تستند حكومة العراق في علاقاتها مع الولايات المتّحدة الأمريكيّة على الاتّفاق الاستراتيجيّ الموقّع بين البلدين في العام 2008! وتحاول حكومات بغداد المتعاقبة القفز على حقيقة التواجد الأمريكيّ باعتباره يَندرج ضمن ذلك الاتّفاق الضامن للعديد من القضايا الحسّاسة، ومنها ملفّات الأمن ومكافحة الإرهاب والطاقة وغيرها!
ورغم أنّ واشنطن تُجدّد مرارا أهمّيّة هذه الاتّفاقيّة، وتؤكّد احترامها لسيادة العراق وسلامة أراضيه، لكنّ الوقائع السياسيّة والميدانيّة مُتناقضة، ومنها التعالي الأمريكيّ في التعامل مع بغداد، وتحكّمها بالأجواء العراقيّة، وآخرها هبوط طائرات أمريكيّة في قاعدة "عين الأسد" في محافظة الأنبار الغربيّة ليلة السابع من نيسان/ أبريل 2025!
وهذه المعلومات الخطيرة أكّدتها صحيفة "ذا كرايدل" الأمريكيّة يوم 9 نيسان/ أبريل 2025، وقالت إنّ "طائرات شحن أمريكيّة نقلت خلال الأيّام الماضية معدّات مختلفة، وضباطا وجنودا من قواعد شرق نهر الفرات في سوريا إلى العراق"!
هدف المشروع لإعداد استراتيجيّة موحّدة لمواجهة النفوذ الإيراني داخل العراق، وتوجيه عقوبات لبعض كبار المسؤولين بينهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي! ونصّ المشروع على تكليف وزارات الخارجيّة والخزانة الأمريكية لإعداد خطّة استراتيجيّة خلال 180 يوما، تتضمّن إجراءات واضحة لتفكيك الحشد الشعبيّ، ومنع مشاركة الفصائل المسلّحة الموالية لإيران
وتتعرّض حكومة "محمد شياع السوداني" لجملة تحدّيات، ربّما أبرزها سلاح المليشيات، والهبوط الواضح في أسعار النفط العالميّة، وتداعيات التعرفة الجمركيّة الأمريكيّة ضد العراق، والبالغة 39 في المئة، بينما بلغت التعرفة الجمركيّة العراقيّة على أمريكا 78 في المئة! ولاحقا لا ندري هل شُمِل العراق بالتعليق المؤقت للتعرفة الجمركية الأمريكية أم لا.
ومعلوم أنّ العراق من الدول الرّيْعية التي تعتمد في وارداتها على النفط بنسبة تصل إلى 90 في المئة، وموازناته للأعوام 2023-2025 رُتّبت على سعر 70 دولارا للبرميل الواحد، واليوم سعر النفط أقلّ من 65 دولارا للبرميل! وفي ذات الوقت، قال صندوق النقد الدوليّ إنّ "العراق يحتاج الى سعر يتجاوز 92 دولارا لبرميل النفط ليحقّق توازنا في موازنة العام 2025"!
هذه التقلّبات السعريّة ستقود لأزمة ماليّة ضخمة قد تظهر آثارها خلال الأشهر القليلة القادمة، ممّا سيرفع سقف احتماليّة عجز الحكومة عن دفع رواتب خمسة ملايين موظّف ومثلهم من المتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعيّة، وحينها قد تذهب بغداد لترشيد الاستهلاك العامّ، وبالذات مع الموازنة المرتفعة للعام 2025، والبالغة 163 مليار دولار أمريكيّ، وحينها، ربّما ستتلاعب الحكومة بالاحتياطي النقديّ البالغ 130 مليار دولار!
وقبل أسبوع أكّدت مصادر عراقية أنّ حكومة بغداد قرّرت اعتماد سعر 60 دولارا للبرميل في جداول موازنة العام 2025!
وتتزامن هذه التقلّبات العسكريّة والماليّة مع التطوّرات الكبيرة التي يشهدها الملفّ العراقيّ في الداخل الأمريكيّ، بعد أن قَدّم النائبان الأمريكيان؛ الجمهوريّ "جو ويلسون"، والديمقراطيّ "جيمي بانيتا"، يوم 6 نيسان/ أبريل 2025، مشروعا بعنوان "تحرير العراق من إيران"! ويهدف المشروع لإعداد استراتيجيّة موحّدة لمواجهة النفوذ الإيراني داخل العراق، وتوجيه عقوبات لبعض كبار المسؤولين بينهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي!
ونصّ المشروع على تكليف وزارات الخارجيّة والخزانة الأمريكية لإعداد خطّة استراتيجيّة خلال 180 يوما، تتضمّن إجراءات واضحة لتفكيك الحشد الشعبيّ، ومنع مشاركة الفصائل المسلّحة الموالية لإيران، ومنها منظّمة بدر وحركة النجباء وغيرهما، في أيّ مؤسّسة حكوميّة، مع المطالبة بتصنيفها كمنظّمات "إرهابيّة أجنبيّة" خلال 90 يوما من إقرار القانون، وكذلك تعليق المساعدات الأمنيّة المقدّمة للعراق حتّى يتمّ "ضمان إقصاء تلك الفصائل عن أجهزة الدولة"!
والتجارب أثبتت أنّ واشنطن لا توقفها الدبلوماسيّة الظاهرة عن تنفيذ مخطّطاتها السرّية، بدليل استهدافها للجنرال الإيرانيّ "قاسم سليماني" في بغداد بداية العام 2020!
هل ستبقى علاقات بغداد وواشنطن في مسارات تقديم الرشاوى العراقيّة الضخمة لواشنطن، أم أنّ الرئيس ترامب يملك في جعبته خطّة معدّة لتغيير الواقع العراقيّ؟
إنّ توجّه بغداد بعد التعرفة الجمركيّة الأمريكيّة العالية لأيّ أسواق عالميّة بعيدا عن واشنطن، سيجعلها في موقف مشوّش، ولهذا استقبل العراق يوم 8 نيسان/ أبريل 2025 وفدا تجاريّا أمريكيّا يضمّ 101 شخصيّة يمثّلون 60 شركة من مختلف القطاعات، وخلال ساعات وقعوا عقودا بمليارات الدولارات للاستثمار في مجال الطاقة وغيرها، وهذا باب لترضية واشنطن وسحب الغضب المتنامي على بغداد بسبب دعمها لطهران، بدليل المشروع المرتقب من الكونغرس الأمريكيّ لتحريره من إيران!
ومع هذه المستجدّات تجاه العراق ارتفعت الأصوات الداخليّة المناديَة بتقسيم العراق، وخصوصا الدعوة للإقليم الشيعيّ!
وفكرة تقسيم العراق فكرة مرفوضة من دول الإقليم لأنّها ستفتح الباب لمشاكل داخليّة لديها، وبالتالي فإنّ واشنطن تعارض، ظاهريّا، فكرة الأقاليم التي تحاول طهران، رغم رفضها لها، اللعب على حبالها عراقيّا لإشغال واشنطن بقضيّة فرعيّة بعيدا عن التهديدات بضربات عسكريّة للعمق الإيرانيّ!
موقع العراق الاستراتيجيّ يدفع واشنطن، التي كلفتها حرب احتلاله أكثر من 2.89 تريليون دولار، لاستمرار احتلالها غير العلنيّ للعراق، أو ربّما أمام بغداد فرصة لـ"التحرّر" والدخول في مرحلة تسديد تكلفة الحرب والقواعد الأمريكيّة الضخمة داخل العراق، وهذا من المستحيلات بسبب هشاشة الإمكانيات النقديّة العراقيّة الحاليّة!
أمريكا لن تترك العراق بسهولة، وهنالك العديد من المؤشّرات الدبلوماسيّة والعسكريّة على ذلك، ومنها أنّ الرئيس ترامب، ورغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تسنّمه المنصب، لم يسمّ سفيرا جديدا لواشنطن في بغداد، وحتّى اليوم تدار السفارة من قبل القائم بالأعمال "دانيال روبنستين"، وهذا مؤشّر على أنّ العراق تنتظره مرحلة "غامضة" في علاقاته مع واشنطن!
فهل ستبقى علاقات بغداد وواشنطن في مسارات تقديم الرشاوى العراقيّة الضخمة لواشنطن، أم أنّ الرئيس ترامب يملك في جعبته خطّة معدّة لتغيير الواقع العراقيّ؟
x.com/dr_jasemj67
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء العراق المليشيات إيران علاقاته العراق إيران امريكا علاقات مليشيات قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة استراتیجی ة الأمریکی ة ة الأمریکی العراقی ة أمریکی ة أبریل 2025 ة العراق
إقرأ أيضاً:
البروفيسور نوري المحمدي.. وإسهامه في تصنيع “المدفع العملاق” العراقي
آخر تحديث: 31 ماي 2025 - 11:31 م
شبكة اخبار العراق :بغداد
الحوار الشيق والأكثر من روعة ، الذي أجراه الإعلامي والمحاور التلفزيوني المحترفجلال النداوي ضمن برنامج (أوراق مطوية) ليلة الجمعة التاسع والعشرين من أيار2025 في حلقته الثانية ، كان مع البروفيسور في الاستشارات الهندسية في قطاعهاالمدني الدكتور نوري المحمدي ، وهو حديث مثير للغاية ، تضمن جوانب إبداعه وماقدمه الرجل من إسهامات وخبرات تقنية وهندسية لأغراض التصنيع العسكري ، ودورهالفاعل والخارق في محاولات العراق نهاية الثمانينات وبداية التسعينات لبناء صناعاتعسكرية ضخمة كانت تشكل في حينها محاولات جبارة لبناء مدفع عملاق تم تصنيعهفي دول أوربا.
البروفيسور نوري المحمدي.. وإسهامه في تصنيع “المدفع العملاق” العراقي
وربما كانت بروكسل إحدى محطات انطلاقة تصنيع المدفع العملاق العراقي ، والذيأثيرت حملات رعب صاخبة تبنتها وسائل إعلام بريطانية وأمريكية وإسرائيلية نهايةالتسعينات وبدايات عام 2003 ، عبرت تلك الدول في حينها عن مخاوفها الكبرىورعبها من تلك المحاولة العراقية ، وبخاصة دول عظمى مثل بريطانيا والولاياتالمتحدة،إضافة الى إسرائيل التي كانت تتابع محاولات تصنيع كهذه على أنها تهددوجودها في الصميم.
بل راحت الدعاية البريطانية والإسرائيلية وحتى الأمريكية تثير مخاوف دول أوربا من أنهذا المدفع يستهدف دول أوربا مجتمعة ، ودعت تلك الدول للوقوف بوجه محاولاتالعراق لإقامة مدقع عملاق يتعدى مداه المائة والعشرين الف كيلو متر وبامكانه أنيشكل تهديدا لأوربا نفسها قبل إسرائيل كما حاولت وسائل الدعاية البريطانيةوالإسرائيلية تصوير مخاطره أنذاك.
كانت الخبرات الفائقة الخارقة التي تقدم بها البروفيسور نوري المحمدي في مجالإقامة الابراج ونصبها في المواقع العسكرية العراقية على طول حدود العراق ، ومن ثمإسهامه في تصنيع المدفع العملاق لاحقا خارج العراق ، الى أن نقلته الجهات الفنيةالعراقية مفككا بطرق فنية مبتكرة من قبل التصنيع العسكري السابق الى داخل العراقوتهيئة مقرات نصبه وإطلاقه من داخل العراق كانت كل تلك المحاولات محل ثناءوتقدير خبراء دول العالم ودول أوربا على وجه التحديد ، واعجابهم الفائق بتلكالخبرات التي أضافت لصناعات العراق ما يشكل مفخرة كبيرة، حيث كانت تلك الخبراتوالمهارات الفنية الفائقة في التخطيط والانجاز تفوق كل تصور .
ويشير الخبير الهندسي العراقي في الحوار معه الى أن عمليات أقامة محطات قواعدالمدفع العملاق بعد إكتماله قد جرت في مناطق عراقية مختلفة منها على مقربة منجبال حمرين في ديالى وقاعدة أخرى في جبل سنجار..أي أنها مراكز انطلاق الصواريخالتجريبية للمدفع العملاق عبر قواعد إطلاق مختلفة وأسماك باقطار وامتدادات طوليةوارتفاعات مختلفة وصلت مدياته التجريبية الأولى من جبل حمرين وحتى قضاء حديثهأقصى مدن غربي الانبار، وكان المخطط للمدفع العملاق بحسب الخبير العراقيالبروفيسور نوري المحمدي أن يصل مداه إلى الف وماىة كيلو متر.
وعن سؤاله من قبل المحاور التلفزيوني جلال النداوي فيما إذا كان هدف المدفعالعراقي العملاق أنذاك كان مخططا له أن يصل إسرائيل نفى علمه بتلك المحاولات فيحينها ، لكون المهندسين والفنيين من التصنيع العسكري لايعطونه سوى قطارات منالمعلومات ، كون المشروع أصلا كما تم إيهام الغرب في وقتها بأنه (مشروع إنبوبضخم للمجاري) ، ضمن مشاريع الخدمة المدنية ، وقد نفى البروفيسور نوريالمحمدي علمه بأن لدى العراق محاولات لإستهداف إسرائيل،لكنه أشار الى ان بمقدورمهندسي التصنيع العسكري والفنيين العسكريين العراقيين تحديث قذاىف المدفع أنأرادوا الوصول إلى داخل اسرائيل او على مقربة منها.
وأشار الخبير الهندسي العراقي البرفيسور نوري المحمدي الى أنه قد زار دولة أوربية ،وهو من قدم خبراته العلمية والفنية والتقنية لتك الشركة التي أحيل اليها ، وعند اكمالهمن قبلها ظهرت فيها أخطاء كثيرة كما أشرها الخبير المحمدي لها ومن ثم أعادت تلكالشركة الأوربية تصنيعه مجددا ، وفقا لما قدمه لها من إستشارات فنية وهندسيةمتقدمة إعترفوا بأهميتها، دون أن يضطر العراق لدفع مبالغ إضافية كما طلبتها الشركةالمنفذة ، كونها ستضطر الى اعادة تصنيعه وفقا للملاحظات القيمة التي أبداهاالمحمدي في تحويل المدفع ووضع مرتكزاته الأساسية ليؤدي المهمة الملقاة علىعاتقه ، لكنه أعرب عن إستغرابه من كثرة عدد المستشارين الأجانب من دول أوربيةودول أخرى التي كانت تشارك في إقامة هذا المشروع الضخم ،ألا وهو (المدفعالعملاق) دون أن يكون لتلك الدول معرفة بحقيقة نوايا العراق تحوير تلك الصناعةلأغراض العسكرية ، مشيرا الى ان كل الملاحظات والأفكار التي فرضها على الشركةالمنفذة أقرت بنفسها أن ملاحظاته وأفكاره صحيحة مائة بالمائة وانه على حق ،وإضطرت لإعادة تصنيعه مرة أخرى وفقا للخرائط التي زودها بها، وقد نقلت الخرائطكما قال عبر جهات عراقية خاصة ، وسلمته له عند وصوله الى إحدى الدول الأوربية ،ومنها بروكسل كما أشار الخبير الهندسي العراقي من خلال حواره المثير للغاية معالمحاور والإعلامي المحترف جلال النداوي الذي أدار حوارات غاية في الأهمية ضمنبرنامجه ( أورق مطوية)..
وكان هدف البروفيسور العراقي نوري المحمدي من هذا الحوار الشيق مع النداوي لفتالأنظار والتذكير بالقدرات العراقية الفائقة التي أذهلت العالم في وقتها في التسعيناتوما بعدها وما قبلها ، لكي تقام صناعات عسكرية متقدمة ، لكن كل تلك الأحلامأجهضت قبل إحتلال العراق وبعده ، وودع هذا البلد مناهل العلم والتقدم وما أقامهمن صناعات عسكرية ومدنية بعد أن تم تدمير قدرات العراق كليا بعد عام 2003 عندماإحتلته 33 دولة شاركت في العدوان على شعبه خلافا للقانون الدولي وسيادات الدول ،وقد حصل ما حصل.
وفي السنوات ألاخيرة بدت محاولات عراقية جادة لإقامة مشاريع تصنيع عسكري تخدمقدراته العسكرية من خلال بعض خبراء التصنيع العسكري السابقين الذين كان لهمقصب السبق المعلى في إعلاء نهضة العراق وتقدمه عبر عقود مختلفة ، وقد ادواأدوارهم بكفاءة وإقتدار عاليين بقيت محل ثناء وتقدير العالم من أقصاه الى أقصاهومن خصومه وأعدائه قبل أصدقائه، ويحاول المهندسون في التصنيع العسكريالعراقي الحالي إقامة مشاريع تسلح عراقي تخدم سعي العراق لتعزيز قدراته العسكريةالمتواضعة حاليا.