جدل واسع بعد اقتراح إعادة “الباشوية”.. مؤرخون: نكوص عن قيم الجمهورية
تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أثار اقتراح الدكتور أسامة الغزالي حرب، المفكر السياسي، بإعادة إحياء الألقاب المدنية القديمة مثل “الباشا” و”البك” في مصر، جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي وبين أوساط المثقفين والمؤرخين، وسط انقسام حاد بين من يرى في الفكرة وسيلة لتكريم المتميزين، ومن يعتبرها تراجعًا خطيرًا عن مبادئ العدالة الاجتماعية التي أرستها ثورة يوليو 1952.
الاقتراح الذي أشعل النقاش
في مقاله المنشور مؤخرًا، دعا "الغزالي" حرب إلى إعادة منح الألقاب الملكية التي أُلغيت عقب سقوط النظام الملكي في مصر، مقترحًا إعادة “الباشوية” بصيغة جديدة تُمنح للشخصيات العامة ورجال الأعمال الذين يسهمون بجهود مالية أو إنجازات مؤثرة لصالح الدولة، مع التأكيد على أن الهدف ليس إحياء النظام الطبقي، بل إيجاد آلية لتكريم العطاء العام، وضرب أمثلة بأسماء مثل نجيب ساويرس، ومحمد أبوالعينين، وناصف ساويرس، معتبرًا أن هؤلاء يستحقون ألقابًا شرفية تشجيعًا لمساهماتهم في الاقتصاد.
واقترح "الغزالي" أيضًا إنشاء هيئة مستقلة تتولى ترشيح المستحقين وفق معايير دقيقة، على أن تُعرض الأسماء على البرلمان لاعتمادها، مشيرًا إلى أن مثل هذا النظام مطبق في دول كبرى مثل بريطانيا، التي لا تزال تمنح ألقابًا شرفية كـ”سير” و”فارس” لأشخاص ذوي تأثير كبير.
ردود فعل حادة من مؤرخين ومثقفين
لم تمر دعوة "الغزالي" مرور الكرام، فقد جاءت الردود من عدد من المؤرخين والنخبة الفكرية في مصر حاسمة في رفضها، ووصفت الفكرة بأنها غير مناسبة للمرحلة التي تمر بها البلاد والمنطقة.
الدكتور عبدالرحيم علي رئيس تحرير ومجلس إدارة البوابة نيوز، قال على صفحته الشخصية فيسبوك: "إلى أسامة الغزالي حرب ومن على شاكلته.. لن يحدث ما تفكر فيه أنت وأسيادك ما دام فينا قلب ينبض.. وما دام هؤلاء الباشوات الحقيقيون يسكنون قلوبنا.. ويا أفندم نادهم أنت.. يا باشا ويا بيه.. مش لازم الشعب كله يناديهم بالألقاب دي بقانون يسن".
ونال تصريح "عبدالرحيم" إعجاب وتأييد رواد مواقع التواصل الاجتماعي وأن شهداء مصر ومن يضحون بأرواحهم من أجلها هم من يستحقون لقب بشوات وغيرها من التعليقات التي ترفض مقترح "الغزالي" بشدة.
وأعرب الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، عن اندهاشه من طرح الفكرة في توقيت “يغلي فيه العالم بالأزمات”، واعتبرها “هزلًا في وقت الجد”، مؤكدًا أن العودة لرموز النظام الإقطاعي لا تتماشى مع التحديات الحالية التي تستلزم التفكير في حلول واقعية وليس رمزية.
أما الدكتور عاصم الدسوقي، المؤرخ وأستاذ التاريخ المعاصر بجامعة حلوان، فقد ذهب إلى أن هذا الاقتراح يُعد ارتدادًا عن مسار استغرق عقودًا لتحقيق المساواة والعدالة، مشيرًا إلى أن النظام الطبقي قبل 1952 لم يكن قائمًا فقط على التفاوت بين الفقراء والأغنياء، بل كان طبقيًا داخل الطبقة الواحدة أيضًا، حيث فُرضت الألقاب بناء على القرب من القصر الملكي أو عبر التبرعات والمجاملات السياسية.
الدسوقي استحضر مثالًا شهيرًا للفنانة أم كلثوم، التي نالت لقب “صاحبة العصمة” من الملك فاروق بعد تحريف كلمات أغنية خلال حفل حضره الملك، ما يعكس – حسب قوله – كيف كانت الألقاب تُمنح في أجواء من التبجيل والنفاق، وليس على أساس الإنجاز الحقيقي.
تاريخ الألقاب في مصر.. من الهيبة إلى النسيان
لقب “الباشا” لم يكن مجرد مجاملة لفظية، بل كان يحمل وزنًا اجتماعيًا وسياسيًا عميقًا في مصر منذ عهد محمد علي باشا وحتى منتصف القرن العشرين، وكانت تُمنح هذه الألقاب من الباب العالي في الدولة العثمانية، ثم السلطان، ثم الملك بعد إعلان المملكة المصرية عام 1922، وقد جرى تنظيم منح هذه الألقاب رسميًا بقرار ملكي في عهد فؤاد الأول، حيث قُسمت إلى درجات متفاوتة منها “الرياسة” و”الامتياز” و”الباشوية”، بحسب الراتب والمكانة الوظيفية، إلى أن جاء قرار إلغائها في أعقاب ثورة يوليو، وتم استبدالها بلقب “المحترم” في جميع المخاطبات الرسمية.
دستور يمنع الألقاب.. لكن استخدامها مستمر
ورغم المنع الدستوري الصريح لإنشاء أو إعادة الرتب المدنية، والذي أُدرج منذ دستور 1956 وحتى آخر نسخة للدستور عام 2014 (المادة 26)، إلا أن استخدام الألقاب مثل “باشا” و”بيه” ما زال قائمًا في الأحاديث العامة وبعض المؤسسات، كنوع من التعبير عن التقدير أو السلطة، خاصة عند مخاطبة رجال المال أو المسؤولين السابقين.
بين النية والتوقيت.. هل يُعيد الجدل تعريف معنى التكريم؟
يرى البعض أن اقتراح الغزالي حرب قد يحمل نية لتحفيز الأغنياء على خدمة الصالح العام، إلا أن توقيته وسياقه أُسقطا عليه ظلالًا من الشك والرفض، خصوصًا في ظل ما تعانيه مصر من أزمات اقتصادية تتطلب خططًا هيكلية لا عبارات بروتوكولية، فيما علق رواد مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا على اقتراح "الغزالي" رافضين ما اثاره تماما "الغزالي" وان اللقب سيعطى لمن يستحق بالمال حتى لو متهمين في قضايا اخرى، وان هذا اللقب يعود بمصر للوراء في زمن التكنولوجيا والتقدم الذي يشهده العالم كيف يمكن تطبيق مقترح لا فائدة منه بدلا من مواكبة الدول المتقدمة".
ومن ضمن التعليقات على المقترح انه رغم تطبيقها مقابل المال لن تحل الازمات الاقتصادية في مصر والخروج من تلك الأزمة يحتاج لافكار وحلول من خبراء ومن يحب ان يقول لقب "باشا" لاي شخص يقول مثلما يريد ولا يقترح هذا القرار على دولة بالكامل ويعطي القرارات للمسؤولين في الدولة، ويبقى السؤال: هل يعود الجدل حول “الباشوية” اليوم ليكشف فجوة أعمق في تعريفنا للمكانة الاجتماعية والتقدير؟ أم أنه مجرد صدى لفكرة غير قابلة للتطبيق في مجتمعٍ ثار قبل أكثر من سبعين عامًا لإسقاطها؟
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الباشوية أسامة الغزالي حرب نجيب ساويرس الدكتور عبدالرحيم علي فی مصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
بينهم عشرات الأطفال.. غضب واسع بعد مجزرة الدعم السريع في كلوقي
أثار ارتكاب قوات الدعم السريع مذبحة في مدينة كلوقي بولاية جنوب كردفان في السودان، راح ضحيتها 114 قتيلا بينهم عشرات الأطفال، صدمة وغضبا واسعا بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي.
View this post on Instagramمن جانبها، أكدت وزارة الخارجية السودانية أن قوات الدعم السريع ارتكبت "مذبحة مكتملة الأركان"، مستهدفة روضة الأطفال بصواريخ من طائرة مسيرة، ثم قصفها مجددا أثناء محاولة الأهالي إنقاذ المصابين، قبل أن تلاحق المصابين والمسعفين داخل المستشفى.
وقد أدت الحادثة إلى موجة استنكار واسعة ورد فعل عنيف بين النشطاء السودانيين ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، الذين وصفوا الهجوم بأنه من أبشع الهجمات وأكثرها دموية بحق الأطفال منذ اندلاع الحرب، مشيرين إلى أنه يضاف إلى سجل الجرائم الأسود لمليشيا الدعم السريع.
جمهورية السودان
وزارة الخارجية والتعاون الدولي
مكتب الناطق الرسمي وإدارة الإعلام
بيان صحفي
امتداداً لحملة الإبادة الجماعية التي تنفذها مليشيا الجنجويد الإرهابية ضد مجتمعات سودانية بعينها، ارتكبت المليشيا العنصرية أمس مذبحة جديدة، بمدينة كلوقي، بجنوب كردفان، راح ضحيتها ٧٩ من…
— وزارة خارجية جمهورية السودان ???????? (@MofaSudan) December 5, 2025
كما نشر آخرون فيديو يظهر الأطفال داخل روضة مدينة كلوقي وهم يمارسون حياتهم اليومية قبل أن تتحول حياتهم إلى مأساة، حيث قُتلوا جميعا في حادثة وصفت بأنها انتهاك فاضح لحياة المدنيين واستهداف ممنهج للأبرياء.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بيده سيجارة.. جندي إسرائيلي يطلق الرصاص عشوائيا بغزة ويغضب المغردينlist 2 of 2اشتباكات رفح بين المقاومة والجيش الإسرائيلي تثير التساؤلاتend of listوتساءل كثيرون: "أطفال ليس لهم ذنب، وتم قتل براءتهم دون رحمة.. فكيف لهؤلاء أن يحكموا فوق جثث الأطفال والنساء والأبرياء؟".
وقال أحد النشطاء إن الفيديو الذي يوثق الأطفال في الروضة قبل استهدافهم بالمسيرة يظهر براءتهم ولعبهم وهم سعداء، مضيفا: "فجأة أصبح هؤلاء الأطفال شهداء.. صدقوني، المشهد مؤلم لدرجة تجعلك تبكي بحرقة".
فيديو للاطفال الأبرياء في كلوقي الذين تم استهدافهم بمسيرة تابعة لمليشيا الدعم السريع وهم داخل روضة، أصبحوا شهداء جميعا.
منقول من الناشط مارن جوس . pic.twitter.com/4KgSJUUAZ4
— Sudan Trend ???????? (@SudanTrends) December 5, 2025
وفي تغريدات عديدة، اتهم مغردون قوات الدعم السريع مباشرة بـ"الوحشية" و"الانتهاكات المتعمدة ضد المدنيين"، مؤكدين أن الهجوم على روضة الأطفال يعكس سياسة استهداف ممنهج للعزل وغياب أي احترام للقوانين الدولية والإنسانية.
إعلانوأكد آخرون أن الدعم السريع لا يميز بين كبير وصغير، وأنه يواصل ارتكاب أفظع الجرائم بحق المدنيين العزل، مستشهدين بسلسلة الانتهاكات والهجمات السابقة التي طالت مناطق مدنية بأكملها.
ودعا الناشطون والمغردون إلى تحقيق عاجل ومستقل ومحاسبة المسؤولين عن الهجوم، مؤكدين أن ذلك يمثل خطوة ضرورية لإنصاف الضحايا ووضع حد لهذه الانتهاكات المتكررة، وضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب.
استهداف كلوقي.. جريمة حرب جديدة تضيف الأطفال إلى قائمة الضحايا
استهدفت طائرة مُسيّرة تابعة لمليشيات الدعم السريع وقوات الحركة الشعبية جناح الحلو، المتحالفين عسكريًا، روضة أطفال ومستشفى وحيًا سكنيًا بمدينة «كلوقي» بولاية جنوب كردفان، وذلك يوم أمس الخميس، تقع المدينة جنوب شرق… pic.twitter.com/QHko38sVXB
— ذوالكــفـل ® (@HkZuk) December 5, 2025
ووصف آخرون استهداف روضة الأطفال بأنه مؤشر خطير على تجاهل صارخ للحياة المدنية وحقوق الأطفال الأبرياء.
من جهتها، أعربت منظمات حقوقية ودولية عن إدانتهم الشديدة للحادث، مؤكدين أن استهداف الأطفال داخل مدارس وروضات يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الطفل، داعين إلى حماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث منذ أسابيع معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في ظل سيطرة الأخيرة على معظم إقليم دارفور بولاياته الخمس، في حين يحتفظ الجيش بالسيطرة على أغلب الولايات الأخرى بما فيها العاصمة الخرطوم.