يعيشُ مسيحيون ومسلمون، مختلِفين، لكنْ متساوين. في نظامٍ دستوري قائم على التساوي بين المسيحيين والمسلمين. وبالانفتاح على كل إنسان وضمير حر. هذه فرادة لبنان في العالم كله. وهذه دعوته لكل الأرض".

وتابع: "من هنا واجب الإنسانية الحية الحفاظِ على لبنان. لأنه إذا سقطَ هذا النموذجُ في الحياة الحرة المتساوية بين أبناء ديانات مختلفة، فما من مكانٍ آخرَ على الأرض، يَصلحُ لها".

ومضى عون موضحا: "وكما قلت في نيويورك، أكرر من بيروت: إذا زالَ المسيحيُ في لبنان، سقطت معادلة الوطن، وسقطت عدالتُها. وإذا سقطَ المسلمُ في لبنان، اختلت معادلة الوطن، واختلّ اعتدالها. وإذا تعطل لبنانُ أو تبدل، سيكونُ البديلُ حتماً، خطوطَ تماسٍ في منطقتِنا والعالم، بين شتى أنواعِ التطرّفِ والعنفِ الفكري والمادي وحتى الدموي. هذا ما أدركه الكرسي الرسولي دوماً".

وأردف: "نحن نجزم اليوم، بأن بقاء هذا اللبنان، الحاضر كله الآن من حولكم، هو شرط لقيام السلام والأمل والمصالحة بين أبناء إبراهيم كافة.

وأكد الرئيس اللبناني: "صاحب القداسة، أبلغوا العالم عنا، بأننا لن نموت ولن نرحل ولن نيأس ولن نستسلم. بل سنظل هنا، نستنشق الحرية، ونخترع الفرح ونحترف المحبة، ونعشق الابتكار، وننشد الحداثة، ونجترح كل يوم حياة أوفر...أبلغوا العالم عنا، بأننا باقون، فما يجمعه لبنان، لا يسعه أي مكان في الأرض. وما يوحده لبنان لا يفرقه أحد. بهذه المعادلة يعيش لبنان في سلام مع منطقته، وفي سلام منطقته مع العالم"، طبقا للوكالة اللبنانية.

Credit: JOSEPH EID / AFP via Getty Images

وقال البابا في كلمته أمام السلطات وممثلي المجتمع المدني في القصر الجمهوري، مساء الأحد :"إنّه لفرح كبير لي أن ألتقي بكم وأزور هذه الأرض حيث السلام هو أكثر من مجرَّد كلمة: السَلام هنا هو شَوق وهو مصير، وهو عطيّة وورشة عمل مفتوحة دائمًا. أنتم مكلّفون بالسُلطة في هذا البلد، كلِّ في مجاله الخاصَ وبأدوار محدّدة. ومن منطلق هذه السُلطة، أودّ أن أوّجه إليكم كلام يسوع، الذي تمّ اختياره ليكون مصدر إلهام أساسيّ لهذه الزيارة: (طوبى لفاعلي السّلام) بالتّاكيد، هناك ملايين اللبنانيّين، هنا وفي كلّ العالم، يخدمون السّلام بصمت، يوما بعد يوم. أمّا أنتم، الذين تحملون المسؤوليّات المختلفة في مؤسّسات هذا البلد، فلَكُم تطويبة خاصة إن استطعتم أن تُقَدِّموا هدف السّلام على كلّ شيء"، بحسب الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

وأضاف بابا الفاتيكان: "تتجلّى صفةً تُميّز اللبنانيّين: أنتم شعب لا يستسلم، بل يقف أمام الصّعاب ويعرف دائمًا أن يُولّد من جديد بشجاعة، صمودكم هو علامة مميّزة لا يمكن الاستغناء عنها لفاعلي السّلام الحقيقيين".

وأردف قائلا: "أنتم عانيتم الكثير من تداعيات اقتصادٍ قاتل، ومن عدم الاستقرار العالميّ الذي خلّف آثارًا مدمّرة في المشرق أيضًا، ومن التّشدّد وتصادم الهويّات ومن النّزاعات، لكنكم أردتم وعرفتم دائمًا أن تبدأوا من جديد"، بحسب ما نقلت عنه الوكالة الوطنية للإعلام.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الإسلام الحكومة اللبنانية الدروز الفاتيكان المسيحية بيروت الوکالة الوطنیة الرئیس اللبنانی AFP via Getty Images جوزاف عون ن الرابع الس لام

إقرأ أيضاً:

بابا الفاتيكان يصل إلى لبنان في زيارة تستمر 48 ساعة

وصل البابا ليو الرابع عشر، عصر اليوم الأحد، إلى العاصمة اللبنانية بيروت، في زيارة تستمر 48 ساعة، ضمن محطته الثانية في أول رحلة خارجية رسمية له منذ توليه البابوية في مايو/أيار الماضي.

وهبطت الطائرة التي تقل البابا في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وكان في استقباله الرئيس اللبناني جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وعدد من السياسيين والعسكريين.

البابا ليو الرابع عشر في مطار رفيق الحريري ببيروت وفي استقباله وفد يتقدمه الرئيس اللبناني جوزيف عون (الأناضول)زيارة في مرحلة دقيقة

من جانبه، قال وزير الإعلام اللبناني بول مرقص عبر حسابه في منصة "إكس" إن لبنان "يرحّب أجمل ترحيب بمجيء قداسة البابا ليو الرابع عشر إليه، في مرحلة دقيقة تمرّ بها البلاد".

وأوضح الوزير أن زيارة البابا يغطيها أكثر من 1000 إعلامي يعملون ليل نهار إلى جانب القوى الأمنية ومسؤولي التنظيم، مشيرا إلى أن الزيارة تأتي "حاملة رجاء عظيما لشعب يكافح الأزمات".

وأكد أن لبنان "رغم كل الصعاب، لا يزال أرض رسالة وقيّم وإنسان في هذا العهد الرئاسي".

وقبل ساعات، غادر بابا الفاتيكان تركيا متجها إلى لبنان، وكان في وداعه بمطار أتاتورك في إسطنبول وزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري أرصوي، ووالي إسطنبول داود غل، ومسؤولون آخرون.

برنامج الزيارة

وتتوزع فعاليات زيارة البابا إلى لبنان على 3 أيام، يبدأها بلقاء الرئيس جوزيف عون بالقصر الرئاسي، كما سيلتقي في ذات المكان رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام.

ويلتقي البابا في القصر الرئاسي أيضا مسؤولين وممثلين عن المجتمع المدني وهيئات دبلوماسية، ثم يتوجه إلى مقر إقامته في مقر السفارة البابوية في منطقة حريصا شمال بيروت.

وفي اليوم الثاني للزيارة، غدا الاثنين، يزور البابا بلدة عنايا في قضاء جبيل بمحافظة جبل لبنان (وسط) التي تشتهر بأنها تضم دير مار شربل، لتلاوة الصلاة في دير مار مارون.

إعلان

ويلتقي لاحقا، في ذات اليوم، شخصيات دينية مسيحية في مزار سيدة لبنان بمنطقة حريصا، على أن يلي ذلك لقاء خاص مع البطاركة الكاثوليك في السفارة البابوية.

كما سيشارك البابا الاثنين في لقاء حواري بين الأديان في ساحة الشهداء وسط بيروت، بحضور رجال دين من مختلف الطوائف والأديان.

ويختتم البابا برنامجه بلقاء مجموعة من الشباب في ساحة الصرح البطريركي الماروني بكركي شمال بيروت.

وفي اليوم الثالث والأخير للزيارة، يزور البابا الطاقم الطبي والمرضى في مستشفى راهبات الصليب في منطقة جل الديب في ضاحية بيروت الشمالية، كما سيؤدي صلاة صامتة في موقع انفجار مرفأ بيروت.

ويختتم البابا فعاليات زيارته باحتفال بالقداس في الواجهة البحرية لبيروت، يقام بعدها مراسم الوداع الرسمي للبابا في مطار رفيق الحريري الدولي، قبل مغادرته إلى روما.

مقالات مشابهة

  • بابا الفاتيكان يدعو إلى السلام في لبنان
  • بابا الفاتيكان يدعو إلى السلام في اليوم الثاني من زيارته التاريخية إلى لبنان
  • بابا الفاتيكان يشيد بالشعب اللبناني..ماذا قال؟
  • بابا الفاتيكان يصل إلى لبنان في زيارة تستمر 48 ساعة
  • بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر يصل لبنان
  • هكذا تم استقبال بابا الفاتيكان لدى وصوله لبنان في أول زيارة
  • بابا الفاتيكان يصل إلى لبنان
  • زيارة تاريخية في أصعب اللحظات.. بابا الفاتيكان يصل بيروت وسط استنفار لبناني شامل
  • حزب الله يرحب بزيارة بابا الفاتيكان إلى لبنان ويؤكد تمسكه بالسيادة