في زمنٍ تهاوت فيه القيم، وتراجعت فيه المواقف، وخابت فيه رهانات كثيرة على من ظنّ الناس فيهم الخير، بزغ نجمٌ سودانيٌّ أصيل، لم يبرح مكانه، ولم يتخلّ عن وطنه، حين اشتدت المحن وتفرّق الناس أيدي سبأ . ذلك هو رجل الأعمال وابن السودان البار الدكتور أشرف سيد أحمد الكاردينال، الرجل الذي وقف ثابتاً، مهيباً، شامخاً كجبال البحر الأحمر، في الوقت الذي غابت فيه أسماء لطالما تغنت بها الأضواء، لكنها خذلت السودان في لحظة الحقيقة.

كان هو هناك ، واقفا في قلب المحنة ، شامخا بمبادئه ، متوشحا بحب وطنه رافضا مغادرته ، ظل مقيما بمدينة بورتسودان كأنما وجد في ازمتها رسالته

أنا لستُ ممن يهوى التملق، ولا ممن يبحث عن قرب رجال المال أو الجاه والمسؤولين، فأنا رجلٌ حرّ، أكتب بكامل وعيي، من غير حاجة أو غرض، فقط لأن الحقيقة تستحق أن تُقال، وبعض المواقف لا يجب أن تمر في صمت. فالدكتور أشرف الكاردينال، لم يكن مجرد متواجد في بورتسودان خلال الأزمة الأخيرة، بل كان حجر الأساس في كثير من المبادرات التي أنقذت الموقف، وأسندت الولاية في أحلك الظروف. زرت مقر وزير الصحة الاتحادي ببورسودان اكثر من ثلاثة مرات، وفي كل مرة، صادفت الرجل هناك، واقفاً لا يتكلم كثيراً، بل يعمل بصمت، يُكمل النواقص ويسد الثغرات، وكأنه موظف من قلب الميدان، لا رجل أعمال من أصحاب الملايين.
على مستوى البنية التحتية، لم يكتف بالمشاهدة ، بل وضع يده في يد والي البحر الاحمر، وساهم في صيانة وتأهيل شوارع المدينة، حتى أصبحت اليوم مفخرة يُشار إليها بالبنان، قبلة للضيوف، وعنواناً لحُسن الضيافة والتنظيم. لم يتوقف عند المشاريع الحكومية، بل تعداها للمجتمع نفسه، حضر المناسبات، دعم الاحتفالات، شارك في الأفراح والأتراح، وكان في صلب النسيج الاجتماعي للولاية، متبرعاً بأكثر من ثلاثين عمرة لوزارة الشؤون الدينية، في لفتة لا تُقاس بثمن ، فاتحا الأبواب أمام من حلموا بزيارة البيت الحرام لكن حالت ظروفهم دون ذلك
آخر مشاريعه التي لا يمكن تجاهلها هو إعادة تأهيل فندق مارينا كورال (سابقاً)، وتحويله إلى تحفة معمارية تليق ببورتسودان وضيوفها. الفندق أصبح وجهة رسمية وسياحية لكل زائر، وامتداداً لجمال البحر وثقافة المكان. اللافت في كل ذلك، أن الرجل لم يسعَ يوماً لتسليط الضوء على أعماله. لم نجد إعلاناً ممولاً، ولا تغطيات مكرّرة، ولا خطابات مفعمة بالمصطلحات الرنانة. هو فقط يعمل… ويترك الأثر يتحدث عنه. ومع ذلك، من الواجب أن يُقال، ومن المهم أن تعرف الدولة جيداً من كان معها وقت الشدة، ومن تخلى عنها وقت الحاجة. فالرجل لم يطلب منصباً، ولم يلوّح بشروط، ولكنه استحق كل تقدير، واستحق أن يُعامل كرمز وطني، لا مجرد رجل أعمال. فإذا كان الوطن قد مرّ بمحنة، فإن المحنة أيضاً كانت اختباراً. والدكتور أشرف الكاردينال اجتاز ذلك الاختبار بجدارة، وكتب اسمه بأحرف من نور في دفتر المواقف النبيلة.

في واقعنا اليوم، يخشى الكثيرون الكتابة عن رجال الأعمال والمسؤولين، خوفًا من أن تُفسر كلماتهم بأنها مجاملة أو تملق، وأنا هنا أكتب كإنسان حر، لم أتعامل مع الدكتور أشرف من قبل، ولا أعرفه معرفة شخصية، ولا أسعى وراء منفعة أو مصلحة. أكتب لأن ما رأيته وسمعته ولمسته من أثره الإيجابي في مجتمع البحر الأحمر، يستحق أن يُقال، بل ويُرفع فوق السطور.
ختاماً، لا أُفخّم نفسي حين أقول إنني لست ممن يكتبون تحت الطلب، بل أكتب بإرادتي، ومن باب الواجب الوطني والأخلاقي، أن نقف احتراماً وتقديراً لرمز من رموز الدعم الصادق، وقت الحقيقة. فهو ليس بحاجة إلى من يكتب عنه، فالأعمال الخيّرة أبلغ من أي مقال. لكننا بحاجة إلى أن نحتفي بالقدوة حين تظهر، وأن نقول للمحسن: “أحسنت”، دون خوف أو تردد. فأمثال الدكتور الكاردينال يُكتب عنهم لا لأنهم يطلبون ذلك، بل لأننا نحتاج لصورة الأمل وسط هذا الضباب.

وعد الحق امين

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

د.علاء الدين نقد واللعب على المكشوف

د.علاء الدين نقد واللعب على المكشوف.
هنالك مقولة شهيرة تقول: (الشخص المحايد هو شخص لم ينصر الباطل، لكن المؤكد أنه خذل الحق). ومن خذل الحق فتأكد أن مصيره أن يكون مع الباطل عاجلا ام آجلا. مستر علاء الدين نقد أخصائي الجراحة الناطق الرسمي السابق لتجمع المهنيين، والذي ألقت المخابرات العسكرية السودانية القبض عليه قبل سنتين بتهمة التعاون مع العدو وإطلق سراحه بعد اسبوعين، في ظروف غامضة، وخرج من السودان، امام أعين الجهات الامنية، وانضم الى (قحت) وإدعى انه محايد ليس مع اي من اطراف الحرب، مع هجومه المباشر للجيش لأتفه الأمور، كما يدعي الكثيرين من مدعي (الحياد) الآن، وبالرغم من ان لسانه كان يخذله دائما ويدافع عن الميليشيا المتمردة لا شعوريا، وياتي في اليوم الذي يليه، ويؤكد انه على الحياد وان كلامه فهم في غير محله، وكان له من المدافعين عنه في ادعاءه. وانضم لاحقا كعضو في تنسيقية (تقدم) وواصل تمثيليته في أنه مع (الحياد) المزعوم وفي باطنهم مع الجنجويد كغالب القحاتة الا من رحم الله. حتى كان ذلك اللقاء الشهير قبل سنة لقناة (الشرق الإخبارية) مع د.علاء الدين نقد الذي نسي حياديته وعمل لا شعوريا دعاية لتلميع الميليشيا المتمردة بعد الجرائم والمجازر والانتهاكات التي ارتكبتها في ولاية الجزيرة، وزعم د.نقد أن الدعم السريع قد تبرع بمبلغ ملياري جنيه سوداني لدعم الموسم الزراعي بمشروع الجزيرة، وعندما تعرض لموجة من الإنتقادات الحادة في تلميعه للميليشيا المجرمة وموالاته لها وهو قيادي في تنسيقية (تقدم) الذي يدعي الحيادية، عاد نقد مرة اخرى وأكد انه على (الحياد) وانتقد القناة وان لها غرض وغير مهنية!! ولأنه ممثل فاشل ولا يجيد التمثيل كغيره، أعلن هو ومجموعة كبيرة من القحاتة انضمامهم بصورة واضحة مع حميدتي وأعلنوا أمس حكومة (الميديا) من كينيا، وأصبح هو الناطق الرسمي للحكومة التي يترأسها حميدتي. لذلك نقول لكل من يدعى (الحياد) في ظل هذه الظروف التي يتعرض فيه الوطن لأكبر مؤامرة في تاريخه ولم يقفوا مع الحق مساندين لبلدهم وجيش بلادهم لمجرد خلافات حول كراسي السلطة، قد يكون في الظاهر عدم وقوف مع الباطل، برغم ما يراه الجميع في انتهاكات وجرائم الميليشيا المتمردة في البلاد وشعبه، ولكن موقفك هو خذلان للحق، ومن خذل الحق فلن يكون في النهاية الا مع الباطل. وان نهايتك حتما ستكون مثل نهاية د.علاء الدين نقد في ان تلعب مع الباطل في المكشوف.

د. عنتر حسن

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • فياض: كتلة الوفاء للمقاومة تدفع باتجاه التشريعات الإصلاحية رغم العراقيل
  • يعلن امين عبدالقادر عن فقدان سجل تجاري برقم (4/5035)
  • د.علاء الدين نقد واللعب على المكشوف
  • بنسعيد: المغرب قادر على أن يصبح لاعبا رئيسيا في صناعة الألعاب الإلكترونية إقليميا ودوليا
  • فضيحة داخل مؤسسات أمريكية.. بيانات حساسة بحوزة ماسك
  • زوجة ميشيل تهنئ الزعيم والهلاليون: حريم عيالنا الوفاء والسنع والأدب
  • هجرة الحق
  • تقرير يبرز موقفاً لنيجيرفان بارزاني في أكثر لحظة حساسة بتاريخ إيران
  • بأي ميزان تُقاس المبادئ؟
  • امين بغداد: نسب انجاز متقدمة في نصب 7 وحدات لمعالجة مياه الصرف