تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أثار اقتراح الدكتور أسامة الغزالي حرب، المفكر السياسي، بإعادة إحياء الألقاب المدنية القديمة مثل “الباشا” و”البك” في مصر، جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي وبين أوساط المثقفين والمؤرخين، وسط انقسام حاد بين من يرى في الفكرة وسيلة لتكريم المتميزين، ومن يعتبرها تراجعًا خطيرًا عن مبادئ العدالة الاجتماعية التي أرستها ثورة يوليو 1952.


 

الاقتراح الذي أشعل النقاش

في مقاله المنشور مؤخرًا، دعا "الغزالي" حرب إلى إعادة منح الألقاب الملكية التي أُلغيت عقب سقوط النظام الملكي في مصر، مقترحًا إعادة “الباشوية” بصيغة جديدة تُمنح للشخصيات العامة ورجال الأعمال الذين يسهمون بجهود مالية أو إنجازات مؤثرة لصالح الدولة، مع التأكيد على أن الهدف ليس إحياء النظام الطبقي، بل إيجاد آلية لتكريم العطاء العام، وضرب أمثلة بأسماء مثل نجيب ساويرس، ومحمد أبوالعينين، وناصف ساويرس، معتبرًا أن هؤلاء يستحقون ألقابًا شرفية تشجيعًا لمساهماتهم في الاقتصاد.

واقترح "الغزالي" أيضًا إنشاء هيئة مستقلة تتولى ترشيح المستحقين وفق معايير دقيقة، على أن تُعرض الأسماء على البرلمان لاعتمادها، مشيرًا إلى أن مثل هذا النظام مطبق في دول كبرى مثل بريطانيا، التي لا تزال تمنح ألقابًا شرفية كـ”سير” و”فارس” لأشخاص ذوي تأثير كبير.

 

ردود فعل حادة من مؤرخين ومثقفين

لم تمر دعوة "الغزالي" مرور الكرام، فقد جاءت الردود من عدد من المؤرخين والنخبة الفكرية في مصر حاسمة في رفضها، ووصفت الفكرة بأنها غير مناسبة للمرحلة التي تمر بها البلاد والمنطقة.

الدكتور عبدالرحيم علي رئيس تحرير ومجلس إدارة البوابة نيوز، قال على صفحته الشخصية فيسبوك: "إلى أسامة الغزالي حرب ومن على شاكلته.. لن يحدث ما تفكر فيه أنت وأسيادك ما دام فينا قلب ينبض.. وما دام هؤلاء الباشوات الحقيقيون يسكنون قلوبنا.. ويا أفندم نادهم أنت.. يا باشا ويا بيه.. مش لازم الشعب كله يناديهم بالألقاب دي بقانون يسن".

ونال تصريح "عبدالرحيم" إعجاب وتأييد رواد مواقع التواصل الاجتماعي وأن شهداء مصر ومن يضحون بأرواحهم من أجلها هم من يستحقون لقب بشوات وغيرها من التعليقات التي ترفض مقترح "الغزالي" بشدة.

وأعرب الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، عن اندهاشه من طرح الفكرة في توقيت “يغلي فيه العالم بالأزمات”، واعتبرها “هزلًا في وقت الجد”، مؤكدًا أن العودة لرموز النظام الإقطاعي لا تتماشى مع التحديات الحالية التي تستلزم التفكير في حلول واقعية وليس رمزية.

أما الدكتور عاصم الدسوقي، المؤرخ وأستاذ التاريخ المعاصر بجامعة حلوان، فقد ذهب إلى أن هذا الاقتراح يُعد ارتدادًا عن مسار استغرق عقودًا لتحقيق المساواة والعدالة، مشيرًا إلى أن النظام الطبقي قبل 1952 لم يكن قائمًا فقط على التفاوت بين الفقراء والأغنياء، بل كان طبقيًا داخل الطبقة الواحدة أيضًا، حيث فُرضت الألقاب بناء على القرب من القصر الملكي أو عبر التبرعات والمجاملات السياسية.

الدسوقي استحضر مثالًا شهيرًا للفنانة أم كلثوم، التي نالت لقب “صاحبة العصمة” من الملك فاروق بعد تحريف كلمات أغنية خلال حفل حضره الملك، ما يعكس – حسب قوله – كيف كانت الألقاب تُمنح في أجواء من التبجيل والنفاق، وليس على أساس الإنجاز الحقيقي.

 

تاريخ الألقاب في مصر.. من الهيبة إلى النسيان

لقب “الباشا” لم يكن مجرد مجاملة لفظية، بل كان يحمل وزنًا اجتماعيًا وسياسيًا عميقًا في مصر منذ عهد محمد علي باشا وحتى منتصف القرن العشرين، وكانت تُمنح هذه الألقاب من الباب العالي في الدولة العثمانية، ثم السلطان، ثم الملك بعد إعلان المملكة المصرية عام 1922، وقد جرى تنظيم منح هذه الألقاب رسميًا بقرار ملكي في عهد فؤاد الأول، حيث قُسمت إلى درجات متفاوتة منها “الرياسة” و”الامتياز” و”الباشوية”، بحسب الراتب والمكانة الوظيفية، إلى أن جاء قرار إلغائها في أعقاب ثورة يوليو، وتم استبدالها بلقب “المحترم” في جميع المخاطبات الرسمية.

 

دستور يمنع الألقاب.. لكن استخدامها مستمر

ورغم المنع الدستوري الصريح لإنشاء أو إعادة الرتب المدنية، والذي أُدرج منذ دستور 1956 وحتى آخر نسخة للدستور عام 2014 (المادة 26)، إلا أن استخدام الألقاب مثل “باشا” و”بيه” ما زال قائمًا في الأحاديث العامة وبعض المؤسسات، كنوع من التعبير عن التقدير أو السلطة، خاصة عند مخاطبة رجال المال أو المسؤولين السابقين.

 

بين النية والتوقيت.. هل يُعيد الجدل تعريف معنى التكريم؟

يرى البعض أن اقتراح الغزالي حرب قد يحمل نية لتحفيز الأغنياء على خدمة الصالح العام، إلا أن توقيته وسياقه أُسقطا عليه ظلالًا من الشك والرفض، خصوصًا في ظل ما تعانيه مصر من أزمات اقتصادية تتطلب خططًا هيكلية لا عبارات بروتوكولية، فيما علق رواد مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا على اقتراح "الغزالي" رافضين ما اثاره تماما "الغزالي" وان اللقب سيعطى لمن يستحق بالمال حتى لو متهمين في قضايا اخرى، وان هذا اللقب يعود بمصر للوراء في زمن التكنولوجيا والتقدم الذي يشهده العالم كيف يمكن تطبيق مقترح لا فائدة منه بدلا من مواكبة الدول المتقدمة".

ومن ضمن التعليقات على المقترح انه رغم تطبيقها مقابل المال لن تحل الازمات الاقتصادية في مصر والخروج من تلك الأزمة يحتاج لافكار وحلول من خبراء ومن يحب ان يقول لقب "باشا" لاي شخص يقول مثلما يريد ولا يقترح هذا القرار على دولة بالكامل ويعطي القرارات للمسؤولين في الدولة، ويبقى السؤال: هل يعود الجدل حول “الباشوية” اليوم ليكشف فجوة أعمق في تعريفنا للمكانة الاجتماعية والتقدير؟ أم أنه مجرد صدى لفكرة غير قابلة للتطبيق في مجتمعٍ ثار قبل أكثر من سبعين عامًا لإسقاطها؟


 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الباشوية أسامة الغزالي حرب نجيب ساويرس الدكتور عبدالرحيم علي فی مصر إلى أن

إقرأ أيضاً:

اقتراح برلماني بإنشاء منطقة حرة لجذب استثمارات العاملين في الخارج والمهاجرين المصريين

تقدَّم النائب حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، باقتراح برغبة بشأن إنشاء منطقة حرة للصناعات الصغيرة والمغذية للمصريين في الخارج والمهاجرين المصريين، موجَّه إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، ووزير الاستثمار والتجارة الخارجية.

وقال الجندي، في اقتراحه، إن الدولة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا بالمصريين في الخارج، لا سيما في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تحرص على دعمهم ورعايتهم وتلبية احتياجاتهم، وربطهم بوطنهم وتعزيز الانتماء والولاء لديهم، خاصةً في ظل دورهم المهم في دعم الاقتصاد الوطني، مؤكدًا أن تحويلات المصريين في الخارج تُعد مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة في البلاد. وشدَّد على ضرورة تمكين المصريين في الخارج اقتصاديًا، في ظل وجود ملايين منهم في مختلف دول العالم، يُقدَّر عددهم بما يتراوح بين 10 إلى 14 مليون مصري، من بينهم مستثمرون ورجال أعمال، ومن المهم توفير قنوات تواصل مستمرة معهم وتحفيزهم على الاستثمار في مصر.

لأول مرة.. المناطق الحرة العامة تستضيف الشركات الناشئة المُصدرة للخدماتأبرزها الموانئ والمناطق الحرة.. الرئيس السيسي يؤكد أهمية تشجيع الاستثمارات مع جيبوتي

وأشار الجندي إلى أن المصريين في الخارج كانوا يُعانون من بعض المعوقات التي تواجههم عند الاستثمار في مصر، موضحًا أن الحكومة، بتوجيهات من القيادة السياسية، بذلت جهودًا جيدة لتذليل تلك المعوقات، ومنها: القضاء على البيروقراطية، والاستغناء عن معظم المستندات التي كانت الشركات مُلزَمة بتقديمها، فضلًا عن التعاون في تخصيص الأراضي مع هيئة التنمية الصناعية وهيئة المجتمعات العمرانية. كما تعمل الهيئة العامة للاستثمار على إعادة هيكلة الحوافز الاستثمارية المنصوص عليها في قانون الاستثمار، بما يتناسب مع كل قطاع، وقد تم إعداد حزم تحفيزية لـ 8 قطاعات، أولها الهيدروجين الأخضر، ثم السياحة، الصحة، تكنولوجيا المعلومات، صناعة السيارات، اللوجستيات، وغيرها، بالإضافة إلى تقديم "الرخصة الذهبية" لعدد من المشاريع.

واقترح الجندي إنشاء منطقة حرة للصناعات الصغيرة والمغذية، تُخصَّص للمصريين بالخارج والمهاجرين المصريين، على أن تُقام في إحدى المناطق اللوجستية القريبة من الموانئ أو المناطق الصناعية الكبرى، لتشجيع استثمارات المصريين بالخارج، وتسهيل مساهمتهم في التنمية الاقتصادية والصناعية، مؤكدًا أن إنشاء منطقة حرة خاصة بهم يمثل فرصة مهمة يجب استغلالها لجذب استثماراتهم نحو بلدهم، بدلًا من توجيهها لدول أخرى، بما يساهم في دفع عجلة الاقتصاد، وتحقيق التنمية المستدامة، وتوطين الصناعة، وتعميق التصنيع المحلي.

وأوضح أن فكرة المنطقة الحرة تتيح إقامة مشروعات استثمارية للصناعات الصغيرة والمغذية، مع التركيز على الصناعات الواعدة التي تمتلك فيها مصر ميزة نسبية وفرصًا استثمارية، مما يتطلب تكثيف جهود الحكومة لإزالة أي معوقات قد تواجه المستثمرين. وأضاف أن إنشاء منطقة حرة كهذه من شأنه جذب استثمارات المصريين بالخارج، عبر توفير إطار قانوني وبيئي مناسب يشجعهم على ضخ استثماراتهم في مصر، ويساعد في تحويل مدخراتهم إلى مشاريع إنتاجية بدلًا من الاكتفاء بالتحويلات المالية.

وأكد الجندي أن دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة يعزز من مساهمة الصناعات المغذية في سلاسل الإنتاج الكبرى، ويخلق بيئة مواتية لتطويرها ونقل الخبرات والتكنولوجيا الحديثة إليها، كما أنها تمثل فرصة مهمة لنقل التقنيات التي اكتسبها المصريون في الخارج إلى السوق المحلية. وأضاف أن إنشاء المنطقة الحرة سيعزز من ثقافة ريادة الأعمال والابتكار في هذه الصناعات، كما سيسهم في توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، خاصة في المحافظات والمناطق التي تحتاج إلى تنمية اقتصادية، إضافة إلى دعم الاقتصاد الوطني وتشجيع التصدير، وتقليل الاعتماد على الاستيراد من خلال تصنيع مكونات محلية، وتحسين الميزان التجاري، وزيادة الحصيلة الدولارية، وخلق فرص تصديرية للصناعات المغذية، خصوصًا نحو السوق الإفريقية.

وشدد على أن إنشاء مناطق حرة للمصريين في الخارج يعزز الانتماء الوطني، ويُشعرهم بأنهم جزء من عملية التنمية الاقتصادية، مما يُعزّز ولاءهم وتفاعلهم مع قضايا الوطن، ويساهم في توطين التكنولوجيا، وتوفير فرص عمل، خاصة في الصناعات المغذية للصناعات الكبرى مثل السيارات، والإلكترونيات، والنسيج، وغيرها. كما شدد على ضرورة تشجيع المهاجرين المصريين الراغبين في العودة والاستثمار بمصر، من خلال بيئة مرنة ومُحفزة، عبر قنوات وآليات تواصل دائمة، وتحفيزهم للاستثمار، وتعريفهم بمزايا المناطق الحرة.

ودعا الجندي إلى إنشاء منصة رقمية تعرض الفرص الاستثمارية الواعدة في الصناعات الصغيرة والمغذية، لتعريف المصريين في الخارج بها بشكل دائم، والعمل على إزالة المعوقات التي قد تواجههم، مع تسريع إجراءات التراخيص والتسجيل، والترويج الجيد لمزايا المناطق الحرة. كما طالب بتوفير حوافز وتيسيرات وإعفاءات جمركية وضريبية للمستثمرين، وتخصيص أراضٍ في المناطق الصناعية الكبرى لإقامة هذه المناطق الحرة، والتركيز على الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وكذلك الصناعات المغذية، وتوفير بيئة تشريعية مرنة تُشجع الاستثمار في هذه المناطق.

طباعة شارك اقتراح برغبة منطقة حرة رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج وزير الاستثمار والتجارة الخارجية

مقالات مشابهة

  • ترامب يؤكد تقديم "اقتراح" لإيران ويحذر من "أمر سيئ"
  • ترامب يؤكد تقديم "اقتراح" لإيران ويحذر من "أمر سيئ"
  • تشييع شعبي ورسمي واسع للشاعر موفق محمد في الحلة (صور)
  • غضب واسع في تركيا بعد نبش قبر والعبث بجمجمة ميت ..فيديو
  • اقتراح برلماني بإنشاء منطقة حرة لجذب استثمارات العاملين في الخارج والمهاجرين المصريين
  • اقتراح برلماني بإنشاء منطقة حرة للصناعات الصغيرة والمغذية للمصريين في الخارج
  • أبراج المراقبة اقتراح بريطاني يتجدد
  • الكرملين يرد على اقتراح ماكرون نشر طائرات فرنسية مزودة بالنووي
  • ما هي التحديات التي يواجهها أنشيلوتي مع منتخب البرازيل ؟
  • وزير الخارجية أسعد الشيباني: نشارك هذا الإنجاز شعبنا السوري الذي ضحّى لأجل إعادة سوريا إلى مكانتها التي تستحق، والآن بدأ العمل نحو سوريا العظيمة، والحمد لله رب العالمين. (تغريدة عبر X)