الثورة نت:
2025-07-05@14:10:11 GMT

“مدري”.. حنكة الصمت في مواجهة الأعداء

تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT

 

في زمن الحروب والصراعات، تصبح بعض الكلمات درعًا يحمي الأوطان من محاولات الاختراق والتجسس. في اليمن، برزت كلمة “مدري” (ما أدري) كأداة استراتيجية لمواجهة الأعداء، مما أثار حفيظة بعض الجهات التي تسعى للحصول على المعلومات بأي وسيلة.

“مدري” تثير حفيظة الأعداء

عندما يُواجه بعض الأفراد، خاصة من أعوان الأعداء، بردود مقتضبة مثل “مدري”، يشعرون بالإحباط.

هذا الشعور دفعهم إلى شنّ حملات ساخرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مستخدمين هاشتاغات ونكات وصور كاريكاتورية تسخر من استخدام هذه الكلمة. إلا أن هذه المحاولات تعكس تأثير وفعالية “مدري” في حماية المعلومات الحساسة.

حملات السخرية: محاولة يائسة لاختراق جدار الصمت

تُظهر هذه الحملات الساخرة مدى الانزعاج من فعالية “مدري” كأداة للصمت الاستراتيجي. في عالم الإعلام الرقمي، تُستخدم هذه الأساليب لتشكيل سرديات معينة والتأثير على الرأي العام. وفقًا لدراسة نُشرت على موقع الجزيرة نت، فإن السيطرة على السردية الإعلامية أصبحت معركة حقيقية في العصر الرقمي، حيث تسعى الجهات المختلفة لتوجيه الرأي العام من خلال التحكم في المحتوى المتداول عبر الإنترنت.

“مدري” كأداة للمقاومة الإعلامية

في سياق الحروب النفسية والإعلامية، يُصبح التكتم والاحتفاظ بالمعلومات الحساسة جزءًا من استراتيجية المقاومة. استخدام “مدري” يُمثل وعيًا بأهمية عدم تقديم معلومات قد تُستغل من قبل الأعداء. هذا التكتيك ليس جديدًا؛ ففي العديد من الصراعات التاريخية، كان الصمت والتكتم أدوات فعّالة في حماية الأسرار العسكرية والمعلومات الحساسة.

دروس من التاريخ: ألمانيا وروسيا

خلال الحرب العالمية الثانية، أدركت الدول أهمية السرية والتكتم. الاتحاد السوفيتي، على سبيل المثال، اعتمد على الشفرات والخطوط السرية لحماية اتصالاته ومعلوماته العسكرية. هذا النهج ساهم في تعزيز قوته ومكنه من مواجهة التحديات العسكرية بفعالية.

قوة الاتحاد السوفيتي: الشفرة والتكتم

اعتمد الاتحاد السوفيتي على أنظمة تشفير معقدة مثل “فيالكا” و”ون تايم باد”، والتي كانت تعتبر غير قابلة للكسر. هذا المستوى من السرية والتكتم ساعد في الحفاظ على أمن الدولة ومعلوماتها الحساسة. حتى أن مشروع “فينونا” الأمريكي استغرق سنوات لفك بعض هذه الشفرات، مما يدل على فعالية هذه الأنظمة.

اليمن: واقع مشابه

في اليمن، وخاصة في صنعاء، يواجه الناس تحديات أمنية معقدة. العدو قد لا يكون دائمًا خارجيًا، بل قد يكون من الداخل. وسائل التواصل الاجتماعي قد تنقل معلومات حساسة دون قصد، مما يجعل التكتم ضرورة. قول “مدري” في مثل هذه الحالات ليس ترددًا، بل وعيًا بخطورة الإفصاح.

ختاما

تبرز “مدري” كأداة بسيطة لكنها فعّالة في الحفاظ على سرية المعلومات وحماية الوطن ومواجهة محاولات الاختراق الإعلامي والتجسس، السخرية والتهكم من هذه الكلمة من قبل الأعداء وأعوانهم يُظهر مدى تأثيرها وفعاليتها. لذا، يجب أن نُدرك قيمة الصمت والتكتم في زمن تكثر فيه التحديات والتهديدات، ونجعل من “مدري” حصنًا منيعًا في وجه محاولات الاختراق والتجسس.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

3 يوليو والانفجار الصامت: الإخفاء القسري كأداة لحكم مصر

في 11 آب/ أغسطس 2003، خرج الصحفي المصري المعروف رضا هلال من منزله في وسط القاهرة، ولم يعد.. نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام في حينه، وأحد رموز الصحافة المصرية المقربين من دوائر القرار، اختفى فجأة دون أثر. لا بلاغ رسميا، لا تحقيق جادا، لا رواية مفهومة. ومنذ أكثر من عشرين عاما، لا تزال قضية اختفائه غارقة في الصمت.

بعده بسنوات، وتحديدا في أيلول/ سبتمبر 2018، اختفى المعارض السياسي والطبيب الشاب د. مصطفى النجار.. نائب سابق في البرلمان، شارك في الثورة، وكان صوتا عقلانيا في ساحة مشبعة بالشعارات. لم يكن راديكاليا ولا عنيفا، بل سعى دوما إلى الإصلاح من داخل النظام، لكنه أيضا اختفى، ومنذ أكثر من ثماني سنوات، لا يعلم أحد إن كان حيا أم ميتا.

هاتان الحالتان تختصران الوجه الحقيقي للإخفاء القسري: إنها جريمة لا تُرتكب بالضرورة ضد خصوم عنيفين، بل حتى ضد أبناء النظام، أو معارضين معتدلين. إنها ليست مجرد إجراء أمني، بل منهج لإدارة الخوف داخل الدولة والمجتمع.
إنها جريمة لا تُرتكب بالضرورة ضد خصوم عنيفين، بل حتى ضد أبناء النظام، أو معارضين معتدلين. إنها ليست مجرد إجراء أمني، بل منهج لإدارة الخوف داخل الدولة والمجتمع

من عبد الناصر إلى اليوم: سجل طويل من التغييب

رغم أن مصطلح الإخفاء القسري دخل القاموس الحقوقي الدولي حديثا، فإن ممارساته بدأت مبكرا في مصر. ففي خمسينيات وستينيات القرن الماضي، تم تغييب العشرات من الخصوم السياسيين في زنازين سرية. وفي تسعينيات الصعيد، اختفى البعض دون محاكمة أو محضر. لكن بعد 2013، لم تعد هذه الممارسة استثناء، بل تحولت إلى نظام كامل له أدواته، ومقاره، وأهدافه.

بحسب منظمات مستقلة، تم توثيق آلاف الحالات منذ 2013، بينها لأطفال ونساء وشباب، وبعضهم اختفى ثم ظهر لاحقا في مقاطع "اعترافات" تحت الضغط، بينما ظل آخرون، مثل مصطفى النجار، مجرد اسم على لائحة منسية.

لماذا تلجأ الدول إلى الإخفاء القسري؟

لأنها تعتبر الخوف وسيلة حكم، لأن القضاء المستقل والصحافة الحرة والمؤسسات الرقابية لم تعد موجودة، أو فقدت أنيابها، لأن الدولة تخاف من مواطنيها، ولا تثق في قدرتها على إدارة الخلاف إلا بالقبضة الأمنية.

الإخفاء القسري أداة مثالية للأنظمة القمعية، فهو:

- ردع المعارضين دون حاجة لمحاكمة علنية.

- يرهب المجتمع برسالة صامتة "لا حصانة لأحد".

- يُخفي فشل الأجهزة حين تفشل في توجيه تهم قانونية.

-  يحفظ صورة الدولة أمام المجتمع الدولي بعدم وجود "معتقلين سياسيين"، فقط مفقودين!

لكن الغريب، والمخيف في آن، هو أن الدولة أحيانا تمارس الإخفاء القسري ضد أبناء النظام نفسه، كما في حالة رضا هلال. فإذا كان رجل بحجمه، وقربه من مراكز القرار، قد اختفى دون أثر، فما الذي يُطمئن أي شخص آخر في هذا البلد؟

مصطفى النجار: لماذا يخيفهم الإصلاح؟

كان مصطفى النجار نموذجا سياسيا جديدا في مصر؛ شابا، طبيبا، مثقفا، ومناضلا ناعما. لم يدعُ إلى عنف، ولم يسب النظام، بل كان يحلم بوطن يسع الجميع، ومع ذلك، حين بدأ يتعرض لضغوط قضائية بعد 2013، اختفى فجأة.

الحكومة زعمت لاحقا أنه "هرب إلى الخارج"، بينما تؤكد أسرته استنادا إلى تقارير منظمات دولية أن كل المؤشرات تشير إلى إخفائه قسريا. وحتى اليوم، لم يظهر، ولم تفتح الدولة أي تحقيق جاد.

ما لا تفهمه الأنظمة التي تمارس الإخفاء القسري هو أن هذه الجريمة لا تقتل الأشخاص فقط، بل تقتل ثقة الناس في الدولة ذاتها. فحين يعجز أب عن معرفة مصير ابنه، أو تُمنع أم من دفن ابنها، أو يغيب نائب برلماني دون توضيح، فإن الشعور باللا جدوى، واللا أمان، يصبح هو القاعدة
وهكذا، يبدو أن الاعتدال نفسه أصبح جريمة. فالدولة لم تعد تميز بين متطرف وإصلاحي، ولا بين خصم وعدو.. كل صوت مستقل هو تهديد محتمل، وكل كادر واعد هو مرشح للتغييب.

الإخفاء طريق إلى الانهيار

ما لا تفهمه الأنظمة التي تمارس الإخفاء القسري هو أن هذه الجريمة لا تقتل الأشخاص فقط، بل تقتل ثقة الناس في الدولة ذاتها. فحين يعجز أب عن معرفة مصير ابنه، أو تُمنع أم من دفن ابنها، أو يغيب نائب برلماني دون توضيح، فإن الشعور باللا جدوى، واللا أمان، يصبح هو القاعدة.

حين تُخفي الدولة أبناءها، فهي تعلن فشلها في الاحتواء، وفي العدل، وفي السياسة. وحين يختفي أبناء النظام كما المعارضين، فهذه علامة على أن الدولة نفسها لم تعد تعرف مَن يحكم مَن، ومَن يحمي مَن، ومَن يختفي، ومتى ولماذا.

لا مستقبل لدولة تُخفي أبناءها

العدالة لا تستقر على القهر، ولا الأمان يُبنى على الرعب. إن الدولة التي تثق في شعبها، لا تحتاج إلى الإخفاء القسري، بل إلى القانون والمؤسسات والشفافية. أما الدولة التي تخاف من كل صوت، حتى من داخلها، فهي دولة في طور الانكماش، لا التماسك.

رضا هلال لم يكن خصما، ومصطفى النجار لم يكن خطرا، ومع ذلك كلاهما اختفى. هذا وحده كافٍ لنعرف أن الإخفاء القسري ليس جريمة عارضة، بل سياسة دولة حين تفقد قدرتها على مواجهة الحقيقة.

مقالات مشابهة

  • تدشين الجولة الثانية من دورات “طوفان الأقصى” في مديرية المراوعة
  • مسيرتان ووقفة في القبيطة تحت شعار “ثبات مع غزة وجهوزية واستنفار في مواجهة العدوان”
  • صنعاء: “مسيرة مليونية حاشدة دعماً لغزة واستعداداً لأي مواجهة مع العدوان”
  • 3 يوليو والانفجار الصامت: الإخفاء القسري كأداة لحكم مصر
  • “فتح الانتفاضة” تشدد على أن تكثيف العدو للمجازر في غزة لن يزيد المقاومين إلا صلابة في الرد
  • الخضر يجددون العهد مع ملعب “حسين آيت أحمد”
  • الحرس الثوري الإيراني يهدد “بحرث الأراضي المحتلة بالصواريخ” حال تجدد الحرب مرة أخرى
  • تدشين جولات جديدة من دورات “طوفان الأقصى” وسط زخم تعبوي يتصاعد في مواجهة الصهيونية
  • دعوة للخروج المليوني بمسيرات “ثبات مع غزة وجهوزية واستنفار في مواجهة العدوان” عصر الجمعة المقبل
  • لجنة نصرة الأقصى تدعو للخروج المليوني بمسيرات “ثبات مع غزة وجهوزية واستنفار في مواجهة العدوان”