د. علي دعدوش - باحث اقتصادي

لاشك بان جولات التراخيص النفطية بعد عام 2003 احدثت طفرة نوعية – كمية في قطاع الطاقة العراقي ، اذ تعد هذه الجولات خطوة استراتيجية جريئة وضرورية للعراق في آنذاك ، بهدف إعادة بناء قطاعه النفطي المتهالك بعد عقود من الحروب والعقوبات والإهمال ، وجذب الاستثمارات والخبرات التكنولوجية العالمية لزيادة الإنتاج وتحقيق إيرادات مستدامة للدولة التي تعتمد بشكل شبه كلي على النفط.

1- تقييم جولات التراخيص (الاولى الى الرابعة)

أولاً : الإيجابيات ونقاط القوة

يعد زيادة انتاج النفط النجاح الأبرز والأكثر وضوحًا ، فقد كان انتاج النفط قبل جولات التراخيص يتراوح بالمتوسط العام (2.4 مليون برميل يوميًا) ، وبفضل استثمارات الشركات العالمية التي فازت بالعقود مثل (BP، ExxonMobil، Lukoil، Shell، CNPC، Petronas ) وغيرها ، ارتفع الإنتاج بشكل مطرد ليصل إلى ذروة قاربت (4.8 مليون برميل يوميًا) قبل تخفيضات أوبك بلس الأخيرة. هذا انعكس ايجابا في زيادة الإيرادات النفطية للعراق والتي تعد الممول الرئيس للموازنة العامة بنسبة بلغت في متوسط المدة (2004-2024) نحو (92%) .

ومن جانب اخر فان الجولات – ولاسيما الجولات الاولى والثانية – نجحت في جذب عمالقة الصناعة النفطية – شركات النفط الكبرى (IOCs) – مما أعطى مصداقية للسوق العراقية وأدخل تقنيات حديثة في إدارة الحقول وتطويرها، ولاسيما في مجالات الحفر الموجه ، وإدارة المكامن المعقدة، والمشاريع الكبيرة.

بالتالي استفاد العراق من خبرات الشركات العالمية في تطبيق تقنيات الاستخلاص المعزز للنفط (EOR) وإدارة الحقول العملاقة (مثل الرميلة وغرب القرنة والزبير).

فضلا عن ما ورد توجد ايجابيات اخرى تمثلت بتحسين نسبي في الشفافية مقارنة بالعقود السابقة أو الصفقات المباشرة، اذ تمتعت عملية التقديم والمزايدة العلنية في الجولات بدرجة أعلى من الشفافية، مما قلل (وإن لم يقضِ تمامًا) على فرص الفساد في مرحلة منح العقود الأولية ، الامر الذي انعكس في تحفيز وتطوير بعض البنى التحتية المرتبطة في الحقول واستثمارات في خطوط الأنابيب داخل الحقول ومحطات المعالجة الأولية، وإن كانت غير كافية على المستوى الوطني .

ثانياً : السلبيات ونقاط الضعف للجولات الاربعة الاولى

على الرغم من ضرورة الجولات في تطوير الصناعة النفطية الا انها وقعت في اشكالات هامة منها نموذج العقد (عقود الخدمة الفنية - TSCs) ، اذ كان هذا النموذج الذي تم اختياره في الجولات الأولى والثانية بشكل أساسي، نقطة ضعف رئيسة ، وعبء المخاطر على الدولة ، حيث انها تضع عبء مخاطر تقلبات أسعار النفط بشكل كبير على الدولة العراقية ، بينما تحصل الشركات على رسوم ثابتة (Fee per barrel) نسبيًا مقابل الإنتاج الإضافي بعد استرداد التكاليف.

كذلك لم توفر هذه العقود حافزًا كافيًا للشركات لزيادة الإنتاج بأقصى طاقة ممكنة أو لتقليل التكاليف بشكل كبير، لأن هامش ربحها محدد سلفًا إلى حد كبير ، وقد ركزت الجولات الأولى على الحقول المنتجة (Brownfields) ولم تشجع بما يكفي على الاستكشاف في مناطق جديدة (Greenfields)، مما أخر اكتشاف احتياطيات جديدة في البلاد .

والنقطة الاهم في جولات التراخيص هي الخلافات متكررة بين وزارة النفط والشركات حول الموافقة على التكاليف القابلة للاسترداد ، مما أدى إلى تأخيرات وعدم يقين .

والاشكالية التي لا تقل اهمية عن الخلافات انفة الذكر هو احتراق الغاز المصاحب وعدم استغلاله ، اذ تعد هذه أكبر فرصة ضائعة وأحد أكبر الإخفاقات ، ولم تلزم العقود بشكل فعال الشركات بالاستثمار في التقاط ومعالجة الغاز المصاحب للنفط. النتيجة كانت (حرق كميات هائلة من الغاز تقدر بأكثر من 16-18 مليار متر مكعب سنويًا في ذروتها) ، مما يمثل خسارة اقتصادية بمليارات الدولارات سنويًا وتلوثًا بيئيًا هائلاً. هذا يعادل تقريبًا 1.5-1.8 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز المحروق ، وكل ذلك جرى في ظل حاجة العراق الى موارد مالية نتيجة للزيادة المطردة في حجم النفقات العامة .

كما لم يؤخذ بالاعتبار ضعف البنية التحتية الوطنية من حيث (خطوط الأنابيب الرئيسية، موانئ التصدير، مرافق التخزين، محطات الضخ، مشاريع حقن المياه مثل مشروع ماء البحر المشترك CSSP الذي طال انتظاره) وتيرة زيادة الإنتاج ، مما شكل قيدًا على الإنتاج الفعلي وأثر على كفاءة العمليات . بالإضافة الى ذلك فقد كان للبيروقراطية المعقدة وعدم الاستقرار السياسي والأمني ، التأخير في الموافقات ، والتدخلات السياسية ، نصيب كبير من عرقلة تقدم المشاريع والتي زادت من التكاليف والمخاطر التشغيلية للشركات .

بالتالي لم تنجح الجولات والعقود المرتبطة بها بشكل كافٍ في تعظيم الفائدة للاقتصاد المحلي من حيث توفير فرص عمل حقيقية ومستدامة للعراقيين (ولاسيما في المناصب الفنية العليا) وتطوير سلسلة التوريد المحلية ، ومن ثم ظلت الاستثمارات تتركز بشكل كبير في قطاع الاستخراج، بينما بقي قطاع التكرير متأخرًا ، مما جعل العراق مستوردًا صافيًا للمشتقات النفطية (لا بل انعكس ذلك على ان اصبح العراق مستوردا صافيا لكافة السلع والخدمات) ، ولم يتم تطوير صناعة بتروكيماوية ذات قيمة مضافة عالية تعتمد على الغاز المتاح (أو المحروق).

ثالثاً: ما الذي يحتاجه العراق بالأرقام والبيانات

1- استثمارات ضخمة في البنية التحتية

مشروع ماء البحر المشترك (CSSP): ضروري للحفاظ على الإنتاج وزيادته في حقول الجنوب. تقدر تكلفته بأكثر من (10-13) مليار دولار ، وات التأخير فيه يعيق خطط الإنتاج طويلة الأجل.

توسعة طاقة التصدير الجنوبية: زيادة الطاقة التصديرية للموانئ الجنوبية (مثل البصرة وخور العمية) من (3.5 مليون برميل يوميًا) إلى (5-6 مليون برميل يوميًا) لتتناسب مع أهداف الإنتاج المستقبلية ، ويتطلب استثمارات بمليارات الدولارات.

تحديث وتوسعة شبكة خطوط الأنابيب: بما في ذلك إعادة تأهيل خط كركوك-جيهان الاستراتيجي للتصدير الشمالي.

زيادة سعة التخزين الاستراتيجي

2- معالجة الغاز المصاحب

استثمار فوري: الحاجة لاستثمارات تقدر بـ 15-20 مليار دولار أو أكثر لبناء محطات معالجة غاز كافية لالتقاط واستغلال ما لا يقل عن 2-3 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز المحروق والمصاحب حاليًا.

توليد الكهرباء: يمكن لهذا الغاز أن يغذي محطات كهرباء بطاقة 10-15 جيجاواط، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد ويوفر مليارات الدولارات سنويًا.

صناعات بتروكيماوية: توفير لقيم لصناعات ذات قيمة مضافة عالية (أسمدة، بلاستيك، إلخ).

3- تطوير قطاع التكرير : الحاجة لطاقة تكرير إضافية: إضافة ما لا يقل عن 500,000 - 1,000,000 برميل يوميًا من طاقة التكرير الحديثة لتقليل فاتورة استيراد المشتقات النفطية (التي تقدر بمليارات الدولارات سنويًا) وتحقيق الاكتفاء الذاتي. مصفاة كربلاء خطوة جيدة لكنها غير كافية.

4- جذب استثمارات جديدة بنماذج عقود أفضل

الحاجة السنوية: تقديرات تشير إلى حاجة العراق لاستثمار (10-15) مليار دولار سنويًا فقط للحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية، وأكثر من ذلك بكثير لزيادتها وتطوير الغاز والبنية التحتية.

نماذج عقود مرنة: تصميم نماذج عقود جديدة (تعديل عقود الخدمة، عقود مشاركة في الإنتاج للمناطق الاستكشافية، عقود تركز على الغاز) تكون أكثر جاذبية للمستثمرين وتوازن بين مصالح الدولة والشركات بشكل أفضل.

5- الاستكشاف: إطلاق جولات تراخيص جديدة تركز على المناطق الحدودية والغربية والمياه الإقليمية (إذا أمكن) لزيادة الاحتياطيات المؤكدة وتنويع مناطق الإنتاج.

6- الطاقة المتجددة: وضع أهداف واضحة للاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتقليل الاعتماد المحلي على النفط والغاز في توليد الكهرباء ، ووضع هدف (10-12) جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلول  عام 2030 .

الخلاصة والمقترحات

كانت جولات التراخيص بعد 2003 خطوة ضرورية وحققت نجاحًا ملموسًا في زيادة إنتاج النفط الخام وجذب الشركات الكبرى. ومع ذلك، شابتها نقاط ضعف جوهرية تتعلق بنموذج العقد المعتمد، وإهمال ملف الغاز المصاحب الحيوي، وتأخر تطوير البنية التحتية اللازمة.

اذ يحتاج العراق الآن إلى وقفة مراجعة استراتيجية ، اذ يجب إعادة تصميم نماذج العقود لجعلها أكثر جاذبية وتوازنًا، وإعطاء أولوية قصوى وفورية لمعالجة الغاز المصاحب، وتسريع الاستثمار في البنية التحتية الحيوية (خاصة مشروع ماء البحر)، وتحسين البيئة التشغيلية والاستثمارية ، بدون هذه الخطوات الجذرية، سيجد العراق صعوبة في الحفاظ على مستويات إنتاجه الحالية، ناهيك عن تحقيق طموحاته المستقبلية في قطاع الطاقة، وسيبقى رهينة لإمكانات هائلة غير مستغلة بالكامل. المستقبل يتطلب رؤية متكاملة تتجاوز مجرد استخراج النفط الخام.

2- تقييم جولات التراخيص (الخامسة والسادسة)

استكمالًا لتقييمنا السابق – الذي تمت كتابته نهاية عام 2021 – والذي ركز على الجولات الأربع الأولى (والتي كانت الأكبر والأكثر تأثيرًا على زيادة إنتاج النفط الخام)، نقوم الان بتحليل وتقييم الجولات اللاحقة (الخامسة التكميلية والسادسة) ، وما تظهره من تطور في استراتيجية العراق النفطية.

اولا : الجولة الخامسة (أُعلنت في 2018، تم توقيع بعض عقودها لاحقًا)

مثلت هذه الجولة تحولًا نسبيًا في التركيز ، اذ استهدفت بشكل أساسي الرقع الاستكشافية الحدودية (مع إيران والكويت) وبعض الرقع ذات الإمكانات الغازية ، وكان الهدف هو زيادة الاحتياطيات المؤكدة، وتأمين الموارد في المناطق الحدودية، والبدء في معالجة النقص في إمدادات الغاز.

1- الإيجابيات ونقاط القوة

تمثلت نقاطة القوة بالتوجه نحو الاستكشاف والغاز ، اذ تعد هذه خطوة إيجابية نحو تنويع النشاط بعيدًا عن مجرد تطوير الحقول المنتجة، والاعتراف بأهمية ملف الغاز.

وان التركيز على المناطق الحدودية كان له أهمية استراتيجية وسيادية لتأكيد حقوق العراق في المكامن المشتركة المحتملة.

الامر الذي ادى الى نجاح جذب الاهتمام ، وقد تم توقيع عقود هامة مع شركات متوسطة الحجم وشركات من دول الجوار والصين (مثل Geo-Jade الصينية و Crescent Petroleum الإماراتية) ، مما يظهر استمرار جاذبية (وإن كانت انتقائية) للقطاع .

2- السلبيات ونقاط الضعف

لا شك ان محدودية مشاركة الشركات الكبرى (IOCs) كانت النقطة السلبية الاوضح ، اذ يلاحظ عزوف أو مشاركة محدودة من شركات النفط الغربية العملاقة مقارنة بالجولات الأولى، وربما كان السبب هو طبيعة الرقع (استكشافية، حدودية، أكثر خطورة)، أو استمرار المخاوف بشأن البيئة التشغيلية والعقود.

وهذا الامر انعكس سلبا على واقع التنفيذ ، اذ نجد بطئ كبير في التنفيذ ، كذلك وتيرة الانتقال من توقيع العقود إلى بدء عمليات حفر وتقييم فعالة كانت بطيئة نسبيًا للعديد من الرقع التي تم منحها، مما يعكس استمرار التحديات البيروقراطية واللوجستية.

فضلا عن ذلك ، فقد تكررت سلبية نموذج العقد في هذه الجولات ايضا ، مع وجود بعض التعديلات الطفيفة ، بالتالي استمر الاعتماد على نماذج قريبة من عقود الخدمة، والتي قد لا تكون الأكثر جاذبية للاستثمار في الاستكشاف عالي المخاطر.

ثانيا : الجولة السادسة (أُعلن عنها وتوقيع عقودها في 2023-2024، وتضمنت رقعًا من الجولة الخامسة لم يتم منحها سابقًا

يلحظ بان هذه الجولة ركزت بشكل واضح ومكثف على استكشاف وتطوير الغاز الطبيعي ، فقد شملت نحو (11) رقعة استكشافية غنية بالغاز المحتمل، خاصة في محافظة الأنبار غرب العراق، بالإضافة إلى رقع أخرى ذات إمكانات نفطية وغازية في محافظات مختلفة ، وقد تضمن الهدف المعلن هو تأمين إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء وتقليل الاعتماد على الاستيراد المكلف ووقف حرق الغاز المصاحب.

1- الإيجابيات ونقاط القوة

تم اعطاء الأولوية القصوى للغاز ، وهذا هو التحول الاستراتيجي الأكثر أهمية وإيجابية ، اذ يعكس إدراك الحكومة العميق لأزمة الطاقة والحاجة الماسة لاستغلال موارد الغاز المحلية.

واستهداف مناطق جديدة واعدة عن طريق التوجه نحو محافظة الأنبار قد فتح الباب أمام إمكانية اكتشاف احتياطيات ضخمة في منطقة غير مستكشفة إلى حد كبير، مما قد يغير خارطة الطاقة العراقية.

ومن الايجابيات الاخرى هو مشاركة شركات إقليمية وعراقية في هذه الجولة ، فقد فازت شركات مثل Crescent Petroleum الإماراتية وشركات صينية (مثل UEG) بالإضافة إلى شركة نفط الهلال العراقية ، الامر الذي يُظهر تنوعًا في قاعدة المستثمرين واستعداد الشركات الإقليمية والخاصة المحلية للدخول في مشاريع استكشاف.

كذلك وجود إشارات على مرونة أكبر في العقود ، حيث ابدت وزارة النفط استعدادًا لتقديم شروط أكثر جاذبية ومرونة في هذه الجولة لتشجيع الاستثمار في الاستكشاف عالي المخاطر، خاصة في قطاع الغاز.

2- السلبيات ونقاط الضعف والتحديات

ان الاستكشافات بطبيعتها محفوفة بالمخاطر الجيولوجية – احتمال عدم العثور على كميات تجارية – في المناطق الغربية (الأنبار) تحمل أيضًا تحديات أمنية أكبر مقارنة بالجنوب ، وان تطوير أي اكتشافات كبيرة في الأنبار سيتطلب استثمارات هائلة وباهظة في بناء خطوط أنابيب جديدة تمتد لمئات الكيلومترات ومحطات معالجة في مناطق نائية ، وهذا يطرح سؤالاً حول من سيتحمل تكلفة ومخاطر هذه البنية التحتية.

كذلك يلاحظ استمرار محدودية مشاركة عمالقة النفط الغربيين ، فبينما قد يكونون مستشارين أو شركاء تقنيين في المستقبل، فإن غيابهم كمشغلين رئيسيين في هذه الجولة قد يبطئ وتيرة التنمية أو يحد من نقل أحدث التقنيات، خاصة في مشاريع الغاز المعقدة.

وهناك سلبيات اخرى تتمثل بالتحديات التشغيلية العامة (البيروقراطية، والحاجة إلى الموافقات المتعددة، والتنسيق بين الوزارات المختلفة، وقضايا حيازة الأراضي لا تزال تمثل تحديات رئيسية أمام التنفيذ السريع للمشاريع) ، كذلك يواجه العراق ضغوطًا كبيرة لحل مشكلة نقص الغاز والكهرباء، لكن عمليات الاستكشاف والتطوير تستغرق سنوات طويلة (5-10 سنوات أو أكثر) حتى تؤتي ثمارها التجارية، مما يعني أن هذه الجولات لن تقدم حلاً فوريًا لأزمة الطاقة.

3- التقييم العام للجولات (الخامسة والسادسة ومقارنتها بالجولات الاربعة الاولى)

يلاحظ وجود تحول واضح ومطلوب من التركيز شبه الحصري على زيادة إنتاج النفط الخام إلى إعطاء أولوية للاستكشاف، ولاسيما استكشاف وتطوير الغاز الطبيعي.

تراجع نسبي في دور الشركات الغربية الكبرى (IOCs) كفائزين رئيسيين بالعقود، مقابل صعود شركات من الصين، ودول الجوار (الإمارات)، والقطاع الخاص العراقي.

على الرغم من التطور الاستراتيجي ، فلا تزال التحديات المتعلقة بالبنية التحتية، والبيئة التشغيلية (الأمن، البيروقراطية)، وربما جاذبية نماذج العقود (رغم محاولات تحسينها) قائمة وتؤثر على سرعة وجاذبية الاستثمار.

حتى مع نجاح هذه الجولات، فإن حجم مشكلة حرق الغاز المصاحب والحاجة إلى الغاز لتوليد الكهرباء يتطلب جهودًا مكثفة ومتوازية في:

تسريع مشاريع التقاط الغاز المصاحب من الحقول المنتجة حاليًا (مثل مشروع غاز البصرة وتوسيعه، ومشاريع مماثلة في حقول أخرى).

تطوير الاكتشافات الغازية السابقة (مثل حقل المنصورية وعكاز) التي تعثرت سابقًا.

تنفيذ نتائج جولات التراخيص الغازية الأخيرة بأسرع وقت ممكن.

خلاصة سياساتية

تمثل الجولات الخامسة والسادسة خطوة في الاتجاه الصحيح من حيث إعادة توجيه الاستراتيجية نحو الغاز والاستكشاف ، ومع ذلك، فإن نجاحها الحقيقي سيُقاس بمدى سرعة تحويل هذه العقود إلى عمليات حفر وإنتاج فعالة ، وقدرة العراق على توفير البيئة المواتية والبنية التحتية اللازمة لدعم هذه المشاريع الطموحة ، خاصة في المناطق الجديدة والصعبة مثل الأنبار ، بالتالي لا تزال الحاجة ماسة إلى استثمارات بمليارات الدولارات سنويًا وإصلاحات هيكلية لتمكين قطاع الطاقة العراقي من تحقيق كامل إمكاناته ، وكل هذا يأتي في ظل تفاقم العجز والدين العام وضعف مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الاجمالي.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار بملیارات الدولارات ملیون برمیل یومی ا البنیة التحتیة جولات التراخیص الغاز المصاحب هذه الجولات النفط الخام أکثر جاذبیة هذه الجولة خاصة فی فی قطاع فی هذه

إقرأ أيضاً:

الرابحون والخاسرون من إلغاء تركيا اتفاقية تصدير نفط العراق

بغداد – أعلنت تركيا الأسبوع الماضي، إلغاء العمل باتفاقية عام 1973 المبرمة مع العراق لتصدير النفط العراقي عبر خط أنابيب كركوك-جيهان، وفق مرسوم رئاسي يسري مفعوله في يوليو/تموز 2026.

كانت الاتفاقية قد وقعت بين الجانبين في أغسطس/آب 1973 وتقضي بنقل النفط العراقي من حقول كركوك إلى ميناء جيهان التركي وتصديره عبر البحر الأبيض المتوسط مع إمكانية إلغاء أحد الطرفين للاتفاقية وإبلاغ الطرف الآخر بذلك قبل عام من بدء سريان الإلغاء.

يشير مراقبون إلى أن إلغاء تركيا للاتفاقية من جانب واحد، جاء بعد سلسلة من التطورات بين الجانبين وحسم العراق دعوى قضائية من محكمة التحكيم الدولية بباريس في 2023 وتغريم تركيا قرابة 1.5 مليار دولار نظرا لاستخدام أنقرة هذا الخط في تصدير نفط إقليم كردستان العراق من دون موافقة بغداد.

يثير القرار التركي جملة من التساؤلات عن تأثيره سياسيا واقتصاديا، فضلا عن معادلة الربح والخسارة، بالنسبة لغداد وأربيل وأنقرة.

معادلة الربح والخسارة

يقول أستاذ العلوم السياسية، الدكتور علي أغوان، إن خط أنابيب كركوك-جيهان كان يصدر عبره النفط العراقي من كركوك بمعدل 75 إلى 100 ألف برميل يوميا، إلا أنه وفي عام 2013 اتفقت أنقرة مع إقليم كردستان العراق على تصدير قرابة 450 ألف برميل من حقول الإقليم دون موافقة بغداد، واستمر هذا الوضع حتى عام 2023 عندما تمكن العراق من الحصول على قرار من محكمة التحكيم الدولية بغرامة تركيا 1.5 مليار دولار وإيقاف تصدير نفط الإقليم عبر هذا الخط.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح أغوان، أن تركيا كانت تحصل على قرابة 16 دولارا رسوم مرور على كل برميل من نفط إقليم كردستان عبر أراضيها، بينما تتقاضى ما بين 90 سنتا إلى 1.5 دولار عن كل برميل نفط عراقي تصدره شركة سومو النفطية العراقية، ما أدى إلى أن تتحرك تركيا نحو إلغاء الاتفاقية لتحقيق منافع اقتصادية أكبر.

تصدير النفط من بين قضايا أخرى في العلاقات التركية العراقية (رويترز)

وعن حسابات الربح والخسارة، يرى أغوان، أن بغداد ستتكبد خسائر بالغة، معللا ذلك بأن أنقرة تريد إعادة بناء علاقتها النفطية مع العراق خارج اتفاق عام 1973 وضمن معطيات تفاوضية مختلفة للبيئة الإقليمية والدولية الجديدة، وضمن أوراق ضغط كبيرة أصبحت تمتلكها، ومنها ورقة المياه، فضلاً عن تراجع ورقة حزب العمال الكردستاني في العراق، وفق قوله.

إعلان

وتابع إن تركيا ومن قرارها تطمح كذلك للتخلص من أي تبعات قانونية وقضائية لاحقة قد تفرض عليها لوجود اتفاقية عام 1973، كما تسعى لإقناع بغداد بإسقاط حكم التعويض البالغ 1.5 مليار دولار كجزء من صفقة شاملة، فضلا عن إدراك الأتراك، أن العراق لم ينجح، حتى الآن، في بناء مسار نفطي بديل عبر سوريا الجديدة نحو البحر المتوسط، الأمر الذي يمنحها ميزة جيوغرافية حصرية تعزز من قدرتها على فرض شروط تصدير جديدة للنفط العراقي.

تركيا توظف هذا الملف ضمن سيناريوهات إغلاق مضيق هرمز أو اضطراب خطوط تصدير النفط عبر الخليج العربي، كما حدث خلال الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، ما يمنح ميناء جيهان التركي دوراً وظيفياً مضاعفاً في أمن الطاقة العراقية، وفق أغوان.

في السياق، يؤكد النائب في البرلمان العراقي زهير الفتلاوي، أن ثمة تداعيات كبيرة وخطِرة على العراق من القرار التركي، مبينا أن العراق يعتمد في 90% من موازنته على إيرادات النفط، وأن تصدير النفط العراقي ونفط إقليم كردستان سيتضرر بالقرار التركي.

وفي حديثه لوسائل إعلام محلية، قال الفتلاوي، إنه من غير المعقول أن تلتزم الحكومة العراقية الصمت بعد هذا القرار التركي الذي سيتضرر بسببه الاقتصاد العراقي من دون أن يكون لها أي موقف واضح أو رد فعل، وفق قوله.

وامتنع المتحدث باسم الحكومة العراقية عن الحديث عن مآلات القرار التركي رغم محاولات مراسل الجزيرة نت، الحصول على تصريح حكومي رسمي، في حين قالت وزارة النفط العراقية، إنها تفاوضت مع الجانب التركي منذ يوليو/تموز 2024 لتمديد الاتفاقية من دون جدوى.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن مصدر رسمي في وزارة النفط العراقية، أن وزارة الطاقة التركية بعثت برسالة إلى وزارة النفط أبدت فيها رغبتها في تجديد الاتفاقية مع مسودة جديدة للتعاون في مجال النفط والغاز والصناعات البتروكيميائية والكهرباء بغية توسيع آفاق التعاون بين البلدين.

وحسب وكالة الأناضول التركية، فإن أنقرة بدأت فعليًا مفاوضات تقنية وسياسية مع بغداد لصياغة اتفاقية جديدة، تهدف إلى توسيع نطاق التعاون في نقل النفط الخام من العراق إلى تركيا، ومنها إلى الأسواق العالمية، مع التركيز على مشاريع إستراتيجية طويلة الأمد.

ميناء جيهان التركي (رويترز)

ولفتت الوكالة إلى أن التحولات الإقليمية وتغيرات سوق الطاقة فرضت تحديات جديدة على الاتفاقية الملغاة، مما استوجب تطوير إطار تعاقدي وتجاري وهيكلي جديد يلائم الواقع الراهن للطاقة في المنطقة.

في غضون ذلك، يقول الخبير النفطي والمتحدث السابق باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد، إنه كان يفترض على الحكومة العراقية التفاوض مع تركيا مبكرا لأجل تمديد الاتفاقية وتعديل بعض بنودها.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح جهاد أنه كان يمكن للعراق تمديد الاتفاقية 5 أو 10 سنوات أخرى وبعدها يمكن إلغاء الاتفاقية تزامنا مع اكتمال مشاريع طريق التنمية التي تضم خطوطا لتصدير النفط العراقي إلى أوروبا عبر تركيا، وفق قوله.

الخاسر الأكبر

على الجانب الآخر، يرى استاذ الاقتصاد بالجامعة العراقية ببغداد الدكتور عبد الرحمن المشهداني أنه لا يمكن الجزم، حتى الآن، بربح أو خسارة بغداد وأنقرة بعد إلغاء الاتفاقية، مبينا أن هناك كثيرا من التداخلات في الاتفاقية بين الجانبين، خاصة بعد الغرامة التي تكبدتها تركيا من قرار محكمة باريس.

إعلان

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار المشهداني إلى أن المتضرر الأكبر هو إقليم كردستان، إذ إن تركيا وبعد قرار محكمة باريس لم تصدر أي نفط من الإقليم عبر ميناء جيهان، وهو ما يعد ورقة ضغط على الإقليم، لا سيما بعد الخلافات الكبيرة بين بغداد وأربيل عن تصدير النفط من دون موافقة بغداد وامتناع الأخيرة عن صرف رواتب موظفي الإقليم ما لم تسلم أربيل واردات تصدير نفطه.

وحمّل المشهداني بغداد مسؤولية إلغاء الاتفاقية وعدم التحرك المسبق، موضحا أن رسوم مرور النفط العراقي تعد ضئيلة بالنسبة لتركيا مقارنة مع ما كانت تتقاضاه أنقرة من أجور لتصدير نفط إقليم كردستان العراق، وهو ما يعني أن الجانبين سيمضيان في اتفاقية جديدة تضمن لتركيا رفع رسوم مرور النفط عبر أراضيها.

وبالعودة إلى علي أغوان، فإنه يؤكد أن المستهدف الأول من إلغاء الاتفاقية هو إقليم كردستان العراق، لا سيما أن الإقليم كان يصدر ما بين 450 إلى 550 ألف برميل يومياً عبر تركيا قبل قرار محكمة باريس.

ويقول: "تريد تركيا اتفاقاً جديداً يمنحها خصوصية في التعامل المباشر مع الإقليم من دون العودة لبغداد، مستندة إلى استثمارات نفطية تركية واسعة تجاوزت 40 شركة بين إنتاج ونقل وتكرير وتسويق".

الوضع التركي

في خضم الحديث عن ميزان الربح والخسارة، يرى عبد الرحمن المشهداني، أن تركيا ستتضرر كذلك من إلغاء الاتفاقية، لا سيما أنها كانت مستفيدة من مرور النفط العراقي سواء من رسوم المرور أو من استخدام النفط العراقي محليا في المصافي التركية.

أما على الجانب التركي، فيرى الباحث السياسي التركي يوسف أوغلو، أن إلغاء الاتفاقية جاء لعدة أسباب، أهمها تغير الظروف الإقليمية والدولية وسعي أنقرة لتطوير التعاون المشترك مع بغداد وتذليل العقبات السابقة وإبرام اتفاق جديد بآليات مرنة لتجاوز أي خلافات مستقبلة بين البلدين.

وفي حديثه للجزيرة نت، بيّن أوغلو أن ثمة مباحثات جارية بين بغداد وأنقرة لإبرام اتفاقية جديدة خلال الأشهر القادمة مع استمرار تدفق النفط العراقي إلى ميناء جيهان التركي لمدة عام كامل من تاريخ إلغاء الاتفاقية القديمة، وأن كلا البلدين لديهما مصلحة في تجديد الاتفاق وفق رؤية جديدة.

ويرى أوغلو أن من أسباب إلغاء الاتفاقية كذلك عدم وجود تنسيق عراقي داخلي لتصدير النفط من إقليم كردستان ما تسبب في خلافات بين بغداد وأربيل عن آلية وقانونية تصدير نفط الإقليم بعيدا عن سيطرة بغداد وموافقتها.

وقال إن تركيا لديها مصلحة في إبرام اتفاقية جديدة تضمن تعاونا فعالا في مجال نقل النفط وفق معادلة اقتصادية جديدة بعد التطورات الدولية والجيوسياسية القائمة بغية حصول أنقرة على أعلى مكاسب اقتصادية ومصالح إستراتيجية تخدم كلا البلدين، وفق قوله.

مقالات مشابهة

  • «مبروك والزويتينة» تستعرضان استراتيجيات زيادة الإنتاج النفطية لعام 2025
  • النفط يستقر مع تقييم السوق لتهديدات ترامب الجمركية
  • النفط والمالية يتفقان على خطة إنقاذ لتسييل الميزانية ودعم الإنتاج
  • الرابحون والخاسرون من إلغاء تركيا اتفاقية تصدير نفط العراق
  • العراق الخامس عربيا بالصادرات النفطية
  • تنمية نفط عمان تسجل إنتاجا يوميا بـ679 ألف برميل في 2024
  • مؤسسة النفط: الإنتاج الخام يتجاوز 1.39 مليون برميل خلال 24 ساعة
  • خبير اقتصادي: وثيقة سومو بشأن تهريب النفط تضع العراق تحت طائلة العقوبات
  • فايننشال تايمز: تعهدات أوروبا باستيراد النفط والغاز الأميركي مستحيلة
  • مؤسسة النفط تعلن إنتاج 1.38 مليون برميل نفط و2.56 مليار قدم مكعب غاز