من الذي باع الترماي للحركة الإسلامية؟
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
خالد ضياء الدين
دعونا نتحدث بموضوعية بعيدا عن إسقاطات الرؤى الشخصية لنتساءل: هل خدعت مخابرات دولة ما قيادات المؤتمر الوطني واستدرجتهم ومن خلالهم تم اقحام الحركة الإسلامية في حرب ستنتهي بهم لنهاية تشبه ما وصل اليه حال تنظيم إخوانهم في مصر “السيسي” ام ان الامر خاص بها والورطة تمت من داخل التنظيم؟
لقد كشفت المشاركة في حرب (الكرامة) مخابئ سلاح كتائب الحركة وإستنزفت اموال التنظيم وكشفت مكامن قوتها العسكرية من كتائب ظل ومنتسبين عقائديين في المؤسسات الامنية،ومن ثم تم إستهدافها في وحدة تنظيمها بحيث تباعدت الخطوط بين قيادتها الإنقاذية السابقة لدرجة الحديث عن مجموعات مختلفة وإتهامات متبادلة بتصفيات وبيع قيادات لصالح طرف على الأخر.
المشاركة الفاعلة بإعتبارها معركة وجود أو فناء جعلت قوائم كتائب الظل محصورة داخل المعسكرات (اسم وصورة،حضور تمام وإنصراف) وتجحفلهم داخل مقرات الجيش في المهندسين والمدرعات وكرري وجزء من القيادة العامة وغيرها،مضاف اليه إتهامات موجه ومكررة من بعض المحسوبين عليهم واتهامهم لبعض الجيش بوجود معتبر لما اسموه بالطابور الخامس الذي يغتال (المجاهدين) في الظهر اثناء المعارك.
هذه الإتهامات إذا صدقنا بها رغم إستبعادنا لها تجعلنا نتوقع ان يتم تسلم هذه القوائم (تسليم مفتاح) لمن يريد النيل من الحركة الإسلامية فها هي الان مجتمعة ومحصورة كل قوتها الشبابية الفاعلة والمقاتلة وليست بعيدة عن مرمى الطابور المشار اليه،وهم مصدر ثقة الحركة الإسلامية في نفسها ومبعث حلمها بالعودة من جديد تحت ظلال بنادقهم.
وهنا يحق لنا ان نتساءل من الذي باع الترماي للحركة الإسلامية وجعلها تأمل في العودة للحكم مرة اخرى وبنفس عقليتها الإقصائية السابقة وشجعها على إستعادة خطاب الكراهية والإستعلاء تمهيدا للحرب وقام بتسريب قوائم قيل بانها اعدتها تشمل اسماء المستهدفين بالقتل من سياسيين وناشطين،ونشر تهديدهم في (القروبات) لخصومهم بان ساعة تعليقهم على المشانق قد إقتربت وانه حان اوان قتلهم في الميادين العامة دون محاكمات؟!
ويبقى السؤال قائما:هل ستنال الحرب من قوة وجبروت الحركة الإسلامية التي إكتسبتها خلال مايزيد عن ال 40 عام من البناء السري والعلني الذي انفقت عليه ملايين الدولارات وخزنت من اجله المليارات؟
وهل ستقوم جهات داخلية اوخارجية باستغلال هذا الوهن لتقوم بقص اجنحتها واستهداف قيادتها وكتائب ظلها،وهل سيكتشف الكيزان بعد فوات الاوان إنهم استدرجو لمحرقة؟
تم تداول فيديوهات وتسجيلات صوتية تتحدث عن إنسحاب او هروب ضباط بجنودهم وإعلان إنتساب بعضهم للدعم السريع، هل يمكن ان يكون ذلك تعبيرا عن رفضهم القتال في خندق واحد مع كتائب الحركة الإسلامية بعد ان إكتشفوا بانهم يقاتلون في معركة “كرامة” الحركة الإسلامية وبعد ان صرحت قياداتهم مؤكدة بانها معركتهم،فهل هؤلاء هم الذين تقصدهم الحركة الاسلامية بوصفهم بالطابور؟
اعتقد بان هذه الخطوة لها مابعدها؟
حديث مجموعة من كتائب الكيزان عبر فيديو(صورة وصوت)او عبر تسجيلات صوتية وتهديدهم للبرهان(قائد الجيش بالتصفية)وانه خائن مع حديثهم عن عدم اخذهم التعليمات إلا من قيادتهم التنظيمية،كل هذه التصريحات الإنفعالية تعد اكبر خطأ “سياسي وعسكري” وقعت فيه الحركة الإسلامية ليس اكبر منه إلا قرارها خوض الحرب ضد الدعم السريع وظنها بانها معركة لن تدوم اكثر من ساعات او اسبوع على اكثر تقدير!
هذه التصريحات ضد (حليفهم) البرهان قائد الجيش الذي اعادهم للسلطة واسترد لهم اموالهم من الدولة بعد إنقلابه على حكومة الوثيقة الدستورية قد يضعهم في مواجهة محتملة معه او على اقل تقدير مع جزء معتبر من ضباط وجنود الجيش،وقد نشاهد في الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل (التركي) ظهور توتر محتمل وقريب يعكر صفو العلاقة بين “المجاهدين” داخل المعسكرات المحاصرة وبعض ضباط وجنود الجيش،خاصة بعد علو صوت منصاتهم ومواقعهم وحديثهم المكرر عن الطابور الخامس في الجيش وفرية الخيانة غير المثبتة،وقد حدث ذلك بوضوح بعد إحتلال الدعم السريع لمقر قيادة الإحتياطي المركزي واليرموك وحتى اثناء معارك المدرعات الاخيرة.
هذه الإتهامات المتكررة اول من سيحصد حنظلها هي الحركة الإسلامية،حينها وبلا ادنى شك ستكون قد وضعت نفسها بين سندان الجيش الذي لن يقبل هذه الإتهامات المبذولة في الفضاءات والاسافير وبين مطرقة الدعم السريع الذي لم يخف قائده وجنوده بان حربهم هذه ضد “الفلول والكيزان” وبذلك يمكن ان نقول بان سيناريو التخلص من الحركة الإسلامية يسير في الطريق الصحيح وفق ما خططت له دوائر مخابرات دولة عربية واحدة على الاقل تلك التي لم تسمها حكومة إنقلاب 25 اكتوبر حتى الان وإن اشار اليها بعضهم تلميحا،فهل ستدرك الحركة الإسلامية امر إستدراجها رغم حديث عضويتها المستمر عن ذكاء وفطنة ودهاء قيادتهم،لتقوم بسحب ماتبقى من عضويتها ومغادرة معسكرات الجيش قبل اوان (العشاء) الأخير ام ان في جعبة الحركة الإسلامية خطة (ج)قد تقلب الموازين لصالحها بحيث تضع الجميع على طاولة(الغداء)؟
من الواضح جدا ان الحركة الإسلامية دخلت وادخلت الجيش في معركة طويلة قاسية ومرهقة مستعينة فيها بإمكاناتها المادية والبشرية وبمقدرات الدولة،ويبدو ان وعدا بالتدخل لصالحها لم يحدث،وانها تركت مكشوفة الظهر عمدا لتواجه خصما لم تدرك قوته وقدرته حتى على مواجهة الجيش(وهنا تكمن الخديعة)اذ من الواضح ان تسريبات خاطئة عن قوة الدعم السريع كانت سببا في التصعيد الذي وصل حد المواجهات العسكرية،والاهم انها وبعد ما يزيد عن الـ 4 اشهر يفترض ان تكون قد استوعبت الدرس من خلال مفاوضات جدة بخلاصة انه لا هي ومعها الجيش ولا الدعم السريع سيخرج احدم منتصرا لان القوى الخارجية عربيا وافريقيا ودوليا لن تسمح بخروج منتصر بل هناك حرص ملحوظ بان الإرادة الخارجية الفاعلة و(المسيطرة) تريد هزيمة الجميع،وبذلك تكون الحركة الإسلامية قد خسرت المال والرجال على (فشوش) ودفعت للمحتال(المخابراتي) كل ماتملك مقابل ان تشتري ذلك الترماي.
الوسومخالد ضياء الدينالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
ماذا تعني تلميحات مناوي بإمكانية تواصله مع الدعم السريع؟
الخرطوم- أثارت تصريحات حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي التي ألمح فيها إلى إمكانية التواصل مع قوات الدعم السريع تساؤلات على المستوى السياسي والشعبي.
وقال مناوي في ختام اجتماع اللجنة السياسية للكتلة الديمقراطية "سنظل في تواصل مع المجتمع الدولي، والقوى السياسية، حتى الدعم السريع إذا وجدنا له رؤية معقولة".
ودفع هذا الموقف المراقبين والمحللين إلى البحث عن خلفياته وتداعياته، وتحدثت الجزيرة نت إلى عدد من المحللين لتستطلع آراءهم بشأن تصريحات مناوي الجديدة.
يشغل مناوي منصب حاكم إقليم دارفور المكون من 5 ولايات منذ العام 2021 بعد توقيع اتفاق سلام جوبا، وهو قائد حركة جيش تحرير السودان، التي تقاتل بجانب القوات المسلحة السودانية في حربه الحالية، وهو رئيس اللجنة السياسية بتحالف الكتلة الديقراطية.
ويرى المحلل السياسي أحمد موسى عمر أن تصريحات مناوي لا تبتعد كثيرا عن رؤية الحكومة في التزامها بترك باب الحلول مفتوحا، في حال التزامه بمخرجات اتفاق جدة لإحلال السلام في السودان، الذي وقّعت عليه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية والسودان في 20 مايو/أيار 2023، مع ممثلين للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
وقال في تصريحات للجزيرة نت إن السياق الذي خرج فيه تصريح مناوي هو رؤية للقطاع السياسي للكتلة الديمقراطية وليس رؤية فردية للقائد أو رؤية جماعية لحركته ولا تمثل الدولة.
وأكد أن الحوار مع الدعم السريع لن يكون مُلزما للحكومة السودانية "فهو وإن تم؛ قبل مرحلة الحوار الحكومي، يُهيَأ له باتفاق حول رؤية مقبولة ومعقولة يمكن أن تلعب فيها الكتلة دور الوسيط بين الجيش والدعم السريع؛ بمعنى أن يكون حوارا إجرائيا أكثر من أن يكون حوارا يؤدي لحلول".
إعلانويوضح موسى أن الحوار مع الدعم السريع مربوط بتقديمه "رؤية معقولة" لوقف الحرب، وهي دعوة للحوار تنتظر مبادرة الدعم السريع بتقديم ما يمكن أن يكون معقولا، ويشير إلى أن قبول الدعم السريع هذه الدعوة يعتبر فتح باب حوار يؤسس لتسوية سياسية.
وقال إن مناوي ربط جدية الحوار بأن يناقش موقف الحرب؛ "وفي هذا الأمر الكلمة الأخيرة للجيش السوداني، الأمر الذي يضع الكتلة الديمقراطية في موضع الوسيط".
ويوضح أن الكتلة الديمقراطية لديها التزام بتهدئة الأوضاع وفتح المسارات الإنسانية في دارفور، ولتحقيق هذا الأمر تُقدم "دعوة مشروطة للدعم السريع لتقديم رؤية معقولة تصلح لعرضها على الأجهزة الرسمية، "كما أن الأمر لا يخلو من حسابات إقليمية ودولية خاصة حسب قوله".
فواعل دولية
وتشكل مدينة الفاشر أهمية إستراتيجية بالغة الأهمية للجيش السوداني؛ إذ فيها آخر معاقل الجيش في دارفور، كما أنها تشكل مقر قيادة القوات المشتركة، وتمثل خط الدفاع الأول عن مدينة الأبيض، كما يعني سقوطها سيطرة الدعم السريع على كامل ولايات دارفور.
من جهته، يقرأ مدير مركز العاصمة للدراسات السياسية والإستراتيجية، المحلل السياسي حسن شايب تصريح مناوي بأنه ليس موضوعيا ولا منهجيا في طرح قضية لم يناقشها هو في مجلسي السيادة والوزراء "بصفته أحد شركاء الحكم الآن".
ويرى شايب في تصريح خاص للجزيرة نت أن مناوي لم يفصح عن الكثير فيما يتعلق بمثل هذه التصريحات، وتساءل عن سبب عدم طرح هذا الأمر أمام مجلس السيادة ومجلس الوزراء، وطرحه للشارع السوداني.
وقال إن مثل هذه التصريحات تمثل نوعا من الممارسة السياسية غير الراشدة، وإن أية تسوية سياسية شاملة داخل السودان لا بد أن يكون فيها مركز صنع القرار، ولا يمكن لمناوي أن يقوم بها وحده.
وأضاف أن أي تسوية سياسية "لا تؤدي إلى خروج هذه المليشيا من المشهد السياسي والعسكري لا يمكن تسميتها تسوية، لأن ما أحدثه الدعم السريع لم يترك خط رجعة للخلف، ولم يترك مساحة لقبوله في المشهد السياسي من قبل الشعب السوداني"، ويرى أن الحديث عن أي تسوية سياسية في الوقت الراهن ربما يكون نتيجة ضغوط خارجية كبيرة، مشيرا إلى إلغاء اجتماع الرباعية.
وتابع أن الفواعل الدولية والإقليمية موجودة في السودان ولديها تأثير كبير في هذا الملف، كما أن صراع المحاور، يمكن أن يشكل ضغطا مع استخدام سياسة العصا والجزرة، مؤكدا أن مسار الحرب في دارفور والتعامل مع الأوضاع الإنسانية هناك يحتاج إلى رؤية ثاقبة، وأنه يجب أن يكون لدى الدولة السودانية رؤية واضحة لفك الحصار عن الفاشر سواء كان ذلك من خلال الرؤية العسكرية أو السياسية.
مرونة أم انعدام تأثير؟ويصف المحلل السياسي وليد النور، مناوي بأنه "أكثر شخصية سياسية مثيرة للجدل" وأنه "أكثر شخصية تجيد التصريح والتصريح المناقض له في الموقف وفي الاتجاه".
وقال إن تصريحاته الأخير تُعد كسابقاتها؛ وهي لن تؤثر ولن تفتح بابا أمام التسوية السياسية في السودان، لأن التسوية السياسية تحتاج إلى إرادة حقيقية "وليست مزايدات"، ولن تحدث الكثير من الإيجابية.
ولا يتوقع النور أن تتأثر مجريات الحرب بمثل تلك التصريحات؛ فهي تتأثر فقط بمجريات الطبيعة والإرادة السياسية الحقيقية وبالضغط الدولي على الأطراف المتحاربة.
إعلانأما رئيس تحرير موقع "قلب أفريقيا" الإخباري لؤي عبد الرحمن، فيقول إن في تصريحات مناوي الأخيرة "مرونة سياسية" لا توجد في غالبية السياسيين السودانيين؛ كونهم يتمسكون بمواقفهم، وإن مناوي حاول من خلال تصريحاته أن يرسل رسالة بأنه مرن، وأنه حمل البندقية ليس غاية وإنما وسيلة لواقع أفضل سواء كان لدارفور أو للسودان.
واستبعد أن تمثل هذه التصريحات تغييرا في مواقفه السابقة، ووصف تلك التصريحات بأنها "بادرة طيبة باتجاه السلام، وضوء أخضر للحكومة السودانية للمضي قدما في التفاوض مع مليشيا الدعم السريع".
ورجح لؤي في تصريح خاص للجزيرة نت، أن تزيل مثل هذه الخطوة الحرج عن كثير ممّن كانوا يترددون في طرح مثل هذه المواقف التي تدعو للسلام والحوار، والتفاوض بين السودانيين.
وقال إن هذه التصريحات تعكس جدية مناوي باتجاه السلام، وهي محاولة لمحو الانطباع المشوه عنه الذي كان في السابق في نظام الإنقاذ وما بعد ذلك.
واستبعد أن يكون لمثل تلك التصريحات تأثير على الواقع الميداني للعمليات، وتوقع أنها ربما تساعد في دفع الحكومة باتجاه المفاوضات والعملية السلمية، وتسهم في تهدئة الأوضاع في دارفور وربما تقود إلى سلام شامل.