جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-01@22:08:12 GMT

هجرة الحق

تاريخ النشر: 1st, July 2025 GMT

هجرة الحق

 

 

نعيمة السعدية

ها قد أقبلت سنة هجرية جديدة في حلة دينية مباركة تذكرنا بشخصية عظيمة قدمت حياتها فداءً لنشر الدين الإسلامي، وكان لها الأثر في بناء الحضارة الإنسانية منذ آلاف السنين.. شخصية لها صولات وجولات في ميدان الدعوة الإسلامية التي استمرت طويلًا على مدار عقدين ونيف من الزمن؛ فقد تحمل رسولنا الكريم أقسى أنواع العذاب من قِبل قومه وأشدها في بدايتها.

وكان اشتداد هذا العذاب من أهم الأسباب التي دفعته إلى الهجرة إلى يثرب التي سميت بالمدينة المنورة بعد ذلك؛ فلما اشتد العذاب على المسلمين في مكة بعد البيعة الثانية أذِن النبي لأصحابه بالهجرة إلى المدينة واللحاق بإخوانهم الأنصار.

وتعد الهجرة النبوية حدثًا تاريخيًا وذكرى عند المسلمين، وقد اتُخذت بداية للتقويم الهجري. كما كانت خطوة مهمة نحو تأسيس دولة إسلامية في المدينة المنورة قادرة على توسيع نطاق الدعوة الإسلامية وحماية المسلمين الذين فروا لاجئين من أجل المحافظة على دينهم الإسلامي، كما مثلت نقطة تحول في حياة الدولة الإسلامية؛ فقد ساعدت على ترسيخ قواعد الأمة الإسلامية في العالم، وذلك بنشر الإسلام في أرجاء العالم من ذلك قوله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" (الأنبياء: 107).

إن حادثة الهجرة النبوية غيرت مجرى التاريخ تغييرًا عظيمًا كان له أثر قوي في حياة البشرية جمعاء؛ فالمتأمل في أحداثها يجد العديد من الدروس المستفادة والعِبر التي ينبغي للمسلم الاستلهام منها لواقع حياته؛ فقد جسَّدت الهجرة النبوية أصولًا إيمانية في نفوس المسلمين الذين اضطهدوا في مكة منها: التوكل على الله، والصبر على مواجهة الصعاب، والتحديات العنيفة التي تعرضوا لها بمعية رسول الأمة عليه أفضل الصلاة والسلام، والتضحية وهي من أعظم الدروس، فقد ضحَّى النبي لنُصرة دينه وترك داره وبلده التي ترعرع فيها وأهله وعشيرته، كما إن المسلمين قدموا تضحيات كثيرة جبارة في سبيل الله تعالى من أجل نشر الدعوة الإسلامية؛ فقد تركوا أموالهم وديارهم في مكة مهاجرين إلى مكان يأويهم ويكون آمنًا لهم من الأذى الشديد الذي واجهوه من قومهم آنذاك مساندةً لرسول الأمة الأعظم وحبًا له.

يقول الحق تبارك وتعالى: "إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (التوبة: 40). صدق الله العظيم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عُمان.. وطن السلام والثوابت

 

 

 

محمد بن علي بن ظعين البادي

منذ عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيّب الله ثراه - وحتى العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - أبقاه الله - حافظت سلطنة عُمان على نهجٍ راسخٍ من الحكمة والسلام، ما أكسبها احترام العالم وثقته.
وبفضل موقعها الجغرافي وحنكة قيادتها، لعبت السلطنة دورًا متوازنًا في السياسة الدولية، ووقفت دومًا مع الحق والعدل، مدفوعة بتاريخ أصيل وشعبٍ حكيم.
واليوم، وبعد موجة العدوان الإسرائيلي على إيران، تواصل عُمان القيام بدورٍ إنساني وأخلاقي نبيل، تسعى من خلاله لتهدئة الأوضاع، ومنع تجدُّد الفتن، وصون كرامة الإنسان، بما يليق بثوابتها وموقعها المسؤول في المنطقة.
ومع أن نيران المواجهة قد خمدت مؤقتًا، يبقى موقع سلطنة عُمان الجغرافي، المتصل مباشرة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، عاملًا يزيد من حساسية المشهد ويُضاعف من مسؤوليتها. فدورها اليوم ليس مجاملة سياسية، بل واجبٌ تمليه الجغرافيا والتاريخ، وتفرضه المبادئ الراسخة لعُمان في الوقوف إلى جانب الحق ونبذ الظلم.
ومع أن وقوف سلطنة عُمان إلى جانب الحق نابعٌ من ثوابت راسخة، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تبقى في صدارة الأولويات، ومحورًا أساسيًا لهذا التوازن. وقد عبّرت السلطنة عن هذا المبدأ بوضوح عندما أُدين - ضمنيًا - استهداف قاعدة العديد بالصواريخ الإيرانية، معتبرةً ذلك عملًا مرفوضًا، وانتهاكًا للسيادة الخليجية، لا يمكن القبول به، خصوصًا تجاه دولة شقيقة في هذا الإقليم المترابط.
إنّ ما قامت به إسرائيل من اعتداءاتٍ صارخة على الأبرياء، لا يمكن تبريره أو السكوت عنه. وموقف عُمان في نصرة المظلوم ليس ترفًا سياسيًا، بل واجبٌ أصيل يليق بتاريخها ومبادئها.
وهكذا تمضي عُمان، على طريقها الأصيل، لا تنجرُّ خلف الانفعالات، ولا تساوم على مبادئها، ثابتة حين يتقلب الآخرون، وعادلة حين يسكت العالم. تحمل راية السلام بيد، ولا تتخلى عن نصرة الحق باليد الأخرى، لأن الإيمان بالحق لا يكتمل إلا بالوقوف الشجاع عند اشتداد الأزمات. وستبقى عُمان - بإذن الله - صوت الحكمة في زمن الضجيج، وضمير الأمة في زمن التخاذل.

مقالات مشابهة

  • أمين البحوث الإسلامية: استدعاء القيم الأخلاقية أساس نهضة المجتمعات المعاصرة
  • الجوبة وماهلية ورحبة في مأرب تحيي ذكرى الهجرة النبوية
  • علماء وخطباء إب يؤكدون وجوب اتحاد المسلمين لنصرة غزة وتأييد إيران
  • ندوات ثقافية في إب بذكرى الهجرة النبوية
  • فعالية ثقافية في جبل الشرق بذمار بذكرى الهجرة النبوية
  • في رحاب الهجرة النبوية.. فعاليات ثقافية في ذمار ومأرب وحجة تُحيي ذكرى التحول الإسلامي
  • أمين البحوث الإسلامية: الطلاب الوافدون يسيرون على خُطى المهاجرين الأوائل.. صور
  • عُمان.. وطن السلام والثوابت
  • علي جمعة: الهجرة باقية إلى يوم الدين ولو كانت شبرا في سبيل الله