انشغل بعض كتّاب المقالات والمثقفين العرب بالحديث عن تأثير ما ينتهجه الرئيس الأميركي من سياسات اقتصادية وتوجّهات سياسية تمسّ بالنظام العالمي الذي ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتهدد بدخول العالم في ركود اقتصادي مدمر ومؤلم.
حذر أولئك من أن ما يحدث وما يقوم به الرئيس الأميركي ترامب يهدد بليبرالية متوحشة، كما قالوا، تحل محل الليبرالية الرأسمالية المعتدلة الديمقراطية، التي سادت منذ عقود عديدة، لصالح المليارديرات من الأغنياء وأصحاب شركات التكنولوجيا والخدمات الرقمية الذين يمتلك الواحد منهم ثروة تفوق ثروة أمم بكاملها.
ليس لديّ ما يحرّم على أي كان أن يكتب عما يريد، لكنْ، ثمة شجون يثيرها الخوض المتزايد لأولئك المثقفين، عبر مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، في مثل هذه القضايا تحليلًا ووصفًا تاريخيًا وفلسفيًا، وكأنها أصبحت قضايا محورية، تهمّ المواطن العربي من عامة الناس أكثر من أي قضية أخرى من قضاياه الشائكة، التي تكاد تخنقه كلما طلع عليه نهار.
لا أريد أن أدخل في معمعة التمييز بين الليبرالية السياسية والليبرالية الاقتصادية كنهج رأسمالي ظل سائدًا منذ أن وضع "آدم سميث" سياسته الاقتصادية الشهيرة بقوله "دعه يمر دعه يعمل"، إلى أن جاء "جون مينارد كينز" بعد الكساد العظيم في بداية ثلاثينيات القرن الماضي وطرح نظريات اقتصادية جديدة.
إعلانلا أريد أن أخوض في عواقب نهج الحماية الاقتصادية الذي أقدم عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بأسلوب زعماء المافيا، كما قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية، عندما أعلن عن فرض تعريفات جمركية على 185 دولة.
ما أريد قوله هو: فليحدث لليبرالية، يا سادة، ما يحدث، نتيجة ما قام به ترامب، ولتتحول إلى ليبرالية متوحشة، وإن كنت أعتقد أنها توحشت قبل اليوم، كما تحولت الرأسمالية الغربية إلى رأسمالية متوحشة منذ زمن طويل.
ثم لماذا ينبغي للمواطن العربي أن يقلق من مصير الليبرالية سواء بمفهومها السياسي القيمي المتصل بالحرية كقيمة عليا، أو بمفهومها الاقتصادي المتصل بحرية العمل، والتداول، والإنتاج والسوق؟ وهي ليست، كما يزعم الكاتب، من مفردات واقعه في الحاضر، ولم تكن كذلك خلال قرنين من القهر والذل عاشهما؛ ذل على يد الإمبريالية الاستعمارية، وآخر على يد كيانات نُصّبت على شعوبنا لتحكمه بالحديد والنار.
إذن أين هي "الحرية" التي ينبغي للعربي أن يخشى أن يفقدها، وهي غير موجودة؟ وأين هي الاقتصادات العربية الإنتاجية المتطورة ذات القدر المعقول من الاستقلال والكفاية؟ أوَ لا تزال أقوى اقتصادات دولنا اقتصادات ريعية تعتمد على ما يستخرج من باطن الأرض، مع أننا نحمد الله على ما أفاء به على أصحابها، ومن استفادوا منها من نِعَم؟
أو ليست بقية اقتصاداتنا العربية هشّة لا هي ريعية ولا هي إنتاجية؟ أو لم تتحول معظم الدول العربية إلى دول متسولة مدينة لا تملك قرارها ولا تتحكم بمصيرها؟ ثم هناك من يخشى من تحول الليبرالية السياسية إلى فاشية قادمة، على حساب الديمقراطية الحقيقية من حيث هي الأداة الأفضل لتداول السلطة والمشاركة الشعبية في تقرير المصير. فمنذ متى حُكمت بلداننا بنهج ديمقراطي حقيقي يقترب، ولو بمقدار ضئيل، من النهج الديمقراطي الغربي من حيث تداول السلطة؟
إعلانأو لا يتجاوز الواقع السياسي وواقع الحريات في بعض بلداننا أسوأ فصول الفاشية؟ وإذا كان هناك من يخشى أن تتحول الرأسمالية الليبرالية إلى رأسمالية قاسية متوحشة فليراجع تاريخ حركة ما اتفق على تسميته بالنهضة الأوروبية الغربية.
صحيح أنّ بعض فصول تلك النهضة الفكرية والثقافية والعلمية انبثقت من عقول عبقرية لا يستطيع أحد أن ينكر دورها وفعلها، ولكن ألم تصاحبها حركة إمبريالية استعمارية شرقًا وغربًا تواطأت معها بعض العقول الثقافية والفكرية المبدعة في أوروبا؟
ها هي أفريقيا تعاني حتى اليوم بعد أن استعبدت شعوبها وبيع الملايين منهم في سوق النخاسة ونهبت خيراتها. وكذلك شعوب كثيرة في آسيا شرقها وغربها، ولعل الدور الذي لعبته شركة الهند الشرقية خير دليل على ذلك. وأما العالم الجديد بقارتيه الشمالية والجنوبية، وبقارة أستراليا فقد ارتكبت فيه الثقافة الرأسمالية الغربية أفظع جرائم الإبادة الجماعية التي أفنت أكثر من مئة مليون من السكان الأصليين.
ترف المثقف وقضايا الأمةأما في وطننا العربي فما زالت الإمبريالية الغربية تفعل بنا الأفاعيل وهي تحمي إسرائيل أداتها الكولونيالية الإحلالية، وإن كانت تخلت عن الاستعمار المباشر في أماكن أخرى من العالم فإنها ما تزال تمارسه عندنا.
إذن فلماذا يخشى كاتب مثقف عربي من عواقب سياسات الرئيس الأميركي على الديمقراطية والليبرالية والرأسمالية المعتدلة في الوطن العربي؟! لماذا ينبغي لي أن أخاف مما هو غير موجود؟ فلتتوحش الليبرالية ولتتوحش الرأسمالية الليبرالية منها وغيرها، فليس الحديث عنها ولا مطالعتها من أولويات مواطن عربي (فلسطيني يُقتل أهله كل دقيقة).
وإني لأعجب لمن يرى أهوال غزة وفلسطين ثم يسحب يراعه ليتحفنا بتحليل عن مآلات ومستقبل الليبرالية والديمقراطية. أوَ ليس من الأجدى أن يكرس الكاتب فكره لطرح القضايا التي تقضّ مضاجعنا، يا سادة، وما أكثرها وما أوجعها. قولوا لنا كيف يمكن لأمة استبيحت كرامتها أن تستعيد حريتها المستباحة في داخل أوطانها. قولوا لنا لماذا آلت ثورات الربيع العربي إلى ما آلت إليه، ولماذا قتل الألوف في الساحات والميادين وتربع القاتل آمنًا فوق أشلاء المواطن والوطن.
إعلانقولوا لنا لماذا أصبحت الغلبة للثورة المضادة وعساكرها يلاحقون أنفاس الناس وأحلامهم وأرزاقهم.
قولوا لنا لماذا نفشل في الحرب وفي السلم وفي التنمية وفي التعليم ونتخلف وراء الدنيا بأسرها منذ دهور.
قولوا لنا كيف يمكن لنا مثل بقية الأمم الحرة أن نشفى من داء الاستبداد المزمن على كراسي الحكم في ديارنا، وأن نصبح أحرارًا من دون أن ندمر السلم الأهلي ونسفك الدماء.
قولوا لنا كيف نحيي في قلوبنا وعقولنا الشعور والإدراك بأننا أمة واحدة قطب حتى نستعيد هويتنا المغيبة. ليس هذا والله أيها السادة زمن الترف الفكري، بل هو زمن البحث الجاد عن الحقيقة وعن الدواء.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الرئیس الأمیرکی
إقرأ أيضاً:
غزة مرآة الأمة.. وفضيحتها
أحمد الفقيه العجيلي
في غزة، لا تنتهي المأساة عند حدود الدم، بل تبدأ منها.. بل باتت مرآة تكشف وجوهًا عديدة، بعضها كان مستورًا خلف أقنعة الكلمات، وبعضها كان ينتظر لحظة سقوط كهذه ليطفو على السطح.
ما يحدث هناك ليس مجرد عدوان، بل اختبار قيمي شامل. ليس امتحانًا لغزة، بل لنا جميعًا.. إنه الامتحان الأصعب: امتحان القيم والمبادئ والمواقف، امتحان للضمير الإنساني قبل أن يكون امتحانًا للمنظمات والحكومات.
وفي ظل هذا الصمت المريب، برز موقف الأزهر الشريف الذي أصدر بيانًا عميقًا بعنوان "صرخة ضمير": "السكوت عن هذه الجرائم هو اشتراك في الجريمة، ومنع المساعدات الإنسانية عن غزة هو خذلان للمظلوم، وتخلي الدول القادرة عن مسؤولياتها هو سقوط أخلاقي، ووصمة عار في جبين التاريخ".
لكن سرعان ما حُذف البيان، ليصدر لاحقًا نص أكثر تحفظًا، اعتبره كثيرون محاولة للتبرير لا اعتذارًا حقيقيًا.
وإذا أمعنتَ النظر في الآية الكريمة: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾ [الأنفال: 73]، فستدرك أن الفساد الكبير المقصود هنا ليس فقط ظلم العدو، بل تخلي المسلمين عن النصرة، وتمييع المواقف، والركون إلى العجز.
هذا ما حذّر منه الدكتور علي السند في أحد مقاطعه، حين أنزل هذه الآية على واقع غزة، مؤكدًا أن فُرقة المؤمنين وتخاذلهم هو منشأ الفساد الأكبر.
اللافت أن المعادلة باتت واضحة حدّ الوجع: من جهة، كافّة قوى الباطل توحّدت، وتناسقت، ونسّقت، بل وحشدت، وسوّغت، ودعمت، وضمنت ألا يُمسّ العدو بسوء.
أمريكا وحدها قدّمت 7 مليارات دولار دعمًا عسكريًا، ووقفت بالفيتو 5 مرات في مجلس الأمن لإجهاض أي دعوة لوقف إطلاق النار.
أوروبا حشدت مواقفها السياسية والأمنية، وسخّرت إعلامها لتبييض الصورة. حاملات الطائرات تبحر لا لحماية المظلوم، بل لحماية الظالم.
في المقابل، لم يقم العرب والمسلمون بما أمرهم الله به من نصرة إخوانهم... لم يوحّدوا صفًّا، ولا أوقفوا تطبيعًا، ولا استثمروا مالًا، ولا وظّفوا إعلامًا، بل تركوا غزة تواجه مصيرها وحدها.
وقبل أيام، بثت قناة "المسلمون" تحقيقًا صحفيًا للصحفي أشرف إبراهيم بعنوان: "لماذا يتفرج الجميع بينما تقتل إسرائيل وأمريكا أهل غزة وتخططان لتهجيرهم؟"، كشف فيه وثائق خطيرة عن خطط مُحكمة لتهجير سكان غزة بدعم أمريكي مباشر، وتواطؤ مؤسسات كبرى، وبميزانيات مرصودة.
المثير أن خطة التهجير ليست مجرد فكرة، بل هناك سيناريوهات، ميزانيات، ودول مقترحة لاستقبال المهجرين، ونموذج مالي يُقدّر تكلفة ترحيل نصف مليون إنسان بـ5 مليارات دولار فقط!
بل هناك مشاريع مستقبلية لتحويل أراضي غزة إلى منتجعات استيطانية، تُباع على البلوكتشين، بأسماء فاخرة، وأحلام مصطنعة!
في هذه اللحظة الحاسمة، لا نطالب العالم الخارجي بأن يتحول فجأة إلى منقذ، ولا ننتظر من المنظومة الدولية أن تنصفنا، بعد كل هذا التواطؤ المكشوف.
وهنا تبرز المفارقة: بينما تتحالف قوى الباطل بلا تردد، لا يزال أهل الحق مختلفين متخاذلين.
وتاريخنا ليس بعيدًا عن مشاهد الحصار والتآمر. فغزة تُذكّرنا بما وقع للنبي ﷺ حين حوصِر في شِعب أبي طالب، وقّعت قريش وثيقة جائرة تقاطع النبي وأهله، كانت صرخات الجوع تُدوّي في أرجاء مكة.
لم تكن هناك منظمات دولية ولا قوانين إنسانية، لكن كانت هناك ضمائر حية... رجال من كفار قريش، لم يؤمنوا برسالته، لكنهم ثاروا على الظلم، ومزّقوا الصحيفة الجائرة.. لم يكتفوا بإصدار بيانات شجب، بل واجهوا الباطل بالفعل.. لم يتحدثوا عن "قلق بالغ"، بل تحركوا نصرة للمظلوم".
أما اليوم، فالعرب عقدوا (كامب ديفيد، أوسلو، وادي عربة، والتطبيع الأمني والتجاري)، ثم عادوا و"أدانوا" القتل بأضعف الإيمان.
السؤال الأعمق: لماذا لا نجرؤ على وضع إجراءات عملية حقيقية للضغط على الاحتلال؟ أن يُسحب سفير، أو يُغلق مكتب، أو يُقاطع منتج، أو تُستخدم ورقة نفط، أو تُرفع قضية في لاهاي، أو حتى يُسحب توقيع من ورقة تطبيع، أو تُغلق منصة تروّج للمحتل".
اليوم نطالب أصحاب القرار في أمتنا أن يتحلّوا ببعض من شهامة أولئك الذين لم يكونوا مؤمنين، أن يُدخلوا المساعدات لا أن يمنعوها، أن يكسروا الحصار لا أن يبرّروه، أن ينصروا المظلوم لا أن يعاتبوا صموده.
فأين نحن من تلك القيم اليوم؟! ومع ذلك، تقف الأمة متفرجة، "لا يصدر عنهم شيء سوى بيانات..."، ومواقف رمادية، وقمم تنتهي بعبارات محفوظة من قبيل: "ندعو المجتمع الدولي..."، "نعبّر عن بالغ القلق..."، "نطالب بوقف فوري...".
وما هو أشد إيلامًا أن بعض الأصوات تُحاول تبرير خذلان العرب لغزة، بزعم أن المقاومة هي من أشعلت الحرب وتتحمّل ما يترتب عليها! وكأن استهداف المدنيين وتجويع الأطفال أصبحا عقوبة يمكن قبولها!
هذا الموقف لا يُعبّر فقط عن رؤية سياسية مختلّة، بل يكشف عن انهيار أخلاقي عميق، وانفصال تام عن الفطرة السليمة، والقيم الدينية والإنسانية".
لقد توالت نصوص الوحي لتؤكد وجوب النصرة والوقوف مع المظلوم:
من القرآن الكريم:
{وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} (الأنفال: 72).
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10).
{وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} (هود: 113).
ومن السنة النبوية:
قال ﷺ: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" (رواه البخاري ومسلم).
وقال ﷺ: "من نصر مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه، ويُستحل فيه من حرمته، نصره الله في موطن يحب فيه نصره" (رواه أبو داود).
كما قال ﷺ: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، قيل: ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: "تأخذ فوق يده" (رواه البخاري).
هذه النصوص ليست شعارات، بل تكليف، وعهد إيماني، ومؤشر على صدق الإيمان. فحين يتخاذل المسلم عن نصرة أخيه، ويهادن الظالم، يكون قد خان الرسالة، وفرّط في أعظم واجبات الأخوة.
"غزة تواجه وحدها منظومةَ الشر العالمي، وسط خذلان غير مسبوق، وصمتٍ عربي وإسلامي، ودولي مُخجل... وندعو شعوب العالم الحر للوقوف في وجه الإبادة الجماعية بكل السبل الممكنة، ونؤكد أن دعم أهل غزة فريضة شرعية وضرورة إنسانية".
غزة مرآتنا جميعًا، وفضيحتنا أيضًا. تكشف تخاذل الأنظمة، وتفضح زيف التحالفات، وتضع كلّ فرد أمام ضميره: ماذا قدّمت؟ وأيّ موقف اخترت؟
لم تعد القضية بحاجة لمحللين، بل لرجال. لم تعد غزة بحاجة للبكاء، بل للبذل. لم يعد السكوت خيارًا، بل مشاركة في الجريمة.
هي مرآة صارخة.. فلننظر فيها جيدًا، قبل أن تنكسر.
"والله من وراء القصد".